الخميس, أكتوبر 31

نصرالله يقدم “مضبطة اتهام” بحق “القوات” الخطر الاكبر على المسيحيين:‏ قعدوا عاقلين وتأدبوا..

في وقت تتقدم فيه التحقيقات في “مجرزة” الطيونة على الرغم من التباينات في تصريحات المسؤلوين ‏المولجين في الملف، رفع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله سقف المواجهة مع “القوات ‏اللبنانية” لمنع وقوع حرب اهلية يريدها رئيس “القوات” سمير جعجع، ناصحا اياه بعدم تكرار حساباته ‏الخاطئة، لان احدا في الخارج لن يساعده، سواء اسرائيل، او اميركا، او السعودية، مذكرا اللبنانيين عامة ‏والمسيحيين على نحو خاص بان “القوات” هي الخطر الوجودي على المسيحيين، والمهدد الرئيسي للسلم ‏الاهلي، فيما حزب الله لطالما عمل على حماية العيش المشترك، مشددا على ان حزب الله يملك مئة الف ‏مقاتل مدرب ومسلح جاهزين لمنع وقوع الحرب الاهلية. وحذر نصرالله من التعرض للجيش اللبناني او ‏التحريض ضده باعتباره الضامن الوحيد للسلم الاهلي في البلاد، مشددا على ضرورة ان تصل التحقيقات ‏الى نتائج جدية والا “سيكون هناك تصرف آخر”. في هذا الوقت، تبقى جلسات الحكومة معلقة بانتظار ‏التوصل الى مخرج لأزمة المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار، وفيما لا تزال الحلول ‏غير ناضجة، تتجه الانظار اليوم الى اجتماع مجلس القضاء الأعلى الذي يفترض ان يستمع إلى وجهة ‏نظره من مسار التحقيق، في وقت يعود مجلس النواب إلى الانعقاد مع بدء العقد العادي ليدرس تعديلات ‏قانون الانتخابات وقد عمل الرئيس نبيه بري كي تكون الجلسة هادئة. ‏

جعجع خطر على المسيحيين ‏

ففي كلمة مستفيضة، شرح الامين العام لحزب الله السيد نصرالله ملابسات ما حصل يوم الخميس الماضي ‏في الطيونة، فاضحا الدور “التخريبي” للقوات اللبنانية التي تريد حربا اهلية في البلاد، واشار الى أن ‏رئيس القوات سمير جعجع يؤجج المخاوف المسيحية ، ويستغل اي حدث لاثارة القلق والمخاوف لدى ‏المسيحيين، والسبب هو ان القوات اللبنانية تريد ان تقدم نفسها انها المدافع عن المسيحيين لشد العصب ‏والاستقطاب والتحريض لاهداف متعلقة بالزعامة، وتقديم خدمة لمشاريع خارجية، وقد تبين ان القوات ‏اللبنانية لديها تنظيم عسكري، والكلام عن حل الميليشيات في غير مكانه، ولهذا لم يمانعوا افتعال مشكلة ‏حتى لو كانت ستؤدي الى حرب اهلية ومواجهة عسكرية. ‏

وتوجه السيد نصرالله الى اللبنانيين عامة والمسيحيين خاصة، وقال ” ان القوات اللبنانية تريد حربا اهلية، ‏لانها تريد “غيتو” مسيحيا تسيطر عليه وكل ما صدرعن جعجع ونوابه هو تبنٍ كامل للمجزرة، خصوصا ‏كلام جعجع عن “ميني 7 ايار”، وهم احتفلوا “بوهم”.. ولفت الى اننا سلمنا ارواحنا الى الجيش اللبناني، ‏واحترمنا حساسية المنطقة، ولم نبادر الى القيام باي اجراءات، وكنا نعرف انه كان هناك استدعاء لعناصر ‏في القوات اللبنانية في عين الرمانة، وبدارو، وابلغنا الجيش الذي اكد انهم فقط قلقون ويقومون ‏‏”باحتياطات”! ‏

مئة الف مقاتل لمنع الحرب ‏

وبعد ان ذكر بمحطات كثيرة تثبت كيفية تعامل حزب الله مع المسيحيين في لبنان والمنطقة، وصف السيد ‏نصرالله ما يقوم به جعجع بانه “لغم” كبير، ونصحه بالتخلي عن فكرة الحرب الاهلية، وتمنى على ‏القيادات الدينية وغيرها ان ينصحوهم بعدم الذهاب الى مواجهة داخلية، لانه يحسب الامور على نحو ‏خاطىء. وكشف نصرالله ان جعجع حرض حلفاء سابقين في احد الاجتماعات على الحرب مع حزب الله، ‏وقال انه اقوى من ايام بشير الجميل، ولديه 15 ألف مقاتل، وحزب الله اضعف من منظمة التحرير، ‏واضاف نصرالله “اريد ان اقول له نحن لم نكن اقوى في المنطقة كما هو اليوم، وحساباتك غلط ان حزب ‏الله ضعيف، اريد ان اقول لك اذا اردت حربا اهلية تفرضها علينا، اريد ان اقول لك رقما، لامنع الحرب ‏الاهلية، حزب الله وحده كهيكل عسكري يضم اكثر من مئة مقاتل مدربين، ومسلحين، فمع من تريد حربا ‏اهلية، نحن لم نجهز هؤلاء لحرب اهلية وانما لحماية سيادة بلدنا، وكرامتنا، لسنا ضعافا، ولسنا مرعوبين، ‏لدينا اخلاق وقيم، لا تخطئوا الحساب “قعدوا عاقلين” وتادبوا.. وهناك مسؤولية على المرجعيات ‏المسيحية للوقوف بوجه هذا القاتل السفاح التقسيمي، لمنع الحرب الاهلية، وتثبيت السلام في البلد. ‏

الجيش وحده “الضمانة” ‏

اما بالنسبة للفيديو الذي اظهر عسكريا يطلق النار على مدنيين، فأشاد السيد نصرالله ببيان الجيش الذي اكد ‏ان العسكري تحت التحقيق، ويجب الا يتم التسامح مع هذا الامر، ويجب محاسبة المسؤول سواء كان ‏فرديا او بفعل امر. ولفت الى ان الجيش سبق واطلق النار سابقا على حزب الله، في مارمخايل، وجسر ‏المطار، وحي السلم، لكن نحن حريصون على المؤسسة العسكرية، ووحدة هذه المؤسسة وتماسكها هي ‏الضمانة الوحيدة لوحدة لبنان، اذا فرط الجيش يذهب البلد الى حرب اهلية، ولذلك ما حدا ياخذنا الى ‏مشكل تريده اميركا واسرائيل مع الجيش اللبناني، والمطلوب محاسبة من اخطأ، وليس مسموحا الاعتداء ‏على الجيش، وهو الضمانة في البلد، ولا احد “يمزح” في هذا الاطار. ‏

لماذا يعترض حزب الله؟ ‏

في ملف تحقيقات المرفأ، اكد السيد نصرالله، ان حزب الله مستهدف، ولذلك يريد الحقيقة في هذا الملف، ‏وعندما راينا ان المسار يخالف الحقيقة، تدخلنا، فلماذا يسكت الاخرون وهم يرون هذه الاستنسابية، والاهم ‏اليوم هو معرفة الحقيقة، ونحن معنيون في هذا الملف، ولن نتراجع في هذا السياق ونحن لم نتورط بل ‏نقوم بمسؤوليتنا الاخلاقية، لانه ما حدا “مسترجي يحكي” لانه في اميركا، وفرنسا، وفي تدخلات. ولفت ‏السيد نصرالله الى ان القضاة المسؤولين عن بقاء “النيترات” لم تصدر بحقهم مذكرات توقيف، هل هذا ‏سلوك قضائي سليم؟ وقال ان هناك سفارات، ومرجعيات سياسية تتدخل، ولذلك تقوم المحاكم المختصة ‏بالبت في الدفوع سريعا. الان الملف بيد المسؤولين ومجلس القضاء الاعلى، ويجب ان يتحمل هؤلاء ‏المسؤولية ومعالجة هذا الملف. ‏

‏ ما جديد التحقيقات؟ ‏

في هذا الوقت تتواصل التحقيقات الميدانية بقيادة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي ‏فادي عقيقي الذي تفقد مسرح “المجزرة” اكثر من مرة، وباتت الصورة شبه مكتملة لديه بعدما جمعت ‏مديرية المخابرات في الجيش كافة المعطيات حول ما حصل في الطيونة، واطلع على عدد كبير من ‏تسجيلات كاميرات المراقبة الخاصة بالشركات والأبنية في المنطقة، وكذلك كاميرات التحقق المروري. ‏فيما جرى التعاون مع جهاز امن الدولة الذي قدم معلومات وافية عن عناصر قواتية شاركت في عملية ‏اطلاق النار على المتظاهرين، بعضهم من خارج منطقة عين الرمانة وحضروا الى المنطقة عشية ‏المواجهات. ‏

ووفقا للمعلومات، توصلت التحقيقات حتى الان الى نتائج حاسمة تشير الى ان 3 ضحايا سقطوا برصاص ‏القنص، وذلك بعد تحليل مدى الرصاصات واماكن الاصابات، اما اربع ضحايا فلم تتضح حتى الان كيفية ‏مقتلهم مع العلم ان الطلقات النارية اصابت الجزء العلوي، لكن مسار الرصاصات افقي وليس عموديا. ‏يبقى السؤال الاهم والمنتظر هو عن اسباب اقدام احد العسكريين على اطلاق النار مباشرة نحو ‏المتظاهرين، وعما اذا كان قد تسبب بقتل ضحية او اكثر؟ ومن الاسئلة ايضا، لماذا قررت قيادة الجيش ان ‏تخالف التقرير الميداني الاول لمديرية المخابرات والذي خلص الى وجود عمليات قنص استهدفت ‏المتظاهرين وتتبنى رواية اخرى تشير الى أن ما حصل في الطيونة كان اشتباكاً مسلحاً بين مجموعات ‏مختلفة، ولا يعدو كونه مشكلة بين طرفين تطور الى عملية اطلاق نار؟! ‏

‏ وزيرالدفاع “لا كمين”؟ ‏

وفي تراجع واضح عن التقارير الاولية، اكد وزير الدفاع موريس سليم، أن “ما حصل يوم الخميس في ‏الطيونة ليس كميناً بل حادث مشؤوم”، لافتاً إلى أن “ظروف حصول الحادثة يبقى تحديدها للتحقيق الذي ‏يعتمد على الوقائع والإثباتات التي تحدد المسؤوليات في ما جرى. وكشف أن هناك 20 موقوفاً يتم التحقيق ‏معهم في حوادث الطيونة. ‏

والقوات ترحب وتصعد؟ ‏

وفي هذا السياق، نوه عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص بموقف وزير الدفاع، وقال ‏رداً على مواصلة قيادات حزب الله اتهام القوات بنصب كمين للمتظاهرين ان تصريح وزير الدفاع يشكل ‏حتى الساعة المرجعية الرسمية الوحيدة، وكل ما عداه من كلام يتراوح بين الثرثرة والتحريض. وفي هذا ‏السياق، تتحدث مصادر القوات اللبنانية عن محاولة لاستهدافها قبل الانتخابات النيابية، ولكنها ترفع سقف ‏التحدي بالتاكيد انها لن تقبل ان تكون “الحيط الواطي” في المعادلة، ومع تأكيدها ان التنظيم لا يملك ‏سلاحا منظما ولا مجموعات مسلحة منظمة، لكنها تؤكد انه إذا قرر حزب الله أن يمس بكرامة “القوات” ‏فسيرى ما “لا يعجبه”. ‏

لا مخارج في ملف البيطار ‏

وفي انتظار البت في دعويين لدى محكمة التمييز، واحدة ارتياب مشروع وأخرى تمييز في الدفوع ‏الشكلية، وفيما يرفض رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي اي مخرج يأخذ طابعاً ‏سياسيا، ومع رفض وزير العدل اي خطوة تجعله متدخلا في عمل القضاء، ينتظر اليوم ان توضع ‏الملابسات والهواجس التي تحيط بعمل المحقق العدلي طارق البيطار على طاولة مجلس القضاء الأعلى، ‏وسط ترجيحات بحضور هذه الجلسة او ربما جلسات تعقد لاحقا، ووفقا لمصادر قانونية سيتطرق البحث ‏الى تعامل البيطار مع القضية وضرورة العودة إلى ما ينص عليه الدستور في ما يتعلق بالجهات التي لها ‏صلاحية المحاكمة!؟ وعلم في هذا السياق، ان محاولة اقناع البيطار باحالة العسكريين على المحكمة ‏العسكرية والرؤساء والوزراء والنواب إلى المحكمة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، كما سبق ‏وأحال القضاة على المحكمة الخاصة بهم، قد “ولد ميتا” بسبب رفض المحقق العدلي التراجع “خطوة ‏الى الوراء”. لكن المفارقة انه لم يهدد “بالتنحي” في حال تعرضه للضغوط في هذا الشأن! ‏

ووفقا لتلك الاوساط، اذا لم يبادر البيطار الى التنحي لا طريقة قانونية لتغييره، وحتى الحديث عن تولي ‏مجلس النواب التصدي للملف، لم يحسم بعد، بانتظار التوافق عليها، فالإقتراح المتداول يقوم على تقديم ‏اقتراح قانون معجّل مكرر لإنشاء هيئة اتهامية عدلية جديدة تختص فقط بقرارات وإجراءات وتوقيفات ‏المحقق العدلي باستثناء القرار الإتهامي الذي يصدره للوصول الى المحاكمات العلنية أمام هيئة المجلس ‏العدلي الذي هو أعلى سلطة قضائية وأحكامه مبرمة، لا تقبل أي تمييز أو مراجعة. اي ان هذه الهيئة ‏ستكون مختصة بالبت في اي اتهامات توجه للنواب او الوزراء، دون ان تكف يد البيطار! ‏

اسرائيل تفضح “المستور”؟ ‏

ولفهم طبيعة “الهواجس” الموجودة لدى حزب الله، لا بد برأي اوساط معنية بمتابعة هذا الملف، من ‏الالتفات الى ما يكتب في الصحف الاسرائيلية التي تعكس حقيقة عملية الاستهداف الممنهج التي تطال ‏الحزب عبر سلسلة من الاحداث المثيرة للريبة، ووصفت صحيفة “اسرائيل اليوم ” فترة المعارك في ‏الطيونة بانها كانت حدثا شاذا. ليس لانه تم استخدام الرشاسات وقذائف الـ آر.بي جي، بل لأن النار صوبت ‏نحو حزب الله، وهو حدث يجب التوقف عنده برايها لانه استهدف القوة السياسية والعسكرية الهامة والقوية ‏في لبنان…اما “مربط الخيل” فتكشف عنه الصحيفة بالقول” لقد تحطم حاجز الخوف من حزب الله”… ‏

جلسة نيابية “هادئة”؟ ‏

في هذا الوقت، يعمل رئيس مجلس النواب نبيه بري على تمرير جلسة المجلس النيابي اليوم باقل الاضرار ‏الممكنة وبهدوء، ولذلك سيحصر النقاش بجدول الاعمال، ولن يسمح بالكلام لاي نائب، كيلا تنفجر الجلسة ‏في ظل الاجواء المتوترة على خلفية مجزرة الطيونة، وملف تفجير المرفأ، بل سيذهب مباشرة الى الجلسة ‏العامة، وفق جدول الاعمال. انتخابيا، الاتجاه الى التصويت على تقديم موعد الانتخابات الى 29 آذار على ‏الرغم من تحفظ “تكتل لبنان القوي”. وهنا يبقى السؤال: هل يوقع الرئيس ميشال عون على دعوة ‏الهيئات الناخبة في ظل رفض تياره السياسي تقديم موعد الانتخابات؟ ‏

الترسيم على “الطاولة” ‏

ووسط هذه “الفوضى” التي تعم البلاد، يصل الموفد الاميركي لمتابعة ملف ترسيم الحدود آموس ‏هوكشتاين الى بيروت اليوم، لعقد اجتماعات مع المسؤولين الاربعاء والخميس لاستطلاع الموقف اللبناني ‏من ترسيم الحدود وجس النبض ازاء الرغبة باستئناف المفاوضات. وفي هذا السياق، حذرت اوساط ‏سياسية بارزة من غياب موقف لبناني حاسم من ملف تعديل مرسوم الحدود البحرية، على الرغم من قرار ‏المحكمة الدولية التي اعطت لبنان صكا قانونيا مهما في اطار صراعه مع اسرائيل، لكن ثمة مخاوف جدية ‏من تمرير هذا الملف على “السكت” بما لا يثير غضب الاميركيين المصرين على عدم اتخاذ لبنان اي ‏تعديل في ملف التفاوض والتخلي عن الخط 29، وخلال الساعات المقبلة ستكون الرئاسة الاولى والثالثة ‏امام الاستحقاق الاهم حيث ينتظر الاميركيون اجوبة حاسمة “ليبنى على الشيء مقتضاه”. ‏

الديار

Leave A Reply