وليد حسين – المدن
في انتظار لقاء وزير التربية، عباس الحلبي، مع ممثلي روابط المعلمين يوم غد الثلاثاء (تأجل الموعد من اليوم الاثنين، بسبب جلسة مجلس النواب لمنح الحكومة الثقة)، تشير كل الأجواء إلى عدم وجود أي إمكانية لانطلاق العمل في الثانويات والمدارس، وحتى لتسجيل الطلاب.
سقوف التفاوض
وفق خطة وزير التربية السابق، طارق المجذوب، كان يفترض أن ينطلق العام الدراسي الأسبوع المقبل في المدارس الرسمية، وذلك بعد انجاز تسجيل الطلاب. لكن لم يبادر المدراء إلى فتح المدارس بعد. وكان يفترض أن تبادر الروابط إلى تسوية “حسن نية” مع الوزير الجديد، وتبدأ الأعمال الإدارية في انتظار تحقيق الوعود. لكن يبدو أن لا بوادر بحلحلة معضلة انطلاق العام الدراسي في المدارس الرسمية.
وفيما سرت شائعات عن وجود خلافات بين مكونات رابطة التعليم الثانوي، حول مطالبة البعض بملاقاة الوزير الجديد في منتصف الطريق، والقبول بتسوية كانت عرضت عليهم من الوزير طارق المجذوب، وتشبث البعض الآخر بالحصول على كل المطالب قبل الذهاب إلى المدارس، أكدت مصادر الهيئة الإدارية للرابطة أن الجميع متفق على السقف الذي وضع سابقاً لحفظ كرامة الأساتذة.
المطلوب تأمين مقومات العودة، وليس المضي بأي تسوية لتمرير العام الدراسي، تقول المصادر. ما يعني أن التفاوض مع الوزير الجديد قد يطول. وهو الأمر الذي يؤخر بدء العام الدراسي. فالمشكلة أن راتب الأستاذ الثانوي بات لا يكفي لدفع فاتورة مولد الكهرباء وشراء البنزين. وأي تسوية للعودة إلى الصفوف يجب أن تراعي الأوضاع المعيشية الضاغطة. وجميع القوى السياسية المنضوية في الرابطة متفقة على هذا السقف، وفق ما تؤكده المصادر.
في السابق طرح وزير المالية، غازي وزني، مساعدة الأساتذة بدفع نصف راتب لغاية نهاية العام 2022. لكن البعض طرح أن تصبح من أساس الراتب. وفيما اقترح الوزير جعل بدل النقل 40 ألف ليرة، اقترح مدير عام وزارة المالية أن تكون ستين ألف ليرة. عملياً، رفع بدل النقل إلى أربعين ألف ليرة يعني مضاعفته بنحو خمس مرات، فيما سعر البنزين سيرتفع عشرة أضعاف. بالتالي، أي حل وسط تقبل به الروابط يتمثل برفع بدل الانتقال بنحو سبعة أضعاف.
وكانت هيئة التنسيق رفضت اقتراحات الوزير السابق، ولن تقبل بالعودة إلى التفاوض مع الوزير الحالي بالسقوف التي كانت خلال تولي وزني والمجذوب. ووفق المصادر، في حال كانت التسوية التي سيطرحها الوزير الحلبي مقبولة، فسيصار إلى بدء الأعمال الإدارية وتسجيل الطلاب، وتكون هذه المرحلة بمثابة اختبار لتنفيذ الوعود. لكن يوجد بعض التباين بين مكونات هيئة التنسيق حول كيفية التعامل مع الوزير بهذا الشأن. وحتى في حال خرج الجميع من الاجتماع بحلول ترضي الأساتذة في تحسين رواتبهم، وتأمين بدل انتقال، ورفع مساهمة تعاونية الدولة في موضوع الاستشفاء، من الصعب أن ينطلق العام الدراسي في المدارس الرسمية قبل شهر.
صناديق المدارس
لكن معضلة انطلاق العام الدراسي في المدارس الرسمية لا تقتصر على مطالب روابط المعلمين، بل هناك أمور لوجستية يجب أن تتوفر في المدارس، من تأمين المحروقات ووصولاً إلى المصاريف التشغيلية اليومية وأقلها تأمين نظافة المدرسة وحراستها. فصناديق المدارس فارغة، ومساهمة وزارة التربية باتت بلا قيمة في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار. لذا، أي حل يجب أن يقوم على تأمين محروقات مدعومة من ناحية، ورفع مساهمة الدولة من ناحية ثانية، لمواجهة كلفة المصاريف التشغيلية.
ووفق المصادر، كان مدير عام الوزارة اقترح على الروابط البدء بتسجيل الطلاب لمعرفة الأعداد النهائية لهم، لتقديم مشروع لمنظمة اليونيسكو التي تدفع مساهمات مالية عن الطلاب. لكن طلبه رفض في ظل مقاطعة الأعمال المتعلقة بالعام الدراسي الجديد، وأبلغ أنه يمكنه الاستناد إلى اللوائح المتعلقة بالعام الدراسي الفائت.
هيئة التنسيق النقابية بدورها اقترحت على الوزير المجذوب رفع الرسوم على الطلاب لتصبح مليون ليرة، عن كل الطلاب من دون استثناء، والطلب من منظمة اليونيسكو شمل طلاب المرحلة الثانوية بها. فإلى حد الساعة الرسوم المتوجبة عن الطلاب لغاية المرحلة المتوسطة هي 150 ألف ليرة، تدفعها الدولة، وتلك العائدة لمرحلة الثانوي 271 ألف ليرة، يدفعها الأهل. وفي حال قبلت اليونيسكو والدول المانحة بهذا الطرح ستتعزز صناديق المدارس لمواجهة تحديات ارتفاع سعر الكلفة التشغيلية.
لكن كل هذه الأمور تعتبر تنظيرية حيال الأزمة الحالية. فحتى أهالي الطلاب عاجزون عن تأمين البنزين لتوصيل أبنائهم إلى المدارس الخاصة التي فتحت أبوابها. والأساتذة غير قادرين على تأمين البنزين للانتقال إلى المدارس مهما كانت الحلول التي قد تتوصل اليها الروابط مع الوزير. ولسان حالهم: “إذا أراد التفتيش استجوابنا بسبب تخلفنا عن الحضور إلى المدرسة، فليؤمن البنزين لموظفيه، أولاً وليأتوا لاستجوابنا في منازلنا”.