جاء في صحيفة “اللواء” : إشارتان صدرتا من بعبدا، وعلى لسان الرئيس ميشال عون تتصلان بموضوع الاسراع بتأليف حكومة جديدة: الاشارة الاولى تتعلق بأن “العقوبات الاميركية التي استهدفت سياسيين لبنانيين زادت الامور تعقيداً”. ومناسبة الحديث عن العقوبات انها فرضت على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وإن بدا انها اصابت وزيرين غيره، هما النائب عن كتلة “التنمية والتحرير” علي حسن خليل، ووزير الاشغال في حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة، عن تيار المردة يوسف فنيانوس، وقبل ذلك نواب وقياديين ورجال اعمال من بيئة حزب الله.
والاشارة الثانية، ان اوضاع لبنان من “تداعيات وجود النازحين السوريين والضائقة الاقتصادية وانتشار وباء “كورونا” اضافة الى انفجار بيروت والعقوبات الاميركية، “تتطلب توافقاً وطنياً واسعاً لتشكيل حكومة تتمكن من تحقيق المهام المطلوبة بالتعاون مع مجلس النواب، معولاً اهمية على التشاور الوطني العريض”.
ببساطة، وفقا لمصادر سياسية متابعة، فإن هاتين الاشارتين هما اشبه بعقبتين واحدة دولية، والثانية محلية.
وتساءلت المصادر: هل تشكيل الحكومة يحتاج الى مؤتمر للتوافق الوطني، ام ان على الرئيس المكلف الحريري، اجراء لقاءات مع الكتل كافة لتأليف حكومة فضفاضة، تتجاوز الـ18 وزيراً الى 24 وربما الى 30، لإرضاء “التوافق الواسع”؟
وفي ما خصَّ العقوبات على باسيل، لم يتضح ما هو المطلوب اوروبياً، او دولياً، حتى لا تكون العقوبات الاميركية المرشحة للاتساع، ربما في الاشهر القليلة المتبقية من ولاية دونالد ترامب، لإرباك الوضع اللبناني.
واخطر ما في الكلام الرئاسي، انه جاء امام موفد الرئيس ايمانويل ماكرون باتريك دوريل، ومستشاره لشوون شمال افريقيا والشرق الاوسط، خلال استقباله في قصر بعبدا.
ومما قال الرئيس عون ايضاً ان تحقيق المبادرة الفرنسية لمصلحة لبنان “لن يتحقق الا من خلال حكومة موثوق بها”.. وعلى التنسيق مع الشركاء الدوليين لاخراج لبنان من الاوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها.
وكشف عون امام الموفد دوريل ان عملية التدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان، وهو (اي العملية) من اسس الاصلاحات، تواجه بعراقيل عديدة، مؤكدا اصراره على التدقيق الجنائي، بعد التمديد ثلاثة اشهر لشركة “الفاريز ومارسال”.
واذا كانت العقبات باتت ثلاثاً: حكومة فضفاضة، عقوبات اميركية، وتدقيق بحسابات المركزي، كل واحدة منها تنطوي على تفاصيل تحتاج ليس لأسبوع او اسابيع، بل ربما لعهد كامل، فإن وحدة “القواعد والمعايير” التي يشترطها النائب جبران باسيل، تعني اشتباكاً مباشراً مع “الثنائي الشيعي” او عملية كسر التفاهمات التي حصلت بين الرئيس المكلف وكلّ من حركة “امل” وحزب الله.
وعلمت “اللواء” ان فريق 8 آذار طلب من الموفد الرئاسي العمل مع الرئيس المكلف على:
1 – إلغاء فكرة المداورة، نظراً للاشكاليات التي أثارتها، بعد تمسك التيار الوطني الحر بشموليتها.
2 – إبقاء وزارة الطاقة مع التيار الوطني الحر.
3 – اقناع الرئيس مكلف بالاجتماع مع رؤساء الكتل النيابية.
4 – الاسراع بتأليف الحكومة.
كشفت مصادر ديبلوماسية اوروبية أن لقاءات الموفد الفرنسي مع المسؤولين والزعماء اللبنانيين تركزت على الأسباب التي تحول دون تنفيذ المبادرة الفرنسية حتى الان،بالرغم من موافقة كل الاطراف عليها وابلاغهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصيا بتاييدها والالتزام بتنفيذها ولكن لم يحصل شيء من هذا القبيل حتى اليوم.
وفي حين تذرع البعض بان السبب يعود لعدم وجود آلية تنفيذية تحدد كيفية التنفيذ، ما أدى إلى تباينات وخلافات حولها، اعاد الموفد الفرنسي على اسماع هؤلاء بان الاتفاق الذي تم بحضور الجميع هو بتشكيل حكومة انقاذ من اختصاصيين مشهود لهم بالكفاءة تتولى القيام بالاصلاحات المطلوبة في القطاعات والادارات العامة، وتعمل على حل الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان، مشددا في الوقت نفسه على انه لا يكفي الاعلان عن الإستمرار بتاييد المبادرة الفرنسية فقط، بل يتطلب الامر وضع هذا التأييد موضع التنفيذ الفعلي والسريع من خلال المباشرة بتاليف الحكومة الجديدة اولا وتمكينها من القيام بالمهمات المنوطة بها.
وحذر انه من دون قيام حكومة جديدة، سيكون من الصعب مساعدة لبنان ليتجاوز ازمته المالية والاقتصادية، مبديا خشيته، من ان يكون مثل هذا السبب هو للتهرب من تنفيذ المبادرة.
وعلمت “اللواء” من مصادر مطلعة ان نقطة الخلاف الأساسية في الملف الحكومي تتصل بعدم عقد الرئيس المكلف أي اجتماعات مع أي من القيادات السياسية وهذا ما عبرت عنه هذه القيادات.
وفهم من المصادر إن ما طرح من أسماء في اللقاءات الأخيرة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تأليف الحكومة لاقت تحفظات مشيرة إلى أن هناك جولات أخرى من الاجتماعات بينهما لكن واقع الأمور يفيد أن الملف الحكومي يحتاج إلى وقت والى خطوات عملانية ومن هنا اتت دعوة رئيس الجمهورية إلى تشاور وطني عريض.
وأوضحت المصادر أن دوريل جدد اهتمام ماكرون بالوضع اللبناني على الرغم من التحديات الماثلة أمام فرنسا وطالب بالإسراع في تأليف الحكومة لأن الإصلاحات المنتظرة من الحكومة هي مفتاح الدخول إلى برامج المساعدات سواء من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي والمجموعة الدولية.
وكشفت أن عون عطف على ما قاله ماكرون في حينه أي قيام تشاور وطني عريض للحكومة وهذا أمر طبيعي والرئيس الفرنسي أورد وقتها عبارة التشاور الوطني لتشكيل حكومة مهمة كي تأتي الحكومة الجديدة مسندةالى أكثرية مريحة في مجلس النواب لأن هناك إصلاحات تستدعي قوانين وأخرى تستدعي مراسيم ومن هنا فأن المطلب هو الحكومة المنتجة والفاعلة وهذا ما تم التركيز عليه.
ومع ذلك، واصل موفد ماكرون لقاءاته التي تستمر الى اليوم، فزار عين التينة، واجتمع الى الرئيس نبيه بري، الذي ابلغه ان “المخرج الوحيد لخلاص لبنان هو انجاز حكومة اليوم قبل الغد، وزراؤها اختصاصيون يحظون بثقة ينتظرها المجلس النيابي” على أحر من الجمر، او “بفارغ الصبر” (وفقا لتعبير بري نفسه).
وكما في اللقاءين السابقين، مضى موفد ماكرون، الذي بات ملف المبادرة بيده، تساعده السفيرة آن غريو، معتصماً بالصمت، فزار بيت الوسط، والتقى الرئيس المكلف، ليجري “استعراض مجمل الاوضاع في لبنان وموضوع المبادرة الفرنسية، وملف تشكيل الحكومة الجديدة” حسب المكتب الاعلامي للرئيس المكلف.
ومن القيادات السياسية، الشريكة في لقاء قصر الصنوبر مع الرئيس ماكرون، صاحبة “مبادرة الانقاذ الفرنسية التي زارها النائب وليد جنبلاط بحضور نجله تيمور جنبلاط في كليمنصو.
ولم يشر بيان مفوضية الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي الى بحث ملف الحكومة، واكتفى بكلمات عمومية قليلة “حيث جرى عرض مختلف التطورات والمستجدات الراهنة”.
ثم زار دوريل حارة حريك، والتقى النائب محمد رعد رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة”.
وحسب معلومات “اللواء” ان موفد ماكرون نقل لمن التقاهم رسالة مضمونها تشكيل حكومة كفوءة ومقبولة كي تباشر الاصلاحات واستعادة ثقة المجتمع الدولي.
وذكرت مصادر المتابعين للزيارة لـ “اللواء” ان دوريل استفسر ممن التقاهم عن سبب تعثر تشكيل الحكومة، وعن العقدة الاساسية التي تعيق التشكيل وتبين انها لا زالت تدور حول من يسمي الوزراء وبخاصة المسيحيين منهم، حيث يصر الحريري على تسمية الوزراء ويعرضها على عون بينما يرفض عون ذلك. وألمحت المصادر الى ان زيارة دوريل تهدف الى إنقاذ المبادرة الفرنسية وإنقاذ لبنان ايضاً.
وأشار دوريل خلال اللقاء مع عون إلى ان فرنسا ستواصل تقديم مساعدات عاجلة في مجالات عدة لاسيما منها المجال التربوي، مذكّراً بأن وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه لبنان مرتبط بتحقيق الإصلاحات.واشار دوريل الى “دقة وخطورة الازمة الاقتصادية”.
وعلمت “اللواء” انه خلال اللقاء مع جنبلاط كرر موقف فرنسا “بتشكيل حكومة مهمة من الاختصاصيين غير الحزبيين، مهمتها تحقيق الاصلاحات وإعادة الاعمار”، وأن الحريري عرض له مسار الاتصالات لتشكيل الحكومة. واكد الطرفان ان المبادرة الفرنسية هي الحل الوحيد لحل الازمة في لبنان.
النائب محمد قال بعد اللقاء للصحافيين: أن دوريل جاء في مهمة استطلاعية بموضوع تشكيل الحكومة، وللتأكيد على المبادرة الفرنسية وعلى ضرورة التزام الحكومة التي يجري تشكيلها بتنفيذ بنود المبادرة والورقة الاصلاحية التي تم الاتفاق عليها في قصر الصنوبر.
وأضاف رعد أن “دوريل تمنى التعاون مع الرئيس المكلف في تذليل العقبات، ولم يأتِ على ذكر نوعية العقد الحكومية، ونحن مسؤولون قدر المستطاع عن الاسراع في تشكيل الحكومة لأن البلد لا يحتمل والوضع الاقتصادي سيىء جداً.
ورداً على سؤال عن عقوبات اوروبية على معرقلي تشكيل الحكومة، أجاب: “استغرب مثل هذا الكلام الذي لم يؤتى على ذكره ولا يمكن تحديد من يعرقل قيام الحكومة”.
على ان الاخطر ما نشرته بالتزامن مع مهمة دوريل السفارة الاميركية، في بيروت، عبر “تويتر” بعنوان: “الدول الأوروبية تشن حملة على حزب الله المدعوم من ايران”. وتوقف ناشر المقال عند حظر الحزب في بعض الدول الاوروبية كأستونيا وليتوانيا وصربيا وألمانيا، وغواتيمالا والارجنتين، ليستنتج ان هناك “اجماعاً عالمياً حول مخاطر انشطة حزب الله”.
100.000
وسط هذا الحراك الفرنسي الملحّ، وقبل يوم واحد من دخول قرار الاقفال العام حيّز التنفيذ، ومع تمديد أيام تحريك سيارات التي تحمل نمراً مزدوج ومفرد مع اعتبار يوم الاحد عطلة بوجه كل السيارات، ارتفعت اصوات القطاعات المشمولة بالاقفال، وبعضها جاهر بعدم الالتزام، مع صعود خطير في عداد كورونا الذي تجاوز 100 الف اصابة.
وبحسب احصاءات وزارة الصحة، يسجّل لبنان الذي يبلغ عدد سكانه نحو ستة ملايين نحو 11 ألف إصابة كمعدل أسبوعي. وفي محاولة للحد من ارتفاع عداد الإصابات، يبدأ فجر السبت فرض قيود إغلاق وصفته الحكومة بأنه “تام” ويستمر حتى نهاية الشهر الحالي. وأعلنت وزارة الداخلية الخميس أن الاغلاق سيترافق مع حظر تجول من الخامسة مساء حتى الخامسة فجراً من الإثنين حتى السبت، على أن يمنع التجول بالمطلق يوم الأحد. كما نظمت سير السيارات وفق أرقام لوحاتها، بحيث لا يمكن السير لأكثر من ثلاثة أيام أسبوعياً. ولا يشمل قرار الاغلاق مطار بيروت، كما يتضمن استثناءات لقطاعات صحية وحيوية. وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الثلاثاء “بلغنا اليوم الخط الأحمر في عدد الإصابات، وبلغنا مرحلة الخطر الشديد في ظل عدم قدرة المستشفيات، الحكومية والخاصة، على استقبال المصابين بحالات حرجة” بعدما امتلأت أسرتها. وأضاف “نخشى أن نصل إلى مرحلة يموت فيها الناس في الشارع”. وازداد معدل الإصابات اليومي خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت المروع، الذي ساهم في إرباك القطاع الصحي الهشّ. ويخشى المسؤولون من انهيار المنظومة الصحية خصوصاً مع ارتفاع الإصابات في صفوف الطواقم الطبية وعدم قدرتها على استقبال مرضى جدد وسط استمرار ارتفاع عداد الإصابات وامتلاء أسرة العناية الفائقة. وفي إطار دعم لبنان على تحمل أعباء التصدي للوباء، وصلت الى بيروت الخميس طائرتان محملتان بمعدات طبية مقدّمة من دولة قطر، لتجهيز مستشفيين ميدانيين في صور (جنوباً) وطرابلس (شمالاً) يتسع كل منهما لـ500 سرير، وفق ما أعلنت سفارة قطر في بيروت. ويأتي تزايد تفشي الفيروس في وقت يشهد لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية التي ضاعفت معدلات الفقر في البلاد، ما دفع جهات اقتصادية إلى الاعتراض على قيود الإغلاق.
100 يوم على انفجار المرفأ
وامس، سجل مرور 100 يوم على انفجار مرفأ بيروت، نفذ عدد من الناشطين اعتصاماً امام قصر العدل في بيروت، تحت عنوان “لن نستكين”. ورفع المشاركون اللافتات مطالبين بالاسراع في التحقيقات. ودعوا المحقق العدلي القاضي فادي صوان الى الكشف عن التحقيقات. وفي وقت زار ذوو ضحايا الانفجار متروبوليت بيروت المطران الياس عودة، أعلنت المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان، أن “الاتحاد الأوروبي خصص 7 ملايين يورو كتمويل إضافي للمفوضية من أجل توفير الدعم السكني لآلاف الأشخاص المتضررين جراء تفجيرات 4 آب في بيروت. وستساعد هذه المساهمة الإنسانية المقدمة من الاتحاد الأوروبي أكثر من 10,500 شخص من المجتمعات الأكثر تضررا على إعادة تأهيل منازلهم من خلال عمليات تصليح طفيفة وأعمال ترميم بسيطة”.