عبدالله قمح – ليبانون ديبايت
هل ما جرى قبل ساعات في قضيّة كفّ يد المحقق العدلي في جريمة المرفأ طارق البيطار، بناءً على دعوى الوزير السابق يوسف فنيانوس، مخرجٌ في خدمة إعادة ربط أواصر الحكومة على بركة انعقادها مجدداً؟
التوقيت يُنذر بخبايا الأمور و بتسويات موضوعية حتّمتها “الأزمة الخليجية” و رغبةٌ في فصل الملفات العالقة عن بعضها وإعادة “لمّ الحكومة”، ويوحي بأن السلطة السياسية في طريقها إلى معالجات للقضايا الحكومية العالقة بدءاً من ملف التحقيقات في تفجير المرفأ وما تبعه من أحداث متصلة به في الطيونة والتي حكمت على “الثنائي الشيعي” الخروج عن حالة التضامن الحكومية، للتفرّغ للقضية الأشدّ، ذات الصلة بالمقاطعة الخليجية وحالة الحصار المعمّمة على لبنان.
وبينما ربط مصدر مسؤول في حديث لـ”ليبانون ديبايت” بين المقاطعة الجاري تطبيقها بحق لبنان حالياً وتلك التي مورست تجاه قطر قبل مدة وجيزة دون أن تسفر عن تحقيق الأهداف المتوخّاة منها، خلص إلى أن “الثنائي الشيعي” يغلب عليه الميل نحو العودة لحضور جلسات مجلس الوزراء بشرط حصر البحث في ملف “المقاطعة الخليجية”.
وبناءً عليه، نشطت خلال الساعات الماضية مروحة اتصالات على بركة الدفع باتجاه تأمين عقد جلسة لمجلس الوزراء تأسيساً على “خطة طريق” حملها رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، إلى بعبدا واتفق عليها مع الرئيس ميشال عون، ثم نزل إلى عين التينة مبلّغاً مضمونها إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، من دون التأكيد على تاريخ. في مقابل ذلك، نشطت أطرافٌ على خط “التشويش” للإيحاء بأن عقدة “الثنائي الشيعي” لم تُفكّ بعد، رغم أنها أضحت قابلة للحل بناءً على التطورات الحاصلة. وفي حين تتستّر مصادر مطلعة على فحوى “الخطة”، قالت أخرى متابعة للمسار أنه من بين المقترحات، الطلب إلى وزير الإعلام جورج قرداحي، تقديم “عذر شرعي ومبرم” لعدم حضوره الجلسة المزمع الدعوة إليها في القريب العاجل منعاً لأن تشكل استفزازاً لدول الخليج و سيّما السعودية منهم والتي يظهر أنها تبحث عن “فولات محلية الصنع” لتعزيز قضية المقاطعة اللبنانية.
وعليه، أفضت المشاورات مبدئياً عن رفع اقتراح إلى جانب وزير الإعلام بـ “اعتكاف ذاتي” يتولى تطبيقه بقرار شخصي صادر عنه، بما يبدو أنه مخرج بين الإستقالة من عدمها، و “مغط” قضية الإستقالة إلى فترة لاحقة، أي الإستقالة التي بدا واضحاً أن الرئيس نجيب ميقاتي، يطلبها كشرط لانعقاد مجلس الوزراء بشكل دائم، ويصرّ قرداحي ومن هم خلفه على رفضها طالما أنها لم تحمل أي تغييرات “جذرية ووازنة” بالنسبة إلى سياسة تعاطي دول الخليج تجاه لبنان، وطالما أنها لا تحمل أي تنازلات وصفت بـ”تقديمات” من جانب المملكة.
وبدا واضحاً أن ميقاتي يقوم بنسج شبكة تدفع صوب استقالة الوزير قرداحي مجاناً ودون أية أثمان، ويعمل من أجل ذلك على تغطية نفسه عبر توجه خارجي حاز عليه من جراء لقاءاته التي عقدها على هامش مؤتمر المناخ في غلاسكو، وعبر قرار داخلي “سني الطابع”. يشيّع ميقاتي بين أوساطه أنه لا يستطيع الخروج عن شرنقة الإجماع السني وبالتالي بات ملزماً تأمين “تسوية” ترضي السعودية. وقد عبّر عن ذلك صراحة من وراء الرسالة التي بعثَ بها إلى قرداحي من على منبر قصر بعبدا موحياً أن رئيس الجمهورية يشاطره الرأي، وصولاً لأن يبلغ ميقاتي مساواة نفسه مع قرداحي: “يا أنا يا هو” رغم أنه يخشى انعكاس تلك الصورة على علاقته مع بنشعي خاصة قبل فصول ليست بعيدة عن الإنتخابات.
وعند هذه النقطة، أعاد الوزير قرداحي يوم أمس طلب “الضمانات” التي يمكنها أن تحمي استقالته إن حصلت، بمعنى تأمين تقديمات سياسية إلى الدولة اللبنانية على رأسها “إنهاء المقاطعة وإعادة السفراء”، ليتبيّن خلال فترة بعد الظهر بأن ميقاتي عاجز عن تأمين أية ضمانات كما عجز خلال فترة “المقاطعة الشيعية” لحكومته عن تأمين ضمانات لا تثير حساسية الوزراء الشيعة من قضية المرفأ، وكما عجز عن الحصول على ضمانات من الوزراء الشيعة في العودة إلى حكومته ومناقشة “مصير البيطار” على الطاولة، ليتكوّن سؤال عند هذه الضفة لا بدّ من طرحه: من هي الجهة الصالحة لتقديم مثل تلك الضمانات في ظل حالة الإنقسام العمودي في المواقف من المقاطعة الخليجية؟
وفي أثناء انهماك ميقاتي ومن معه في تسويق “خارطة طريق” –الحل-، انبرت وزارة الخارجية والمغتربين إلى تسجيل دفعة على حساب “مملكة الخير” طمعاً في “لفتة نظر” خبيثة من حيث التوقيت والأهداف، حين خرجت عن الإجماع الذي يُعمل على تأمينه، ساعة سطّرت بياناً شجبت فيه “المحاولة الفاشلة للإعتداء بواسطة طيارتين مفخختين على المملكة العربية السعودية” لتؤكد “تضامنها مع المملكة في وجه أي اعتداء يطال سيادتها وأمنها واستقرارها”، في خطوة بدا أنها من جهة شخصية وقف خلفها الوزير عبدالله بو حبيب، الذي يحاول تحسين علاقته بعد التسريبات التي طالته تجاه موقفه من السعودية ومن جهة ثانية كأنها “غير معتبرة” من جانب الرياض التي لم تعلّق على البيان بأي عبارة تذكر وكأنه ما كان أو غير موجود، في مقابل استمرار الحملة الدعائية عبر منصاتها الإعلامية والإلكترونية بحق لبنان، ما يظهر أن الرياض باتت خارج معادلة الإنتقاد عبر البيانات وتسعى إلى تحقيق “مكاسب سياسية” من وراء قرار المقاطعة.
Follow Us: Facebook – Twitter —Instagram – Youtube