كتبت صحيفة “النهار” تقول: برقم قياسي جديد تجاوز سقف الـ 24 ألف ليرة منذراً بتصاعد الإنعكاسات الكارثية على المواطنين، لم يترك تحليق سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء أي هامش ليوميات سياسية جوفاء تملأ معها أخبار التحركات واللقاءات، كما المواقف، أسماع الناس، فيما تنكشف باطراد معالم العجز الفاضح عن نفخ الروح في الحكومة ومجلس الوزراء. ولعلّ المفارقة اللافتة التي تسجّل في سياق رصد الارتفاع الكارثي لسعر الدولار، وما ينشأ عن ذلك من تداعيات موجعة وثقيلة على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، انه على غرار انفجار أزمات أخرى ومن أبرزها ازمة القطيعة بين لبنان ومعظم الدول الخليجية، لا يجد حداً أدنى من إمكانات اللجم والتبريد والاحتواء، فيما المزيدات الكلامية للمسؤولين وفي ما بينهم، تشتدّ وتتّسع من دون أي افق ملموس لحلول ترتقي إلى مستوى الكارثة المالية والاقتصادية والاجتماعية. ولم يكن مشهد الاجتماع الذي عقد في قصر بعبدا أمس، في صدد التدقيق الجنائي، سوى عيّنة ناطقة عن دولة مفكّكة اذ ان أمراً بهذه الأهمية “يقتطعه” رئيس الجمهورية ويرأس من اجله الاجتماعات فيما رئيس الحكومة موجود في السرايا لا يشارك في مداولات هذا الاجتماع كأنه خارج صلاحياته!
وتخشى أوساط عدة سياسية واقتصادية على السواء ان تتفاقم الازمات الاقتصادية والمالية على نحو بالغ القسوة في المرحلة الطالعة لا سيما لجهة تفلّت سعر الدولار ان تمادت الازمة السياسية التي تعطل جلسات مجلس الوزراء وتحول دون تحمله للمسؤولية الفاصلة في لجم مزيد من اندفاعات الإنهيار. بل ان الخشية تزداد، وفق هذه الأوساط، مع الخوف الموضوعي من تفش جديد لجائحة كورونا عند مشارف الأعياد قد يكون من شأنه ان يحدث إرباكات كبيرة جداً في القطاع الصحي الذي باتت معاناته أكبر بكثير من أي قدرة على تقليصها وفق الإمكانات القائمة حالياً، وما لم تسرّع المعالجات في انهاء ظاهرة شل الحكومة ومجلس الوزراء، فان استجرار الدعم والمعونات الدولية للقطاعات الأشدّ حاجة إلى الدعم سيغدو أشد صعوبة من السابق.
ولعلّ الموقف الجديد الذي أطلقه وزير الثقافة محمد وسام مرتضى أمس عكس التشدد المستمر في موقف الثنائي الشيعي من الازمة الحكومية، علما ان مرتضى كان اثار في الجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس الوزراء ازمة مع رئيس الجمهورية بسبب الطريقة التي خاطبه فيها. وأمس وزع تصريح لمرتضى قال فيه، أن “هناك من عمل وما زال يعمل على تحويل كارثة انفجار المرفأ، التي تعد من أكبر الكوارث التي حلت بلبنان، إلى أداة لاستثارة الغرائزية الطائفية خدمة لأهداف خاصة، وإلى وسيلة لوأد الوحدة الوطنية والتشويش على مكامن قوتنا خدمة لمشاريع خارجية. فأصر من الأساس على ألا يتولى التحقيق في قضية انفجار المرفأ الا قاضٍ من الطائفة المسيحية، وألا يتولى النظر في المراجعات القضائية المقدمة الا قضاة من الطائفة عينها، فشطر “العدلية” وما برح يحاول شطر البلد طائفيا، إذ أسهم مع مروحة عريضة من شركائه، بتحريض من مشغليهم، في إيهام الرأي العام أن هذه الكارثة حلت بالمسيحيين من دون المسلمين كما أسهم وإياهم، وهذا الأخطر، أنها حلت بفعل المسلمين ومن هم على حلف معهم ومن يدور في فلكهم من غير المسلمين، ولكننا نبشّره بأن مساعيه هو وشركاؤه ومشغلوه وحاضنوه، محليون ودوليون، سوف تبوء بالفشل، وأنه وإياهم سوف ينكفىء مولياً الأدبار جاراً أذيال الخيبة”.
ميقاتي في الفاتيكان
في أي حال، فإن هذه الأوضاع الكارثية ستكون بطبيعة الحال في صلب اللقاءات التي سيجريها اليوم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الفاتيكان حيث سيستقبله قبل الظهر البابا فرنسيس. كما ان اوساطاً مطلعة أوضحت ان الوجهة الخارجية التالية لميقاتي ستكون مصر وتركيا، تلبية لدعوة تلقاها من وزير الخارجية مولود جاويش اوغلو حينما زار لبنان الثلثاء الماضي، واخرى وجهها اليه المسؤولون المصريون. وتقول هذه الاوساط ان ميقاتي سيزور مصر للتشاور في ازمة لبنان مع دول الخليج والدور الذي يمكن مصر او الجامعة العربية ان تلعبه بعدما ابدى امينها العام احمد ابو الغيط استعداده للمهمة شرط ان يبادر لبنان إلى خطوة تعكس حسن النية ورغبة في التجاوب مع المطالب، لذلك سيبحث موضوع استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي كخطوة في مسار معالجة الازمة، بعد ان يطلع ميقاتي من الرئيس ميشال عون على موقف قطر ابان زيارته اليها في29 الجاري كونها تبرعت بالوساطة للمعالجة. فاذا كان الجواب ايجابياً يقدم قرداحي استقالته ويوضع الحل على السكة، اما اذا جاء سلبياً وتبين ان الاستقالة لا تجدي نفعاً، آنذاك يعاد درس الوضع وتقييمه في ضوء نتائج المحادثات التي يكون قد عاد بها الرئيس عون من قطر.
عون والتدقيق
وسط هذه المناخات صنف رئيس الجمهورية ميشال عون الأزمات “منها ما هو مصطنع من حيث الصراع السياسي على الأرض، الذي كان يمكن تفاديه وسمح بتدخل دولي في الشؤون اللبنانية، ومنها ما هو طبيعي”. وشدّد على انه “كان مصراً منذ البداية على وجوب قيام تدقيق مالي جنائي لانه سيكون بداية جديدة، سيكشف المتسببين عن هدر الأموال، وهذا واجبي وكلفني الكثير من الوقت والجهد وكان هناك الكثير من المقاومة ومن يعمل على وضع العراقيل”. وتحدث خلال استقباله في قصر بعبدا وفد جمعية اندية الليونز الدولية المنطقة 351 لبنان الأردن فلسطين، عما وصفه بـ “الحملات المنظمة القائمة على الأكاذيب وتحوير الحقائق والتي تهدف إلى اغتيال سياسي” مشدداً على انه “عازم على محاولة احداث التغييرات اللازمة مهما كانت التحديات، وعلى ان التحقيق الجنائي المالي هو بادرة هذا التغيير المنشود، خصوصاً لناحية مراقبة المسؤولين عن الأموال العامة في مختلف المؤسسات الرسمية”.
ورأس عون أمس اجتماعاً حضره وزير المال يوسف الخليل، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والوزير السابق سليم جريصاتي خصص لعرض الأوضاع المالية في البلاد والصعوبات التي تواجه مؤسسة “ألفاريز أند مارسال” في عملية التدقيق المحاسبي الجنائي في حاكمية مصرف لبنان. وأصرّ عون خلال الاجتماع، على “بدء مهام التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان من قبل شركة “ألفاريز أند مارسال”، وتنفيذ العقد بينها وبين الدولة اللبنانية ممثلة بوزير المال، ما يقتضي معه توفير “الداتا” والمستندات المطلوبة من الشركة بشكل كامل، كي تباشر مهماتها وتصدر التقرير الأوّلي نهاية 12 أسبوعاً كحدّ أقصى وفق منطوق العقد”. وأدلى كل من الوزير الخليل والحاكم سلامة بأنهما يُجريان “ما يلزم وبالسرعة الممكنة لهذه الغاية”. ولفت رئيس الجمهورية المجتمعين إلى أن “تداعيات عدم إجراء التدقيق سلبية على جميع الصعد، خصوصاً أن القانون ينص على انسحاب التدقيق المالي على إدارات الدولة ومؤسساتها كافة”.
أوستراليا تصنف الحزب
في غضون ذلك وفيما أعلن ان الأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله سيطل مجدداً عبر محطة “المنار” الجمعة، كانت السلطات الأوسترالية تبادر إلى تصنيف “حزب الله” بأسره كـ”منظمة إرهابية”. وقالت وزيرة الداخلية كارين أندروز، إن التنظيم المسلح المدعوم من إيران “يواصل التهديد بشن هجمات إرهابية وتقديم الدعم للمنظمات الإرهابية” ويشكل تهديداً “حقيقياً” و”موثوقاً به” لأوستراليا. وبموجب القرار، بات محظوراً في أوستراليا، حيث تعيش جالية لبنانية كبيرة، الانتماء إلى “حزب الله” أو تمويله.
ورد “حزب الله” ببيان دان فيه “بشدة القرار واعتبره انصياعاً ذليلاً للإملاءات الاميركية والصهيونية وانخراطاً أعمى في خدمة المصالح الإسرائيلية وسياستها القائمة على الإرهاب والقتل والمجازر”. وأضاف: “أن هذا القرار وما سبقه من قرارات مماثلة والتي أقدمت عليها بعض دول الغرب المنحازة ضد شعوب هذه المنطقة وقضاياها العادلة وحقها بالتحرر والاستقلال لن يؤثر على معنويات شعبنا الوفي في لبنان ولا على معنويات الاحرار والشرفاء في العالم بأسره ولا على موقف حزب الله وحقه الطبيعي بالمقاومة والدفاع عن بلده وشعبه ودعم حركات المقاومة ضد الاحتلال والعدوان الصهيوني”.
أخبار عاجلة