كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : سقط الطعن في تعديلات قانون الانتخاب امام المجلس الدستوري، ما طرح تساؤلات عن الافرقاء الذين سقطوا سياسيا، أهم الطاعنون ام معارضو الطعن؟ وبينهم المجلس الناظر في الطعن ولم يتمكن من التصويت عليه باكثرية سبعة من عشرة ما دفع رئيسه الى القول انه تعرّض لـ”سقطة”، فيما بدا ان الاجواء بين “الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني الحر” قد اكفهرّت، في الوقت الذي بدا ان الازمة الحكومية ـ القضائية مستمرة في التعقيد نتيجة الكلام عن المقايضات التي سبقت رفض الطعن الذي جعل الاستحقاق الانتخابي يؤول الى الاجراء في الربيع المقبل على اساس القانون النافذ الذي جرت على اساسه انتخابات 2018 من دون زيادة او نقصان، ما لم يطرأ اي شيء يعطّله او يؤجله…
قالت اوساط سياسية لـ”الجمهورية” ان اجهاض طعن “التيار الوطني الحر” عبر “اللاقرار” الذي أفضت اليه جلسات المجلس الدستوري، ”إنما أتى كنتيجة تلقائية لإخفاق محاولات التوصل الى صفقة او تسوية متكاملة عشية الاجتماع النهائي للمجلس”. وأكدت “ان ما تمخّض عن مراجعة المجلس الدستوري لا يخلو من المؤثرات السياسية التي فعلت فعلها”، لافتة إلى “ان خيارات بعض اعضاء المجلس عكست محاباة لمن عينهم في مواقعهم”.
فيما اعتبرت جهات مؤيدة لسقوط الطعن “انّ ما حصل هو إحقاق للحق وإنصاف للمغتربين”، مشددة لـ”الجمهورية” على أنّ المجلس الدستوري “تمكن من احتواء محاولات دفعه في اتجاه آخر ولم يخضع لها وهذه تُحسب له، لا عليه”.
بعبدا و”السقطة”
وفي وقت لاحق من مساء أمس وبعدما تبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون من مشلب ان المجلس الدستوري لم يُصدر قراراً بالطعن الذي قدمه امامه تكتل “لبنان القوي”، اعتبرت مصادر رئاسة الجمهورية أن ما حصل هو “سقطة للمجلس الدستوري”، مستعيرة ما قاله مشلب فور انتهاء الجلسة الاخيرة للمجلس امام وسائل الاعلام.
وعن الحديث المتنامي عن تدخلات لرئيس الجمهورية لدى رئيس المجلس الدستوري او اي من اعضائه قالت المصادر “ان ما قاله مشلب في هذا الصدد دقيق لأنّ ذلك لم يحصل يوما ولم يطلب عون شيئا من احد”. ولفتت الى ان ما حصل يوحي بقوة ان “ثمة قوى تعطّل القضاء والمجلس الدستوري والسلطة الاجرائية والتدقيق الجنائي”.
ورفضت المصادر الدخول في التفاصيل او تسمية الاطراف المقصودة بهذه الملاحظات، واشارت الى انها كانت تراهن على استقلالية المجلس، الامر الذي لم يحصل. وأن أي اتهام من هذا النوع مردود الى مَن سعى الى تعطيل المجلس الدستوري وهم يعرفون انفسهم ولا داعي لتسمية احد”.
”الثنائي”
الى ذلك، وفيما ذهب بعض الاوساط السياسية الى القول انّ ”الثنائي الشيعي” في ورطة ويبحث عن حل ينزله عن الشجرة، قالت مصادره لـ”الجمهورية”: “للأسف انّ الجميع مقتنع بما نحن مقتنعون به لكن الحسابات الانتخابية والشعبوية تتقدم حالياً على كل ما عداها. أولاً، لأننا دخلنا في مدار الانتخابات. وثانيا، لأنّ المجتمع الغربي ضاغط والدول العربية عيونها علينا ونحن نمد يد الغوث لها”…
واضافت هذه المصادر “انّ هناك مَن ساوَرته نفسه في ساعة ما انه يستطيع في زمن اشتداد الازمة والانشغال بالكوارث التي تقع على لبنان ان يتسلّل لإمرار سياسته الانتقامية ويصفّي حساباته الشخصية، لكنّ السحر انقلب على الساحر واكتشف انّ هذه اللعبة خطرة وعواقبها وخيمة، وانّ هذه الممارسات يمكن ان تفجّر البلد، واصبحوا اليوم في منتصف الطريق لا يستطيعون التراجع حتى لا يصابوا بسهام طائفتهم والرأي العام في الداخل وغضب الخارج، ولا التقدم، فيخسرون ما بقي لهم من فرص في ادارة الدولة والحكم، ولهؤلاء نقول: انتم من على الشجرة والنزول لا يكلّف سوى العودة الى الرشد والدستور”.
سقوط الطعن
وكانت الانظار قد انشدت طوال نهار امس الى المجلس الدستوري االذي عقد اجتماعه السابع والأخير برئاسة القاضي طنوس مشلب وحضور الأعضاء، واستأنف المداولات في قرار الطعن المقدم من ”التيار الوطني الحر” بتعديلات قانون الانتخابات النيابية، لكنه لم يتوصّل إلى قرار لتعذر تأمين أكثرية 7 أعضاء، فاعتبر القانون المطعون به نافذا، وتم تنظيم هذا المحضر لإبلاغه إلى رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، على أن ينشر في الجريدة الرسمية.
وقال مشلب إثر الاجتماع: “بعد 7 جلسات لم نتمكن من الوصول الى رأي موحد فاضطررنا الى القول اننا لم نصدر قرارا ويُعتبر القرار المطعون به ساري المفعول وتتم الانتخابات وفق القانون”. وأضاف: ”لم يطلب أحد منّا شيئاً في السياسة والصفقة التي تحصل تكون بين أصحابها ولا تصل إلى أبواب “الدستوري” والنقاش كان قانونيّا”. اضاف: “لم يكن الانقسام لا طائفيّا ولا مذهبيّا ولم يكن المجلس منقسماً بالنصف وناقشنا النقاط كافة ووصلنا إلى النقاط حول المغتربين حيث كانت الآراء مختلفة”. وتابع: “لست راضياً عن عدم صدور قرار ولكن لم يكن في الإمكان أكثر ممّا كان،
وما حصل قد يكون سقطة في نقطة معيّنة للمجلس الدستوري ولا أعرف ما إذا كان هناك تدخّل لدى أحد من الزملاء ولكن لا أشكّ بأحد”. وقال: “لا أحد “يمون” عليّ وفي رأيي يجب أن لا “يمون” أحد على الزملاء ولا تواصل بين أحد منّا وميقاتي”. وأكد “حتى هذه الساعة لم يطلب منّي الرئيس عون أي طلب لا في ما يخصّ هذا الموضوع ولا غيره، رغم أنّ البعض يحسبني عليه بما أنّه هو من سمّاني. واشار الى ان عدم صدور قرار يعني تأجيل الانتخابات في الدائرة 16 لعام 2026”.
مشلب لـ”الجمهورية”
وقال مشلب لـ”الجمهورية”: “إعتبرتُ ما حصل سقطة لأننا وصلنا الى محضر من دون قرار، وعلى رغم من ان هذه النتيجة لَحظها القانون في مواده، الا انني أتأسف لأننا في جلسات النقاش التي عقدناها خلال الايام السابقة أعدّينا دراسات معمقة حول مواد قانونية واستندنا فيها الى مراجع دستورية كبيرة لبنانية وفرنسية ووصلنا فيها الى اجتهادات، لكن لم نتوصّل الى قرار في عرض الاسباب السبعة، ولا ننسى ان مهلة الـ 15 يوماً هي مهلة قصيرة وضاغطة، ففي مصر مثلاً المهلة مفتوحة وهناك طعون تأخذ أشهراً للبت بها. طبعاً هذا الامر لم يكن متاحاً في هذه الحالة لأننا امام مهل محددة للانتخابات، لكن المهلة في لبنان عموماً للبَت في الطعون ضيقة جداً”. واضاف: ”صحيح انني أقرّيت بأنها سقطة، لكن في السابق كانت تحصل سقطات اكبر عندما كان يحصل تغيّب عن الجلسات والمجلس لم يكن يمارس دوره، اما اليوم فنحن عقدنا جلسة المذاكرة في حضور اعضائه العشرة ولم يتغيب احد، ما يعني انّ المجلس مارس دوره بفعالية” .
ولدى سؤاله اذا كان ما حصل داخل المجلس الدستوري يشكل صورة عن الانقسام او الاصطفاف الحاصل في البلد؟ قال مشلب: “في كثير من بلدان العالم يُعَيّن القضاة الدستوريون على الشاكلة نفسها التي يتم فيها التعيين في لبنان، وانا ردّدتُ في اليوم الاول من تعييني ما قاله احد اهم رؤساء المجالس في العالم وقلت لرئيس الجمهورية: je vous dois mon ingratitude، وهذا يعني انني سأنكر الجميل فلا يجب تغيير القناعة لأجل السلطة، السياسيون يتقلّبون لكن نحن يفترض ان نبقى حماة الدستور وأمناء عليه” .
باسيل
وعلّق رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل، بعد اجتماع التكتل، على سقوط الطعن فقال: “اليوم (أمس) تم اسقاط المجلس الدستوري وتعطيله لأن الطعن لم يسقط بل لم يصدر قرار في شأنه”. وأوضح: “ما حصل هو ضرب للميثاقية وصلاحية رئيس الجمهورية في المادة 57 وسقوط اضافي للدستور الذي نحاول ان نحافظ عليه”. وأضاف: “إنّ ما جرى هو نكسة للحق وليس للتيار وايضا نكسة للمنتشرين، وقد تم بقرار سياسي واضح من قبل منظومة متحالفة مع بعضها في عهد الرئيس عون وعلى رأسها في المجلس الدستوري اليوم كان الثنائي الشيعي، وهذا ما ستكون له مترتبات سياسية”. واعتبر ان “ما حدث هو سكوت عن جملة امور منها التلاعب بالمهل واضافة مواد الى نص تشريعي تتعلق بصلاحية وزيرين هما العدل والخارجية بلا نقاش وتصويت، وهذا ضرب لنظام المجلس النيابي الداخلي والمادة 66 من الدستور الى جانب المَس بصلاحية الرئيس بردّ قانون وفق المادة 57”. وقال: “صلاحية الرئيس بردّ القانون اساسية ورفض الرد يحتاج الى اكثرية معززة هي 65 نائبا وفق المادة 57 من الدستور، وهنا لا نقاش بالموضوع والرئيس بري سبق وصرّح عام 1994 بهذا الامر”.
وتوجّه باسيل الى “الثنائي الشيعي” قائلاً: “لا مبرر لعدم انعقاد مجلس الوزراء وكذلك لرئيس الحكومة اذ لا يبدو ان هناك استعجالاً لهذا الامر”.
وسأل: “اين الجريمة اذا طالبنا المحقق العدلي بالاسراع في اصدار القرار الظني؟”.
لا مجلس وزراء بعد
وفيما راوحت الازمة الحكومية ـ القضائية في مكانها، استبعدت مصادر وزارية ان يقدم رئيس الحكومة على الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء قبل حل قضية البيطار، وقالت لـ”الجمهورية” ان ميقاتي “أعقل من ان يخطو هذه الخطوة خصوصاً انه تبلّغ رسالة واضحة مفادها انّ زمن تجاوز الميثاقية قد ولى، ثم انه بالنسبة الى الثنائي الشيعي هو رجل ارتضى ان يتولى المسؤولية في أسوأ واصعب الظروف، وبالتالي هو على اقتناع بأنه لن يقود البلاد الى ما لا تحمد عقباه فتتحول المهمة من فرملة الانهيار الى التسبب بانفجار…”.
مجلس الدفاع
على صعيد آخر، دعا رئيس الجمهورية المجلس الاعلى للدفاع الى اجتماع يعقد ظهر اليوم في قصر بعبدا للنظر في عدد من النقاط الواردة على جدول الأعمال الموسّع. وينتظر ان تعقد على هامش الاجتماع خلوة بين عون وميقاتي للبحث في مجمل التطورات على المستويات كافة.
وفي معلومات لـ”الجمهورية” انّ مجلس الدفاع سينظر في تمديد مهلة التعبئة المعلنة لمواجهة التطورات الصحية التي أدى اليها انتشار كورونا وهي تنتهي عملياً في 31 من الشهر الجاري لمدة 6 أشهر أخرى، والسهر على تنفيذ القرارات التي اتخذت من أجل مواجهة انتشاره في سهرات عيدي الميلاد ورأس السنة، والتثبت من الالتزام بالخطوات المقررة لحماية المواطنين والحد من انتشاره مخافة موجة جديدة يمكن ان يتسبب بها التسَيّب المحتمل.
كذلك سينظر المجلس في حضور جميع أعضائه، وخصوصاً القادة العسكريين والامنيين واركان السلطة القضائية، في الخطط الامنية التي وضعها مجلس الامن المركزي لمواكبة عطلة العيدين وفق الترتيبات المعتمدة سنويا من أجل عبور المناسبتين في افضل الظروف الأمنية ومنع حصول اي حوداث بالإضافة الى الترتيبات الخاصة بالتباعد الاجتماعي والتدابير الصحية.
وكانت وزارة الصحة العامّة قد اعلنت في تقريرها اليومي امس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 1806 إصابة جديدة بكورونا (1737 محلية و69 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 703555.
كذلك سجل التقرير 15 حالة وفاة جديدة ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 8965.
غوتيريس
من جهة ثانية حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من أنّ المجتمع الدولي لن يساعد لبنان إذا استمرت المراوحة السياسية في إعاقة تطبيق الإصلاحات التي تحتاج إليها البلاد بشدة.
وقال، خلال مؤتمر صحافي عقده في ختام زيارة للبنان استمرت ثلاثة أيام، إن “استجابة المجتمع الدولي، بغضّ النظر عن الدعم الذي تم توفيره، لن تكون على الأرجح في الشكل المطلوب إذا بقي البلد مشلولا”.
وفي إشارة إلى الإصلاحات قال إن “دعم المجتمع الدولي يفترض أن يكون أكبر بكثير مما هو عليه الآن، والشعب اللبناني يستحق ذلك، لكن هناك عملاً (داخلياً) يجب إنجازه في لبنان”.
وذكر غوتيرس انّ الجهات الدولية المانحة لم تموّل سوى 11 في المئة فقط من خطة الاستجابة الأممية المرصودة والبالغة قيمتها الإجمالية 383 مليون دولار. وحضّ القادة اللبنانيين على “اتّخاذ خطوات لاستعادة الثقة، بما في ذلك استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي”. وقال: “من الأهمية بمكان استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ووضع خطة جديدة ذات صدقية للتعافي الاقتصادي… لحشد دعم المجتمع الدولي، لكن هذا الأمر يتطلب إرادة سياسية”.
وكان غوتيريس قد زار صباح أمس المقر العام لقوات حفظ السلاك الدولية (اليونيفيل) في الناقورة، وكان في استقباله القائد العام لهذه القوات ستيفانو دل كول والضباط الدوليين الكبار، حيث قدمت له ثلة من الجنود الدوليين التحية.
بعدها انتقل الى مكتب دل كول حيث عقد معه اجتماعا، واطلع منه على مهمات “اليونيفيل” وعملياتها، واستمع الى شرح مفصل عن دورها العملاني في جنوب لبنان، ثم جالا على الخط الازرق.
سلامة والدولار
ماليا واقتصاديا أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنّ حصول لبنان على دعم يتراوح بين 12 و15 مليار دولار في حال التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، من شأنه أن يساعد على إعادة تحريك الاقتصاد المتعثّر واستعادة الثقة، منبّهاً مِن تضاؤل الاحتياطي الإلزامي بالدولار.
وقال سلامة لوكالة “فرانس برس”: “حصتنا في صندوق النقد هي 4 مليارات دولار ويمكن أن تأتي دول وتضيف عليها.. يمكن أن نصل الى مبلغ يتراوح بين 12 و15 مليار دولار”. وقال: “هذا المبلغ يساعد لبنان لينطلق مجدداً ويستعيد الثقة”. وأوضح: “بمقدار ما نتمكّن من استقطاب أموال (…) بمقدار ما نتعافى بسرعة”، مضيفاً “هذا هو المفتاح لأن ينطلق لبنان ويستعيد البلد نشاطه الطبيعي”. وأوضح سلامة أنّه لا يمكن توحيد سعر الصرف حالياً، بمعزل عن تحقيق استقرار سياسي وقبل التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وقال إنّ المحادثات مع الصندوق ما زالت “في مرحلة الأرقام”.