السبت, نوفمبر 23
Banner

البنوك المركزية من سيقود الاقتصاد العالمي 2022

ذكر تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ الأمريكية، أن وباء كورونا لن يكون هو المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي في عام 2022، ولمح التقرير إلى أن العديد من المخاطر تلوح بالأفق هذا العام مدفوعة بظاهرة التضخم التي قد يعتبرها المسؤولون بأنها تعافٍ للاقتصاد بعد كوفيد.

وأضاف التقرير أن العام الجاري سيكون عاماً مفصلياً، وسيكشف ما إذا كان الاقتصاد العالمي قوياً بما فيه الكفاية للتعامل مع التحديات مقابل مساعدة نسبية من الحكومات والبنوك المركزية، وما إذا كان التضخم نتيجة ثانوية مؤقتة لكوفيد أو مشكلة أكثر إلحاحاً.

وأظهر استطلاع أجرته بلومبيرغ إجماعاً على أن الاقتصاد العالمي سوف ينمو بنسبة 4.4% بعد ارتداد بنسبة 5.8% في 2021.

واتفق معظم المشاركين في الاستطلاع على أن من عام 2023 فصاعداً سيستقر النمو الاقتصادي عند معدل 3.5% لفترة طويلة الأجل، كما لو أن كوفيد لم يحدث قط.

وأضاف التقرير أن أحد المشاكل التي تواجه الاقتصاد حالياً هو أنه خارج عن السيطرة تماماً، والدليل على ذلك أن هناك مالا يقل عن 10 ملايين وظيفة شاغرة في الولايات المتحدة حتى نهاية 2021، فيما يكافح أصحاب الأعمال لملء هذه الشواغر.

ونقص العمالة ليست في الولايات المتحدة التي يوجد بها حوالي 5 ملايين أمريكي عاطل عن العمل، بل في أكثر من بلد، حيث يوجد في بريطانيا أيضاً أكثر من مليون وظيفة شاغرة حتى نوفمبر 2020.

تباين بالعرض والطلب

أصبح عدم التوافق بين العرض والطلب فكرة تعبر عن التعافي الاقتصادي بعد 18 شهراً من الانكماش الاقتصادي الأكبر الذي بلغت نسبته 20% ليستعيد ذروته بالكامل بحلول منتصف 2021.

وأشار التقرير إلى أن أكثر المستفيدين من هذا الانتعاش التاريخي هم الأسر الأمريكية، التي ارتفعت ثروتها بفضل ازدهار أسواق العقارات والأسهم، أو الأثرياء بالأصل.

ووصلت مدخرات العائلات الأمريكية إلى 2.6 تريليون دولار اعتباراً من منتصف العام، وهو مخزون يساوي 12% من الناتج المحلي الإجمالي.

وخلال العام الماضي شعر المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي والعديد من البنوك المركزية الأخرى بالثقة في حل أزمة نقص العمالة واختناقات سلاسل التوريد.

وكان الخوف المستمر من كوفيد، وبرامج المعونات الفيدرالية الإضافية التي تضخ في الحسابات المصرفية شهرياً، تثني العديد من العاطلين عن العمل للعودة للعمل.

وأشار التقرير إلى أن الأمر المفاجئ كان هو أن التضخم في عام 2021، كان بسبب ارتفاع أسعار الطاقة ما أدى إلى تقوية حالة تقاعس البنك المركزي، وبحلول عيد الشكر كان بلغت نسبة التضخم في الولايات المتحدة 6.8% سنوياً، وهو أعلى مستوى.

وتراهن الأسواق على أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة 3 مرات على الأقل في 2022، وتوقع بنك أوف أمريكا أن تتجاوز نسبة التضخم 6% في الأشهر المقبلة.

اليورو أقل عرضة للتضخم

ولم يرفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة منذ أكثر من عقد، وقالت رئيسة البنك المركزي كريستين لاغارد إن الزيادة ليست مطروحة هذا العام أيضاً.

وتعتبر منطقة اليورو التي تضم 19 دولة أقل عرضة للتضخم من بريطانيا وأمريكا بالإضافة إلى أن تعافيها الاقتصادي كان أقل بكثير، ومع صدور أحدث البيانات التي أظهرت أن أسعار المستهلكين ارتفعت بوتيرة قياسية بنسبة5% حتى ديسمبر، قد يتعرض البنك المركزي الأوروبي لضغوط للرفع.

وتتوقع بلومبيرغ أن يكون لأوميكرون تأثير مرئي قصير الأجل على النمو، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الجميع أصبح يمتلك خبرة أفضل في التعاطي مع التداعيات الاقتصادية، ولا يزال من الممكن أن تؤثر طفرات الإصابة على النشاط الاقتصادي، ولكن سرعة انتقال أوميكرون قد تؤدي إلى تسريع الانتقال من جائحة إلى مستوطنة ما يقلل التداعيات على الاقتصاد.

وأضاف التقرير أنه لا يمكن تجاهل الضربة التي ستحدثها إيقاف الحكومات لبرامج الدعم، حيث سيؤدي توقفها إلى إحداث فجوة في إجمالي الطلب بما لا يقل عن 3% من الناتج المحلي وفقاً لكبير الاقتصاديين في مجموعة غولدمان ساكس أليك فيليبس.

وتوقعت بلومبيرغ نمو الاقتصاد الأمريكي بوتيرة 4.4% خلال النصف الأول من عام 2022، على الرغم من تضرر الإنفاق والاستثمار من أوميكرون، وذلك بسبب أن غالبية المستهلكين الأمريكيين لا يزالون يمتلكون أموالاً لإنفاقها.

وقالت آنا وونغ كبيرة الاقتصاديين الأمريكيين في بلومبيرغ إيكونومست، إن الأسرة التي كان دخلها يتراوح بين 24 و75 ألف دولار، لديها على إمكانية للحفاظ على الإنفاق لمدة شهرين آخرين.

والسبب الأكبر الذي يجعل العالم قادراً على تجاهل تأثير تشديد الاحتياطي الفيدرالي، هو حفاظ البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان على أسعار الفائدة عند أدنى مستوياتها في الوقت الحالي.

كما أن بنك الصين الشعبي سوف يتحرك في الاتجاه المعاكس تماماً للاحتياطي الفيدرالي.

وفي أوروبا ارتفعت أسعار الغاز والكهرباء إلى مستويات قياسية بسبب الإغلاق النووي في فرنسا وانخفاض إمدادات الغاز الروسي، ما قد يجبر الحكومات على اتخاذ إجراءات لحماية المستهلكين.

وجادل التقرير أن بالنهاية الولايات المتحدة تهيمن على أي نقاش حول مسار الانتعاش العالمي سواءً كان للأفضل أو للأسوأ، وذلك لأنها تولد ما يقارب من ربع الناتج العالمي.

وقال وزير الخزانة الأمريكي السابق لاري سمرز في مقابلة في ديسمبر: «ما أخشاه هو أننا وصلنا بالفعل إلى نقطة يكون فيها من الصعب خفض التضخم دون التسبب في الركود».

كان الخبير الاقتصادي والمساهم في بلومبيرج قلقاً في وقت مبكر، وفي كثير من الأحيان في عام 2021، من أن حزمة الإغاثة البالغة 1.9 تريليون دولار من كوفيد سوف تزيد التضخم دون أن تفعل الكثير لزيادة النمو الأساسي

وبالنهاية أجمع الخبراء الاقتصاديون في الاستطلاعات التي أجرتها بلومبيرغ بانتظام، أن الوباء ربما غير سلوك المستهلكين بشكل كبير، ولكن الديناميكيات الأساسية للطلب والعرض ستعود إلى طبيعتها بمجرد انتهاء تهديد الوباء، وبعد ذلك سيبدأ التضخم في الانجذاب نحو هدف الاحتياطي الفيدرالي الذي نسبته 2%، وفي حال تحقق ذلك فسيكون الفيدرالي الأمريكي تمكن من تجنب الركود، وفي حال لم يتحقق سيكون عام 2023 العام الأصعب على الاقتصاد العالمي.

Follow Us: 

Leave A Reply