تستمر الاتّصالات السياسية للملمة تداعيات المشهد الخطر الذي طغى على اللبنانيين يوم الخميس. لا أحد يحتمل الدماء ولا التوتر. مختلف القوى تؤكّد أنّ المعادلة العسكرية والأمنية توقفت، ولا مجال لاستعادتها، في مقابل وجوب أن يكون الحلّ سياسياً في موازاة عمل الجيش على توقيف مطلقي النار، والشروع في تحقيق جدّي لمعرفة ملابسات ما حصل بعيداً عن الاتّهام السياسي الذي أنزله حزب الله بحق القوات اللبنانية، علماً أنّ القوات تنفي علاقتها بالموضوع، وتحيل الأمر إلى مدنيّين هم سكان تلك المنطقة دافعوا عن أنفسهم، الأمر الذي أكّد عليه رئيس حزب القوات، سمير جعجع، في إطلالته يوم أمس.
في السياسة يجري العمل على أكثر من خط، كما أشارت مصادر مطلعة عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية: أولاً من خلال التهدئة، وثانياً من خلال استمرار التحقيق، وثالثاً من خلال البحث في الملفات العالقة، وكيفية التعاطي مع الحدث الأمني وربطه بالتحقيقات التي يجريها القاضي طارق البيطار في تفجير المرفأ.
أضافت المصادر: “حزب الله وأمل يصرّان على إقالة البيطار، ولا مجال بالنسبة إليهما لبقائه في منصبه، خصوصاً بعد سقوط دماء بسبب المسار الذي سلكه في تحقيقاته. رئيس الجمهورية يجد نفسه محرجاً في هذه المعادلة، فلا يريد الضغط على القضاء، ولا يريد تنحية البيطار، ويفضّل الذهاب إلى مخرجٍ قانوني يتولاه مجلس القضاء الأعلى، لكن المجلس أيضاً يرفض حتى الآن اتّخاذ قرار بتنحية البيطار”.
سياسياً، تخشى القوات من أن يكون هناك قرار من قبل حزب الله لإحالة الحادثة على المجلس العدلي. في المقابل، تقول مصادر قريبة من الثنائي الشيعي عبر “الأنباء” الإلكترونية إنّه لا توجد حتى الآن نية لإحالة الملف على المجلس العدلي، وقبل أي قرار لا بد من انتظار التحقيق، ومعرفة مطلقي النار وإذا ثبت أنّهم منظّمون في القوات، وقد أعدّوا العملية مسبقاً فهذا قد يفرض إحالة الملف على المجلس العدلي.
في هذه الأثناء، الحكومة لا تزال معطّلة بانتظار اتّخاذ قرار نهائي بتنحية البيطار وفق شرط الثنائي الشيعي. وقد أبلغ الرئيس نبيه بري رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بهذه المعادلة. وهنا سنكون أمام مجموعة احتمالات، كما أفادت معلومات “الأنباء”: إمّا إقناع البيطار بالتنحي بنفسه عن القضية في الأيام المقبلة، أو التوصّل إلى تسوية قانونية تقضي باستمرار البيطار بتحقيقاته، ولكن بدون التحقيق مع الوزراء والنواب، بل فقط مع الموظّفين؛ أو أن يعمل حزب اللّه قضائياً، وعبر عددٍ من القضاة، إلى اتّخاذ قرارات تتناقض مع قرار البيطار، وبالتالي يبقى في مكانه، ولكن بدون أي تأثير له ولقراراته القضائية.
وحول مصير الحكومة في ظل هذه التطورات، لفت عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب محمد نصراللّه، إلى أنّ، “مجلس الوزراء لم يعيّن موعد جلسته المقبلة بعد، لكننا أمام شبه تعليق للجلسات، إلّا أنّ الحكومة أمام امتحانٍ كبير لجهة كيفية مواجهة هذا الاستحقاق الوطني، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح برعاية المؤسّسات الأمنية والقضائية”.
وفي هذا السياق، طالب نصراللّه عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية بـ”حصر الأمور بمسارها، عبر تمكّن القوى الأمنية من إنجاز التحقيقات بسرعة، واعتقال المتسبّبين بالمجزرة التي حصلت، ومنهم القناصة ومَن خلفهم، أي مَن سلّحهم، ومن خطّط، ومَن اتَخذ قرار التنفيذ، خصوصاً وأنّ المسألة واضحة، إذ كل الضحايا ينتمون إلى طرفٍ واحد، وذلك بهدف وضع نهاية لما حدث”.
وحول احتمال تطيير المستجدات الأخيرة الحكومة، تمنّى نصراللّه أن، “لا تطير الحكومة”، وقال: “بل نريد منها أن تعالج مختلف الأزمات، خصوصاً وأنّ الحكومة لا زالت جديدة، وفي أشهرها الأولى. وفي الوقت نفسه، نطالبها بتغيير المحقّق العدلي الذي تبيّن أنّ عمله استنسابي. فالقضاء لا يمكن أن يكون استنسابياً، وبإمكان مجلس الوزراء إيجاد الصغية القانونية اللّازمة للوصول إلى مخرج، فالأمر غير ميؤوسٍ منه”.
الأنباء