الأحد, نوفمبر 24
Banner

موظّفو الخليوي: لن نتخلى عن حقوقنا المكتسبة

خضر حسان – المدن

خَرَجَ السجال بين موظفي شركتيّ الخليوي تاتش وألفا من جهة، وبين وزارة الاتصالات من جهة أخرى، إلى العلن، بعد محاولات حلحلته في الظل، علَّ الخلاصة تكون إيجابية من دون الحاجة للتراشق الإعلامي. لم يُوَفَّق الطرفان، فاضطُرَ الموظفون للاعتصام والامتناع عن تسليم بطاقات التشريج مسبقة الدفع، فضلاً عن الامتناع عن إجراء أعمال الصيانة للمحطات، وذلك بهدف منع تخفيض مستوى التأمين الصحّي من الدرجة الأولى إلى الدرجة الثانية.

الحفاظ على عقد العمل

نحو 2000 عائلة تستفيد من التأمين الصحي المنصوص عليه في عقد العمل الجماعي الموقّع بين الموظفين وإدارتيّ الشركتين. ولسنوات، استفاد الموظفون من رفاهية الدرجة الأولى، حتى استفحال الأزمة الاقتصادية والنقدية في البلاد، فباتت الرفاهية مهددة بالتراجع، وهو ما يرفضه الموظفون. إذ يصرّون على “تطبيق عقد العمل الجماعي”، وفق ما يؤكده نقيب موظفي شركتيّ الخليوي، مارك عون، في حديث لـ”المدن”.

يضع عون العقد بمنزلة “المقدّس”، وأي تعديل يطرأ عليه “يجب أن يتغيّر للأفضل وليس للأسوأ”. ويتسلّح عون للمطالبة بالحفاظ على هذا المكتسب، بأن الموظفين “ليسوا موظفين في القطاع العام، وبالتالي، لم يستفيدوا من سلسلة الرتب وأي تقديمات أخرى. كما أنهم لا ينالوا معاشاً تقاعدياً بعد نهاية الخدمة”.

يستغرب عون سبب رفض وزير الاتصالات الإبقاء على الدرجة الأولى، علماً أنه “كان متعاوناً في البداية، وكذلك الشركتين. لكن تغيّر الوضع فجأة”. ويرفض عون ذريعة عدم امتلاك الأموال، وهي الذريعة التي تقدّمها الشركتان بحجة أنهما تدفعان كلفة الصيانة وشراء المازوت وما إلى ذلك. ومع كل التبريرات التي تقدّمها إدارة الشركتين ووزير الاتصالات، يبقى المطلب الأساس هو الحفاظ على عقد العمل الجماعي وإلا التصعيد “فإذا انكسر العقد هذه المرة، سينكسر مرات أخرى”.

توفير المال العام

تغيَّرَت طبيعة العلاقة بين الدولة وشركتيّ الخليوي بعد انتقال الملكية للدولة، فيما التشغيل بقي للقطاع الخاص. وبالتالي، فإن الأموال المجباة من الشركتين، هي أموال عامة، تُقتَطَع منها النفقات التشغيلية وأسعار المازوت. لكن مع إبقاء عقد العمل الجماعي قائماً بصيغته السابقة، من دون تعديله من قِبَل أي حكومة من الحكومات المتعاقبة، فإن رفاهية التأمين الصحي بالدرجة الأولى تُغطّى بصورة غير مباشرة، من أموال الدولة. فاستناداً إلى كلام وزير الاتصالات جوني القرم، تدفع الدولة عملياً كلفة التغطية الصحية للموظفين، لأن “الشركتين تدفعان الكلفة حسب عقد العمل مع الموظفين، وتُحسَم القيمة من الأموال التي ستعيدها إلى وزارة الاتصالات، والتي تذهب بدورها إلى الخزينة العامة. فالوزارة في هذه الحالة، مؤتمَنة على أموال الشركتين، وإن كانتا قطاعاً خاصاً”.

ويوضح القرم في حديث لـ”المدن”، أن “نفقات التأمين الصحي تُدفَع بالدولار الطازج “الفريش”، وهو ما لا تستطيع الوزارة احتماله، لأن ما يُدفَع هو مال عام ملك لكل الشعب اللبناني”. ويلفت النظر إلى أن “الفارق بين الدرجتين الأولى والثانية هو بعض التفاصيل التي لا تؤثّر على مستوى الخدمة الصحية ولا على عدد أفراد العائلة المشمولين بالتغطية، وهُم بالإضافة إلى الموظّف، والداه وزوجته وأولاده. كما أن التغطية ستبقى بالدولار، وما سيختلف هو دخول المريض إلى غرفة المستشفى مع مريض آخر، على عكس غرفة الدرجة الأولى ذات السرير الواحد”.

مشاركة الموظّف غرفة المستشفى في حال مرضه، مع مريض آخر، توفّر على الدولة “مليوناً و200 ألف دولار طازج”. علماً أن “إعادة الدرجة الأولى ممكنة، ما إن تتحسّن الأحوال، فنحن مستعدون للتعاون إلى أقصى الحدود”.

رفع كلفة الاتصالات

لا تنحصر المسألة بما ستوفّره الدولة بشكل مباشر، بل تتعداها إلى تجنّب رفع الكلفة على المواطنين. فالإبقاء على الدرجة الأولى في الاستشفاء ودفع كلفتها، سيعني حكماً رفع تعرفة المكالمات وأسعار بطاقات التشريج المسبقة الدفع، “فالشركتان لا تملكان المال الكافي، وتأمينه سيكون عبر رفع الكلفة”.

إلا أن رفع الكلفة أمر سيحصل عاجلاً أم آجلاً، سواء جرى تخفيض مستوى التأمين الصحي للموظفين أم بقي في الدرجة الأولى. فأكلاف الصيانة والنفقات التشغيلية والمحروقات، تضغط باتجاه التخلّي عن السعر الرسمي، أي 1500 ليرة. وهو ما يرفضه رئيس نقابة العاملين في قطاع الخليوي والاتصالات، بول زيتون، الذي حذّر وزير الاتصالات من مغبة رفع الأسعار التي ما إن لوَّح الوزير بها حتى “تهافت الناس على شراء البطاقات وتخزينها في المنازل، ما أدى إلى فقدانها من الأسواق، واحتكار البعض لبطاقات التشريج وتحكم الموزعين بها، وسط فوضى عارمة للتلاعب بأسعارها”، على حد تعبير زينون خلال مؤتمر صحافي عقده يوم الإثنين 13 كانون الأول.

بين رفاهية التأمين الصحي للموظفين والتمسك بمكتسبات كفلها عقد العمل الجماعي، وبين مراعاة الأوضاع العامة، يتّجه قطاع الخليوي إلى تحوُّل لن يكون سهلاً، سينطلق من كلفة التخابر، وستُفتَح احتمالات مساره المستقبلي، إذ سيجرّ ارتفاع الأكلاف المزيد من الزيادات في الأسعار وربما المزيد من تخفيض المكتسبات للموظفين، أي المزيد من الأزمات ستنفجر أولاً بوجه المواطن الذي سيدفع ثمن ارتفاع الأسعار وتراجع نوعية الخدمات.

Follow Us: 

Leave A Reply