السبت, نوفمبر 23
Banner

النهار: فرنسا تذكر المسؤولين بالتزاماتهم وتخشى الانهيارات

بدت بيروت باضطرابها مساء امس كانها تعكس الاضطراب المتعدد الاتجاه الذي يتحكم بالواقع الداخلي سواء في ما يتصل بتداعيات الانتشار الوبائي الواسع والخطير الذي املى اللجوء مجددا الى الاقفال العام الذي يبدأ اليوم لأسبوعين عله يخفض المنحنيات والعدادات التي تسجل أرقاما قياسية في الإصابات، او في ما يتصل بالواقع السياسي والشديد التأزم الذي يبدو من المشكوك ان تحدث مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل اختراقا جادا في جداره. ففي حين كانت بيروت تختنق بزحمة طوابير المغادرين الى مناطقهم عشية بدء سريان الاقفال العام اليوم، كانت الازمة السياسية لا تقل اختناقا عن مشهد الخط الساحلي على اوتوتستراد بيروت جونية شمالا او الخط الساحلي على أوتوستراد بيروت خلدة جنوبا.

وعلمت “النهار” ان الحصيلة التي انتهت اليها مهمة الموفد دوريل تتلخص بانه اصر على تذكير المسؤولين والقيادات السياسية بالتزاماتهم حيال المبادرة الفرنسية فسمع من الجميع إعادة تأكيد تمسكهم بهذه الالتزامات كما بالمبادرة. وأبلغهم دوريل ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يتابع عن كثب كل ما يجري في لبنان وان التحليلات التي تتحدث عن انحدار اكثر في الوضع كما عن ازدياد الانسداد السياسي تقلق ماكرون الذي يصر على تأليف حكومة سريعا لوضع المسار الإصلاحي قيد التنفيذ.

ووفق معلومات “النهار” شدد الموفد الفرنسي امام جميع من التقاهم على المسؤولية التي يتحملونها في تسهيل تأليف الحكومة مؤكدا لهم ان ماكرون يقف الى جانب لبنان والشعب اللبناني وأوفده الى بيروت لنقل هذا الالتزام مجددا كما للتأكيد ان فرنسا تعمل مع الأمم المتحدة لعقد مؤتمر لدعم لبنان ويجب تطوير مضمون هذا المؤتمر وجعله للدعم الاقتصادي اكثر منه للإنساني من خلال استعجال تأليف الحكومة سريعا. ولفت الموفد الفرنسي الى ان زيارته ليست إنذارا بالعقوبات كما قيل، وان العقوبات يمكن ان تطاول السياسيين اذا غرق البلد في انهيار اكبر. وعلم ان الموفد الفرنسي تعامل مع المقارنة بين حكومة مستقلين وحكومة مدعومة من السياسيين بتفضيله حكومة كفوئين ذات صدقية ويجب ان تنال دعم رئيسي الجمهورية والبرلمان والكتل النيابية.

ولكن المعطيات المتصلة بمأزق تأليف الحكومة بدت عاصية تماما عن التأثر إيجابا حتى الان بمهمة الموفد الفرنسي. وأشارت المعلومات المتوافرة في هذا السياق الى ان الأيام الأخيرة التي أعقبت اصدار العقوبات الأميركية على النائب جبران باسيل وواكبت زيارة الموفد الفرنسي تعتبر واقعيا فترة الشلل المطلق في الجهود المبذولة لتحريك مسار التاليف، علما ان التشاؤم في امكان حلحلة التعقيدات ازداد في ظل التلميحات والاشتراطات التي صدرت أخيرا عن بعبدا والتي تكشف نيات واضحة في التشدد وعدم تسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين.

اللقاءات

وفي اليوم الثاني لزيارته لبيروت شملت لقاءات الموفد الفرنسي باتريك دوريل الزعامات الحزبية المسيحية فالتقى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لفترة ساعتين ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. وأوضح له الجميل “ان موضوع الحكومة لا يزال يراوح في النهج السابق نفسه وهو المحاصصة والشروط ” مشددا على ان “لا انقاذ للبنان في ظل وجود هذه المنظومة المتحكمة بالبلد وان معركتنا مستمرة بالضغط على السلطة لتطبيق الإصلاحات وصولا الى التغيير الشامل الذي نرجوه”. اما أوساط “المردة” فأشارت الى ان اللقاء مع الموفد كان مناسبة لتجديد تأكيد المردة ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية واذا أرادوا حكومة اقطاب فلتكن. وأشارت أيضا الى ان دوريل اعتبر ان مبادرة الرئيس ماكرون هي خشبة الخلاص الأخيرة للبنان ويجب عدم تفويتها .

وفي اللقاء مع جعجع اوضح الموفد الفرنسي انه شدد امام المرجعيات السياسية خلال لقائها في جولته على وجوب تشكيل الحكومة العتيدة في اسرع وقت ممكن باعتبار اننا أصبحنا في وقت حرج وهذه الفرصة الأخيرة للبنان فان تم الاستمرار في المماطلة في التاليف سيضيع لبنان الفرصة وعندها لا مؤتمر دوليا لدعم لبنان ولا مؤتمر سيدر. كما علم ان جعجع سلم الى دوريل رسالة الى الرئيس الفرنسي ماكرون لكي يسلمها بدوره الى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لكي ترسل المنظمة الدولية لجنة تقصي حقائق حول انفجار مرفأ بيروت احقاقا للعدالة في هذا المجال.

السفيرة الأميركية

في المقابل برزت مجموعة مواقف جديدة للسفيرة الأميركية دوروثي شيا اتسمت بتشدد كبير حيال موضوع “حزب الله” والفساد. واتهمت مجددا النائب جبران باسيل بانه “بعلاقته بحزب الله يغطي على سلاحه فيما الأخير يغطي على فساده”. وقالت ان بلادها لم تفعل بعد كما دول الخليج بالابتعاد عن لبنان وعدم دعمه. هذا ما لم نقم به بعد. ما زلنا نستعمل سياسة الضغط على “حزب الله”. كان شرطنا لمساعدة لبنان في مواجهة كورونا الابتعاد عن وزارة الصحة لقرب وزير الصحة من حزب الله والتعامل مع مؤسسات صديقة وموثوق بها كالجامعة الأميركية والجيش اللبناني”. ولفتت الى ان بلادها “لم تدعم الحكومة الأخيرة لان الذي شكلها هو “حزب الله” وسوف نرى ماذا سيكون شكل الحكومة المقبلة لنحدد موقفنا”. وقالت “سوف نصر على مواقفنا واذا لم نفعل فسيعودون الى فسادهم ولا احد سوف يساعدهم بتاتا الا اذا رأينا تقدما خطوة بعد خطوة ولن يكون هناك أي شيء مجاني بعد اليوم “.

كما برز موقف لافت لممثل الأمين العام للأمم المتحدة في بيروت يان كوبيتش في مناسبة ذكرى مرور مئة يوم على انفجار مرفأ بيروت اذ غرد قائلا ” مئة يوم على الكارثة الوطنية التي تمثلت في انفجار مرفأ بيروت .مئة يوم من التحقيقات بمشاركة خبرات دولية مهمة ورغم ذلك لا وضوح ولا محاسبة ولا عدالة “.

إقفال …شبه كامل

الى ذلك انصرفت الوزارات المعنية والأجهزة الأمنية للاستعداد لتنفيذ قرار الاقفال بدءا من اليوم علما ان الاستثناءات الكثيرة التي شملها قرار الاقفال تجعل الخطوة مشوبة بكثير من الشكوك في نجاحها في لجم اعداد الإصابات بكورونا. ووجه رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب كلمة الى اللبنانيين حضهم فيها على التزام تدابير الاقفال والحماية الذاتية فهذا الوباء ليس اقوى ما مر علينا ولكن كل الإجراءات التي تأخذها الدولة لا تنفع اذا لم يلتزم اللبنانيون وضع الكمامة والتباعد الاجتماعي “. وقال “انا واثق اننا اذا التزمنا سنعود من أوائل الدول التي تنتصر على كورونا كما كنا في الموجة الأولى”.

واكد وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي لـ”النهار” ان “عديد القوى الامنية لا يكفي مئة بالمئة لتطبيق قرار الاقفال، الا انه علينا ان نعمل “بالموجود” وفي العادة لا يمكن ان يتجاوز التطبيق الـ 80 الى 90 بالمئة ” مؤكدا انه “سيتم تسيطر محاضر ضبط بالمخالفين وسيتم تحويل من لا يدفع الى المحكمة ولا رأفة هذه المرة”.

Leave A Reply