السبت, نوفمبر 23
Banner

حكومة الولادة القيصرية في مواجهة الحصارات الاقتصادية

ذو الفقار قبيسي – اللواء

قبل الإعلان عن تأليف الحكومة الجديدة كانت الحكومة الراحلة تنفذ الكثير مما يشترطه صندوق النقد والمجتمع الدولي والعربي على لبنان، للنظر في إمكانية تقديم قروض أو مساعدات، إنما دون خطة محددة لدى الحكومة بل بغرض الإصلاحات بل على طريقة «خبط عشواء» وتحت ضغط الظروف والمستجدات.

والمثل الأكبر كان القرار الأخير برفع الدعم الذي هو عادة أحد شروط الصندوق على الدول التي تسعى الى عقد اتفاقيات قروض معه. وقد رفعت الحكومة الراحلة الدولة الدعم عن الاستيراد والسلع والخدمات ولا سيما المحروقات، ليس تمهيدا للدخول في مفاوضات مع الصندوق، وإنما لأن احتياطيات العملة الأجنبية وصلت الى الخط الأحمر و«الدولارات نشفت» على حد تعبير الرئيس ميقاتي لدى إعلانه عن تأليف الحكومة الجديدة.

والمثل الآخر الذي باشرت الدولة بتنفيذه قبل تأليف الحكومة الجديدة تحت ضغط الظروف، الاتجاه نحو تحرير سعر الصرف عبر المنصة الرسمية التي اقترب فيها سعر صرف الدولار فيها من سعره في السوق الموازية. وهذا إضافة الى أمثلة أخرى اقتربت من شروط الصندوق الدولي، إنما دائما تحت ضغط الظروف، منها العودة الى مشروع الرئيس رفيق الحريري بفتح باب المنافسة وقف ارتفاع الأسعار عبر كسر الاحتكار. ومنها أيضا التحضير لرفع الضرائب بدءا من تحضيرات وزارة المال الراحلة اعتماد سعر دولار السوق الموازية في احتساب الضريبة على واردات المؤسسات والأفراد بالدولار بدلا من السعر الرسمي المخفض الذي هو أقل بنسبة عشرة أضعاف عن سعر الصرف السائد في السوق.

ويبقى بعد كل ذلك الأهم وهو أن كل هذه الاجراءات التي كانت تتخذ من قبل الحكومة الراحلة جرت في أوضاع انهارت خلالها كل مقومات ومكونات الدولة، وبحيث لم يبقَ أي شكل أو جسم أو كيان يمكن لصندوق النقد أو لأي مجموعات دولية أو عربية أن يتواصل معه، ووسط هذا الفراغ الهائل والخواء القاتل كانت الكوارث والأزمات يشتعل نارها ويشتدّ أوارها، وكان الدولار وما يزال سيد أسواق النقد وحاكم أسعار المعيشة والحد الفاصل بين الحياة والموت وكانت أفواج الهجرة اللبنانية تستعيد «زمان السفر برلك» بنحو ربع مليون لبناني الى كافة أصقاع الأرض, أو بنحو مليون انضموا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي زمان الحرب الأهلية، الى شتات لبنان في العالم، وبنحو ١٥٠ ألف لبناني هاجروا خلال السنوات الخمس الأخيرة هربا من «جهنم» التي وعد بها رئيس الجمهورية «شعبه العظيم» وقبل أن يحصل اختراق في جدار الحصار الكبير بتأليف حكومة حدها الأدنى كيان سياسي – اقتصادي يمكن أن ينطلق من إصلاح الداخل الى التواصل مع الخارج، وحدها الأقصى بدء الخروج من «جهنم» الموعودة في توقعات رئيس الجمهورية لـ«شعبه العظيم»!

Leave A Reply