ذوالفقار قبيسي – اللواء
الدلائل تزداد على أن السياسة الاقتصادية للدولة هي عبارة عن «خبط عشواء» كان منها أخيرا المشروع الذي تعدّه الآن باحتساب تعرفة جديدة للدولار الجمركي على أساس سعر صرف ٣٩٠٠ ليرة بدلا من 1507,5 ليرة السعر الرسمي، بكل ما يعنيه هذا التعديل لجهة المزيد من ارتفاع الأسعار حيث أن التاجر المستورد سيزيد بالطبع فارق التعرفة الجديدة على سعر السلعة ويدفع المستهلك ثمنها في النهاية. علما أنه لم تحدد حتى الآن أنواع السلع التي ستطالها هذه الزيادة وما هو العبء الجديد الذي ستتحمّله هذه السلع التي قد تصنف الدولة بعضها بالكماليات في حين أن كثيرا منها بات اليوم في سلم الحاجيات.
ومع ذلك فإن هذا ليس «بيت القصيد» الوحيد في المشروع الذي كان ينبغي أن لا يؤخذ بقرار نقدي فجائي وإنما بموجب معطيات اقتصادية واجتماعية كان يقتضي إتخاذ القرار في ضوئها قبل الآن سلبا أم إيجابا، وليس بناء على رد فعلي فوري ومتسرّع لمجرد أن سعر صرف الدولار قد ارتفع فسارعت الدولة إلى تعديل التعرفة لتحصل على واردات جديدة تعالج بها جزءا من عجز موازنتها. علما أنه حتى الهدف المالي الذي تسعى إليه الدولة من المشروع قد لا يتحقق، إستنادا إلى القاعدة المنطقية في الاقتصاد ان الزيادات المرتجلة على الكثير من الرسوم على استيراد السلع سواء الكمالية أو الضرورية قد تؤدي إلى نقص في كميات إستيرادها وإلى تراجع في الرسوم التي تتقاضاها الدولة عن هذه السلع وبالتالي إلى انخفاض في الإيرادات في الموازنة العامة.
يضاف انه من الوجهة الاقتصادية قد لا تكون زيادة الرسوم الجمركية عن طريق تعديل التعرفة استتباعا لإرتفاع سعر صرف الدولار، هي الخيار الوحيد لزيادة واردات الدولة وإنما زيادات في الرسوم على بنود أخرى أو باعتماد ضريبة تصاعدية أكثر عدالة وأقرب إلى المساواة أو بالتخفيف من نفقات غير مجدية والإقلال من هدر أو إقفال أبواب يتسلل منها الفساد. وقد تشمل هذه الإجراءات زيادة ضرورية في الرسوم على بعض أنواع السلع إنما ليس بقرار نقدي فجائي لم تسبقه دراسات موضوعية وعلمية كافية يتخذ القرار في ضوئها وحتى قبل التغيّرات الحاصلة على سعر الصرف التي قد يكون لها أهمية كأحد العناصر التي تؤخذ بالإعتبار وليس على الطريقة الحصرية والمتسرعة التي اعتمدتها الدولة في مشروع «الدولار الجمركي» المرتقب!