كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : قال كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ما عنده على مسافة ايام من السنة الجديدة، ولكن المعاناة التي يعيشها اللبنانيون ما تزال تتعاظم وتلقي المزيد منهم تحت خط الفقر، فيما المعالجات ما تزال بعيدة وما يتوافر منها لا يسمن ولا يغني من جوع، خصوصاً بعدما بدأت الاهتمامات الداخلية والخارجية تنصبّ على الانتخابات المنتظرة في 15 ايار المقبل، ما يجعل الرهان على اي انفراج قبل ذلك الموعد أشبه بسراب خصوصاً ان الجميع يعتبرون الاستحقاق النيابي محطة مفصلية بالنسبة اليهم كما بالنسبة الى مستقبل البلاد التي تبدو وكأنها تتحرك بقضاياها المتعددة على ايقاع المفاوضات الجارية العلنية والمستترة في شأن الازمات الاقليمية، والتي لم تثمر اي نتائح عملية بعد.
بعدما أدلى كل من عون وميقاتي بدلوه في الملفات الخلافية، من المتوقع ان يسود الجمود السياسي حتى مطلع السنة الجديدة وأن يتم ترحيل تلك الملفات الى بدايتها.
فقد غادر ميقاتي عقب مؤتمره الصحافي أمس الى لندن في زيارة عائلية لتمضية عطلة عيد رأس السنة تاركا خلفه أخذاً ورداً حول اعتباره انّ “حزب الله” هو حزب لبناني وان لا نفوذ إيرانيا في لبنان، وكذلك حول رفضه إقصاء حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة على قاعدة “ان الضبّاط لا يُستبدلون أثناء الحرب”.
اما عون فقال كلمته مترقّبا مفاعيلها السياسية وردود الفعل عليها. وفيما فضّل رئيس مجلس النواب نبيه بري عدم التعليق على الإتهامات التي وجهها اليه رئيس الجمهورية بنحو غير مباشر، نقل زوار عين التينة عنه تأكيده انه مستعد للمشاركة في طاولة الحوار الوطني اذا التأمت.
إنتظار ردات الفعل
وغداة الرسالة الاستثنائية التي وجّهها عون الى اللبنانيين لم يظهر ان هناك ردات فعل استثنائية عليها لو لم يرد رئيس الحكومة امس في كلمة له جاءت لتوضيح بعض المواقف وتسجيل موقف متمايز من رسالة رئيس الجمهورية. ولذلك اعترفت مراجع سياسية مطلعة عبر ”الجمهورية” بأنه لن تكون هناك طاولة حوار كتلك التي دعا إليها رئيس الجمهورية، ولا دعوة الى جلسة لمجلس الوزراء في وقت قريب ما لم تتبدل المواقف الجامدة ازاء كثير من القضايا المطروحة.
عون يرصد
وعلى رغم من رفض أوساط قصر بعبدا الرد المباشر على ما جاء على لسان ميقاتي امس وردات الفعل الاخرى على رسالة عون، علمت ”الجمهورية” من مصادر قريبة من القصر الجمهوري ان رئيس الجمهورية يرصد بدقة ردات الفعل على مضمون رسالته ومجموعة الملاحظات التي ركز عليها ولم يسجل اي موقف عليها حتى اللحظة.
وقالت هذه المصادر لـ”الجمهورية” انّ بعض المواقف التي أطلقتها جهات وشخصيات سياسية وحزبية “كانت مجهّزة سلفاً قبل ان يوجّه رئيس الجمهورية رسالته، خصوصاً تلك التي اعتمدت “شعارات جامدة” لا علاقة لها بما طرحه رئيس الجمهورية ولا بنيّاته”. وتريّثت في إبداء الرأي بردات الفعل الأخرى من أهل الحكم والحكومة في انتظار ان يقول مَن استهدفهم رئيس الجمهورية في كلمته ما يمكن ان يعتبر ردا بمستوى ما جاءت به الرسالة الرئاسية. والمقصود هنا ”الثنائي الشيعي” تحديداً ولو لم يسمّه بالاسم، فإنه راهن على وعي اللبنانيين بأنهم يعرفون مَن قصد لمجرد تناول العلاقة غير السليمة بين المؤسسات الدستورية ولا سيما منها العلاقة بين المجلس النيابي ورئاسة الجمهورية. كما بالنسبة الى الترددات السلبية لتمسّك ”حزب الله” ببعض المواقف وعدم تلبية رغبة رئيس الجمهورية ولو بخطوات متواضعة تفكّ أسر من سلّفهم عشرات المواقف في كثير من المحطات الاساسية والدقيقة”.
اما بالنسبة الى مضمون المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة فلم تر المصادر القريبة من بعبدا فيه أي جديد “فالمواقف التي اطلقها الرئيس ميقاتي امس جاءت تكرارا لمواقف سابقة شهدها اجتماع المجلس الأعلى للدفاع ومناسبات سبقت وأخرى لاحقة، ومنها تلك التي رافقت زيارة الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس لبيروت. فمن الواضح ان هناك مواقف متناقضة تجاه بعض الخطوات التي يتمناها رئيس الجمهورية ويريدها ولا يجاريه فيها رئيس الحكومة وليس في الامر سرا”.
وعن صمت “حزب الله” عما قاله رئيس الجمهورية قالت المصادر ان عون “لا ينتظر ردات الفعل المباشرة. فهو يعرفها ولربما ستعالج في الكواليس لا حين الوصول الى مرحلة تفهم اعطاء الاولوية لوجع الناس ولوقف الانعكاسات السلبية للتشدد غير المبرر في الملف الحكومي، والتي انعكست على مصالح الناس من كل المناطق بلا استثناء وعلى قطاعات حيوية تعاني مخاطر الشلل في حال تأخّر مجلس الوزراء عن معالجتها”.
حوار غير مقطوع
وكان ميقاتي قد عقد امس مؤتمرا صحافيا ردّ في بعض جوانبه على ما ورد في رسالة عون مساء امس الاول فقال: “انّ الحوار ليس مقطوعا مع جميع الأفرقاء وهناك تواصل دائم، وانه يتريث في الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء لأنه يراهن على الحس الوطني لدى جميع الفرقاء لمعاودة عقد الجلسات قريباً”. وشدد على أنه “من الضروري ان يجتمع مجلس الوزراء، وأنا ضد التعطيل من ايّ طرف كان، ولكن طالما أنّ مكوّناً اساسياً لا يشارك فأنا لن أدعو الى عقد جلسة”. وأضاف: “لا يمكن أن أقبل بمقايضة موضوع عقد جلسات لمجلس الوزراء بأي تسوية غير مقبولة مني شخصياً ومن عائلتي وعائلات ضحايا المرفأ وغالبية اللبنانيين، ومن المجتمع الدولي”. وأكد “أنّ التحقيق في موضوع انفجار مرفأ بيروت يجب أن يستكمل مساره الدستوري والقانوني”، وقال: “إننا نقوم بكل ما يجب القيام به بكل جدية لإجراء الانتخابات في موعدها بشفافية”. وأعلن أنّه وقّع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب أعضاء مجلس النواب وأحاله على رئاسة الجمهورية لأخذ مجراه الدستوري.
وطالب ميقاتي بالعودة إلى “سياسة النأي بالنفس التي تحفظ وطننا وتحمي علاقاته مع المجتمع الدولي والعالم العربي”، وشدد على أن ”المهم هو تفاهم داخلي من خلال طاولة حوار لتمتين علاقات لبنان العربية ولا سيما مع دول الخليج وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو الاساءة اليها”.
وعن موضوع استقالته قال ميقاتي: “عندما قدمتُ استقالتي من الحكومة عام 2013 قلت في كتاب الاستقالة “إنني آمل أن تفتح استقالتي ثغرة في الحائط المسدود”. واليوم عندما اشعر ان استقالتي هي الحل فلن أتوانى ثانية عن تقديمها في سبيل ايجاد حل للوضع في لبنان، لكن اذا تبين لي ان استقالتي ستؤدي الى مزيد من الخراب والاضطراب فحتماً لن اقدم على هذه الخطوة، فالتوقيت هو المهم لا النية”.
ورداً على سؤال حول إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قال ميقاتي: “خلال الحرب لا يمكنك الاقدام على تغيير الضبّاط. نحن في وضع صعب ولا يمكنني في الوقت الصعب أن اغيّر الضباط”.
وردا على سؤال عن النفوذ الايراني في لبنان من خلال “حزب الله” قال: “لبنان دولة مستقلة ونحن نبذل كل جهدنا لتكريس هذا الامر. واذا كان المقصود “حزب الله” فهو حزب سياسي موجود على الساحة اللبنانية كبقية الاحزب اللبنانية، ولا أسمح لنفسي بأن أقول أو أعترف بأي نفوذ لأي دولة خارجية على الساحة اللبنانية”.
”كَف يد سلامة”
في غضون ذلك ردّ تكتل “لبنان القوي” في اجتماعه الاسبوعي برئاسة النائب جبران باسيل على موقف ميقاتي من سلامة، فكرر دعوته الحكومة إلى “الاجتماع وكَف يد حاكم المصرف المركزي فورا وتعيين بديل منه بعدما صار مُثقلا بملفات الدعاوى ضده في لبنان والخارج، لأن لا أحد يذهب إلى المعركة بضابط غير مؤهّل لقيادتها ومتهم بالخيانة، فلا يمكن الفوز بالحرب عندما يكون على رأس الجيش من تَسبّب أصلاً بانهياره”. وقال: “مع استمرار المماطلة في تنفيذ العقد الموقع بين وزارة المالية وشركة ألفاريز ومارسال يعلن التكتل أن التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان لا يرتبط بمهلة ولا يسقط، مهما سعى البعض الى ذلك، لأنه السبيل لمعرفة مصير أموال اللبنانيين والعمل على استردادها وكشف الفجوة الكبيرة في حسابات المصرف المركزي، وهذا الهدف هو في صلب نضال التكتل والتزامه”.
وأعلن التكتل “تأييده المطلق لكل ما ورد في كلمة رئيس الجمهورية، واستجابته لدعوة الرئيس إلى طاولة حوار، تبحث الاتفاق بين المكونات اللبنانية على إقرار قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، والاستراتيجية الوطنية للدفاع عن لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي”، مشددا على أن لا “شيء يبرر تعطيل مجلس الوزراء وأن رئيس الحكومة مُلزم بحكم مسؤولياته بالدعوة الى عقد مجلس الوزراء وليتحمل كل طرف مسؤوليته، وإلّا يكون رئيس الحكومة قد تخلى طوعاً عن صلاحية منحه إيّاها الدستور حصرا”.
من جهته، غرّد رئيس حزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط على حسابه عبر تويتر، كاتباً: “وفوق كل الحسابات السياسية الخاصة والعامة فإنني اعتقد أن دعوة الرئيس عون للحوار هي أساس لكن الأهم أن يجتمع مجلس الوزراء للبدء في التفاوض مع المؤسسات الدولية وذلك قبل الانتخابات النيابية”.
إتفاق مع الصندوق
اقتصاديا وماليا، يواظب ميقاتي على اجتماعات مالية ـ اقتصادية يومية تقريبا لحسم موضوع ارقام الخسائر والتوزيعة التي ستتم في شأنها على الجهات المعنية تمهيداً للدخول في المفاوضات الحاسمة مع صندوق النقد التي يتوقع ان تبدأ منتصف الشهر المقبل.
وكان اللافت امس ما اعلنه وزير الاقتصاد أمين سلام من أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي هي “في مرحلة متقدمة جداً”.
وقال في مقابلة مع قناة “RT” الروسية ضمن برنامج “نيوزميكر” إن لبنان سيوقع مطلع 2022 اتفاقا مبدئيا مع صندوق النقد الدولي على خطة التعافي والنمو. وأضاف أن هذا الاتفاق هو جزء من الحل للأزمة الاقتصادية في لبنان، وأشار إلى أنه بعد توقيع الاتفاق سيتم ضَخ أموال كبيرة من العملة الصعبة في السوق وستتم هيكلة المصارف. وشدّد على أنّ تأخر انعقاد مجلس الوزراء يؤخر في اتخاذات القرارات المطلوبة للبنان.
ورَدّ سلام أسباب تدهور الاقتصاد اللبناني إلى “تراكم الفشل في الإدارة والسياسة المالية الاقتصادية التي استمرت لسنوات”. واكد أنه ”يتم العمل على تغيير الاقتصاد اللبناني من الريعي إلى الإنتاجي”.
10 ساعات تغذية كهربائية
وعلى صعيد ازمة الكهرباء، أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن لبنان سيصل قريبا إلى تغذية كهربائية بمعدل 10 ساعات يومياً.
وفي سياق متصل، كشف مدير عام مؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء السوري فواز الضاهر عن أن أعمال الصيانة والتأهيل لخط الربط الكهربائي مع الأردن ولبنان ستنتهي غداً، حيث تكون ورشات شركات الكهرباء العاملة في إصلاح هذا الخط قد أنهت أعمالها الفنية ونصبت أبراج الشبكة، ليصبح الجزء السوري من خط الربط جاهزا للدخول في الخدمة. وأضاف، في حديث صحافي، أن مسألة تغذية الخط بالطاقة الكهربائية يعود لجهوزية الجهة المغذية (الأردن).
وبَيّنَ الضاهر أنّ خط الكهرباء الذي يربط بين الأردن وسوريا وصولا إلى لبنان تعرض جزء منه لأعمال التدمير والتخريب خلال السنوات الماضية على مسافة 87 كلم، بدءا من الحدود الأردنية السورية حتى منطقة الدير علي، وأن هذه المسافة هي جزء من الخط الأساسي الذي يربط شمال العاصمة الأردنية (عمان) بمنطقة (الدير علي) جنوب دمشق على طول 144.5 كلم.
وأوضح أن الأضرار التي لحقت بالخط شملت تدمير نحو 80 برجاً، وتخريب وسرقة نحو 195 كلم من الأمراس، وهو ما يعادل 410 أطنان. وأضاف: “كانت هناك حاجة لنحو 10 آلاف صحن لإصلاح التخريب الذي لحق بالعوازل”.
من جهة ثانية وقّع لبنان والعراق في بغداد امس مذكرة تفاهم خاصة بتطوير العلاقات العسكرية بين البلدين. وأعلنت وزارة الدفاع العراقية عن استقبالها وزير الدفاع اللبناني موريس سليم، حيث بحث مع نظيره العراقي جمعة عناد سعدون سبل تعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات. وأشارت الوزارة إلى أنه تم توقيع مذكرة تفاهم خاصة بتطوير العلاقات الثنائية العسكرية بين البلدين.
وكان سليم قد التقى أمس في بغداد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي وبحث معه في العلاقات الثنائية، وضرورة الالتفات إلى المصالح المشتركة بين البلدين والسعي لتعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات.
كورونا
على الصعيد الصحي سجّل عداد الاصابات بفيروس كورونا ارتفاعا اضافيا أمس حيث أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي تسجيل 2280 إصابة جديدة (2188 محلية و92 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 715950. كذلك سجل التقرير 15 حالة وفاة جديدة، وبذلك يصبح العدد الإجمالي للوفيات 9072.