الثلاثاء, نوفمبر 26
Banner

الحكومة تُطلق رحلة “الألف ميل” مع صندوق النقد البيطار يكسب “الجولة الأولى” والسلطة تُحضّر “هجمة ‏مرتدّة‎”!‎

كومضة مضيئة وسط ظلمة السلطة وظلمها، أتى قرار محكمة الاستئناف في بيروت رد ‏دعاوى “الرد” المقامة أمامها ضد المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي طارق ‏البيطار ليعيد إنعاش نبض العدالة في القضاء وبث روح الأمل في صدور أهالي الشهداء ‏المكلومين، بالتزامن مع وقفتهم الشهرية الـ14 على قارعة رصيف المرفأ رافعين راية ‏‏”الحقيقة والعدالة والمحاسبة” طلباً لحق أبنائهم باستكمال مسار التحقيق العدلي في جريمة 4 ‏آب توصلاً لإدانة الجناة والمرتكبين “من دون طائفية أو تسييس‎”.

وبخلاف ما تشتهي رياح السلطة، باغتت محكمة الاستئناف المدعى عليهم بإعادة إطلاق “يد” ‏القاضي البيطار في ملاحقتهم واستجوابهم واستدعائهم واتهامهم، من خلال قرارها “عدم ‏الاختصاص النوعي” في الدعاوى المرفوعة ضده من النواب نهاد المشنوق وغازي زعيتر ‏وعلي حسن خليل، على أن تُشكّل لحظة تبلّغ المحقق العدلي بهذا القرار خلال الساعات المقبلة ‏إشارة انطلاق متجددة لاستئناف تحقيقاته وتحديد مواعيد جديدة لاستجواب المدعى عليهم في ‏الفترة الفاصلة عن انعقاد الدورة العادية لمجلس النواب في 19 الجاري‎.

وبذلك يكون القاضي البيطار قد كسب “الجولة الأولى” في معركته المفتوحة ضد الحصانات ‏التي تطوّق سير العدالة، بينما لم تتأخر السلطة في توكيد العزم على استكمال حربها ضدّ ‏القضاء العدلي، عبر إعداد العدة القانونية لشنّ “هجمة مرتدة” على القاضي البيطار لإعادة ‏تكبيل يديه وعرقلة تحقيقاته تحت جملة ادعاءات وتخرّصات بلغت حد اتهامه بـ”التزوير‎”.

فبينما تردد أمس أنّ رئيس الحكومة السابق حسان دياب قد يُقدم على خطوة تقديم دعوى “رد” ‏جديدة ضد المحقق العدلي لمعاودة كف يده عن الملف، بادر الوزير السابق يوسف فنيانوس، ‏بالتوازي مع الدعوى التي رفعها طلباً لنقل القضية إلى قاض آخر، إلى تقديم إخبار أمام النيابة ‏العامة التمييزية بحق القاضي البيطار متهماً إياه بالتزوير على خلفية تواريخ طلبات الادعاء ‏والإذن بالملاحقة التي سطّرها وأحالها إلى النيابة العامة التمييزية، آخذاً عليه أنه اتخذ قراراته ‏بهذا الشأن في تاريخ 27 أيلول بعد إبلاغه بدعوى كف يده عن الملف، في وقت تبيّن الوقائع ‏القضائية أنه كان قد أصدر القرارات هذه في 24 أيلول ثم تمت الإحالة فقط في 27 منه ربطاً ‏بأنّ قلم النيابة لم يكن يعمل في ذلك التاريخ‎.

وبما أنّ مواعيد الجلسات التي كان حددها القاضي البيطار بين 27 أيلول و4 تشرين الأول ‏الحالي قد انقضت قبل صدور قرار محكمة الإستئناف برد طلبي الرد اللذين تقدم بهما المشنوق ‏وخليل وزعيتر، وكذلك بالنسبة لموعد جلسة استجواب دياب الذي كان مقرراً أمس، يطغى ‏السؤال راهناً: ماذا بعد قرار محكمة الإستئناف الذي أقفل باب “الرد” و”كف يد” القاضي ‏البيطار؟‎.

عملياً، سيكون على النواب الثلاثة بعد محاولتهم الأولى الفاشلة أن يتجهوا إلى المسار الثاني ‏الذي سلكه فنيانوس برفع دعوى ارتياب مشروع، ولكنّ هذا النوع من الدعاوى لا يكف يد ‏القاضي البيطار الذي يبقى له الحق في استمرار السير بالدعوى قبل أن تعود محكمة التمييز ‏للبت بدعاوى الإرتياب الجديدة. وبناءً على ذلك، سيقوم مجدداً واعتبارا من اليوم بتحديد ‏مواعيد جلسات جديدة للذين كان استدعاهم الإسبوع الماضي من الضباط والنواب، بالإضافة ‏إلى ما استجد من طلبات تقدم بها بخصوص اللواءين عباس ابراهيم وأنطوان صليبا‎.

ولاحظت مصادر مراقبة، أن القاضي البيطار بتمسكه بالسير بالدعوى وباستعمال صلاحياته ‏وابتعاده عن الإعلام، أربك المدعى عليهم الذين بدأوا يتخبطون في الوسائل القانونية التي ‏يعتمدونها لمواجهته، من مثل تهمة “التزوير” التي ذهب إليها فنيانوس. ومن الجدير بالذكر أن ‏القاضي البيطار من اليوم وحتى 19 تشرين الأول يستطيع أن يصدر مذكرات توقيف غيابية ‏في حق النواب الثلاثة بعدما كان أصدر مذكرة مماثلة بحق فنيانوس، كما يستطيع أن يصدر ‏مذكرة توقيف غيابية بحق دياب الذي يستعيض عن افتقاره للحصانة بالحماية المذهبية عبر ‏التلطي خلف موقعه السابق في رئاسة الحكومة، علماً أنّ دياب لا يزال يتجاهل دعوات المحقق ‏العدلي ولم يفصح بعد عما إذا كان أوكل فريق محاماة للدفاع عنه بحجة أنه يخضع في ‏المساءلة للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء‎.

حكومياً، وبالتزامن مع زيارة السفير الفرنسي المكلف تنسيق المساعدات الدولية للبنان بيار ‏دوكان إلى بيروت لمعاينة الجهد الإصلاحي المبذول، برز إطلاق رئيس الحكومة نجيب ‏ميقاتي “رحلة الألف ميل” مع صندوق النقد الدولي بخطوة مراسلته القيمين على الصندوق ‏معرباً عن تطلع حكومته إلى الحصول على برنامج تمويلي والشروع في محادثات تقنية مع ‏صندوق النقد حول السياسات والإصلاحات الهيكلية المطلوبة لمواجهة الأزمة المالية ‏والاقتصادية التي تعصف بلبنان‎.

وتوازياً، عبّرت وزارة المالية عن رغبتها في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد على برنامج ‏مناسب لخطة التعافي، مؤكدةً التزام الحكومة اللبنانية الكامل بالإقدام على “عملية إعادة هيكلة ‏بنّاءة وشفافة ومنصفة للديون مع جميع الأفرقاء المعنيين” بما يشمل “الترحيب بمشاركة ‏حاملي السندات في هذه العملية” توصلاً إلى “حل عادل وشامل لجميع الدائنين”. وفي المقابل ‏عكست أجواء الصندوق الدولي استعداده للشروع في المحادثات مع الجانب اللبناني وسط ‏تشديد المتحدثة باسمه على كون “المناقشات ستتركز على الإصلاحات اللازمة” باعتبارها ‏تشكل الحجر الأساس في عملية إعادة الهيكلة ومعالجة الأزمة‎.‎

نداء الوطن

Leave A Reply