مع الحركة الفرنسية المتجدّدة تجاه لبنان في هذه المرحلة، يكثر الحديث عن محاولة أخيرة لإخراج الحكومة من قفص التعقيدات التي تعطّل ولادتها حتى الآن. وانّ زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، الذي وصل مساء أمس إلى بيروت، يُفترض ان تحدّد المسار الذي ستسلكه هذه الحكومة، إما في اتجاه التأليف السريع، واما في اتجاه طي هذا الملف، ووضعه على الرفّ إلى أجل غير مسمّى، وربما الى الربيع المقبل إنْ لم يكن أبعد من ذلك بكثير.
ثمّة إجماع دولي، على أنّ لبنان في وضع حرج ومصيره مهدّد كوطن وكدولة وكشعب، والتحذيرات والنصائح توالت من كل حدب وصوب، بأنّ الضرورة باتت تحتّم اخضاعه لعمليّات جراحيّة علاجيّة سريعة، وكلّ تأخير في تشكيل حكومة بوظيفة إنقاذيّة وإصلاحيّة، من شأنه أن يُفقِد هذا البلد ما تبقّى من مناعته، ويشلّ قدرته على الصمود والإستمرار أمام أزماته المتورِّمة في شتى المجالات، وأنّ على أهل الحلّ والربط والقرار في السلطة السياسيّة، ان يتعظوا ويبادروا إلى تحييد لبنان عن المنزلق الجهنّمي، وتجنيبه الكارثة المريعة التي تنتظرة وتهدّد بانهيار الهيكل اللبناني بالكامل.
إلاّ أنّ المتربِّعين على عرش السلطة، أداروا، ولا يزالون، الأذن الطرشاء، وضربوا صرخات اللبنانيّين وتحذيرات ونصائح العالم بأجمعه عرض الحائط، بإصرارهم على المضي في كلّ الأسباب التي اشعلت انتفاضة “17 تشرين الاول 2019″، وهو ما يتبدّى بكلّ فجاجة في ملف تأليف الحكومة. الذي يُقارَب بالنهج القديم ذاته، وبعقليّة ما قبل الإنتفاضة، التي تجاوزت حراك الغاضبين، وتسعى بشكل فاضح الى حرف الحكومة المنوي تشكيلها، من حكومة علاجات إلى حكومة محاصصات ومكتسبات كُرمى لخاطر ذوي القربى العائليّة والسياسيّة!
ماذا يقول السفراء؟
بحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ حركة ديبلوماسيّة عربية وغربية، واكبت عن كثب مسار تأليف الحكومة، ومجريات اللقاءات المتتالية بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري.
وتشير المعلومات إلى أنّ هذه الحركة الديبلوماسيّة انطلقت في بداياتها، في جوّ تفاؤلي أوحى وكأنّ الحكومة على وشك أن تُشكّل، وعوّلت على المناخ الإيجابي الذي اشاعه لقاء الرئيسين عون والحريري، ولم يتوانَ بعض السفراء عن توجيه إشارات مشجِّعة في اتجاه الرئيسين للإستمرار في هذا المنحى، الّا انّهم فوجئوا بأنّ الإيجابيات التي حُكي عنها كانت وهميّة، وأنّ تأليف الحكومة معقّد ويراوح في “تفاصيل وشروط مصلحيّة لبعض الأطراف، تُغلّب على جوهر الأزمة العميقة التي يمرّ بها لبنان”، وهو ما أبلغه صراحة سفراء أوروبيّون الى مسؤولين كبار في الدولة، وكذلك الى أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب”.
وبحسب مصادر موثوقة لـ”الجمهورية”، فإنّ هؤلاء السفراء عبّروا امام “نواب لجنة الخارجية” عن استغرابهم “من هذا السلوك الذي يبقي لبنان في هذا الفراغ القاتل، نحن نتحسّس ما يعانيه اللبنانيون، ونرى كم أنّهم يشعرون بالإحباط، ونحن متعاطفون معهم. ولا نرى سبباً لهذا التباطؤ ولهذا التأخير في تشكيل حكومة محدّدة مهمّتها بخطوات إنقاذيّة، انتم تدركون أنّ بلدكم في أمسّ الحاجة إليها، ونحن نسمع العديد من المسؤولين اللبنانيين وهم يتحدثون عن حكومة الفرصة الأخيرة، لكنّنا في الوقت نفسه نرى ما يعاكس ذلك، بما يجعلنا الآن أكثر خوفاً على لبنان واللبنانيين”.
ولعلّ اخطر ما تنقله المصادر الموثوقة، هو أنّ احد السفراء توجّه بسؤال الى النواب حرفيّته: “نريد أن نعلم، هل تريدون أن تُنقذوا بلدكم ام لا؟”، واتبعه قائلاً:” نريد ألاّ نصدّق أنّكم تتعمّدون تضييع الفرصة المتاحة لكم، ضاعت الفرصة اولاً مع حكومة السفير مصطفى اديب، ونحن قلقون من أن تضيع هذه الفرصة ايضاً مع الرئيس سعد الحريري، ونخشى أن نتّهمكم بأنّكم لا تريدون أن تنقذوا بلدكم، ونأمل ان تثبتوا ذلك في القريب العاجل، ونتمنى أن تعلموا أنّ الوقت ليس في مصلحتكم”.
على أنّ اللافت للانتباه في ما اورده السفراء رداً على استفسارات بعض النواب، هو أنّهم “لا يرون أيّ صلة بين تأليف الحكومة في لبنان، وبين الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاميركية، فهذه الصلة وجدوها فقط في تصريحات بعض القادة اللبنانيين. فهذه مقاربة غير واقعيّة، إذ لا يوجد أيّ عامل خارجي يمنع اللبنانيين من انجاز استحقاقهم الحكومي بمعزل عن اي تطورات او متغيّرات خارجية، أياً كان شكل هذه التطورات والمتغيّرات، وبالتالي فإنّ الوقت ما زال متاحاً امام اللبنانيين لتجاوز الموانع الداخلية لهذا الاستحقاق”.
وربطاً بذلك، لفت السفراء الى “انّ العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الاميركية على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، هي شأن مرتبط بباسيل حصراً، ومنعزل عن اي عامل داخلي او خارجي، خلافاً لبعض التحليلات والتفسيرات التي اعطت هذه العقوبات أبعاداً ربطتها بالشأن الحكومي اللبناني، علماً انّ هذا الاجراء الاميركي ليس آنياً، بل عمره سنوات من التحضير، ما يعني أنّه سابق للملف الحكومي الحالي، ولحكومة سعد الحريري التي استقالت في العام 2019. ومحاولة الربط بين هذه العقوبات وملف تأليف الحكومة الحالية في لبنان خاطئة”.
وخلص الكلام الديبلوماسي الاوروبي، كما تقول المصادر، الى التأكيد على “أنّ العامل الخارجي مساعد في تشكيل حكومة وليس مانعاً له، والمجتمع الدولي، بدءًا من الولايات المتحدة الأميركية وصولاً الى فرنسا والاتحاد الاوروبي، ما زال يحث اللبنانيين على تشكيل حكومتهم، وخصوصاً انّ مرتكز هذا التشكيل لا يزال قائماً، ومتمثلاً في المبادرة الفرنسيّة”.
إشارات فرنسية
وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ الحركة الديبلوماسية الأوروبيّة في لبنان، تزامنت مع إشارات فرنسية وصفها احد كبار المسؤولين بالعالية النبرة، وجّهتها باريس في الآونة الاخيرة إلى بعض المستويات اللبنانية. وقد تضمنت هذه الاشارات ما يلي:
اولاً، “التعامل اللبناني مع ملف تأليف الحكومة، لا يرقى الى التعامل المسؤول، بل الى المماطلة السلبية وغير المبرّرة”.
ثانياً، “إنّ باريس تستغرب تعامل بعض القادة اللبنانيين مع المبادرة الفرنسية وكأنّها انتهت. وهذا التعامل دفع الى التشكيك الجدّي بصدقيّة المنحى المعتمد في تشكيل الحكومة في لبنان، ربطاً بما يثار فيه من مطالب وشروط لا ترتبط من قريب أو بعيد بجوهر المبادرة الفرنسية، بل تتجاوزها إلى حدّ محاولة العودة بالأمور في لبنان الى ما كانت عليه قبل التظاهرات الشعبية التي اندلعت على اثر تفجّر الأزمة في هذا البلد”.
ثالثاً، “إنّ المحادثة الاخيرة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس ميشال عون، شكّلت جرس انذار فرنسي متجدّد بأنّ لبنان لا يملك سوى خيار الالتزام بالمبادرة الفرنسية والتعجيل بتشكيل الحكومة على أساس برنامجها الإنقاذي للبنان والشروع فوراً في تطبيق الإصلاحات المطلوبة، وخصوصاً انّ الوضع في لبنان زاد سوءًا عمّا كان عليه حينما أُطلقت هذه المبادرة قبل نحو شهرين. وعلى هذا الاساس قرّر ماكرون ان يوفد ممثلاً شخصياً له الى بيروت لعلّه يتمكن من دفع الامور في الاتجاه الايجابي”.
رابعاً، “لولا انشغال الاليزيه بالتطورات الاخيرة التي شهدتها فرنسا، ومحاولة احتوائها، لم يكن مستبعداً ان يحضر ماكرون الى بيروت شخصياً للدفع بالمبادرة الفرنسية الى الأمام”.
قبل آخر الشهر
الى ذلك، كشف مسؤول كبير لـ”الجمهورية”، انّ “زيارة باتريك دوريل الى العاصمة اللبنانية تندرج تحت هدف اساسي ووحيد، وهو محاولة حثّ اللبنانيين على تشكيل الحكومة ضمن مهلة أسبوعين على الأكثر ولا تتجاوز نهاية الشهر الجاري، وهذا ما تبلّغه كلّ المعنيين بالملف الحكومي عشية زيارة دوريل. فباريس كما سبق واعلنت أنّها بصدد عقد مؤتمر دولي لتقديم المساعدات الانسانية الى لبنان خلال تشرين الثاني الحالي، والأفضل للبنان أن تكون له حكومة تواكب هذا المؤتمر وما سيتقرّر فيه”.
ويلفت المسؤول عينه الانتباه الى أنّ هذا المؤتمر كان مقرّراً عقده في تشرين الاول الماضي، الّا إنّ باريس، وبالنظر الى عدم تشكيل حكومة في لبنان ارجأته الى تشرين الثاني الحالي، ويبدو انّ باريس تخشى مع استمرار تعطيل تشكيل الحكومة، ان تضطر الى تأجيل ثان له، ليس الى كانون الاول المقبل، بل الى ما بعد بداية السنة الجديدة، وخصوصاً انّ الشهر المقبل هو شهر الاعياد، وبالتالي هو شهر عطلة، وامكانية انعقاد المؤتمر خلاله ليست ممكنة، لارتباط كل العالم بعيدي الميلاد ورأس السنة”.
وأوضح المسؤول نفسه، “أنّ زيارة دوريل الى بيروت تثبت انّ المبادرة الفرنسية ما زالت تحتل رأس قائمة الاولويات الفرنسية، وتعكس انّ رغبة فرنسا في انضاج تأليف الحكومة في القريب العاجل لم تتبدّل، وهذا يضع كل المعنيين بملف التأليف في موقع الملزم بالتجاوب مع المسعى الفرنسي، والتفاهم على ازالة ما يعيق ولادة الحكومة، وخصوصاً ان لا عقبات جوهرية تمنع هذه الولادة”.
ولفت المسؤول الكبير الى “أنّ الفرنسيّين صادقون في توجّههم الانقاذي للبنان، ومعلوماتي تؤكّد انّ المبادرة الفرنسية ما زالت تتمتّع بمستوى الدعم الدولي الواسع لها، وتحديداً الاميركي، وبذات الزخم الذي كانت عليه منذ انطلاقها، وهم ينتظرون منا أن نكون نحن ايضاً صادقين في توجّهنا لتأليف حكومة، فما اخشاه مع استمرار تعطيل التأليف هو ان تصل فرنسا ومعها العالم كله الى لحظة يخيروننا فيها: هل تريدون حكومة ام لا؟ وإن كنتم تريدون حكومة فألّفوها، وإن لم تريدوا ذلك فلا تتعبونا معكم وقلّعوا اشواككم بأيديكم إن استطعتم، فهل نستطيع ذلك”.
واشنطن
هذه الاجواء الفرنسية، توازيها اجواء مماثلة يعكسها مطلعون على الموقف الأميركي من التطورات في لبنان، وخلاصتها:
– إنّ واشنطن تعتبر أنّ الأوان قد آن لكي يدرك القادة اللبنانيون أنّ من الضروري تشكيل حكومة في لبنان تستجيب لمطالب الشعب اللبناني بإجراءات الاصلاحات الجذرية وفي مقدمتها مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين في اي موقع كانوا. وهو شرط اساس لتقديم المساعدات الدولية لهذا البلد، وهو ما عاد واكّد عليه وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو.
– إنّ واشنطن ترى أنّ من الضروري أن تكون الحكومة الجديدة في لبنان متحرّرة من سطوة “حزب الله” عليها، وغير خاضعة لنفوذه او محكومة لقراره.
– إنّ واشنطن مستاءة من ردّ الفعل “المتسرّع” للنائب جبران باسيل، على قرار العقوبات بحقه من وزارة الخزانة الاميركية. وما قالته السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا في ردّها على باسيل، هو مجرّد عناوين من ضمن ملف كامل متكامل معدّ بحقه.
– إنّ واشنطن ماضية في محاسبة السياسيين الفاسدين في لبنان، والعقوبات التي تصدرها الخزانة الاميركية ليست مرتبطة بأزمنة محدّدة أو بتطورات، والعقوبات على باسيل، هي حلقة من مسلسل عقوبات طويل لا تقتصر على جهة بعينها، بعضها شارف على الاكتمال، وسيصدر في مدى زمني قريب جداً، ويطال مجموعة كبيرة من الشخصيات اللبنانية المتورطة بالفساد وصفقات واستغلال النفوذ لتحقيق مكتسبات شخصية، وكذلك تلك التي لها ارتباطات وثيقة بـ”حزب الله”، ما يعني أنّ كلّ من له علاقة بالحزب، موضوع تحت سيف العقوبات الاميركية.
الاتصالات: مراوحة
الى ذلك، يسود الترقّب على خط التأليف لما سيحمله الموفد الفرنسي، في وقت لم يطرأ اي جديد على صعيد التواصل بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري على خط التأليف، ما خلا ما جرى تسريبه عن انّ التباين ما زال قائماً حول حجم الحكومة، والثلث المعطل، والمداورة في الحقائب السيادية وكذلك الحقائب الاساسية، إضافة الى كيفية اختيار اسماء الوزراء. واللقاء الأخير بين الرئيسين عون والحريري راوح مكانه ولم يؤدِّ الى خروقات في جدار التباينات القائمة. مع الاشارة الى احتمال عقد لقاء بينهما اليوم لمتابعة البحث في هذا الملف.
بعبدا
واكّدت مصادر قريبة من القصر الجمهوري لـ”الجمهورية”، انّ “الايجابية ما زالت تحكم المباحثات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، خلافاً لما ذهب اليه البعض بحديثهم عن سلبيات مانعة للتفاهم بينهما. الّا أنّها أشارت في الوقت نفسه الى انّ بعض التفاصيل ما زالت في حاجة إلى إنضاج، ورئيس الجمهورية متعاون الى اقصى الحدود وصولاً الى تشكيل حكومة في القريب العاجل”.
بيت الوسط
اللافت في المقابل، انّ اجواء “بيت الوسط” تعكس تكتماً مطبقاً حول المباحثات التي يجريها الرئيس الحريري مع رئيس الجمهورية، ولا يؤكّدون حتى الآن امكان حصول لقاء مباشر بينهما قبل زيارة الموفد الفرنسي.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، ان لا ايجابيات يُبنى عليها حتى الآن، وتؤشر الى حصول انفراج، وخصوصاً بعد الموقف العالي السقف الذي صدر عن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، والمعايير الجديدة التي حدّدها لتشكيل الحكومة.
التيار
وقالت مصادر “التيار الوطني الحر” لـ”الجمهورية”: “إنّنا كنا وما زلنا نؤكّد على موقفنا المسهّل لتشكيل الحكومة، بمعزل عن ايّ تطورات، وإنّ لجوء البعض الى الربط بين العقوبات الظالمة على رئيس التيار وبين تأليف الحكومة، وتصوير التيار بأنّه يحاول وضع شروط ومطالب تعجيزية، هو ربط خبيث، يندرج في سياق الاستهداف الذي يتعرّض له التيار ورئيسه”.
اضافت المصادر: “موقف التيار من تأليف الحكومة هو موقف مبدئي ولا رجوع عنه لناحية المعايير العادلة وليست المعايير الاستنسابية، ونحن على ثقة تامة بموقف رئيس الجمهورية، ونعتبر انّ الكرة في ملعب الرئيس المكلّف للالتزام بهذه المعايير وصولاً الى تأليف حكومة فاعلة ومنتجة”.
الثنائي الشيعي
وابلغت مصادر ثنائي حركة “أمل” و”حزب الله” الى “الجمهورية” قولها: “نحن من أشد المتحمسين لتأليف الحكومة اليوم قبل الغد، والرئيس نبيه بري، الذي يتواصل مع كل الاطراف سعياً لولادة سريعة للحكومة، يؤكّد أن لا مشكلة من جهتنا على الاطلاق في ما خصّ التأليف، بل بالعكس نحن نحث كل الاطراف على التفاهم السريع وانضاج الحكومة في اسرع وقت ممكن، خصوصاً وانّ الوقت يمرّ، ووضع البلد لا يستطيع أن يتحمل مزيداً من تضييع الوقت”.
مع جنبلاط
وكان الرئيس بري، قد التقى عند السادسة مساء أمس، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، يرافقه الوزير السابق غازي العريضي والنائب هادي ابو الحسن. وحضر اللقاء النائب علي حسن خليل. واستمر اللقاء لنحو نصف ساعة غادر على اثره جنبلاط من دون الإدلاء بتصريح.
نصرالله
أشار الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في “ذكرى يوم الشهيد” “الى أن البحث في الملف الحكومي يحتاج إلى المزيد من التشاور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري”، متمنياً “الإسراع في التشكيل”.
وتطرّق الى العقوبات فقال: “بالنسبة لـ”حزب الله” افرضوا العقوبات التي تريدونها، فهي لن تؤدي إلى أي نتيجة، ولا أموال لدينا في الخارج”.
واعتبر نصرالله “أن وضع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على لائحة العقوبات هو ضمن مسار أميركي بدأ بالوزيرين علي حسن خليل و يوسف فنيانوس”، لافتاً الى أن البعض في الداخل اللبناني حرّض أميركا على فرض عقوبات عليه لحسابات شخصية وسياسية”.
تداعيات وشوائب
من جهة ثانية، لا تزال قضية الاقفال العام المقرّرة بدءاً من بعد غد السبت، محط نقاشات من زوايا مختلفة، لعلّ أبرزها مدى تأثيرها على الوضعين الاقتصادي والمعيشي أولاً، وجدواها في ظل الاستثناءات المتعددة ثانياً.
وسيؤدّي الاقفال الى ضغوطات اضافية ستتعرّض لها قطاعات عدة في مقدّمها المؤسسات المطعمية والمؤسسات التجارية. ويتخوّف المراقبون من أن يؤدّي الاغلاق الى مزيد من الاقفالات الدائمة لعدد من المؤسسات بما يعني زيادة عدد العاطلين من العمل.
بالاضافة الى ذلك، سيتعرض كل من يعمل كمياوم، أي يقبض اذا اشتغل فقط، لضغوطات معيشية قاسية من دون ان تنجح الحكومة في ايجاد سبل عملية لدعم هؤلاء.
وفي موازاة الفاتورة الاقتصادية الباهظة التي سيتمّ دفعها، يتخوف البعض من ان يدفع البلد الثمن الاقتصادي من دون ان يجني الثمار على مستوى مكافحة الوباء، لأنّ الاستثناءات التي يشملها قرار الاقفال كثيرة ومتشعبة وتسمح بثغرات قد تؤدي الى فشل الوصول الى الهدف الذي من اجله تقرّر الاقفال.
الترسيم
جنوباً، انعقدت في مقر “اليونيفيل” في رأس الناقورة امس، الجولة الرابعة من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية غير المباشرة بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية للبحث في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.
وبحسب المعلومات، فإنّ الهوّة ما زالت واسعة بين الجانبين، حيث انّ الجانب اللبناني يؤكّد على حق لبنان بالمساحة التي تقع ضمن نطاق سيادته وحدوده البحرية الخالصة والتي تقارب الـ2300 كيلومتر مربع، وهذا ما تؤكّده الوثائق والخرائط التي يملكها لبنان، فيما الجانب الاسرائيلي يصرّ على أنّ المساحة المتنازع عليها لا تتجاوز الـ860 كيلومتراً مربعاً، وانّ المفاوضات حولها معقّدة بسبب لجوء الجانب اللبناني الى رفع سقف مطالبه.
البيان الختامي
وبعد انتهاء جولة المفاوضات، صدر بيان مشترك عن حكومة الولايات المتحدة ومكتب منسق الأمم المتحدة الخاص للبنان باللغتين العربية والانكليزية عن محادثات الجانبين اللبناني والاسرائيلي لترسيم الحدود البحرية جاء فيه:
“اليوم، أجرى ممثلون لحكومتي إسرائيل ولبنان محادثات مثمرة بوساطة الولايات المتحدة واستضافها مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لشؤون لبنان (UNSCOL).
لا تزال الولايات المتحدة والمجلس الأعلى للأمم المتحدة في لبنان يأملان في أن تؤدي هذه المفاوضات إلى حل طال انتظاره. والتزم الطرفان مواصلة المفاوضات في أوائل كانون الأول”.
اسرائيل
وقال متحدث بإسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو امس الأربعاء، إنّه تمّ الاتفاق على عقد جولة أخرى من المحادثات حول ترسيم الحدود البحرية مع لبنان الشهر المقبل.
وقال، أوفير جندلمان، في تغريدة على “تويتر” إنّ “البعثة الإسرائيلية للمحادثات حول ترسيم الحدود البحرية مع لبنان أنهت اليوم جولة المحادثات مع البعثة اللبنانية التي عُقدت في قاعدة اليونيفيل في الناقورة”.
وأضاف: “شارك في اللقاء الوسيط الأميركي جون دروشر، حيث تمّ الاتفاق في ختام الجولة على عقد جولة محادثات أخرى خلال الشهر القادم”.
وتتعلق المفاوضات بمساحة بحرية تمتد على حوالى 860 كيلومتراً مربعاً، بناء على خريطة أُرسلت في العام 2011 إلى الأمم المتحدة، واعتبر لبنان لاحقاً أنّها استندت الى تقديرات خاطئة. حيث يطالب لبنان اليوم بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً تشمل جزءاً من حقل “كاريش” الذي تعمل فيه شركة “انرجيان” اليونانية، على ما قالت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لوري هايتيان لوكالة “فرانس برس”.
وأضافت هايتيان: “دخلنا اليوم مرحلة حرب الخرائط”.
وقال مصدر إسرائيلي مطلع على المفاوضات، إنّ الوفد الإسرائيلي طرح “خطاً شمال حدود المنطقة المتنازع عليها”، مؤكّدأ أنّه “لن يتم البحث في خط جنوب المنطقة” كما يطرح لبنان.
وكانت وزارة الطاقة الإسرائيلية نشرت نص رسالة بعثت بها إلى الشركة اليونانية، أكّدت فيها أن “ليس هناك تغيير ولا احتمال تغيير في وضع المياه الإقليمية الإسرائيلية جنوب المنطقة المتنازع عليها وبينها بالطبع حقلا كاريش وتانين”.