حتى الساعة لا يبدو عادلاً تقييم إنطلاقة العمل الحكومي، ولو أن الأزمات المستفحلة تتطلب وصل النهار بالليل بعمل جدّي دؤوب، يخفف بالحد الأدنى معاناة الناس اليومية في تأمين لقمة العيش ومستلزمات الإستمرار.
أما الحراك الدبلوماسي الناشط باتجاه لبنان عقب تشكيل الحكومة فلم تتبين بعد مفاعيله العملية. وقد وصفت مصادر سياسية مواكبة عبر “الأنباء” الالكترونية هذا الحراك للموفدين وآخرهم وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان، وما اغدقه من وعود على اللبنانيين، “بالحركة بلا بركة، لأن هذه الوعود سرعان ما تتبخر وتبقى حبراً على ورق، لاسيما الوعود الإيرانية التي لم تكن في السابق سوى فقاعات إعلامية لم يتحقق منها شيئاً”.
وبالعودة إلى ما يعانيه المواطن خاصة في موضوعي المحروقات والكهرباء. فقد تكرر أمس التوقف التام لمجموعات التوليد نتيجة الضغط على الشبكة من جهة، ونفاد الفيول لدى بعضها من جهة ثانية.
ومن جهة أخرى أعربت مصادر سياسية عن استيائها من البيان الصادر عن مؤسسة كهرباء لبنان الذي ناشدت فيه اللبنانيين مساعدتها بالعملة الصعبة لتتمكن من شراء الفيول. وسألت: “ماذا بقي من مدخرات لدى اللبنانيين ليقدموها لكهرباء لبنان؟ ولماذا تتردد المؤسسة في جباية مستحقاتها من المناطق المحظور على موظفيها وجباتها دخولها، والتي وتقدر بمئات ألوف الدولارات، وأين الأموال التي تجاوزت الـ 52 مليار التي أنفقت لتأمين الكهرباء 24/24 حتى وصلنا الى هذا الدرك من التراجع وقلة المسؤولية؟”.
وتوقفت المصادر من جهة ثانية عند ما أسمته “السياسة الجهنمية المتبعة بعد تراجع الدولار الى ما دون الـ 15 ألف ليرة عشية تشكيل الحكومة، ليحلق مجددا ويلامس عتبة الـ 20 الفا، وتعود الأزمات المعيشية والاقتصادية تستفحل وكأن لا حكومة تشكلت ولا جهود تبذل لحل هذه الأزمات، ناهيك عن محاولات البلطجة على القضاء وتهديد المحقق العدلي ومنعه من متابعة تحقيقاته في انفجار المرفأ”.
وفي هذا السياق اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية ان “لا حل لأزمة الكهرباء من دون تعيين مجلس ادارة جديد والشروع فورا بتعيين الهيئة الناظمة”، فالمشكلة برأي الحجار مردها “لتجاوز القوانين منذ العام 2002 التي وضعت حلا جذريا لأزمة الطاقة. لكن الوزراء التابعين للتيار الوطني الحر الذين تعاقبوا على هذه الوزارة رفضوا تطبيق القانون لأنه يحدّ من سلطتهم على الوزارة بنسبة 90 في المئة، وتمادوا باستغلالها، وأهدروا المال العام وأوصلوا البلد إلى هذه الكارثة التي نتخبط بها، بعد إهدار نصف الدين العام على الكهرباء وحدها”.
ورأى الحجار “ضرورة تعيين الهيئة الناظمة ومجلس ادارة جديد يعيد ثقة الداخل والخارج بلبنان، وتكون خطوة اساسية على طريق إصلاح هذا القطاع الذي يستنزف مالية الدولة، وهو أولوية لدى المجتمع الدولي لمساعدة لبنان”.
وعلى خط آخر تحدث الحجار عن تضارب الآراء في تقييم زيارة وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان الى لبنان. فالبعض يرى أنها تنطلق “من خلال سيطرة ايران المطلقة على لبنان، ولها فيه قوى تستطيع ان تفعل ما تريد دون اي وازع تبعا لأهوائهم. والبعض الآخر يرى فيها زيارة عادية حاول خلالها عبد اللهيان الظهور بمظهر الضنين على مصلحة البلد، بينما اذرعه المنتشرة في المنطقة العربية تعيث بها فساداً وإفساداً وإخلالاً بأمنها، وإثارة النزاعات داخل الدول العربية”.
وقال: “نأمل ان نصل الى اليوم الذي تقتنع فيه الجمهورية الاسلامية الايرانية بأن مصلحتها تكمن بنسج علاقات مع دول المنطقة تقوم على احترام السيادة المتبادلة وقائمة على الود والاحترام فيما بينها”.
بدوره اعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب فادي علامة عبر “الأنباء” الإلكترونية أن “زيارة عبد اللهيان تندرج في سياق الزيارات التي يقوم بها الموفدون الدوليون والإقليمية والعرب إلى لبنان لتأكيد تضامنهم معه في هذه الظروف الصعبة، وامكانية استفادة لبنان منها وبالأخص في موضوع الكهرباء، الذي يبدو ملحا جدا في هذه الفترة”، داعيا الحكومة “التي يبذل فيها وزير الطاقة وليد فياض جهوداً لتأمين الكهرباء، وزيادة ساعات التغذية، سواء من مصر والأردن او من دول اخرى” الى “تلقف هذه المبادرات ومنها اقتراح عبد اللهيان المساعدة في بناء معمل للكهرباء في الجنوب او في اي منطقة اخرى لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين”.
من جهة ثانية رأى عضو كتلة الوسط المستقل النائب علي درويش في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية ان زيارة وزير الخارجية الإيراني “تأتي في سياق كسر الرتابة التي كانت قائمة على مستوى الحصار على لبنان، وهي لم تحرج الحكومة بدليل مجموعة من الضيوف الذين زاروا لبنان مؤخرا ومن بينهم رئيس الحكومة الأردني والموفدين الدوليين على مستوى الأمم المتحدة”. ورأى أن “هذه الزيارات ساهمت جدا بكسر الرتابة على مستوى الحضور الدبلوماسي في لبنان، فالحكومة في بيانها الوزاري قالت انها منفتحة على الجميع بشكل عام. اما في التفاصيل فبطبيعة الحال سيكون فتح العلاقات مع هذه الدول مختلفا طبقا لخصوصية كل دولة وطريقة تعاطيها مع لبنان”.
وحول المساعدات التي وعد بها عبد اللهيان لفت درويش الى “عرضين تقدم بهما الوزير الايراني الاول يتعلق باعادة بناء المرفأ، والثاني إنشاء معمل كهرباء”، معتبرا أنه “على الحكومة مجتمعة دراسة العرضين وإبداء رأيها في الموضوع”، معتبرا أن “المركزية الاساسية للحكومة تنطلق من حفظ توازنات معينة، على ألا تكون ايجابية بمكان وسلبية بمكان آخر. فنحن بحاجة لمساعدة الجميع وبالأخص الدول العربية الشقيقة.” داعيا الى “انتظام العلاقة مع السعودية لما لها من أياد بيضاء تجاه لبنان. فرئيس الحكومة نجيب ميقاتي منفتح على الجميع. والوقت للعمل وليس لدينا رفاهية المناكفات، ولا الدخول في صراعات، لا مع هذه الجهة، ولا مع تلك. وأي تقارب ايراني – عربي سينعكس ايجابا على لبنان”، برأي درويش.
الانباء