كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : واقع الحكومة لا يزال على حاله، فبين إصرار الثنائي الشيعي على حل مُشكلة القاضي البيطار وإصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء بمن حضر، لا يوجد في الأفق حاليًا أي بصيص أمل على الرغم من الحديث عن تسوية جديدة يتمّ العمل عليها في الأروقة.
التيار الوطني الحرّ الذي تلقى صفعة قوية بقرار المجلس الدستوري “لا قرار” والذي ثبت العمل بقانون الإنتخاب بالتعديلات التي تمّ التصويت عليها، يتجه نحو التصعيد عبر الطلب إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي بعقد جلسة مساءلة للحكومة اللبنانية. أيضًا ومن باب الرد على توزيع الأصوات في تصويت المجلس الدستوري، من المتوقّع أن لا يوقع الرئيس عون مرسوم دعوة عقد إستثنائي لمجلس النواب وهو ما يعني شلل على الصعيدين التنفيذي والتشريعي أقلّه إلى شهر أذار 2022.
صفقة التسوية التي كانت قد وصلت إلى مراحلها الأخيرة، سقطت مع قرار المجلس الدستوري بحكم أن قبول الطعن بقانون الإنتخابات النيابية، كان أحد أعمدة هذه التسوية وهو ما يسمح للتيار البرتقالي بحصر أصوات المغتربين في 6 مقاعد لا تؤثر على نتائج الإنتخابات مع سيناريوهات التحالفات التي قد وضعها التيار. إلا أن قرار الدستوري عدّل في معطيات اللعبة ومن المتوقّع أن يكون هناك تصعيد من قبل التيار الوطني الحرّ في المرحلة المقبلة وهو ما سيُعبّر عنه رئيس الجمهورية في كلمته اليوم، حيث من المتوقع أن يكون هناك شدّ عصب مسيحي يسمح للتيار الوطني الحر بلملمة أصوات المسيحيين التي تشرذمت على خلفية موقفه من أحداث الطيونة – عين الرمانة والتي تُشير الإحصاءات إلى إستفادة كبيرة للقوات اللبنانية نتيجة مواقفها.
في هذا الوقت، يتمّ الحديث عن تسوية جديدة يتم العمل عليها تضمن لكل الأفرقاء السياسيين مصالحهم. وبحسب المعلومات المتناقلة، يتمّ الحديث عن بنود من الصفقة القديمة مثل إقرار قانون هيئة إتهامية فوق القاضي العدلي وهو ما يتطلّب توقيع رئيس الجمهورية على دعوة لدورة إستثنائية لمجلس النواب على أن تتعهد الحكومة في المقابل إلى طرح ملف التعيينات في أول جلسة لها حيث يتم الحديث عن أكثر من 150 منصبا شاغرا وغير شاغر سيتمّ تعيين أشخاص جدد فيهم وحيث ترتفع حصة التيار الوطني الحرّ إلى 61 منصبا. ومن أهمّ الوظائف في الفئة الأولى والثانية التي قد يتمّ طرحها، هناك رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى، بعض القيادات الأمنية، وحاكمية مصرف لبنان وغيرها. وبالتوازي، يتمّ العمل على نسج تحالفات إنتخابية بين أركان السلطة، تُلزمهم أمام الرأي العام مع إعلانها بالتوازي مع الصفقة، وتضمن لهؤلاء الحدّ الأدنى من المقاعد النيابية.
وبإنتظار إستواء الطبخة، يعقد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم لقاء صحافيًا عبر كلمة مُتلفزة عوضًا عن كلمة البارحة بمناسبة عيد الميلاد. وتتكاثر الأسئلة عن ما سيُعلنه رئيس الجمهورية في كلمته خصوصًا أن الراعي كان قد وجه له في كلمة قداس العيد الذي حضره الرئيس عون، مناشدة طالبه فيها بإيجاد حلّ للعقدة الحكومية. وتُرجّح المعلومات الصحافية أن يكون موقف الرئيس عون “تصعيديًا” مع الثنائي الشيعي تجانسًا مع موقف رئيس التيار الوطني الحرّ، حيث سيقوم الرئيس بالطلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي علنًا الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء بمن حضر، وسيتّهم علنًا الثنائي الشيعي بتعطيل عمل مجلس الوزراء. إلا أن بعض المصادر رجّحت أن يكون هذا الموقف التصعيدي هو في خانة توزيع الأدوار عملًا بمبدأ أن الحلف البرتقالي – الأصفر لا يُمكن أن ينكسر بحكم بعده الإستراتيجي للطرفين ولكن أيضًا بحكم صعوبة إيجاد التحالفات مع القوى السياسية الأخرى خارج حلف مار مخايل. فالرأي العام المسيحي مُمتعض من تعطيل مجلس الوزراء وبالتالي تأتي كلمة جنرال بعبدا لتُحاكي هواجس هذا الشارع وهو ما قد يصب في مصلحة التيار الوطني الحر في الإنتخابات النيابية المقبلة.
وكان الرئيس عون قد حضر قداس الميلاد في بكركي نهار السبت وقدّم بعدها التهاني للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومن ثمّ عقد خلوة بين الرئيس والبطريرك. البطريرك من جهته نقل إلى الرئيس عون إمتعاضه من تعطيل مجلس الوزراء عبر قوله “لم نصدّق أنّ الحكومة تألّفت، فكيف نتركها اليوم عاجزة عن الاجتماع؟”
الرئيس عون من جهته وعلى شكل “إيحاء” بحسب ما نقلت المصادر أن هناك ما هو أكبر من قرارات الدّولة يقيّد مسار الأمور. وهو بالتحديد ما قاله عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب الشيخ حسن عز الدين الذي قال خلال لقاء سياسي أقيم في مجمع الإمام الحسين في مدينة صور، على أننا “نواجه اليوم أشرس أنواع الحروب ألا وهي الحرب الاقتصادية المحرمة دوليًا، علمًا أن أميركا وحلفاءها جربوا علينا كل الحروب العسكرية والأمنية والثقافية والإعلامية وغيرها، ولكنهم لم يحصدوا إلا الخيبة والحسرة”. وهذا الأمر يدلّ على التناغم الحاصل بين طرفي مار مخايل في الملفات الخارجية.
تُشكّل الإنتخابات النيابية التي من المتوقّع أن تحصل في 8 أو 15 أيار المقبل، محط إهتمام دولي ومحلّي. وإذا كان الرئيس عون قد أكّد في مراحل عدّة آخرها مع الأمين العام للأمم المُتحدة خلال زيارته بيروت على أن الإنتخابات النيابية قائمة في مواعيدها الدستورية، إلا أن المخاوف الجدية من عدة عوامل (أمنية، صحيّة، مالية…) قد تُطيح بهذه الإنتخابات خصوصًا أن الشق التنفيذي لا يوجد حصريًا في يد رئيس الجمهورية، بل هو في يد الحكومة. هذه المخاوف كان البطريرك الراعي قد عبّر عنها في كلمته عبر قوله أن “الانتخابات محطة دستورية مهمة يعبّر من خلالها الشعب عن رأيه ومن الضروري جدًا الالتزام بالاستحقاق الدستوري المتمثل بالانتخابات النيابية ومن بعدها الرئاسية”، متأسفًا سماع “الأحاديث السلبية عن تأجيل الانتخابات والتي هي نتيجة خيبات الأمل”.
الوضع الصعب الذي يعيشه لبنان والعقدة السياسية التي تذكرنا بأيام الحرب، ترافقت مع أزمة معيشية غير مسبوقة وظروف حياتية صعبة في ظل الشتاء القارس وعودة موجة جديدة من كورونا تُعرف بمتحور ”أوميكرون”. وكان رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري قد صرّح في حديث تلفزيوني له أن لبنان يدخل في موجة جديدة قد تصل إلى مستويات أعلى وعلينا أن نستعد لموجة أكبر من كورونا مُشيرًا إلى أن اقفال البلد له تداعيات إيجابية وسلبية ولكن حتى الآن لم يطرح على الطاولة ومعظم الاصابات طفيفة وقد لا نضطر إلى الاقفال.
أما من جهة المستشفيات، فقد صرّح نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون إلى أن “وضع المستشفيات الخاصة دقيق جدًا وهناك عدم قدرة لهذه المستشفيات على إستيعاب مرضى كورونا في حال تعرض لبنان لموجة جديدة كالسنة الفائتة”. وأضاف في حديث إذاعي إلى أن “سبب هذا الوضع يعود إلى هجرة الأطباء والارتفاع الكبير في سعر المستلزمات الطبية بنسبة 85% وأصبحت على الدولار الفريش”، مشددًا على أن “غرف العناية أيضاً فيها 400 سرير فقط وهذه الأسرّة لا تكفي”. وطالب نقيب المستشفيات الخاصة بـ “دعم مالي خارجي لإنقاذ وضع المستشفيات الخاصة بسبب رفع الدعم عن المستلزمات الطبية”.
على صعيد أخر، إستطاع تعميم مصرف لبنان رقم 161 لجم المنحى التصاعدي للدولار الأميركي أقلّه حتى نهاية شهر كانون الثاني من العام المقبل. هذا اللجم في سعر الصرف آتٍ من مبدأ أن المواطن أصبح بإمكانه الحصول على دولارات من المصارف على سعر منصة صيرفة الذي هو أقلّ من سعر السوق السوداء مع لجم كبير لعملية طبع العملة وهو ما يجعل سعر السوق السوداء يتوجّه نحو سعر منصة صيرفة، إذا كان سعر السوق السوداء ناتج عن العرض والطلب. أما إذا كان سعر السوق السوداء ناتج عن المضاربات، فإن سعر السوق السوداء سيبقى على حاله. وهنا تظهر مُشكلة أخرى وهي عملية تسعير السلع والبضائع خصوصًا السوبرماركات التي تُسعّر على هواها في ظل غياب مُلفت للأجهزة الرقابية. فأي سعر صرف سيتم إعتماده لأسعار السلع والبضائع؟ الجواب في ملعب الحكومة.