ما ان تسلم وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام مهمته في الوزارة حتى عكف على إعداد استراتيجية عمل الوزارة للفترة المقبلة… فالتحديات أمامه كثيرة نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد، في وقت باتت الاختلالات البنيوية تنذر بالأسوأ إن كان على الصعيد النقدي والمالي والمصرفي عدا عن القطاعات الإنتاجية كافة. ولأن المواطن وفق ما قال لـ “النهار” هو أكثر المتضررين من الأزمة الحاصلة، كونه أكثر من يتحمل نتائج السياسات الخاطئة التي اوصلت لبنان إلى الأزمة العميقة، فقد وضع سلام عنوانين بارزين في صلب استراتيجة العمل المرتجاة: اولهما البطاقة التمويلية، وهو لفت في هذا الإطار إلى انه باشر مجموعة اتصالات مع الوزراء المعنيين بالبطاقة لتزخيم عملية إطلاقها والإنتهاء من بعض العقبات الماثلة. وثانيهما، حماية المستهلك من صنوف عدة من الاحتيال والغش والتلاعب بجودة ونوعية السلع إلى جانب إصرار بعض الجشعين على عدم التنافسية والامعان في منعها”.
وإلى هذين العنوانين، يعمل سلام على إقرار قانون للمنافسة العادلة كجزء من الاصلاحات المالية والاقتصادية، لانه يكرس برأيه “حرية المنافسة بمجرد انه يرمي إلى منع التواطؤ بين المحتكرين والذي يدفع المستهلك ثمنه غاليا. كما يمنع كل سلوك تجاري يجهض المنافسة، وتلك السلوكيات المانعة موجودة يا للأسف في الكثير من الاتفاقيات التي سبق أن وقعها لبنان”. كما أن “من شأن قانون المنافسة أن يشكل ضمانة لتحقيق التوازن العام في السوق”. وفيما يُعول على دور مديرية حماية المستهلك في هذه الفترة تحديدا حيث ينشط الغش إن كان حيال الاسعار أو الجودة، يبدو ان وزير الاقتصاد يولي أهمية كبرى لها، بدليل اجتماعه امس مع الموظفين مستمعا إلى هواجسهم، مطمئنا اياهم إلى أنه يعد خطة لتعزيز دورهم وتزخيم عمل هذه المديرية.
وكونه ليس من بين أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري، صارح سلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الجلسة الأولى للحكومة برغبته بالمشاركة في اجتماعات اللجنة “إنطلاقا من دور وزارة الاقتصاد الأساسي في التخفيف قدر الإمكان من إنعكاس الأزمة على اللبناني، في موازاة دور الوزارة التشاركي في وضع خطة إقتصادية متكاملة تقوم على إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد المنتج، وفي المساهمة في خطة التعافي المالي والإقتصادي والحوار المرتقب مع المؤسسات الدولية”، وفق ما قال. وقد رحب الرئيس ميقاتي بمشاركته، وبناء على ذلك “إنكببتُ على وضع عناوين تصلح لأن تكون جزءا من البيان الوزاري. وقد قدمتُ ورقة في هذا الشأن إلى اللجنة الوزارية في اجتماعها أمس”.
“النهار” حصلت على نسخة من ورقة سلام، التي طرح فيها اعتِماد خطة انقاذية متكاملة للتَعافي الاقتصادي والمالي والنقدي والمصرفي والاجتماعي والصحي، وفق الآتي:
1- تَوزيع الخَسائِر بعَدالة وإنصاف، على أساس مَن استَفاد أكثَر في المَرحَلة السابِقة يَتَحَمَّل أكثَر (الدَولة، مَصرِف لبنان، المَصارِف، حامِلو اليوروبوندز، كِبار المودِعين).
2- تَحفيز الإنتاج المَحَلّي باتّخاذ سَلّة مِن الإجراءات لِزيادَة حجمه وتَحسين قُدرَتِه التَنافُسيّة. وبالتالي، تخفيض العَجز التِجاري بزيادة الصادِرات خُصوصاً السِلَع ذات القيمة المُضافة العالية، تَدريجيّاً بِمُعَدّل لا يَقِلّ عَن مليار دولار سَنويّاً. بِذَلك، تَتَضاعَف فُرَص عَمَل اللبنانيّين في وطَنِهم فَنُصَدِّر السِلَع والخدَمات بَدَل تَصدير شبابِنا، وتَنخَفِض فاتورة الاستيراد فَيتَحَوّل الاقتِصاد مِن إستِلحاقي إلى مُنتِج سِيادي.
3-إقرار سياسة عَمَل منَسَّقة بين الوزارات لِخَلق 200 الف فُرصَة عمل في غُضون ٥ سنوات تَبدأ بــِ 30 ألف فُرصَة في السَنة الأُولى وُصولاً إلى 50 الف فُرصَة في السَنة الخامِسة.
4- إقرار قانون المنافسة العادلة الذي يُفكفك الاحتكارات والذي كان سبقَ للوزارة أن تقدَّمت بمشروع بشأنه عام 2019 من 70 مادّة متكاملة.
5- تَصفير العَجز المالي fiscal deficit في ما عدا العَجز الناجِم عَن الإنفاق الإستِثماري المُحَفّز للنُمُوّ الاقتِصادي المُستَدام. في هذا الإطار، يُفتَرض العَمل مِن دون أي إبطاء على تَصفير عَجز الكَهرَباء.
6- إقرار نِظام ضَرائبي جَديد، كفوء وعادل، يرتَكز على الضَريبة التصاعُديّة على الدَخل وعلى الصَحن الضَريبي المُوَحَّد للأُسرة مَع الحِرص على عَدَم المَسّ بذَوي الدَخل المَحدود.
7- العَمَل على إعادة رَسمَلَة المَصارِف خُصوصاً تِلك التي تُقرِض في الإقتِصاد الحَقيقي، وعلى تَنقيَة القِطاع مِن الشوائِب التي إعتَرَته، وتطوير المأسَسَة فيه لِيُواكِبَ الحَداثَةَ ومُستَلزماتِ بازل والحَوكَمَةَ الرَشيدة. كَذلِك، إتّخاذ التدابير اللازمة لإعادة تَوجيه دَور القِطاع المَصرِفي لِيَكون مِحوَريّاً في تَزخيم الإقتِصاد المُنتِج عِوَض أن يكون أجيراً في خِدمة إقتِصاد الرَيع ولِيَتَحَوَّل تالياً إلى رافِعةٍ للإقتِصاد الوَطَني الحَقيقي ومُحَرِّكٍ لَهُ.
8- إصلاح قِطاع الكَهرَباء وفق خُطّة متكامِلة.
9- إقرار خُطّة شامِلَة للنَقل (تَطوير شَبَكة الطُرق، شَبَكة قِطارات، خِطّة للنَقل العام). في هذا السِياق، المَطلوب تَخفيف كُلفَة الفاتورة النَفطيّة، كُلفَة زَحمة السَير، كُلفَة التَلوُّث البيئي، كُلفَة الفاتورة الصِحيّة.
10- تطوير أنظِمة الحِماية الاجتِماعيّة والرِعاية الصِحيّة مِن خِلال برنامَج مُتَكامِل، لتُصبِح اكثَر عَدالة في ما بَين العامِلين في القِطاع العام، ولتَشمُل تَغطيتُها كُلّ فئات المُجتَمَع اللبناني. في هذا الإطار، يُفتَرَض العَمَل على إقرار قانون ضمان الشَيخوخة.
11- إقرار كُلّ قوانين مُكافَحة الفساد، والعَمَل على كشف المُخالفات والتَعَدِّيات على المال العام. وفي هذا السياق، الالتِزام بالشَفافيّة الكامِلة في كل إدارات ومؤَسّسات الدَولة. هذا يتَطَلَّب إنجاز التَدقيق الجِنائي في حِسابات مَصرِف لبنان، إنفاذاً لقرار مَجلِس الوزراء بتاريخ 26 أذار 2021، واستِتباعُه بقَرارات لإجراء تدقيق جنائي في حِسابات الوزارات والمؤسّسات العامّة.
12- إعداد وِزارة المال لائِحة بمَوجوداتِ الدَولة، مِن عَقارات ومَبانٍ وأُصول أُخرى، ليُصار إلى درس إمكان استثمارها.
المصدر: النهار