عبد الكافي الصمد -سفير الشمال
أكثر من مؤشّر برز في السّاعات الأخيرة دلّ على أنّ موجة إنفتاح لبنان على دول الجوار قد انطلقت بخطى جدّية ومتسارعة، وأنّ معالجة القضايا والملفات الإقتصادية والحياتية والمعيشية كانت على رأس جدول أعمال ولقاءات وتصاريح المسؤولين في لبنان وفي الدول المجاورة، وأنّ خطوات فعلية وُضعت على السكّة، وقرارات أخذت طريقها إلى التنفيذ، وأنّ آثارها على أرض الواقع يفترض أن تبدأ بالظهور قريباً.
أولى هذه الخطوات التي أحدثت إنفراجاً في القطاع الزّراعي المأزوم، كانت في إعلان وزير الزراعة عبّاس الحاج حسن أمس أنّه أجرى إتصالاً مع وزير الزراعة الأردني الذي أكد له أنه “إبتداءً من 15 تشرين الأول الجاري سيفتح الأردن أبوابه للمنتجات اللبنانية، والتفّاح تحديداً”، مضيفاً أنّه “سيكون هناك أبوابا جديدة ستفتح أكان بموضوع التفاح أو البطاطا أو باقي المنتجات”، معتبراً أنّه “نحتاج اليوم بأن يكون المنتج اللبناني، والمنتجات الزراعية تحديداً، سفراء لنا حول العالم”.
هذه الخطوة التي شكّلت إنفراجاً وإنقاذاً لموسم التفّاح المهدّد بالكساد كما غيره من بقية المواسم الزراعية الأخرى، عزّزت الآمال في فتح أسواق جديدة أمام بقية المنتجات في دول أخرى، وتحديداً العراق ومصر، الأمر الذي من شأنه أن ينقذ القطاع الزراعي من أزمات عديدة، وأن تشكل دفعاً للإقتصاد الوطني.
سبق ذلك قرار الحكومة في جلستها الأخيرة التي عقدت أول من أمس في السرايا الحكومي الكبير برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، بتكليفها رسمياً وزير الأشغال العامّة والنقل علي حمية “التواصل مع الجانب السوري بهدف معالجة أزمة الرسوم المرتفعة على الشّاحنات اللبنانية التي تعبر سوريا إلى الدول العربية”، وكذلك تواصل الوزير حمية مع نظرائه في الأردن والعراق وتركيا للغاية نفسها.
خطوة إنفراجية أخرى سجلت في السّاعات الماضية تمثلت في تأكيد رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة إستعداد الأردن إثر لقائه وزير الكهرباء السوري غسان الزامل ووزير الطاقة اللبناني وليد فياض “تقديم الدعم والإسناد اللازم للبنان الشقيق الذي يمرّ بتحديات إقتصادية إستثنائية”.
هذا الدعم الأردني للبنان في مجال الطاقة أكّدت عليه وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية هالة زواتي، التي أعربت عن أملها “بإيصال الكهرباء إلى لبنان بحلول بداية العام المقبل”، في إشارة منها إلى الإتفاق الذي وُقّع بين لبنان والأردن لاستجرار الطاقة الكهربائية منه عبر سوريا، إضافة إلى استجرار الغاز من مصر إلى لبنان عبر الأردن وسوريا لتشغيل معمل دير عمار الحراري لإنتاج الكهرباء، ما يعني أنّ مطلع العام المقبل يفترض أن يشهد لبنان فيه فعلياً نهاية قسم كبير من معاناته مع أزمة الكهرباء الخانقة، وهو ما ترجم على الأرض يوم أمس بزيارة سفير سوريا في لبنان علي عبد الكريم علي وزير الطاقة والمياه وليد فياض للبحث في ملف إستجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان عبر سوريا، وتأكيده أنّ “سوريا لم ولن تألو جهداً لمساعدة لبنان”.
ما سبق يدلّ أنّ خطوات جدّية بادرت الحكومة إلى القيام بها لإخراج البلد من أزماته، التي يفترض أن تستكملها بخطوات مماثلة تجاه دول الخليج ومصر وغيرها، وهي في حال أنجزتها سريعاً، فإنّه يمكن القول حينها إنّ تعافي لبنان قد بدأ فعلياً.