عبد الكافي الصمد – سفير الشمال
″وُلد ميتاً″.. هكذا علق مراقبون ومتابعون على إقرار مجلس النوّاب في جلسته التشريعية التي عقدها يوم أمس قانون تعديل الإنتخابات النيابية المقبلة، بعدما لوّح رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل أنّه سيطعن به أمام المجلس الدستوري لإبطاله، وما نقل عن أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لن يوقعه وسوف يعيده إلى المجلس النيابي لإجراء تعديلات أخرى عليه.
فقد كان واضحاً أنّ التباين بين رئيس الجمهورية وفريقه السّياسي مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي وتيّار المستقبل والقوّات اللبنانية، برغم اختلاف الأطراف الثلاثة حول ملفّات كثيرة، كان الحاضر الأبرز في جلسة مجلس النوّاب أمس، وبأنّ ما تمّ إقراره من تعديلات على قانون الإنتخابات النافذ ورفض إدخال تعديلات أخرى عليه، الهدف منها عدم تلبية مطالب عون وتيّاره، وأنّ صراع الأحجام السّياسية وسباق إنتخابات رئاسة الجمهورية خريف العام المقبل كان طاغياً وحاضراً بقوّة في مناقشات جلسة أمس.
أولى نقاط التباين كانت إقرار مجلس النوّاب تقريب موعد الإنتخابات النّيابية من 8 أيّار، كموعد مبدئي مقترح من قبل وزراة الداخلية والبلديات، إلى 27 آذار المقبل، كون الموعد الأول يصادف تزامنه مع شهررمضان وعيد الفطر، بعد اقتراحات طُرحت إمّا بتقديم موعد الإنتخابات أو تأخيرها، فكان الإتفاق أمس على تقديمها، مع توافق ضمني أيضاً على تأجيل موعد الإنتخابات البلدية والإختيارية المفترض أن تجرى ربيع العام المقبل، إنّما من غير تحديد مدّة تمديد ولاية المجالس المحلية.
غير أنّ هذا التقريب لموعد الإنتخابات النيابية لقي إعتراضاً شديداً من باسيل، الذي لفت إلى أن “مصلحة الأرصاد الجوية تفيد باحتمال حدوث عواصف في التواريخ المحدّدة للإنتخابات، ما قد يصعّب حصول العملية الانتخابية، إضافة إلى تقاطع عدد من المُهل الإنتخابية مع الصوم عند الطوائف المسيحية”، مؤكّداً أنّه سوف يطعن بتقريب موعد الإنتخابات أمام المجلس الدستوري، فردّ عليه بري بالقول: “صوّتنا وخلّصنا”، في موازاة تأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الجلسة أنه “سنقوم بكل جهدنا للعمل على إجراء الانتخابات ضمن المهل التي قرّرها مجلس النواب، وبإذن الله ستكون شفّافة وسليمة”، ما أعطى انطباعاً أنّ ثمّة توافقاً بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حول هذا الأمر.
ثاني نقاط التباين هو تخصيص المغتربين بانتخاب 6 نواب لهم، اذ سقط هذا الاقتراح الذي كان باسيل يشدد على اقراره، وجرت الموافقة على بند تصويت المغتربين للنواب في مناطقهم وليس لانتخاب 6 نواب في الخارج، ما أفقد باسيل وتيّاره ما كان يعتبره زخماً ودعماً له يعول عليهما في الشّارع المسيحي وبين المغتربين.
وإضافة إلى سقوط اقتراح قانون الكوتا النسائية وإحالته إلى اللجان النيابية المختصة لدراسته، فقد سقط أيضاً بند اعتماد البطاقة الممغنطة والـ”ميغا سنتر”، وهما بندان كان باسيل وتياره يتمسكان بهما بشدّة، كونهما بنظرهما يمثلان مدخلين لتعزيز كتلة التيّار البرتقالي في السّاحة المسيحية وفي المجلس النيابي، وبعدما وعد باسيل جمهوره في الآونة الأخيرة مراراً بأنّه يتمسك بإقرارهما.
في الخلاصة، فإنّ ما كان ينشده باسيل من تعديلات على قانون الإنتخابات لم يتحقق، ما دفعه لرفع لواء الطعن به دستورياً، وردّه من قبل عون، الامر الذي يعني أنّ مصير الإنتخابات النيابية بات غامضاً، وتأجيلها وفق رغبة عون ـ باسيل يعني أنهما يتحملان وزر وتداعيات تأجيلها أمام المجتمع الدولي الذي يمارس ضغوطات ليست خافية لإجرائها في موعدها.