فادي عيد – ليبانون ديبايت
لم تتوسّع رقعة الخلاف الذي استعر منذ يومين جراء السجال بين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، وحركة “أمل”، والذي أتى بشكل مفاجئ ومن خارج سياق الحدث المتمثّل بولادة الحكومة الجديدة، وقبيل أيام معدودة على جلسة الثقة.
لكن هذا السجال الذي أعاد إلى الأذهان محطات خلافية بين الرئيس نبيه بري والنائب باسيل، جرى ضبطه بسرعة، وفق ما تكشف مصادر واسعة الإطلاع، إذ أن الأجواء السلبية لم تجد مكاناً لها في اللحظة الراهنة، حيث ينشغل الجميع بعملية إطلاق الورشة الحكومية بعد أشهر من التعطيل.
وتعزو المصادر نفسها، القرار بعدم السماح بأن يتطوّر السجال إلى تراشق كلامي عالي النبرة بين “التيار الوطني الحر” وحركة “أمل”، إلى عدم إعطاء باسيل الفرصة التي يريدها، وخطّط للوصول إليها من خلال استهداف رئيس المجلس، وذلك، بغية استنفار العصبيات الطائفية لإعادة تعويم نفسه في الساحة المسيحية، والتي فقد فيها الكثير من الحضور هو وتياره. كذلك، تقول المصادر، أن الرسالة قد وصلت إلى الرئيس بري وإلى حركة “أمل”، التي سارع مصدر فيها إلى الردّ على باسيل بشكل عنيف.
وبالتالي، فإن مسلسل التوتّر والتشنّج على خط العلاقات بين عين التينة وميرنا الشالوحي سيستمرّ ويواكب حكومة الرئيس ميقاتي، وسوف يرخي بظلال خطيرة على المشهد الحكومي، كما على التعاطي بين الكتلتين النيابيتين في المجلس النيابي، ذلك أن تصفية الحسابات لم تنتهِ بعد بين الفريقين، وجمر الخلاف ما زال تحت الرماد.
وقد بات من الواضح، بحسب المصادر نفسها، أن باسيل الذي بادر إلى إطلاق النار باتجاه الرئيس بري، ما زال مصرّاً على الإستمرار في النمط السياسي نفسه الذي درج عليه، وهو المواجهة في ظل اعتقاده بأن الهجوم يؤمّن له تأييداً شعبياً واسعاً، مع العلم أن هذا الأسلوب انعكس بشكل كارثي في الشارع، ولم يحقّق أية نتائج وفق ما كان يتطلّع إليه رئيس “التيار الوطني”. كذلك، فإن توقيت هذه المواجهة، والذي حدّده باسيل، غداة تأليف الحكومة الجديدة، لم يلقَ أية أصداء تصب في مصلحته، وحتى في الساحة المسيحية، بل على العكس، ساهم في تسميم الأجواء، وذلك في الوقت الذي يفتّش فيه الجميع عن فرصة سانحة لالتقاط الأنفاس، في ظل الوضع الكارثي الذي يضرب البلاد منذ سنتين وأكثر.
وتخلص المصادر المطّلعة عينها، إلى التأكيد بأن مهمة إعادة التعافي التي تقودها الحكومة الحالية، تفترض ظروفاً سياسية مشجّعة، وليس تصفية حسابات بين هذا الفريق وذاك، بغية تحقيق نقاط وتجميع أوراق من أجل استخدامها في الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة.