فيما تحث حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الخطى لاستعجال إنجاز بيانها الوزاري وإقراره والمثول بسرعة قياسية امام مجلس النواب لنيل الثقة، بدا أمس أنها ستواجه امتحاناً حساساً مباغتاً على جبهة التحقيق القضائي العدلي الجاري في ملف انفجار مرفأ بيروت بما قد يتسبب لها بصداع مبكّر ومربك. ذلك ان مسألة إصدار مذكرة إحضار في حق رئيس الحكومة السابق حسان دياب بعد أيام قليلة من تركه منصبه يصعب أن تمر بسهولة ومن دون تعقيدات سترتبها خصوصاً على رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي قبل ان يشكّل الحكومة كان، مع حلفائه رؤساء الحكومة السابقين الأربعة، قد رفضوا في موقف مشترك ملاحقة دياب وإصدار مذكرة احضار في حقه معتبرين ان في الامر استهدافا لمنصب رئاسة الحكومة. وحتى بعد تشكيله الحكومة سيكون ميقاتي امام موقف محرج، اذ يبدو ان هذه القضية ستشكل استحقاقاً داهماً فيما الحكومة في اول اقلاعها.
وكان المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار أصدر أمس مذكرة إحضار جديدة بحق الرئيس حسان دياب وأحالها على النيابة العامة التمييزية وذلك بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي تعديل مكان إقامة دياب في السرايا الحكومية، المدرج في متن المذكرة الأولى. وبدوره، أحال المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري المذكرة على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي للتنفيذ، علما أن البيطار كان حدد جلسة استجواب لدياب في العشرين من أيلول الحالي.
البيان الوزاري
وفي غضون ذلك رأس الرئيس ميقاتي الاجتماع الثاني للجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري في حضور أعضاء اللجنة التي تابعت البحث في ملاحظات الوزراء على مشروع البيان الوزاري، على أن يعقد اجتماع ثالث اليوم لإنجازه وإقراره. وشدد الرئيس ميقاتي على ان اجتماع اليوم يجب ان يكون نهائياً من اجل الاسراع في اقراره في مجلس الوزراء في جلسة يفترض ان تعقد هذا الخميس من اجل الاسراع باحالة البيان على مجلس النواب، على ان تعقد جلسة مناقشته ونيل الحكومة الثقة مطلع الاسبوع المقبل، لتبدأ الحكومة ورشة العمل لمعالجة الازمات التي يعاني منها اللبنانيون.
وعلم ان الخطوط العريضة لمسودة البيان الوزاري تتناول في البداية الثوابت الوطنية وتأكيد الالتزام بالقرارات الدولية، واستخراج النفط والغاز والمحكمة الدولية التي ستناقش الصيغة التي ستدرج في البيان في اجتماع اليوم بالاضافة الى تأكيد حق العودة للاجئين الفلسطيينين والنازحين السوريين الى أرضهم.
وفي البند الثاني، تأكيد على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
ويتناول البند الثالث موضوع المفاوضات مع الدائنين من اجل اعادة هيكلة الدين العام وعودة لبنان الى دفع المستحقات المالية المتوجبة عليه.
ثم يتناول البيان الوزاري حماية حقوق واموال المودعين في إطار خطة اصلاح القطاع المصرفي.
كما يفرد البيان بنداً يتعلق بالبطاقة التمويلية وهو لم يبت بعد بانتظار مزيد من النقاش اليوم.
كما يتناول البيان القطاعات الانتاجية واصلاح قطاع الكهرباء، اضافة الى فقرات متفرقة تتعلق بكل قطاعات الدولة والوزارات.
وفي خاتمة البيان الوزاري تأكيد على كشف الحقيقة ومعاقبة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت.
مبدئياً، يسعى الرئيس ميقاتي لانجاز البيان اليوم في الاجتماع الثالث للجنة من اجل ان يقرها مجلس الوزراء في جلسة قبل نهاية الاسبوع على ان يحال البيان على مجلس النواب لمناقشته ونيل الحكومة الثقة الاسبوع المقبل.
وفي اجتماع الامس اضيفت مقترحات من الوزراء حول خططهم في وزاراتهم، بحيث اعيدت صياغة المسودة المؤلفة أصلاً من أربع صفحات فولسكاب.
واتفق الرئيس ميقاتي والوزراء على الا يكون البيان فضفاضاً في الكلام والوعود.
وعلم ان عدداً من الوزراء طالب باعطاء مزيد من الوقت وتخصيص هذا الاسبوع للتدقيق في بنود البيان قبل اقراره، كي لا تمرّ فيه عبارات او مواقف قد تعرض الحكومة لانتقادات او لحملات قد تعيقها عن اهدافها الاساسية في العمل والانتاج.
وعلم ايضاً ان وزير الطاقة وليد فياض طالب بإعطائه بعض الوقت لإنجاز خطته للكهرباء لتضمينها في صلب البيان، الا ان الرئيس ميقاتي شدد على ان ثالث اجتماعات اللجنة يجب ان يكون نهائياً وثابتاً والبيان يجب الا يكون فضفاضاً.
وعلى هامش اجتماع اللجنة الوزارية، أكّد وزير الزراعة عباس الحاج حسن، أن “البنود المتعلّقة بالخبز والكهرباء وحاجات الناس، ستُذكر في البيان، والمطلوب إعادة ترميم الثقة بين المواطن والدولة”. كما أعلن وزير العمل مصطفى بيرم، أن “البيان الوزاري سيتضمّن بنوداً تُطمئن الناس، وهناك محافظة على الودائع، وتصحيح الأجور، والمحافظة على ثرواتنا وحقوقنا”.
الى ذلك علمت “النهار” ان ثمة اشكاليات تقنية قد تعيق البدء بتطبيق البطاقة التمويلية بدءاً من ان تمويلها ليس مضموناً من المبلغ الذي تتسلمه الدولة من صندوق النقد الدولي وقيمته نحو مليار و135 مليون دولار بدل حقوق السحب الخاصة (SDR).
وزراء ومواقف
وفيما اجتمع الرئيس ميقاتي مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في السرايا توالت عملية تسليم وتسلم الوزارات بين الوزراء الجدد واسلافهم. وبرزت بعض المواقف خلال هذه العملية من أبرزها تأكيد وزير المال السابق غازي وزني خلال التسليم والتسلم مع الوزير الجديد يوسف خليل ان “تمويل البطاقة التمويلية متوفّر والمصدر الأول هو البنك الدولي الذي خصّص قرضاً بـ 295 مليون دولار وتحريكه يحتاج إلى قرار من مجلس النواب”. ورأى أنّ “لا مخرج من الأزمة بالنسبة إلى الحكومة الجديدة إلا من خلال صندوق النقد الدولي، وحكومتنا قدّمت خطة تعافٍ جيّدة للصندوق”. وعن التدقيق الجنائي، لفت وزني إلى أنّه “مطلب وطني ودولي وهو أحد مطالب صندوق النقد، وفيما يتعلق بـ”ألفاريز أند مارسال” سيوقّع العقد معها خلال يومين الوزير يوسف خليل”. وأضاف: “البنك الدولي اتصل بي قبل أيام وأبلغني عن اجتماع في تشرين الأول”.
من جانبه، اعتبر وزير الداخليّة بسام المولوي أنّ “تثبيت الاستقرار الأمني وتعزيز الأمن الاجتماعي بالتعاون والتنسيق مع الأجهزة الأمنية سيكون الأولوية”. وقال: “سنعمل على استيعاب الحراك الشعبي وخلق جو من التنسيق بين أجهزة الوزارة والحراك وصون حرية التعبير مع الحرص والتأكيد على عدم التعدي على الأملاك العامة والخاصة من خلال تطبيق القوانين. كما سنعمل على استكمال التحضيرات لإجراء الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية في مواعيدها القانونية”.
وشدد وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب على “اهمية تعزيز العلاقة مع العالم العربي فنحن جزء منه ولا يمكن ان نتخلى لا عن العالم العربي ولا عن العالم الغربي.” واضاف “الاهم ان نسعى الى ان تساعدنا هذه الدول ولا يوجد اي دولة لا ترغب سوى باستقرار لبنان”.
وسط هذه الأجواء مضت ازمة المحروقات الى مزيد من التفاقم مع توقف عدد كبير من المحطات عن تزويد المواطنين البنزين والمازوت والغموض الكبير الذي اكتنف موضوع فتح مصرف لبنان الاعتمادات للشركات المستوردة للمحروقات. وكانت الشركات المستوردة للنفط أكدت انها تبلغت من المصارف قرار المصرف المركزي منحها اذونات مسبقة لتأمين البنزين للاسواق بسعر 8000 ليرة. والشركات مستعدة لبدء عملية تفريغ البواخر فور دفع المصرف المركزي المتوجبات عليه لهذه الشركات ، وهو الامر الذي لم يحصل بعد .
النهار