بعد أسبوع ديبلوماسي مثقل بزيارات موفدين أجانب الى لبنان وتحرّك لبناني في اتجاه مصر والأردن لاستكمال التحضيرات لتنفيذ التفاهم الرباعي اللبناني الأردني المصري السوري على استجرار الغاز المصري و الكهرباء إلى لبنان عبر سوريا، وبعدما “فرش” وزير الخارجية ال إيراني حسين امير عبد اللهيان المنابر الإعلامية في بيروت بعروض تكاد ترقى إلى إقامة شبكة بنى تحتية كاملة في لبنان، بعد كلّ هذا صحّ انذار مؤسّسة كهرباء لبنان بانهيار الشبكة الكهربائية بسبب نفاد الفيول والمازوت وتوقف أكبر معملين لإنتاج الطاقة الكهربائية في دير عمار والزهراني.
الإنذار هذا كانت المؤسّسة أطلقته قبل اكثر من أسبوع وبدا واضحاً وثابتاً أمس، بعدما عمّت أنباء انفصال الشبكة وتوقف المعملين إن شيئاً لم يحدث وأيّ إجراء استباقي لم يتخذ من أيّ جهة ولا من وزارة الطاقة والمياه ولا من الحكومة كلا. وقعت الواقعة واختفت بقايا ساعات قليلة جداً كانت مؤسّسة كهرباء تغذي عبرها المناطق بتوزيع هش متنقل، ولكن العتمة الشاملة لم تعمّ لبنان وفقاً لما سارعت وسائل الإعلام إلى تعميمه لسبب بسيط أنّ لبنان لم يكون مضاء قبل ذلك ولأن المواطنين لا يتكلون على ساعات قليلة للتغذية ولأن عشرات ألوف المولدات الخاصة تغطّي معظم التغذية في كل أنحاء لبنان بأسعار باتت تحلق فوق رؤوس الناس الذين لا يملكون ترف الخيار ويضطرون حتّى إلى الاستدانة لدفع فاتورة المولد وفاتورة كهرباء الدولة.
فعند الثانية عشرة والنصف ظهر أمس، سُجّل انفصال شبكة الكهرباء بشكل كامل بعد توقف معملي الزهراني ودير عمار نتيجة نفاد المازوت وتدني انتاج الطاقة إلى ما دون الـ200 ميغاواط. وأُفيد أنّ مؤسّسة كهرباء لبنان حاولت إجراء المناورات لإعادة بناء الشبكة العامة يدوياً في ظلّ غياب مركز التحكم الوطني الذي تضرّر كلياً بسبب انفجار مرفأ بيروت. وبعد إطفاء معمل دير عمار بسبب نفاذ مادة المازوت منذ ساعات، أطفأ معمل الزهراني محركاته ظهراً على أنّ يشغل معمل الذوق ولكن القدرة الانتاجية البالغة حالياً 350 ميغاواط انخفضت إلى أقلّ من 200 ميغاواط. ومعلوم أنّ أقل من 200 ميغاواط لا تكفي لربط الشبكة الكهربائية ببعضها وبالتالي هناك خطر الدخول في الانقطاع العام الشامل.
كما تبيّن أنّ باخرة عراقية ستصل في 20 الشهر الحالي إلى لبنان محمّلة بـ36 الف طن لتزويد المعملين، وأوضحت مصادر في وزارة الطاقة أنّ “حجز الاعتماد في مصرف لبنان لاستيراد الفيول حصل أول من أمس، وأحيل الملف إلى إدارة المناقصات”، مضيفةً أنّه “أخذت عينة من الفيول المستبدل عن النفط العراقي إلى الإمارات العربية ليتمّ فحصها، وستأتي الموافقة في اليومين المقبلين”. ولاحقاً، أعلنت مؤسّسة كهرباء لبنان أنّه بعد توقف معمل دير عمار صباح الجمعة، قسرياً عن إنتاج الطاقة جرّاء نفاد خزينه من مادة الغاز أويل، توقف أيضاً معمل الزهراني قسرياً ظهر السبت للسبب عينه، وأشارت إلى أنّ “من المرتقب أن تصل مساء شحنة مادة الفيول أويل (A Grade)، والتي من المتوقع أن يتمّ تفريغ حمولتها في كلّ من خزانات مصفاتيّ الذوق والجية مطلع الأسبوع المقبل”. وذكّرت مؤسّسة كهرباء لبنان بأنّه “سبق لها وحذّرت مراراً وتكراراً منذ أشهر عدّة من خطر الدخول في المحظور في ما خصّ التغذية بالتيار الكهربائي، وناشدت جميع الجهات المعنية بحساسية الوضع ودقته، لاسيّما لجهة ضرورة الموافقة على تحويل فائض العملة الوطنية المتراكم في حساباتها جرّاء عمليات جباية فواتير الاشتراكات بالتغذية في التيار، إلى عملة صعبة وفق سعر الصرف الرسمي، في محاولة منها لتغطية جزء من حاجاتها من المحروقات، لزوم إنتاج الطاقة، وأنّه اذا ما استمرت الأمور على حالها، فهناك مخاطر عالية من الوصول إلى الانقطاع العام والشامل على جميع الأراضي”.
وذكرت معلومات مساءّ عن لجؤ وزارة الطاقة إلى الجيش اللبناني إذ أن اتفاقاً حصل بين وزير الطاقة وليد فياض وقائد الجيش العماد جوزاف عون على تأمين الفيول لمعملي دير عمار والزهراني من احتياط مخزون الجيش ريثما تفرغ شحنة الفيول. وأصدرت مؤسّسة كهرباء لبنان بياناً آخر أكّدت فيه أنّ “قيادة الجيش أبدت كامل الاستعداد لتسليم كمية إجمالية تبلغ ستة آلاف كيلوليتر مناصفة بين معملي الزهراني ودير عمار لإعادة تشغيل المعملين تباعاً منذ منتصف الليل الفائت وأنّ هذه الكمية تكفي لفترة ثلاثة أيّام”.
أمّا على الصعيد السياسي والديبلوماسي، فبرز أمس إعلان وزارة الخارجية الأميركية أنّ نائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند ستبدأ جولة دولية تشمل لبنان وروسيا، وبريطانيا. وبحسب المعلومات فإنّ محادثات المسؤولة الأميركيّة في لبنان ستتمّ الخميس، بعد تعديل موعد الزيارة، على أنّ يضمّ الوفد المرافق لها نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط والتواصل مع سوريا ايثان غولدريتش. وأفاد مصدر مطلع في السفارة الاميركية في بيروت بأنّ نائب مساعد وزير الخزانة للشؤون الدولية ايريك ماير، والمستشار الاول في وزارة الخارجية لشؤون الطاقة اموس هوكستين لن يكو في عداد الوفد كما تردّد سابقاً. وكانت السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا زارت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الإثنين الماضي في إطار متابعة البحث في العديد من ملفات التعاون بين البلدين، خصوصاً مع انطلاق عمل الحكومة.
ووفق ما نقلت “وكالة الأنباء المركزية” عن مصادر ديبلوماسية فإنّ “هذه الزيارة تُبرز أهمية لبنان بالنسبة إلى الإدارة الأميركية التي لن تقبل بأنّ يسقط في الحضن الإيراني، وستقدّم التسهيلات السريعة لإحباط عروض طهران ومشاريعها، خاصة على صعيد إيصال الغاز المصري إليه عبر سوريا والأردن لحلّ مشكلة الكهرباء”. كما أنّ المسؤولة الأميركية ستشدّد على أولوية الإصلاحات لكي يقدّم المجتمع الدولي المساعدة للبنان وحكومته ، وستطلب من الأخيرة الإسراع في الاتفاق على خطة تحملها إلى صندوق النقد، وأيضاً التفاهم على وجهة نظر واحدة بما يتيح إحياء مفاوضات الناقورة، من دون أن تغفل ضرورة ضبط الحدود ومنع التهريب على أنواعه، واوّله ذلك التي يسمح بتعزيز قدرات ” حزب الله” عسكرياً ومالياً.
وفي موقف من ملف الكهرباء لا يخلو من السخرية غرّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على حسابه عبر “تويتر”، كاتباً: “من أولى نتائج وصول الفيول الإيراني إلى لبنان وفك الحصار الأميركي عنه، توقُّف كل معامل الكهرباء عن الإنتاج لعدم وجود الفيول. إنّه فعلاً لوعد صادق”.
وليس بعيدا غرّد رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، عبر حسابه على “تويتر”، قائلاً: “في إيران يحترمون الطبيعة والحدائق الخضراء ويحتفلون منذ آلاف السنين بعيد الربيع النروز في 21 آذار. أمّا وأن الممانعة تصرّ على تزويدنا بمحطة إنتاج كهرباء فهل من الضروري مصادرة الـgulf club لبنائها وهو مساحة خضراء مميزة في غابة الباطون لمدينة بيروت وضواحيها”.
من جهة أخرى وفي ملف الانتخابات النيابية رات الهيئة السياسية في “التيّار الوطنيّ الحرّ” أنّ اقتراح إجراء الإنتحابات النيابية في آذار بدل أيار 2022، مستغرب ويصعب تنفيذه نظراً لمجموعة ظروف وأسباب، في طليعتها إستحالة التحرّك في المناطق الجبلية بسبب الأمطار والثلوج والبرد في ظلّ ارتفاع أسعار المحروقات مع صعوبة تنظيم اليوم الإنتخابي وما يمكن أن يتخلّله من عيوب، وهذا يحدّ من الحملات الإنتخابية ومن مشاركة المقترعين، ويقلّص الوقت المطلوب لتأمين مستلزمات إنتخاب المغتربين ناهيك عن عدم دستورية تقصير المهل المتعلقة بلوائح الشطب وإلغاء حقّ الآلاف من المستحقين للإقتراع، إلاّ إذا كانت نية البعض خفض نسبة المشاركة عمداً. أضف إلى ذلك حلول الصوم لدى المسيحيين والمسلمين في شهريّ آذار ونيسان.
وأضافت: “كرّس قانون الإنتخاب الساري المفعول الدائرة السادسة عشرة التي تضمّ القارات الست كدائرة خاصة بالمنتشرين لكي يتمثلوا في مجلس النواب ابتداءً من دورة 2022 بستة نواب ينتخبونهم من بينهم من دون أن يحرم ذلك المنتشرين أن يشاركوا بالإنتخاب في دوائر نفوسهم إذا إختاروا ذلك. إن التيّار سيقوم بكل ما يلزم لمنع المصالح الظرفية وحسابات كسب الأصوات التي يتوخاها البعض من التفريط بهذا الحقّ القانوني والدستوري والاستراتيجي للمنتشرين والذي كلّف الحصول عليه سنين من النضال المشترك الذي قام به المنتشرون مع المقيمين”.
إلى ذلك، أعلن نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أنّه “أثيرت في الفترة الأخيرة مسألة تصويت المغتربين، وناقشنا هذا الأمر في “حزب الله” بدقّة، وعلى الرغم من عدم تكافؤ الفرص في الدعاية الانتخابية في الخارج بسبب وضع الحزب على لائحة الإرهاب في عدد من الدول، وصعوبة أن نتواصل مع الناخبين، وصعوبة أن يكون لمرشحينا جولات إنتخابية، مع ذلك ولأنّنا نريد للمغتربين أن يعبّروا عن آرائهم وأنّ يشاركوا، قرّرنا أنّ نسير في مسألة تصويت المغتربين، وأنّ لا مشكلة لدينا في هذا الأمر على قاعدة أنّنا لا نريد أن نحرمهم رغبة ومشاركة يمكن أن يكون لها الفائدة الكبرى لهم وللبنان”. كما صوّب قاسم على “دور أميركا في شلّ الاقتصاد اللبناني الذي ثبت بالدليل القطعي”.
النهار