غسان ريفي – سفير الشمال
خطت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أمس أولى خطواتها على طريق الانقاذ بتشكيلها لجنة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي يُعتبر المفتاح لتقديم المساعدات والقروض والهبات الدولية، حيث بدا التوافق قائما مع رئيس الجمهورية على شكل ومضمون هذه اللجنة التي يرأسها نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الذي لديه باعا طويلا في العملية التفاوضية إنطلاقا من خبرته الواسعة ضمن الصندوق، وتضم كل من يلزم من وزراء ومعنيين وخبراء ومطلعين بما يصب في مصلحة لبنان.
تقف لجنة التفاوض أمام تحديين إثنين، الأول من المفترض أن يتولاه رئيسها في العمل على توحيد الأرقام بين الجهات المعنية، خصوصا أن جلسات التفاوض التي عقدت في ظل حكومة حسان دياب، شهدت تناقضات واضحة في هذه الأرقام بين وزارة المالية ومصرف لبنان وجمعية المصارف، الأمر الذي أعطى إنطباعا سيئا جدا، بعد علامات الاستفهام التي رسمت حول عدم المبادرة بدفع مستحقات اليوروبوند، وحملت الشركة المعنية الى مغادرة لبنان وهي على خلاف مع ممثلي اللجنة.
لذلك فإن هذا التحدي يكمن في التوافق على الأرقام المالية بالدرجة الأولى، وتحديد حجم الخسائر لا سيما في ظل المحاولات الرامية الى تحميلها للمودعين، وهو أمر يرفضه الرئيس ميقاتي الذي أكد أن المودعين هم الجهة الأخيرة التي من المفترض أن تتحمل الخسائر، واعدا بإيجاد آلية لاعادة الأموال الى صغار المودعين، ما يعني أن الخسائر من المفترض أن توزع على الجهات الثلاث الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة المالية ومصرف لبنان وجمعية المصارف.
أما التحدي الثاني فهو في كيفية التخفيف من شروط صندوق النقد الدولي ومن إنعكاساتها المؤلمة على المواطنين، بالتوازي مع إعادة الثقة الدولية بلبنان كدولة قادرة على تسديد ديونها، الأمر الذي سيفتح الطريق أمام تدفق المساعدات والقروض والهبات، وإعادة تفعيل مؤتمرات الدعم بما في ذلك إحياء مؤتمر سيدر الذي سيكون مفتاحه إجراء الانتخابات النيابية بهدف إعادة تكوين السلطة وهذا ما يصر عليه الرئيس ميقاتي وباشرت وزارة الداخلية التحضير له.
في غضون ذلك، تتسارع الخطوات لتأمين شبكة الأمان الدولية والعربية للبنان بعد الصدمة الايجابية بتشكيل حكومة الرئيس ميقاتي وإنجاز بيانها الوزاري ونيلها ثقة مجلس النواب على أساسه في وقت قياسي، حيث تزامن الدعم الفرنسي المطلق للحكومة الميقاتية، والمساعدات الأميركية، مع إحتضان من الأمم المتحدة ومجموعة الدعم الدولية والاتحاد الأوروبي الذي أكد إستعداده للدخول بشراكة لتفعيل الاقتصاد والحد من البطالة.
وجاءت زيارة رئيس مجلس الوزراء الأردني بشر الخصاونة الى لبنان حيث إستقبلة الرئيس ميقاتي في المطار أمس وهو من المفترض أن يلتقي الرؤساء الثلاثة اليوم، لتؤكد إتساع الحضن العربي، خصوصا أن الأردن لعب دورا كبيرا مع الأميركيين لاقناعهم بتجاوز العقوبات على سوريا والسماح بتمرير الكهرباء الأردنية والغاز المصري عبر أراضهيا الى لبنان، وقد ترافق ذلك، مع رعاية مصرية قد تترجم بارسال فيول مصري للمساعدة في زيادة ساعات التغذية على غرار الفيول المرسل من العراق الذي عبر رئيس حكومته مصطفى الكاظمي عن الوقوف الى جانب لبنان في محنته، إضافة الى بعض الاشارات الخليجية من الامارات التي تتعاون على إستبدال الفيول العراقي، ومن الكويت التي أكد سفيرها في لبنان للرئيس ميقاتي بأن “البلد بلدك والأهل أهلك”.
أما السعودية وهي بيت القصيد في الدعم العربي، فإن صمتها قد يُفسر إيجابا، خصوصا أن من يريد المقاطعة يعبر عن ذلك مباشرة ولا ينتظر إسبوعين أو أكثر لاعلان ذلك، علما أن للمملكة ملفاتها الخليجية، إضافة الى حرب اليمن والتي أدت الى تراجع الاهتمام مؤقتا بلبنان والمنطقة، علما أن ثمة إتصال سيجري بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتباحث وبعمق في الدور السعودي في الشرق الأوسط، وخصوصا في لبنان لدرس إمكانية فتح المجالات أمام الدعم السياسي والاقتصادي والاجتماعي قبل الدعم المالي، خصوصا أن الرئيس ميقاتي الذي تعهد بأن لا يكون لبنان منصة ضد أشقائه العرب، شدد على “أهمية الاحتضان العربي للبنان الذي يرفض التخلي عن المظلة العربية”.