حل وزير الثقافة القاضي محمد المرتضى ممثلا بشوقي ساسين ضيف شرف في الاحتفال الذي أقامه المركز الثقافي الروسي في بيروت، لمناسبة الذكرى الاربعين لتأسيسه، في حضور سفير روسيا الكسندر روداكوف، رئيس البيت الروسي فاديم زايتشكوف، مستشارة الوزير الدكتورة وديعة الخوري وحشد من الفاعليات والهيئات والشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية.
تخلل الحفل أمسية موسيقية للفرقة الروسية الشعبية الاكاديمية “ليو دميلا زيكينا”، وغناء منفرد للفنانة الروسية الشعبية “ناديجدا كريجينا”.
وبعد النشيدين اللبناني والروسي، كانت كلمة الوزير المرتضى ألقاها ساسين وقال فيها: “لن أتحدث في تاريخ العلاقات الثقافية بين دولة روسيا الاتحادية ولبنان، ذلك أمر يضيق به هذا المقام. لكن بحسبي أن أشير إلى أنها علاقات ترقى إلى قرون عديدة، بدأت منذ التواصل الديني بين كنيستي أنطاكية وموسكو الأرثوذكسيتين، وتعمقت كثيرا عبر النشاط التعليمي الذي نشرته في بلادنا المدارس المسكوبية، وعبر الترجمات التي نقلت إلى اللسان العربي روائع الأدب الإنساني الروسي، من روايات وسير وتأريخ وغيرها ذلك، وعبر الموسيقى والمعارض الفنية والبعثات التعليمية التي ذهب خلالها الشباب اللبناني منذ أوائل القرن الماضي إلى الجامعات السوفياتية والروسية طلبا للتخصص في مختلف المجالات. نتيجة ذلك أن أصبحت في نفس كل مثقف حقيقي عربي أو لبناني زاوية مليئة بما أنتجته روسيا من جمال وفكر وفن وطرائق عيش وإنتاج. بل لعل العلاقات الروسية اللبنانية المبنية منذ الأساس على المعطى الثقافي، فريدة في نوعها بين الأمم، لأنها سبقت فعليا المعطيات السياسية والاقتصادية والمصالح المادية المشتركة التي غالبا ما تكون أساس علاقات الدول”.
وتابع: “يلفتني في هذا المجال، أن مبنى سفارة روسيا الاتحادية في بيروت قائم حيث كان منزل “الماما ماريا”، تلك السيدة الروسية التي، قبل الحرب العالمية الأولى، صرفت جل عمرها في لبنان عاملة على بناء المدارس المسكوبية وتعليم اللبنانيين من جميع الأديان والمذاهب والمناطق، حتى بلغ مجموع ما بنته روسيا القيصرية أربعين مدرسة على امتداد لبنان وحده دون سوريا وفلسطين. إن هذا التماهي بين منزل المعلمة وسفارة الدولة، يشي بالترابط بين الثقافة والسياسة في عمق وجدان المجتمع الروسي، فكأنه رسالة تقول: إن الثقافة هي الركن الذي يجب أن تشاد عليه السياسة، أي سياسة. أما في أيامنا الراهنة، فلا بد من التنويه بما بذلته وتبذله الدولة الروسية في المنطقة، من أجل محاربة الإرهاب المتمثل في الجماعات التكفيرية التي عاثت خرابا في العقول، وأمعنت قتلا وتدميرا وتهجيرا، وتفكيكا لنسيج العيش الإنساني الذي شهدته بلادنا منذ فجر الحضارات. ولولا الدور الروسي، لما كانت المنطقة كلها لتنجو من ذاك الجحيم الذي كان زاحفا إليها، ولما كان لثقافة السلام أن يبدأ انتصارها على الظلام”.
وختم ساسين: “أنقل إليكم تحية معالي الوزير، وتهنئته للبيت الروسي في عيده الأربعين، ودعوته إلى تثبيت التعاون الثقافي بين دولتينا وتفعيله وتوسيع مجالاته، وإلى أعوام عديدة من العطاء والتألق”.
وألقى السفير الروسي كلمة بالمناسبة، قال فيها: “يسعدني أن أرحب بكم في هذه الأمسية الاحتفالية المكرسة لمرور 40 عاما على تأسيس البيت الروسي في بيروت، على مدار 40 عاما، غير المركز في منطقة فيردان اسمه عدة مرات، من المركز الثقافي السوفياتي إلى المركز الروسي للعلوم والثقافة والآن إلى البيت الروسي في بيروت. لكن الشيء الوحيد الذي بقي على حاله هو أن البيت الروسي، الذي افتتح عام 1981، في ذروة الحرب الأهلية في لبنان، لم يتوقف عن عمله حتى ليوم واحد، لا في زمن الحرب ولا في زمن السلم، فقد بقي دوما ولا يزال مركز جذب للمواطنين اللبنانيين والروس ولخريجي الجامعات الروسية والسوفياتية ولجميع المهتمين بالتنمية الإبداعية والفعاليات الثقافية ودراسة اللغة الروسية والتعليم العالي في أفضل الجامعات في روسيا. تجدر الإشارة إلى أنه تم افتتاح المركز الثقافي السوفياتي في لبنان في العام 1950. وانتقل من مبنى إلى آخر عدة مرات حتى وجد مكانه الدائم في المبنى الذي تم تشييده خصيصا له في منطقة فردان في عام 1981 والذي كان آنذاك يعتبر الأكثر حداثة في بيروت والذي لم يفقد أي من جاذبيته أو فاعليته حتى اليوم”.
وأضاف: “لطالما لعب التعاون الثقافي دورا مهما في العلاقات الثنائية الروسية اللبنانية. وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين بلدينا قد تطورت بنشاط في السنوات الأخيرة، ولا سيما التعاون الإنساني الآخذ بالتوسع. يتم تمثيل البيت الروسي في بيروت في جميع مناطق لبنان تقريبا من خلال فروعه والمراكز الثقافية الروسية اللبنانية. كما تتسع جغرافية تدريس اللغة الروسية. فعدد اللبنانيين الذين يختارون روسيا للتعليم العالي ويربطون مستقبلهم بها يتزايد. ولا تقل أهمية دور المركز في توطيد علاقات الشتات الروسي في لبنان والدور الأساسي الذي يلعبه في الحياة الثقافية للعديد من المدن اللبنانية”.
وختم شاكرا “وزارتي الثقافة والتربية والتعليم العالي في الجمهورية اللبنانية، ممثلي الدولة اللبنانية والمؤسسات العامة والأحزاب السياسية وقيادات المدن اللبنانية وكل من دعم ويتابع بدعم مبادرات البيت الروسي كل هذه السنوات. أهنئ فريق عمل البيت الروسي في بيروت النشط في الذكرى الأربعين لتأسيسه، أتمنى لكم مشاريع جديدة وناجحة، تهدف إلى تطوير التعاون الإنساني بين بلدينا وتقوية أواصر الصداقة بين الشعبين الروسي واللبناني”.
بدوره رحب زايتشكوف بالحضور، مؤكدا “أهمية دور المركز في تحفيز التعاون بين شعبي البلدين”.