“نبيه مصطفى بري”، إسم يلخّص “السياسة اللبنانية”، تعددت الصفات والرجل واحد، رئيس مجلس النواب اللبناني منذ 1992 ورئيس حركة “أمل” منذ 1980، يلقّبه البعض “بثعلب السياسة”، “الاستيذ”، “صمام الأمان”، “رجل كل المراحل”، “مدوّر الزوايا”، مخرج الأرانب في الأزمات”، “مفتاح السياسة”… تمكّن من استقطاب تأييد شعبي وجماهيري واسع لدى الطائفة الشيعية التي ولّته زعيما لولا “الهاء”.
هو إبن بلدة تبنين الجنوبية، مارس المحاماة في الستينات وانضمّ إلى حركة أمل بعد تعرّفه على الإمام موسى الصدر، وتولّى رئاستها في 1980 بعد الاختفاء المفاجئ للامام في ليبيا. تحت قيادته، تحالفت أمل مع سوريا في الحرب الأهلية اللبنانية، وخاضت حرب المخيمات ضد الفصائل الفلسطينية وحرب الأخوة ضد حزب الله. عارض بري معاهدة 17 أيار التي أبرمها رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل مع إسرائيل، وساهم في إسقاط حكومته من خلال انتفاضة 6 شباط. شارك في إقرار إتفاق الطائف، وانتخب رئيسًا لمجلس النواب للمرة الأولى في 1992 خلفاً لحسين الحسيني. لينضم بعدها إلى تحالف 8 آذار في 2005. إلا أنّ هذا الانضمام جعل منه صلة الوصل بين كلّ من فريقي 14 آذار و8آذار.
يحمل بري في جعبته 41 عاما من التمرّس في السياسة الدولية بشكل عام واللبنانية بشكل خاص، ويوبيلا فضيا لأكثر رجل سياسي تبوأ المنصب نفسه بعد ملكة بريطانيا اليزابيت الثانية! من وزيرا للعدل ووزيرًا للموارد المائية والكهربائية في حكومة رشيد كرامي، ووزيرا للاسكان في حكومة الرئيس سليم الحص وزير دولة في حكومة الرئيس عمر كرامي فوزير دولة لشؤون الجنوب والإعمار في حكومة الرئيس رشيد الصلح، إلى نائبا عن النبطية عام 1972، فرئيسا لمجلس النواب منذ ١٩٩٢ وحتى اليوم!
5 إنتخابات في 25 سنة لمجلس نيابي واحد ورئيس واحد “نبيه بري”… رؤساء استقالوا، وآخرون ماتوا، وغيرهم تبدلوا، ومجالس تغيّرت ويبقى صاحب المطرقة مكانه، “يدوم ويدوم ويدوم”، والذي ومع اقتراب موعد انتخابات 2022 سيدخل عامه الـ30 كرئيسا للمجلس نفسه.
هو “باق باق باق”… ، هكذا علّقت مصادر حركة “أمل” في حديث لموقع “الديار” ردّا على ما إذا كان بري سيترشّح للانتخابات، مضيفة “لوين بدو يروح، ما إلنا غنى عنه، الله يطوّل بعمرو”.
ونفت المصادر “أيّ صحّة لكلّ ما يتمّ تداوله عن احتمال ترشيح اللواء عباس ابراهيم بدلا من بري في الجنوب، وتوليه منصب رئاسة مجلس النواب بعده”، مشيرة إلى أنّ “ابراهيم نفسه نفى أي رغبة لديه في الترشح”.
وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن أجواء الفرقاء الآخرين ومدى تقبّلهم تجديد ولاية سادسة لبري، خصوصا وأنّ كل ّمن الشوارع المسيحية والسنية والدرزية، على حدّ سواء، شهدت خضات واعتراضات في وجه الشارع الشيعي، بعد حادثة “عرب خلدة”، “شويا”، و”الطيونة”.
الجوّ الدرزي والسني “راض”
لا شكّ بأنّ العلاقة التي تربط كل ّمن بري ورئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري من جهّة وبري ورئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط من جهّة اخرى، أقوى وأمتن من أن تزعزعها أحداث أمنية “صغيرة”… فما بين الثلاثة مصالح سياسية تاريخية لا بل ما يربط بري بجنبلاط صداقة تاريخية، منذ حرب المخيمات الفلسطينية، لم تتمكّن على كسرها حتى “حرب العلم”.
وكيف ننسى كيف رحّب جنبلاط ببري لدى توليه رئاسة المجلس فالـ”1.2.3.” نبيه يا حياتي” كفيلة بوصف علاقة الرجلين، المعروفين بحكمتهما وحث الفكاهة الذي يجمعهما.
أمّا علاقة سعد وبري فهي أقرب إلى علاقة الأب بابنه، الذي يعتبر والده “صمام أمان”، فيهرع إليه كلما واجهته مشكلة، ليتبنى والده قضيته ويدافع عنها، وهو ما حاول بري القيام به، مساندا سعد في تشكيلته الحكومية، بعد صدور قرار “تهميشه” من اللعبة السياسية من القصر الجمهوري.
لا مشكلة مسيحية مع بري ولكن !
في هذا الاطار تلفت مصادر “حزب القوات اللبنانية” في حديثها لموقع “الديار” إلى انه “من المبكر الحديث عمّا إذا كانت “القوات” ستصّوت للرئيس بري، فنحن بانتظار الانتخابات وما ستخرج عنها من نتائج”.
واعتبرت المصادر أنه “لا يمكن مقاربة الأمور من زاوية “مسيحية/ شيعية” فهذا خطأ قاتل، حيث أنّ المقاربة يجب أن تكون سياسية”، مذكرة بأنّ “القوات” لم تنتخب بري على 3 دوراة متتالية لانها تتعارض معه في المواقف لا سيما بالقضايا الوطنية الاساسية، وعندما انتخب تعاملت “القوات” معه كرئيس مجلس نواب”.
وشددت المصادر على أنه “لا مشكلة مسيحية مع بري، بل هناك مشكلة سياسية”.
بدورها لفتت مصادر “التيار الوطني الحر” في حديثها لموقع “الديار” إلى أنه “من المبكر الحديث عن ما إذا كان “التيار” سينتخب بري رئيسا للمجلس أم لا، حيث يجب أن ننتظر إذا ما كان بري سيترشح أولا إلى الانتخابات”.
ورأت المصادر أنه “لا يجب أن يحوّل أيّ خلاف سياسي إلى طائفي لانه مدمرا للبلد”، مشيرة إلى أنّ “التيار” متفاهم مع “حزب الله” وهذا الأخير مكون شيعي اساسي”.
وأكّدت المصادر أنّ “أساس الخلاف القائم بين “التيار” وبري هو ذو خلفية سياسية سببهها الاساسي الفساد وكيفية إدارة شؤون البلاد”.
باولا عطية ـ الديار