أرقام الكارثة الاقتصادية تتراكم، ومنها أخيرا في ثلاثة تقارير يكشف مضمونها شبه إستحالة تمكن اللبنانيين من تحمّل حجم المعاناة التي باتت تهدّد بسنة مقبلة طابعها الرئيسي العنف والفوضى وسقوط ما تبقّى مما يسمّى تجاوزا «دولة القانون»!!
ففي التقرير الصادر أخيرا عن CRI (معهد الإستشارات والأبحاث) انه بعد أن ارتفع معدل التضخم في لبنان بنسبة ٤٦١% بين أيلول ٢٠١٩ وأيلول ٢٠٢٠ بلغ معدل تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية بالمقارنة مع سعر الدولار في العام ٢٠٢٠ نحو ٢٧٠% وبلغ في العام ٢٠٢١ حتى الآن ١٤٥%. ويعزو التقرير الأسباب إلى مجموعة عناصر أهمها: تراجع الثقة بالنظام المالي والمصرفي، والإستمرار في طبع المزيد من الليرات وأخيرا قرار رفع الدعم لا سيما عن الدواء ما ساهم في إشعال انطلاقة الدولار إلى مستويات عالية قياسية جديدة.
وفي التقرير الصادر أخيرا عن الوكالة الدولية Fitch Solution ان انفاق لبنان على الدواء متوقع إرتفاعه من 22,4 ترليون ليرة (18,6% من الناتج المحلي الإجمالي) عام ٢٠٢٠ الى 49,3 ترليون ليرة هذا العام الى 112,1 ترليون ليرة عام ٢٠٢٥!!
وفي تقرير ثالث صادر عن إدارة الإحصاء المركزي أن أرقام تشرين الأول ٢٠٢١ عن كلفة المعيشة بالمقارنة مع تشرين الأول ٢٠٢٠ ارتفعت على الوجه التالي:
النقل ٥٠٨,23%، المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية ٣٠٣,66%، المطاعم والفنادق ٣٠١,97%، الماء والغاز والكهرباء والمحروقات الأخرى ٢٧١%، المشروبات الروحية والتبغ والتنباك ٢٢٠,98%، الألبسة والأحذية ٢٠٩,08٪.
التقارير الثلاثة تزامنت مع تقارير لا يساهم مضمونها في التخفيف من حدّة الأزمة منها ما صدر عن World Justice Prowled Projects 2021 وحلّ فيه لبنان بين بلدان المنطقة في مستوى «حكم القانون» Rule Of Law أفضل فقط من السودان وإيران وموريتانيا. وجاء بعد دول عربية منها الإمارات وتونس والجزائر والمغرب.
كما تزامنت مع تقرير مصرف لبنان إرتفاع كمية النقد في التداول من 3,8 ترليون ليرة في حزيران ٢٠١٩ إلى ما يقترب من ٤٠ ترليون ليرة في أيلول ٢٠٢١ ومع إبقاء وكالات دولية (منها Moody`s وCapital Intelligence) على درجة تصنيف متدنية للبنان زادتها خطورة عوامل عدة منها عدم تسديد الدولة اللبنانية لاستحقاقات اليورو بوندز، واستمرار الخلافات السياسية بين أهل الحكم وعدم تنفيذ أي إصلاحات مالية ومصرفية وإدارية، ما يعرقل طريق لبنان إلى صندوق النقد الدولي. وهذا فيما تقريران دوليان جديدان يرسمان صورة في غاية البؤس عن أوضاع لبنان بدءا من تقرير جديد لـ«الأسكوا» يظهر إزديادا كبيرا في عدد الأسر اللبنانية المحرومة من الكهرباء (٦٥٠ ألف أسرة من أصل مليون و٢١٠ آلاف أسرة) ومن الرعاية الصحية (من ٩% عام ٢٠١٩ إلى ٣٣% عام ٢٠٢١ من أصل مليون و٢١٠ آلاف أسرة) وليس انتهاء بتقرير لـ«اليونيسيف» تحت عنوان «البقاء على قيد الحياة دون أساسيات العيش» يظهر إرتفاعا في عدد أطفال لبنان الذين يعانون الجوع!! ما يضطرهم للعمل لإعالة أسرهم. وأما تحذير ممثلة «اليونيسيف» في لبنان «يوكي موكي» بأن حجم الأزمة وعمقها جرس للجميع، فليس أكثر من صرخة لن تجد لها صدى في وادٍ عميق.
ذو الفقار قبيسي – اللواء
Follow Us: