الجمعة, نوفمبر 22
Banner

الأفران تخدعنا: تستخدم الطحين المدعوم للحلويات وتهوّل بوقف الخبز

عزة الحاج حسن – المدن

تشنّ الأفران حملة تهويل مع كل قفزة لسعر صرف الدولار، فتهدّد بوقف إنتاج الرغيف وتطالب برفع سعر ربطة الخبز تماشياً مع ارتفاع سعر الصرف. قد تصيب من حيث المبدأ في ربط سعر الخبز بتكلفة الإنتاج المتعلقة بمعظم عناصره بسعر الدولار، وهو حال كافة السلع الاستهلاكية. لكنها من دون شك تبالغ بمطالباتها برفع سعر ربطة الخبز مع كل تعديل للدولار ولأكثر من مرة أسبوعياً، وهي التي تحقّق أرباحاً تفوق نسبة 10 في المئة من إنتاج الرغيف، وتستخدم طحيناً مدعوماً في كافة منتجاتها إلى جانب الخبز، من كرواسان وكعك وخبز إفرنجي (Baguette) وغيره من المخبوزات، التي لا تخضع لتسعيرة محدّدة من وزارة الاقتصاد والتجارة. فتحقق الأفران من خلال بيع تلك المنتجات أرباحاً طائلة تعوّض لها ما يمكن أن يفوتها من ربح برغيف الخبز العربي، الذي لا ينال الفقراء سواه من كافة المخبوزات.

وإذا كانت أجهزة وزارة الاقتصاد الرقابية تتغاضى عن تعمّد الأفران التلاعب بكميات الخبز المُنتج من الطحين المدعوم، وتجيير كميات وافرة منه إلى منتجات غير مدعومة كالكرواسان الذي بلغ سعر القطعة الواحدة منه أكثر من 15 ألف ليرة، والخبز الإفرنجي الذي بلغ سعر الرغيف الصغير منه 1250 ليرة، والكبير 1500 ليرة، و1750 ليرة في بعض الأفران، والخبز الأسمر بلغ سعر الربطة منه 17 ألف ليرة، ناهيك عن عشرات الأصناف من الخبز والكعك والمعجنات وغيرها من المخبوزات، التي تستفيد من الطحين المدعوم.. فإن الوزارة وفق مصدر رفيع لـ”المدن” لا تنكر تغاضيها عن الأفران “ذلك بهدف الحفاظ على استقرار نسبي لسعر ربطة الخبز”، لكن وعلى الرغم من ذلك يحاول أصحاب الأفران تحقيق مزيد من الأرباح من الخبز عبر المطالبات المستمرة بزيادة سعر الربطة!

إضراب الأفران

بالأمس رفع أصحاب بعض الافران الصوت خلال اعتصام نفذوه أمام مقر وزارة الإقتصاد والتجارة في وسط بيروت بدعوة من اتحاد نقابات المخابز والأفران لمطالبة وزير الاقتصاد والتجارة بوضع تسعيرة جديدة للخبز تتماشى وارتفاع سعر صرف الدولار. وقد طرح بعض أعضاء نقابة الأفران والمخابز رفع ربطة الخبز الكبيرة، والبالغ سعرها حالياً 9500 ليرة، نحو 1000 ليرة ليتجاوز بذلك سعرها 10 آلاف ليرة. وعندما لم تلق مطالباتهم تجاوباً فورياً من وزير الاقتصاد، قرروا التصعيد وأعلنوا عدم نيتهم العمل اليوم، الخميس 6 كانون الثاني.

قرار التوقف عن تشغيل الأفران اليوم اتخذه بعض أصحاب الأفران، وهم من أعضاء نقابة الأفران والمخابز، في إطار التصعيد، لتحصيل مكاسب فورية كما جرت العادة. لكن سرعان ما ثبت أن ادعاء الأفران بتكبّدهم الخسائر بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار أمر ليس واقعياً ولا دقيقاً، بدليل أن الافران تعمل اليوم بشكل طبيعي. فلو أنها تتكبد الخسائر، هل كانت ستعمل ساعة واحدة على حسابها؟ سؤال طرحه مصدر في وزارة الاقتصاد، ليؤكد بالتالي أن تهويل الأفران ليس لسبب سوى تحصيل ما فاتها من الأرباح التي قلّصها ارتفاع سعر صرف الدولار.

الأفران لا تخسر

لا شك أن الافران تعاني من الارتفاعات الحادة في سعر صرف الدولار الاميركي، خصوصاً أن غالبية المواد الأولية المستعملة في صناعة الخبز تُدفع بالدولار الاميركي، إضافة إلى الصيانة وقِطَع الغيار، غير أن ادعاء نائب رئيس الاتحاد نقابات المخابز والافران، علي ابراهيم، بأن الأفران باتت على شفير الإفلاس لا أساس له من الصحة. وهنا المقصود الأفران الكبيرة وليس الصغيرة، أي تلك التي تنتج الخبز إلى جانب كافة أنواع المخبوزات الأخرى، فلا تقتصر أرباحها على الطحين المدعوم المستخدم في صناعات كثيرة غير الخبز وغير محدودة الأسعار، بل يتجاوزها إلى التلاعب بمواصفات الخبز أيضاً وبالأوزان. ففي الجولة الأخيرة التي أجرتها الجهات الرقابية في وزارة الاقتصاد، ورافقها مدير العام الوزارة محمد أبو حيدر، ضبطت تجاوزات عدد كبير من الأفران الكبيرة لجهة خفض أوزان الخبز بشكل كبير، ومن بين تلك الافران Wooden Bakery وMoulin D’or وغيرها. وقد أحيلت جميعها إلى القضاء المختص.

أما لجهة تسعيرة الخبز الحالية فقد تم وضع مقترح جديد للتسعيرة في مديرية الحبوب والشمندر السكري، بناء على متغيرات سعر صرف الدولار، ورُفع إلى وزير الاقتصاد أمين سلام ليلاً. وحسب معلومات “المدن”، فإن التسعيرة الجديدة ستزيد عن التسعيرة الحالية من دون أن تبلغ 10 آلاف ليرة. وهو ما لا يرضي أصحاب الأفران.

وإذ يستغرب المدير العام للحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد، جريس برباري، حديث الأفران عن تكبّدها خسائر نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار، يجزم بأنها تحقق أرباحاً طائلة من عشرات المنتجات الأخرى غير الخبز العربي، مرجّحاً انه رغم ارتفاع سعر صرف الدولار وبلوغه عتبة 30 ألف ليرة، من المستبعد ان تكون الأفران قد خسرت هامش الربح كلياً من انتاج الخبز، إن لم نقل أنها لا تزال تربح.

ويستنكر برباري في حديث إلى “المدن” المطالبات بوضع تسعيرة جديدة مع كل ارتفاع لسعر صرف الدولار. فمِن غير المنطق أن توضع أسعار جديدة للخبز بشكل يومي أو كل يومين أو ثلاثة أيام. أما فيما خص المتغيرات الجديدة، فيؤكد برباري أن سعر ربطة الخبز ستزيد لكن بشكل يتناسب وارتفاع سعر الدولار وسعر طن القمح عالمياً. إذ ارتفع من نحو 377 دولاراً إلى 392 دولاراً. لكن الأسعار لن تكون كما تطالب بعض الأفران، ولن يصل سعر ربطة الخبز حالياً إلى 10 آلاف ليرة.

ويشدد برباري على ضرورة الحفاظ على الخبز العربي بالحد الأدنى من سعر تكلفته، ليبقى بمتناول كافة شرائح المجتمع. ويقول “يهددون بوقف المخابز عن العمل، وهم يستفيدون من الطحين والسميد والفرخة مدعوماً وكافة منتجات الطحين. يحققون الأرباح من المخبوزات بالطحين المدعوم ويعترضون على تراجع الأرباح من الخبز العربي”.

Leave A Reply