رولان خاطر ـ الجمهورية
عشية الانتخابات النيابية المقرّر أن تُعيّن في أيار المقبل بحسب المعلومات، تعمل أحزاب المنظومة الحاكمة على تكثيف اتصالاتها مع القواعد الشعبية لجسّ النبض، خصوصاً أنّ معظم الإحصاءات والحركة الشعبية منذ سنتين الى اليوم، تؤكّد وجود تراجع كبير في قواعد هذه الأحزاب.
«التيار الوطني الحرّ» الذي سيقدّم رئيسه جبران باسيل طعناً بتعديلات قانون الانتخابات اليوم، من أكثر أحزاب المنظومة قلقاً على قدرته إعادة مشهد انتخابات 2018، خصوصاً بعد انتفاضة 17 تشرين 2019، وتفجير 4 آب 2020، إلى قضايا داخلية أخرى. علماً أنّ تراجع «التيار» في الانتخابات المقبلة سيكون، بحسب المراقبين، له انعكاس مزدوج، من جهة، يَفقد التمثيل الأكبر داخل الشارع المسيحي، ومن جهة ثانية، يُفقد حليفه «حزب الله» الغطاء المسيحي في الشارع الوطني. من هنا، فإنّ مسألة اقتراع المغتربين تُحدث إرباكاً لدى «التيار» كون الاغتراب معروف الهوى والتوجّه.
يقوم «التيار»، بحسب ما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي من تسجيلات، بالاتصال باللبنانيين المسجّلين للاقتراع، لمعرفة توجّهاتهم الانتخابية، مستحصلاً على أرقامهم الخاصة من السفارات الموجودة في الخارج. فأبدى العديد من لبنانيي الانتشار امتعاضاً، رافضين تحويل بياناتهم وأرقامهم إلى «داتا» لدى جهة حزبية، خصوصاً انّ القوانين في البلدان الأوروبية تمنع تسريب أرقامهم الخاصة لأي جهة.
وقبل الدخول في قانونية ما يحصل، وهل من ضوابط قانونية تمنع تسريب المعلومات الشخصية عبر السفارات، يشير رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص لـ»الجمهورية»، إلى نص المادة 115 من مشروع قانون إنتخاب أعضاء مجلس النواب، تحدّد حقوق كل ذي مصلحة ومتضرّر، وتذكر أين يمكن لكل ذي مصلحة، الإطلاع على القوائم والاعتراض عليها. وهي في مقر السفارة أو القنصلية أو موقع السفارة الالكتروني.
وفي ما يلي نص المادة 115 التي يرتكز اليها:
«في الإعلان عن القوائم الانتخابية المستقلة وتنقيحها»
«على الوزارة، قبل الخامس عشر من كانون الأول 2021 أن ترسل، بواسطة وزارة الخارجية والمغتربين، إلى سفارات وقنصليات لبنان في الخارج، القوائم الانتخابية الأولية بأسماء الاشخاص الذين أبدوا رغبتهم بالاقتراع في الخارج وفقاً لأحكام من هذا القانون وذلك بشكل أقراص مدمجة. (CD)
على وزارة الخارجية والمغتربين أن تنشر وتعمّم القوائم أعلاه بكل الوسائل الممكنة، وتدعو الناخبين إلى الإطلاع عليها وتنقيحها عند الاقتضاء. تقوم كل سفارة وقنصلية بتوفير نسخ من هذه القوائم في مقرّاتها وتنشرها في موقعها الالكتروني في حال توفره.
يحق لكل ذي مصلحة أن يتقدّم باعتراض على القوائم الانتخابية امام السفارة او القنصلية، مرفقاً بالوثائق والمستندات المطلوبة. تقوم السفارة أو القنصلية بالتدقيق بها وارسالها الى الوزارة عبر وزارة الخارجية والمغتربين قبل العشرين من شباط من كل سنة. تُطبّق على عمليات تنقيح القوائم وتصحيح القيود وشطبها وفق الأصول والإجراءات المنصوص عليها في الفصل الرابع من هذا القانون».
هذا، لا يعني أنّه لا يحق لـ»التيار الوطني الحرّ» أو غيره الاستحصال على البيانات الموجودة، ولكن، ضمن ضوابط حدّدها القانون، وذلك انطلاقاً من المادة 115. وفي الإطار، يشرح الدكتور مرقص المنحى القانوني لهذه المسألة.
ويرى أنّه «رغم وجود هذه المادة التي تنص على جعل القوائم علنية وقابلة للإطلاع عليها، إلّا أنّه من المفترض وضع آلية تتضمن معايير علنية وموحّدة وعادلة، بحيث يستطيع من يريد الولوج الى هذه المعلومات معرفة كيف يكون ذلك وأين وضمن أيّ حدود، وذلك بالتساوي بين كل من يرغب في الاطلاع على القوائم، على ان لا تكون حكراً على أطراف سياسية دون أخرى».
ويوضح أنّ «المادة المذكورة التي تحدّد كيفية الحصول على البيانات، محكومة في الوقت نفسه بالقواعد العامة لحماية البيانات، التي لا يمكن خرق مبدأ العدالة والشفافية في معالجتها أو الحصول عليها، وذلك تحت طائلة عقوبات نصّت عليها المادة 106 من قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي رقم 81 تاريخ: 10/10/2018.
فهذه المادة تشير الى أنّه «يُعاقب بالغرامة من مليون ليرة لبنانية الى ثلاثين مليون ليرة لبنانية وبالحبس من ثلاثة اشهر حتى ثلاث سنوات أو بإحدى هاتين العقوبتين:
كل من أقدم على معالجة بيانات ذات طابع شخصي دون تقديم تصريح، أو دون الاستحصال على ترخيص مسبق قبل المباشرة بعمله وفقاً لأحكام الفصل الثالث من هذا الباب.
كل من أقدم على جمع أو معالجة بيانات ذات طابع شخصي دون التقيّد بالقواعد المقرّرة وفق احكام الفصل الثاني من هذا الباب.
كل من أقدم، ولو بالإهمال، على إفشاء معلومات ذات طابع شخصي موضوع معالجة لأشخاص غير مخوّلين الإطلاع عليها».
واستطراداً، تحدّد المادة 109 من القانون نفسه حق المواطنين برفع شكوى أمام القضاء، فتشير إلى أنّه «لا تجري الملاحقة الجزائية بالنسبة الى الأفعال الجرمية المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 106 وفي المادة 107 إلّا بناءً على شكوى المتضرّر.
ويسقط الحق العام تبعاً لإسقاط الحق الشخصي بالنسبة الى هذه الافعال الجرمية اذا حصل هذا الاسقاط قبل ان يصبح الحكم في الدعوى مبرماً». مع الاشارة إلى أن مضمون المادة 107 غير متعلق بمضمون البحث.
من هنا، ورداً على سؤال لـ«الجمهورية»، يشير مرقص، إلى أن «كل تجاوز في إعطاء المعلومات المتعلقة بقانون الانتخاب او سوء ادارة أو تسريب متعمّد لجهة معينة يقع تحت طائلة هذه المواد العقابية. علما أن المادة 113 من قانون الانتخاب تحصر حدود المعلومات وهي تنص على أن الوزارة «تدعو بالتنسيق مع وزارة الخارجية والمغتربين بواسطة السفارات والقنصليات اللبنانية في الخارج، اللبنانيين الذين تتوافر فيهم الشروط المذكورة أعلاه، للإعلان عن رغبتهم بالإقتراع في الخارج وذلك بتسجيل أسمائهم عبر حضورهم الشخصي أو بموجب كتاب موقّع ومثبت وفقا للأصول أو بموجب التسجيل الإلكتروني في حال إعتماده. تضع الوزارة بالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين قواعد تسجيل الناخبين غير المقيمين في السفارات أو القنصليات التي يختارونها مع المعلومات كافة المطلوبة المتعلقة بهويتهم ورقم سجلهم ومذهبهم ورقم جواز سفرهم اللبناني العادي في حال توافره. يجب أن لا تتجاوز المهلة المعطاة للتسجيل العشرين من شهر تشرين الثاني من السنة التي تسبق موعد الانتخابات النيابية، يسقط بعدها حق الاقتراع في الخارج، وعلى السفارات إرسال هذه القوائم تباعاً الى المديرية العامة للاحوال الشخصية بواسطة وزارة الخارجية والمغتربين قبل العشرين من كانون الاول».
هذا يعني، ان كل من يتأذى من تسريب معلومات خاصة به، وإن كان التسريب آتياً من سفارة أو أي جهة رسمية، له الحق في أن يعمد الى رفع دعوى قضائية أمام المراجع المختصة؟. وللغاية يقول مرقص «إن علنية القوائم الانتخابية وإمكانيات الاطلاع عليها وتنقيحها لا تعني أبدا تجاوزا او تمادياً في استعمال هذه المعلومات او تسريبها على نحو مسيء ومخل بمبدأ المساواة وبمبدأ الشفافية والأمان في التعامل مع هذه المعلومات، وإلا فإن هذه الممارسات ستكون واقعة تحت طائلة المواد العقابية المنصوص عنها في قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي».