كتبت “الشرق الاوسط” تقول: ترجح مصادر سياسية واقتصادية معنية إنجاز الصيغة النهائية لمشروع القانون الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحويلات المصرفية (كابيتال كونترول) وإقراره قريبا من قبل الهيئة العامة في مجلس النواب، بهدف تمكين الحكومة من تحقيق تقدم إضافي في المباحثات التقنية التي يجريها الفريق الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، توازيا مع قرب إجراء التعديلات النهائية وتقديم خطة الإنقاذ والتعافي التي يعكف الفريق الاستشاري الدولي (شركة لازارد) على إنجازها.
ومن الواضح، بحسب المصادر التي تواصلت معها «الشرق الأوسط»، أن ميقاتي وفريقه الاقتصادي يسعيان إلى الاستثمار في الوقت الضائع لتعذر انعقاد الجلسات الأسبوعية لمجلس الوزراء بسبب الشروط الداخلية المعروفة. بحيث يتم التمهيد لانطلاق جولات المفاوضات الرسمية بإنضاج مكونات الاستجابة لطلبات الصندوق المتصلة خصوصاً بالشأنين المالي والنقدي، إلى جانب إقرار حزمة من التدابير الخاصة بشبكة الحماية الاجتماعية، وبما يشمل الإطلاق الفعلي للبطاقة التمويلية وإدخال تحسينات فورية على مداخيل وبدلات الأجور في القطاعين العام والخاص.
وبينما توشك وزارة المال على رفع مشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل، متضمنا أكلاف الزيادات الخاصة بمنح رواتب مضاعفة لا تدخل في صلب الراتب وبزيادة بدلات النقل، مقابل تحسينات مكافئة في الإيرادات تقوم خصوصاً على رفع سعر الدولار الجمركي ليتماشى مع تسعيره التجاري في أسواق الاستهلاك، تعمل السلطة النقدية على تطوير هيكلية منصة البنك المركزي لتصبح المرجعية السوقية الأساسية في ضبط فوضى أسعار النقد، بعدما تم رفع الدعم نهائيا عن سلع أساسية باستثناء القمح وجزئيا على مجموعات من الأدوية المخصصة للأمراض المستعصية والمزمنة.
وفي المعلومات، أن رئيس الحكومة تعهد في لقاء أمس مع وفد جمعية المصارف بالسعي مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لطرح موضوع «الكابيتال كونترول» في أول جلسة لمجلس النواب. علما بأن الاجتماع مع وفد الجمعية برئاسة سليم صفير يندرج ضمن «إطار العمل القائم على وضع خطة التعافي المالي»، وتأكيد رئيسها «تعاون القطاع المصرفي للخروج من الأزمة الراهنة المستمرة منذ أكثر من سنتين خاصةً أن المراوحة السياسية تزيد من خسائر الدولة والبنوك والمودعين». وأعاد صفير التأكيد على أهمية إقرار قانون وضع الضوابط على التحويلات (الكابيتال كونترول) بغية الحفاظ على ما تبقى من نقد داخل لبنان كما الحفاظ على حقوق المودعين، ولا سيما الودائع الصغيرة. ليتعهد ميقاتي من جهته بالإسراع بإقرار القانون بعد الاتفاق مع المرجعيات المعنية. علما بأن الهيئة العامة أحالت المشروع بنهاية الشهر الماضي إلى اللجان المشتركة في مجلس النواب بهدف وضع الصياغة النهائية خلال مهلة 15 يوما.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الوفد المصرفي أبدى التزامه التام بمقتضيات التعميم رقم 158 الذي يتيح للمودعين سحب 800 دولار شهريا نقدا بالدولار وبالليرة بسعر 12 ألف ليرة لكل دولار. وشدد على أهمية وضع تعريفات دقيقة لتحديد فئات الطلاب في الخارج المخولين بالاستفادة من تحويل سنوي بقيمة 10 آلاف دولار. إنما يتعذر على الجهاز المصرفي تلبية أي تحويلات إضافية ما لم يتم بمقابلها تحرير ما يوازيها قيمة من توظيفات البنوك في شهادات الإيداع بالعملات لدى البنك المركزي. حيث ترجح البيانات المالية بأن التوظيفات المصرفية لدى مصرف لبنان تتعدى 80 مليار دولار.
وبالتوازي، أكد صفير على ضرورة إعادة هيكلة السندات الحكومية (اليوروبوندز) وتوحيد سعر الصرف للتمكن من تحديد حجم الخسائر تمهيدا لمعالجتها. فالقطاع المصرفي هو الأكثر تضررا، ولا يزال أسير الخطة الحكومية المنتظرة لتحديد مسار الخروج من الأزمة. كما بين أن المصارف مستعدة لإعادة التسليف للقطاع الخاص لإعادة النبض إلى الاقتصاد الوطني، إذا واكب هذا التوجه قانون يلحظ ضمان إعادة التسليفات بحسب عملة القرض.
ومن جهته، أكد ميقاتي لوفد الجمعية على «أن أي حل شامل للأزمة الاقتصادية والمالية سيبنى بالاتفاق والتعاون مع الجهات المعنية ومنها جمعية مصارف لبنان حيث سيؤخذ بالاعتبار أهمية حماية القطاع المصرفي وذلك للحفاظ أولا على الأموال المودعة في البنوك والقدرة على تمويل الاقتصاد».