استبق النائب أسعد حردان وساطة كان حزب الله يعمل عليها لرأب الصدع الذي يعانيه الحزب السوري القومي الاجتماعي منذ عام، نتيجة عدم اعتراف حردان بخسارته، فدعا مساء أمس إلى انتخابات جديدة وتعيين أعضاء للمجلس الأعلى ورتباء جدد. هذا التصعيد استدعى إصدار القيادة الجديدة للحزب قراراً بفصل كلّ المرشحين، بمن فيهم حردان، وإحالتهم على المحكمة الحزبية. وهو ما يُنذر بجولة تجاذبات جديدة ولا سيما مع تدخل السفير السوري في لبنان ومسؤولين سوريين آخرين على خط الخلاف لغلبة طرف على آخر
عملياً، انفجرت الأزمة على أوسع مدى داخل الحزب السوري القومي الاجتماعي. فبعد الانقسام بين قيادتين عقب رفض الرئيس السابق للحزب النائب أسعد حردان نتائج الانتخابات الحزبية التي خسر فيها، واتخاذه قراراً أُحادياً بإجراء انتخابات أخرى بمن حضر من المندوبين المخوّلين حق الانتخاب، أصدرت قيادة الحزب الجديدة، مساء أمس، بلاغين بفصل حردان وقيادات أخرى في الحزب وإحالتهم على المحكمة الحزبية وصولاً إلى التوصية بطردهم.
هذه التطورات أنهت مرحلة طويلة من التجاذبات بين الفريقين، ووساطات قادها مسؤولون سوريون وحزب الله، بما يشير إلى أن الاختلاف تجاوز الخلاف على الأطر التنفيذية والقيادية، ملامساً حدّ الخلاف على الخيارات المفترض بالحزب التعامل معها ربطاً بالأزمة السياسية العامة في البلاد. ومع الإشارة إلى أن الجانبين يتفقان على موقف واحد من العلاقة مع سوريا والمقاومة. إلا أن مؤشرات مقلقة وردت من دمشق، تفيد بأن حردان وأنصاره يوجهون تهماً سياسية كبيرة إلى قيادات «مركز الروشة».
(هيثم الموسوي)
عملياً، يتجه الحزب نحو مرحلة جديدة من التجاذب، خصوصاً أن فريق حردان ينوي التقدم من وزارة الداخلية بطلب تثبيت النتائج التي خرج بها مؤتمره المنعقد قبل مدة في ضهور الشوير، بهدف الاستحصال على تغطية رسمية لنتائج مؤتمره، ووضع اليد على مقدرات الحزب ومراكزه ومؤسساته، ما قد يؤدي إلى صدام مباشر مع أنصار الفريق الآخر. علماً أن المعطيات والتطوّرات تشير إلى غلبة فريق القيادة الجديدة بين كوادر الحزب، ونجاحها في استقطاب عدد غير قليل من الحزبيين الذين خرجوا من العمل التنظيمي في العقدين الماضيين احتجاجاً على إدارة حردان للحزب، رغم أن الأخير يتهم «قيادة الروشة» بمخالفة القوانين الحزبية والاستيلاء على المركز ومؤسسات الحزب خلافاً للقانون. وهو سبق أن تقدّم بدعوى في ذلك أمام القضاء اللبناني.
آخر الوساطات كانت تستهدف ترتيب تفاهم على مؤتمر موحّد يجمع الفريقين، وتنتج عنه انتخابات حاسمة. علماً أن «قيادة الروشة» تضرّرت من خطوات لجأ إليها مسؤولون في سوريا، وقضت بإقفال مراكز تابعة لها ومنْع مسؤولين من السفر إلى لبنان والضغط على آخرين للانضمام إلى فريق حردان. ولطالما شكا هؤلاء من مقاربة السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي للملف ودعمه لحردان.
انتخابات حردان أنهت وساطة يقودها حزب الله لعقد مؤتمر موحّد يجمع الفريقين
وعندما ظهر أن الانقسام أكثر حدة، طُلب من حزب الله المبادرة إلى وساطة بين الجانبين، فعقدت قيادة الحزب اجتماعات منفصلة مع كل منهما توصّلت أخيراً إلى تفاهم على عقد مؤتمر موحّد. إلا أن حردان استبق هذا التفاهم بعقده مؤتمراً لم يحضره كل المخوّلين بحضوره واتخاذ قرارات أحادية، ما دفع «مركز الروشة» إلى التحذير من أن هذه الخطوة تُعتبر عملاً انفصالياً، وسط أجواء لدى كوادر رئيسية في هذا الفريق توصي بحسم الموقف. كلّ ذلك لم يُثن حردان عن إجراء الانتخابات مساء أمس، وإعلان نتائج الفائزين بعضوية المجلس الأعلى وهيئة منح رتبة الأمانة خلال اجتماع للمجلس القومي في «دار سعاده الثقافية والاجتماعية». وقد فاز بالتزكية عاطف بزي رئيساً للمجلس القومي ووليد الشيخ نائباً له، إضافة إلى صالح الحسين ومريم مصطفى وأمية مرداس برتبة نواميس. وجاءت نتيجة الفائزين بعضوية المجلس الأعلى على الشكل التالي: أسعد حردان (232 صوتاً)، كمال نادر (219)، سمير رفعت (215)، سماح مهدي (215)، حنا الناشف (212)، فارس سعد (209)، سمير الملحم (208)، وائل حسنية (206)، جورج ديب (201)، سمير حجار (195)، قاسم صالح (193)، حسن كمال الدين (190)، قيصر عبيد (187)، عبد الباسط عباس (176)، بطرس سعادة (170)، جورج جريج (168) وعاطف مداح (120). والردفاء قاسم الزعبي، سمير نصير، أحمد سيف الدين، سمير عون وربيع الأعور. أما الفائزون بعضوية هيئة منح رتبة الأمانة، فهم: أميرة المولى، شوقي باز، الياس عشي، فايز أبو عباس، سليمان الغريب، فداء حمية، حسان عرار، فخري طه، فاتح اليازجي، عباس فاخوري والرديفان الياس خليفة والياس الخوري. علماً أنه قبيل بدء المؤتمر رسمياً، كانت كلمة لرئيس الحزب وائل حسنية اعتبر فيها أن إنجاز الانتخابات «سيضع حداً لكلّ الشائعات المغرضة والمحاولات التي تقف حجر عثرة في وجه وحدة القوميين، وسيشكل نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة». واستعرض مبادرات قيادة الحزب لإنهاء حالة التصدّع منذ عام، والتي «قوبلت بالرفض والتعنّت واللامبالاة ممن يحاولون عرقلة مسار الحزب». وتوجه حسنية بالتحية إلى القيادة السورية «التي بذلت جهوداً جبارة من أجل وحدة الحزب والقوميين، مع التأكيد بأنّ ما سعت إليه القيادة السورية والجهود التي بذلها السفير علي عبد الكريم علي، ستشكل محور اهتمام القيادة الحزبية الجديدة».
لم تطُلْ مفاعيل الانتخابات التي قام بها فريق حردان طويلاً؛ فبعد صدور النتائج، صدر بلاغ عن عمدة الداخلية في الحزب السوري القومي الاجتماعي – فرع الروشة، تضمّن قرارات بفصل كل الأمناء الذين ترشّحوا لعضوية المجلس الأعلى والردفاء عن جسم الحزب لمدة 3 أشهر «لحنثهم بقسمهم الحزبي والعمل على تـأسيس تنظيم آخر». كذلك أورد البلاغ مقاطعة الأمناء المفصولين «مقاطعة حزبية وحياتية تامة ورفع ملفهم إلى المحكمة الحزبية للاطّلاع مع الاقتراح بالطرد من صفوف الحزب». كما قرّر فصل كل من مريم مصطفى وأليسار عبد الخالق للسبب نفسه والطلب بمقاطعتهما ورفع ملفّيهما إلى المحكمة الحزبية.
الأخبار