علي الحسيني – ليبانون ديبايت
يُعرف عن “حزب الله” مدى قدرته على توزيع ملفّاته وترتيبها بحسب الأولوية، بالإضافة إلى فرزها بشكل يتناسب مع حجم كُل مرحلة. ولأن الإنتخابات النيابيّة المُقبلة بالنسبة إلى “الحزب”، واحدةٌ من أبرز الملفات التي تأخذ من جهده السياسي والإجتماعي، ولأن حضوره العسكري والأمني يُستمدّ من قوّته السياسية ـ البرلمانية والحكوميّة، فإن ساعة الصفر بالنسبة إلى التحضيرات والإستعدادات بكل أشكالها قد انطلقت، وسط مواجهة مُماثلة على الضفّة المُقابلة، تخوضها السفارة الأميركية في لبنان سعياً وراء كسر حلقة الأكثرية الحاكمة المُمثّلة بالحزب و”التيّار الوطني الحر” وحركة “أمل” وحلفائهم من مُستقلّين وأحزاب.
لا تقلّ بيروت بالنسبة إلى “حزب الله” إنتخابياً، في الأهميّة عن البقاع أو الجنوب، إذ أن تثبيت قدمه سياسيّاً في العاصمة، يوازي السيطرة العسكرية والأمنيّة التي يفرضها ضمن مناطقه والتي تجعله أكثر تحكّماً على الأرض، وتجعل منه شريكاً أساسيّاً في القرارات المصيرية، ناهيك عن لعبة التحاصص والمصالح التي تفرض نفسها على طاولة نقاشات المشاريع وكل ما له علاقة بإنماء العاصمة. ويُضاف إلى كُل هذه الأمور، حجزُ كرسيٍ داخل البرلمان، يتحدث بإسم مكوّن لا يُستهان به من أبناء الطائفة الشيعية المندمجين بالمجتمع البيروتي، منذ مئات السنين.
من بيروت، أدار الحزب محركّاته الإنتخابية منذ أيّام قليلة، وفقاً لمصادر سياسية من خلال لقاء جمع نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، مع أعضاء ماكينة الحزب في بيروت، حيث وجّه قاسم التعليمات السياسية ـ الإجتماعية المُرتكزة على هموم الناس وحاجاتها في ظل الظروف الصعبة. وبحسب المصادر، فإن “حزب الله” الذي خصّص مليارات الليرات من مساعدات محصورة بالعمل الخدماتي رغم تنوّعه، كمدخلٍ أساسي للمعركة الإنتخابية المُنتظرة في الجنوب والبقاع ومناطق أخرى يمتدّ إليها نفوذه السياسي، قام أيضاً بتخصيص مبالغ كبيرة لبيروت، بهدف كسر السدود والحواجز التي تُقيمها السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، لمنع “الحزب” من حجز مقعدٍ نيابي بيروتي باسمه، وذلك من خلال التواصل والتنسيق مع المُجتمع المدني وشخصيات سياسية مُستقلة.
المعروف، أن ثمّة جهود خارجية كبرى، تسعى من خلاله دول أوروبية وعربيّة لقلب الموازين السياسيّة في لبنان وإحداث تغييرات داخل مجلس النوّاب، مما يُتيح بمجيء حكومة لا تخضع لمزاجية ومصالح الكُتل المُسيطرة داخل البرلمان. من هنا، تُشير المصادر السياسية إلى لقاءات بعيدة عن الأضواء تُعقد برعاية السفيرة الأميركية بشكل دائم، لإيجاد سُبلٍ يُمكن من خلالها، خرقُ الكُتل الأساسية التي ينضوي “حزب الله” ضمنها، باعتباره المخرج الوحيد لكفّ يد الحزب وحلفائه عن التحكّم بالحياة السياسية في لبنان. واللافت أن هذه اللقاءات تُعقد مع شخصيّات مسيحية بعضها مُستقلّ وبعضها الأخر حزبي، بنيّة التخلّص من تراكمات هذا العهد ومخلّفاته السياسية والإقتصادية والمالية”.
المؤكد، أن ثمّة أزمة حقيقية يواجهها التحالف العريض الذي يجمعه تحت سقفه،وهي أزمة خلافات ذات طابع سياسي وطائفي تُنذر بتحويل الأكثرية إلى أقليّة، في حال استمرارها. لذلك ثمّة سعي يقوم به “حزب الله” في هذه المرحلة، لتطويق ذيول الخلافات بين حليفيه حركة “أمل” و”التيّار الوطني الحر” والتي كانت آخر محطّاتها في جنوب لبنان على خلفيّة الإشتباكات التي حصلت بين بلدتي عنقون ومغدوشة، وذلك بهدف تفويت الفرصة على الأميركيين وغيرهم، بحسب ما تقول مصادر مُقرّبة من “حزب الله”، من أجل إبقاء التحالف الذي من خلاله، يُمكن السيطرة على مجلسي النواب والوزارء.
وبحسب المصادر نفسها، “ثمّة ثقل كامل تضعه السفارة الأميركية في لبنان من أجل تغيير المشهد السياسي وتبديل الواقع السياسي تحت عنوان “مواجهة حزب الله وإيران في لبنان”. وقد أصبح في حكم الواقع أن “التيار الوطني الحر” سوف يتأثر بشكل كبير في الإنتخابات المقبلة، مما يوحي بحتمية تغيير المشهد، أقلّه على صعيد الساحة المسيحيّة”.