الثلاثاء, نوفمبر 26
Banner

ميقاتي القلق من “عوارض” الصراع بين عون وبري على الحكومة: ‏الله يستر!

بعدما تلاشت “الصدمة” النفسية الايجابية بتشكيل الحكومة، وعلى وقع عودة الدولار الى الارتفاع، ‏وسطوة “كارتيل” الموتيرات بعدما انهارت مؤسسة كهرباء لبنان وعمت العتمة كافة المناطق، دخلت ‏البلاد مرحلة جديدة من “الكباش” السياسي- القضائي المفتوح بين القاضي العدلي في جريمة مرفا ‏بيروت طارق البيطار والمدعى عليهم من وزراء ونواب، بعد رد محكمة استئناف بيروت الدعوى ‏بحقه، وسط توقعات بان يستانف ملاحقاته خلال الساعات المقبلة قبيل انعقاد الدورة العادية للمجلس ‏النيابي في 19 الجاري‎.. ‎

وبينما دخلت الولايات المتحدة على خط التحقيقات من خلال الكونغرس قبل ايام، يؤشر دخول السفيرة ‏الاميركية دوروثي شيّا العلني في تفاصيل اليوميات اللبنانية عبر تنقلها بين الوزارات ومقر رئاسة ‏الحكومة الى “سخونة” مرتقبة في المشهد السياسي اللبناني الذي دخل عمليا في حقبة الانتخابات النيابية ‏التي تحظى باهتمام اميركي غير مسبوق، وهي باتت تزاحم ملف ترسيم الحدود البحرية الذي سيتحرك ‏نهاية الشهر الحالي على وقع رسائل تحذيرية اميركية، فيما بدات باريس عبر مندوبها “السامي” الجديد ‏في بيروت بيار دوكان البحث عن مكاسب استثمارية على وقع ابلاغ الجانب اللبناني رسميا ان الرياض ‏غير “مهتمة” بالملف اللبناني. ‏

‏”عوارض” اشتباك سياسي؟ ‏

لكن التطور الخطير يرتبط بظهور مستجد”لعوارض” الاشتباك السياسي المفتوح منذ “الازل” بين رئيس ‏الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري على مجلس الوزراء، وما ‏تحذير المكتب السياسي لحركة امل اليوم للحكومة من عواقب التاخر في اتخاذ اجراءات سريعة ملموسة ‏الا “راس جبل” الجليد توتر مكتوم من عين التينة اتجاه السراي الحكومي المتهمة “بمسايرة” الرئاسة ‏الاولى والسماح لها بفرض اجندتها السياسية والاقتصادية، وهو امر تخوف منه بري عشية التشكيل ‏وفرضه رئيس الحكومة بقوة الامر الواقع الخارجي على الرغم من عدم “حماسة” رئيس المجلس المستاء ‏من عدم فتح رئيس الجمهورية لدورة استثنائية لمجلس النواب على الرغم من توقيع ميقاتي للمرسوم ‏وايداعه في دوائر القصر الجمهوري، كما يتهم بري رئيس الحكومة بالرضوخ لشروط الرئيس بتعيين ‏مستشارين تابعين له في تشكيلة الوفد المفاوض مع صندوق النقد الدولي، واعلانه صراحة عدم رغبته ‏بطرح ملف تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء على جدول اعمال الحكومة نزولا عند رغبة الوزير جبران ‏باسيل الذي يريد تفريغ الهيئة من صلاحياتها عبر قانون في مجلس النواب، وقد سمع ميقاتي هذه ‏الانتقادات خلال اللقاء الاخير مع بري، وكذلك من الوزير السابق علي حسن خليل الذي زاره مؤخرا ‏حاملا “رسالة” من رئيس المجلس، ووفقا لزوار القصر الحكومي بدأ رئيس الحكومة يشعر باهتزاز ‏‏”المركب”، معبرا عن خشيته من تعقيدات “تفرمل” اندفاعة العمل الحكومي مع الاقتراب من الاستحقاق ‏الانتخابي، لافتا الى ان “كل تدوير الزوايا لن تحلها بين عون وبري “والله يستر” لنقدر نقطع المرحلة ‏الصعبة على خير”..! ‏

الاضرار بالحكومة ‏

وفي هذا الاطار، يعتبر ميقاتي ان امتناع عون عن التوقيع على مرسوم فتح دورة استثنائية يضر بالحكومة ‏وياخر عملها لان مجرد الموافقة على فتح دورة استثنائية ستدفع باتجاه دعوة البرلمان للانعقاد بصورة ‏دائمة لإقرار القوانين استكمالاً لتلك التي أقرت في السابق، وهذا الامر بمثابة رسالة إلى المجتمع الدولي ‏للتأكيد على أن الحكومة ملتزمة بالإصلاحات الإدارية والمالية، لكن البلد “للاسف” غارق في مماحكات ‏سياسية.! ‏

‏”نقزة” بري ؟ ‏

وفي سياق متصل، تلفت اوساط نيابية بارزة الى ان “نقزة” بري مبررة خصوصا انه سبق وحذر ميقاتي ‏عشية التاليف من القبول بشروط رئيس الجمهورية الحكومية، وكان جادا بقراره عدم الدخول في الحكومة ‏اذا ما حصل ذلك، وسمع وعودا من رئيس الحكومة المكلف آنذاك، لكن الاخير تراجع عنها على نحو ‏مفاجىء متذرعا بالدخول الاميركي المباشر على خط التاليف، وقال صراحة انه لا يمكنه تحمل تبعات ‏رفض “الضغوط”، وعندما حاول بري الاستعانة “بصديق” واتصل برئيس الحكومة السابق سعد ‏الحريري لاتخاذ موقف رافض يمنع استجابة ميقاتي لشروط عون، فوجىء بان الحريري سبق وابلغ ‏الرئيس المكلف بموافته على قراره، فيما لم تكن معارضة الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة مؤثرة، ‏بعدما اتخذ النائب السابق وليد جنبلاط وحزب الله موقفا ايجابيا من عملية التاليف، فوافق بري على ‏‏”مضض” لعدم قدرته على مواجهة “العاصفة” الخارجية. ‏

‏”التوتر” على السطح ؟ ‏

والان بدأ “التوتر” يطفو الى السطح دون ان يعني ذلك ان تبادل “الرسائل” سيتحول الى اشتباك سياسي ‏علني بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولكن ثمة تخوف جدي من “كربجة” الكثير من الملفات الحيوية، ‏خصوصا ان الطريق حتى الانتخابات النيابية مليئة “بالالغام” . ‏

وكان المكتب السياسي لحركة أمل، قد دعا”الحكومة إلى شق مسارات حلول مبنية على أساس الحاجات ‏الملحة للمواطنين”، مشيراً الى أن “الحكومة مطالبة منع تفلت سعر صرف الدولار مما يهدد بانفجار ‏اجتماعي ان لم يتم تدارك الأمور”. وفي سياق الضغط على ميقاتي دعا البيان الى “الاستفادة من الانفتاح ‏العربي على الشقيقة سوريا التي تشكل عمقاً عربياً قادراً ضرورياً واساسياً لمواجهة المشاريع التأمرية”. ‏

المواجهة القضائية -السياسية الى اين؟ ‏

في الشق القضائي، ردت محكمة الاستئناف محكمة الإستئناف المدنية برئاسة القاضي نسيب إيليا وعضوية ‏المستشارتين القاضيتين روزين حجيلي وميريام شمس الدين بالإتفاق شكلاً لعدم الاختصاص النوعي ‏طلبات الرد المقدمة من النواب نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، والمتعلقة بكف يد المحقق ‏عن التحقيقات شكلا لعدم الإختصاص النوعي، وإلزام المستدعين طالبي الرد دفع غرامة مالية مقدارها ‏‏800 ألف ليرة عن كل واحد منهم.. ومن المتوقع ان يتبلغ البيطار القرار اليوم، وعندها سيباشر بتعيين ‏جلسات استماع للمتهمين ووفقا لاوساط مطلعة، فهو يستعجل الاستدعاءات قبل 19 الجاري موعد بدء ‏الدورة العادية الثانية لمجلس النواب علماً أن وزير الاشغال السابق يوسف فنيانوس عاد وتقدّم بدعوى ضد ‏المحقق العدلي بتهمة تزوير تاريخ إدعاء. ‏

المفاجاة القضائية! ‏

والمفاجاة القضائية كانت في سرعة البت بالدعوى قبل انتهاء العد العكسي لانعقاد الدورة العادية لمجلس ‏النواب، وقد بررت مصادر قضائية الامر برغبة محكمة الاستئناف عدم الاضرار بالتحقيقات لان تداعيات ‏وقف التحقيق ستكون وخيمة على القضية، ولهذا كان الرد في الشكل دون التطرق للمضمون وهو قرار لا ‏يقبل طرق المراجعة الا امام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وهو امر معقد من غير الوارد ان يحصل، ‏وفيما تغيب حتى الان المعلومات حول الخطوة المقبلة للمدعى عليهم، تبقى المسألة الشائكة امام المحقق ‏العدلي في اصدار تبليغات جديدة باعتبار ان التبليغات السابقة لاغية، خصوصا ان وزير الداخلية بسام ‏المولوي رفض ان يحصل التبليغ عبر قوى الامن الداخلي، متنصلا من المسؤولية، ويتجه القاضي بيطار ‏الى تكليف مباشرين مدنيين لتبليغ المعنيين، واذا تعذر ذلك فسيرفع طلب رسمي جديد الى وزير الداخلية ‏لوضعه امام مسؤولياته القانونية والاخلاقية.! ‏

من جهته علق، وزير العدل القاضي هنري الخوري على قرار محكمة الاستئناف المدنية قائلا” اطلعت ‏على خلاصة القرار، وقد رأى رئيس المحكمة أن الملف الذي قُدّم له لا يستوفي الشروط القانونية وردّه”. ‏مشيرا الى انه أحترم هذا القرار ولديه ملء الثقة بالمحكمة والهيئة التي أصدرت القرار. ‏

شيا تواصل متابعة التفاصيل.. ‏

في هذا الوقت، واصلت السفيرة الاميركية دورثي شيا انغماسها في تفاصيل الملفات اللبنانية، وبعد جولتها ‏على عدة وزارات، استقبلها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السراي الحكومي بالامس، وكان لافتا ‏اهتمامها بثلاثة ملفات، الانتخابات النيابية واجراءها بمواعيدها، ووضع المؤسسات الامنية وتأثرها ‏بالوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، وملف الترسيم، ووفقا للمعلومات، ابلغت الدبلوماسية الاميركي ‏رئيس الحكومة ان بلادها بصدد اتخاذات اجراءات عملية لدعم المؤسسات الامنية وفي مقدمها الجيش، ‏وقوى الامن الداخلي، بعدما لامست اوضاعهما “الخطوط الحمراء”، وطلبت منه لائحة بالاحتياجات ‏اللوجستية والمالية..وفي ملف الانتخابات، كان واضحا رغبة شيا في قيام الحكومة اللبنانية ما يلزم لاتمام ‏الاستحقاق الانتخابي بموعده، مشددة على اعطاء فرص متساوية لكل القوى لخوض الانتخابات في كافة ‏المناطق اللبنانية! ‏

نصيحة “ملغومة”حول الترسيم؟ ‏

وكان لملف ترسيم الحدود حصته في اللقاء، وعلمت “الديار” ان شيا طالبت رئيس الحكومة عدم اتخاذ ‏اي قرار حول مرسوم تعديل حدود التفاوض في هذه المرحلة، “ونصحته” انتظار الوسيط الاميركي ‏الجديد اموس هوخشتاين المقرر ان يصل الى بيروت في النصف الثاني من الشهر الجاري، كي لا تقرأ ‏اي خطة لبنانية على نحو خاطىء، وتتهم الحكومة بعرقلة مهمة المبعوث الجديد، حسب تعبير شيا؟!. تجدر ‏الاشارة الى ان كبير مستشاري البيت الأبيض لأمن الطاقة عاموس هوخشتاين يهودي مولود في إسرائيل، ‏ومن الصعب أن يحظى بمصداقية لدى الجانب اللبناني، وهو سبق وحاول التوسط في الملف خلال إدارة ‏الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، في عام 2016، ولكنه لم ينجح حينها في تحقيق اي تقدم. ‏

ماذا يحمل دوكان؟ ‏

في هذا الوقت، بدأ منسق مقررات سيدر بيار دوكان اتصالاته مع المسؤولين اللبنانيين بعيدا عن الاعلام، ‏حاملا في جعبته مطالب فرنسية باصلاحات اقتصادية معطوفة على رغبة باريس في الحصول على ‏‏”كعكة” الاستثمارات خصوصا في مرفأ بيروت. وبعيدا عن الشق الاقتصادي- الاصلاحي للزيارة، وفيما ‏التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، كان لافتا ما اكدته ‏مصادر سياسية مطلعة “للديار” عن ابلاغ دوكان رسميا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رفض المملكة ‏العربية السعودية التعامل ايجابيا مع حكومته، انطلاقا من عدم رغبة الرياض في العودة الى “الانغماس” ‏في الساحة اللبنانية مفضلة “النأي بنفسها” عن هذا الملف. تجدر الاشارة الى ان دوكان سيبقى لخمسة ايام ‏في بيروت يلتقي خلالها عدد كبير من المسؤولين والوزراء اللبنانيين ويغادر الجمعة مع ملف كامل ‏سيقدمه للادارة الفرنسية، وهو سيلتقي الوفد اللبناني المفاوض مع صندوق النقد الدولي، وكان لافتا ‏بالامس انه بدأ جولته العلنية بلقاء وزير الاشغال علي حمية وبحث معه ملف اعادة اعمار مرفا بيروت، ‏فيما طلب الوزير دعم فرنسا في ملف النقل العام عبر تامين هبة باصات، ودراسة تطوير خط سكك ‏للحديد، وتطوير مطار بيروت. ‏

‏ مفاوضات “صعبة” مع الصندوق ‏

في هذا الوقت، اعلنت الحكومة بدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي عبر بيان لوزارة المال، اشرفت ‏على صياغة نصه بالانكليزية شركة “لازارد” لعدم ارتكاب اي اخطاء تثير ارتياب الصندوق، واشار ‏البيان الى ان لبنان اعاد تعامله مع الصندوق، ووضع استراتيجية إعادة هيكلة الدين العام، كما رحب ‏البيان بمشاركة حَمَلة السندات في عملية إعادة الهيكل. ووفقا لمصادر اقتصادية الخطوة الاهم تبقى اعادة ‏صياغة خطة التعافي السابقة ووضع خطة واضحة للتفاوض مع الدائنين، خصوصا ان المعلومات الواردة ‏من “الصندوق” تشير الى عدم وجود تساهل في التعاطي مع الملف اللبناني، وهو سيصر على تقليص ‏القطاع العام، وتوحيد سعر الدولار، واجراء الاصلاحات في قطاع الكهرباء، وكذلك القيام باصلاحات ‏ضريبية، وهو ما تراه تلك الاوساط شروطا صعبة لا قدرة لحكومة “قصيرة العمر” ان تستجيب لها قبل ‏اشهر من الانتخابات. ‏

من جهته، كشف المتحدث باسم صندوق النقد أنه تلقى رسالة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يعرب فيها ‏عن اهتمام السلطات ببرنامج صندوق النقد الدولي، وتوقع أن تبدأ في الأيام المقبلة المباحثات الفنية بشأن ‏السياسات والإصلاحات التي ستعالج الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان.‏

الديار

Leave A Reply