كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : ”زيارة الأمين العام المساعد للجامعة العربية، حسام زكي والوفد المرافق له الى بيروت كأنها لم تكن”، هكذا تختصر مصادر سياسية مطلعة على الحراك الحاصل بالداخل اللبناني والخارج عبر “الديار” نتيجة زيارة وفد الجامعة العربية الى لبنان. فمن كان يعول عليها لاحداث خرق ما في جدار الأزمة المستفحلة مع دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، اكتشف ان الامور تخطت وبكثير مسألة تصريحات وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي وباتت مرتبطة بصراع اقليمي -دولي حاد يتجاوز لبنان الى اليمن وبخاصة الى العراق الذي يشهد في الايام القليلة الماضية تطورات دراماتيكية توحي باتجاه المنطقة ككل نحو هزات كبرى سيكون للبنان نصيبا فيها.
وبما يؤكد التحولات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، تم تسجيل تطور كبير من بوابة دمشق، حيث افيد عن لقاء جمع الرئيس السوري بشار الأسد بوزير الخارجية والتعاون الدولي في دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، ما سيمهد عاجلا او آجلا لعودة العرب الى سوريا بعد 10 اعوام من القطيعة.
سقف حزب الله مرتفع!
واعتبرت مصادر مطلعة على جو حزب الله في حديث لـ”الديار” ان “من السذاجة الاعتقاد ان الازمة تحل باستقالة قرداحي او حتى بأن الاستقالة تفتح باب الوساطات حتى”، لافتة الى ان “الملف اللبناني بات جزءا لا يتجزأ من ملفات المنطقة الملتهبة، ففي نهاية المطاف نحن لا نعيش في جزيرة معزولة ومهما حاولنا لا يمكن ان نحيد انفسنا عما يحصل خاصة وان الحرب التي تخاض بوجه محور المقاومة تلحظ حزب الله وبشكل اساسي، واصلا السعودية قالتها بالفم الملآن عبر وزير خارجيتها بأن الازمة لا علاقة لها بتصريحات قرداحي انما بحزب الله ودوره، وهي بعدما انتهجت لسنوات سياسة اللامبالاة باتجاه لبنان، انتقلت اليوم للهجوم والتصعيد الذي لم يصل بعد الارجح الى مستوياته القصوى”.
ولم تستبعد المصادر ان يتحقق ما يتردد عن ترحيل اللبنانيين الشيعة من السعودية، معتبرة ان “الاحتمال موجود خاصة وانه تم اتخاذ اجراءات مشددة في التعامل مع الكثير منهم، كطلب شهادات كثيرين منهم وهي مستندات لم تطلبها المؤسسات التي يعملون فيها منذ سنوات طويلة حتى عندما تقدموا الى الوظيفة”.
ورجحت المصادر ان “تستمر الزيارات لمسؤولين عرب واجانب الى بيروت بمحاولة لرأب الصدع بين السعودية ولبنان، الا انها لن تصل الى نتيجة طالما الموقف السعودي على حاله، فمن يعتقد بامكانية موافقة حزب الله على انكسار لبنان من خلال استقالة او اقالة قرداحي، واهم، والمطلوب منه ان يدقق بكلام نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي اعتبر ان المطلوب اعتذار السعودية لا لبنان، وهذا سقف حزب الله ولن يتراجع عنه”.
وكما بات محسوما، ستبقى الحكومة اسيرة هذا الصراع رغم كل محاولات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و”التيار الوطني الحر” اقناع حزب الله بتليين موقفه والموافقة على استقالة قرداحي لكسر الحدة المسيطرة على الموقف السعودي، وهنا تقول المصادر:”الوزراء سيواصلون العمل والانتاج داخل وزاراتهم اما انعقاد الحكومة لاقالة قرداحي فذلك سيعني تلقائيا استقالتها رغما عن رئيسها”. وتعتبر المصادر ان “ميقاتي حسم امره لجهة تمسكه بموقعه بقرار اميركي- فرنسي حاسم، باعتبار ان الطرفين باتا على يقين ان تطيير الحكومة سيعني ترك الساحة اللبنانية لحزب الله، فما الذي قد يمنعه عندها بعد قراره استيراد المازوت والبنزين من طهران، من اطلاق عمليات تنقيب عن النفط عبر شركات ايرانية؟!”
موقف شيعي عالي النبرة
وكان الأمين العام المساعد للجامعة العربية، حسام زكي صريحا باعلانه بختام زيارته انها
هدفت إلى “الاستكشاف والتعرف على الموقف اللبناني من إمكانية حل الأزمة مع السعودية ودول خليجية أخرى” مؤكداً أن الجامعة العربية تسعى لمعرفة ما إذا كان الجانب اللبناني سيساهم في اتخاذ خطوة مبدئية تجاه حل الأزمة.
وفي موقف يؤكد الابعاد الجديدة التي تتخذها الازمة ما يجعل حلها اصعب من اي وقت مضى، أصدر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بيانًا قال فيه: “لن نقبل بعد اليوم هذا النوع الخبيث من تحليل دم طائفة بأمها وأبيها عن طريق النيل من حركة أمل وحزب الله، بهدف تقديم أوراق اعتماد ببصمة الدم لهذه العاصمة وتلك”.واعتبر أن “إذا كان لبنان محتلًا، فهو من المجموعات الأميركية وجوقة رخيصة جدًا من السياسيين والإعلاميين الممسوكين بحبل الدولار ونفايات النفط”.ورأى أن “من خرب بيوت اللبنانيين هو من هجر وقاد مجموعات الذبح والهدم والتطهير الطائفي، لا من حرر وقاد أكبر ملحمة نصر في لبنان والمنطقة”.
اقتحام نسائي لقصر العدل!
وسط هذه الاجواء المشحونة على المستويين السياسي والدبلوماسي، استمر الصراع القضائي بملف انفجار المرفأ. وشهد قصر العدل يوم امس سوابق وصفتها مصادر قضائية لـ”الديار”بـ”الخطيرة” ولعل ابرزها اقتحام مجموعة من النسوة قصر العدل ودخول عدد كبير منهن، رغم الإجراءات الأمنية واللوجستية مكتب رئيس الغرفة 15 في محكمة الاستئناف المدنية القاضي حبيب مزهر حيث تواجهن معه كلاميا قبل قيامهنّ بختم مكتبه بالشمع الاحمر وتعليق منشورات كتب عليها “باي باي حبيب مزهر”وone way” ticket”و”أد ما تهربوا المشانق رح تتعلق”، وذلك احتجاجا على ما قلن انها “ممارساته في ما يتعلق بقضية انفجار مرفأ بيروت” واعتراضاً على ما أسموه “جريمة نفذها القاضي في حق شهداء المرفأ والعدالة”، بعد إصداره قرارا بضم طلب رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار مع ملف القاضي نسيب إيليا. واعتبرن أن “هذا القرار تعسفيّ ومشبوه وفيه تخطّ لصلاحياته وارتكاب جريمة تزوير معنوي ومحاولة كشف تحقيقات سرية”.
واعتبرت مصادر مطلعة على جو حزب الله ان “ما حصل غير مسبوق لجهة التعرض لقاض داخل قصر العدل”، وقالت لـ”الديار”:”هم يعتبرون القاضي والقضاء من المقدسات حين يتعلق الامر بالبيطار، اما عندما يتعلق الامر بقاض آخر تسقط مقدساتهم ومبادئهم! هزلت”.
وكان القاضي البيطار حضر إلى العدلية امس بهدف عقد جلسة الاستماع إلى الوزير السابق النائب غازي زعيتر لكن مطالعة الدفوع الشكلية التي تقدم بها الاخير لم تكن قد وصلته بعد من النيابة العامة التمييزية.
كذلك افيد عن سجال حاد بين قضاة محكمة الاستئناف في مكتب القاضي حبيب مزهر بعد رفضه تبلغه اجراءات طلب رده عن النظر بملف تفجير المرفأ، قبل ان يعود ويتراجع عن موقفه ويتبلغ دعوى رده.
وبالتوازي، رد المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان امس طلب تنفيذ مذكرة توقيف المدعى عليه علي حسن خليل وبرّر رده للنائب العام التمييزي عماد قبلان بأن ما يطلب منه مخالف للمادة 40 من الدستور ولا يمكنه توقيف المدعى عليه.
الامارات تفتح زمن العودة الى سوريا!
اقليميا، وفي تطور كبير يمهد لعودة تدريجية للعرب الى سوريا بعد قطيعة استمرت 10 سنوات، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد وزير الخارجية والتعاون الدولي في دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان يُرافقه خليفة شاهين وزير دولة في الخارجية الإماراتية، وعلي محمد حماد الشامسي رئيس الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ بمرتبة وزير.
وعلقت مصادر دبلوماسية على الحدث من باب التمايز السعودي الاماراتي في مقاربة العلاقة بكل من لبنان وسوريا، فاعتبرت انه في حين تضغط السعودية على حزب الله وايران في لبنان عبر سحب السفراء ووقف الصادرات اللبنانية ودفع دول مجلس التعاون الخليجي الى اللحاق باجراءاتها تجاه لبنان، قامت دولة الامارات العربية المتحدة عبر وزير خارجيتها بخطوة كبيرة وهي الأولى من نوعها لمسؤول عربي كبير وهي زيارة عبدالله بن زايد لدمشق ولقائه الرئيس الأسد حليف ايران وحزب الله مع كل ما يحمل هذا اللقاء من معاني ودلالات لتثبت ما يتم تداوله عن تمايز في الموقفين السعودي والاماراتي تجاه ملفات المنطقة.
هذا وقالت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا” انه جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتكثيف الجهود لاستكشاف آفاق جديدة لهذا التعاون، وخصوصاً في القطاعات الحيوية من أجل تعزيز الشراكات الاستثمارية في هذه القطاعات.
ولفتت الرئاسة السورية الى ان الأسد اكد على العلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع بين سوريا والإمارات العربية المتحدة منذ أيام الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ونوَّه بالمواقف الموضوعية والصائبة التي تتخذها الإمارات، مشدداً على أن الإمارات وقفت دائماً إلى جانب الشعب السوري.
من جانبه شدّد الشيخ عبد الله على دعم الإمارات لجهود الاستقرار في سوريا، معتبراً أنّ ما حصل في سوريا أثَّر على كل الدول العربية، معرباً عن ثقته أنّ سورية وبقيادة الرئيس الأسد، وجهود شعبها قادرةٌ على تجاوز التحديات التي فرضتها الحرب، مشيراً إلى أن الإمارات مستعدةٌ دائماً لمساندة الشعب السوري.
وتناول النقاش أيضاً الأوضاع على الساحتين العربية والإقليمية، وتمّ الاتفاق على استمرار التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة العربية، من أجل تحقيق تطلعات شعوبها وبإرادتهم بعيداً عن أيّ تدخلاتٍ خارجية.