يتحدّث رئيس لجنة الصحّة النيابية عاصم عراجي، عن متابعاتهم العلمية لتطوّر الفيروس وطبيعة المتحوّر الجديد “أوميكرون”، ويؤكد أنه “بحسب التقارير الطبية الأوروبية فإنّه سريع الانتشار، وهو أسرع من المتحوّر دلتا بـ5.6 مرات، ما يعني أنّه بعد فترة وجيزة لن تتمكّن حتى الدول الغنية والتي تتمتّع بنظام صحّي كامل من ضبطه والحدّ من انتشاره”.
“إمكانياتنا تكاد تكون معدومة اليوم”، بهذه العبارة وصف عراجي مشهد الواقع الصحّّي والاقتصادي على حدّ سواء. ويقول لـ”النهار”: “لهذه الأسباب طلبنا من المواطنين الالتزام بالإجراءات، نحن لا نريد الوصول إلى خيار إقفال البلد، وهو الكأس المرّ الذي سنشربه جميعاً”.
وأكّد “أنّ المعنيين على يقين بأنّ الناس لن تلتزم في حال اتّخذ قرار الإقفال، لذلك نقول اليوم لهم التزموا وخففوا من التجمّعات في البيوت والأماكن المغلقة، لأنّ أوميكرون ليس كباقي المتحوّرات، ويمكنه الانتقال بثوان من شخص إلى آخر بعكس باقي المتحوّرات التي تنتقل بحدود الـ15 دقيقة”.
وبالرغم من كلّ ذلك، يشير عراجي إلى أن “لا تفكير بموضوع الإقفال من قبل المعنين في الوقت الحاضر بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، لكنّ الأمر يبقى معلّقاً على المسار الوبائي في البلد وتطوره، وبالتالي في حال وصلنا إلى مرحلة إشغال تام لغرف العناية الفائقة، وعدم وجود قوارير أوكسيجين للمرضى، سنضطرّ مرغمين إلى الإقفال”.
خطورة الدخول في متاهة المتحوّر الجديد “أوميكرون” سريع الانتشار، تتبعها خطورة عدم قدرة لبنان على مواجهته بعكس المرحلة السابقة، في ظلّ واقع صحيّ لا يمتلك أدنى مقوّمات الصمود.
وفي الإطار، يتناول عراجي بعض الأرقام والقدرة الاستيعابية في المستشفيات مقارنة مع الفترة ذاتها من العام المنصرم. ويشير إلى أنّ “جهوزية المستشفيات الآن تبلغ نسبتها 40% فقط من تلك النسبة التي كانت متوفرة في العام الماضي، حيث كان هناك حوالى 2500 سرير بين أسرّة عناية فائقة وأسرّة عادية، فيما اليوم لا يتعدّى عدد الأسرّة الـ916 سريراً، نسب الإشغال في المستشفيات فاقت الـ90% في بعض المناطق اللبنانية”.
وما يفاقم الأزمة اليوم هو انعكاس الوضع الاقتصادي على الواقع الصحّي، وعدم قدرة المسشتفيات على فتح أقسام مخصّصة لكورونا. وذلك بسبب “انخفاض عدد الطاقم التمريضي الذي هاجر بمعظمه بسبب الظروف المادية، إضافة إلى عدم قدرة المستشفيات المادية لإعادة تجهيز أقسام جديدة”، بحسب ما شرح عراجي.
ويضيف: ” هذه ليست المشكلة فقط، إنّما أيضاً كلفة الاستشفاء أصبحت مرتفعة جداً، حيث باتت تكلفة ليلة العناية الفائقة تتراوح بين 8 و10 ملايين ليرة، وأسعار الأدوية “نار”. وحتى لو أراد المريض تلقّي العلاج خارج المستشفى، فإنّ ذلك أصبح مكلفاً أيضاً، فيما جهات الضمان غير قادرة على تسديد الفاتورة. وهذا ما نخاف منه، بألّا يتمكّن من لا قدرة مادية لديه من تلقي العلاج في كلّ أشكاله، ونكون أمام كارثة إنسانية لن نستطيع ردعها”. وتساءل “كيف سنواجه متحوّراً سريع الانتشار كـ”أوميكرون” بهذه الإمكانيات شبه المعدومة؟”.
واقع مرير، يبدو أنّه في انتظارنا في المرحلة المقبلة مع سرعة تفشّي “أوميكرون” في ظلّ أدنى مقوّمات صمود القطاع الصحّي وعدم اقتناع بعض المواطنين بكلّ إجراءات الدولة، بينما هم منهمكون في تأمين قوت يومهم، ويصارعون الموت وهم أحياء.