الجمعة, نوفمبر 22
Banner

ميقاتي: مجلس الوزراء يناقش الموازنة الأسبوع المقبل… ‏ولا تعيينات

كتبت صحيفة ” الشرق الأوسط ” تقول : أعاد “الثنائي الشيعي” (حزب الله وحركة أمل) بالقرار الذي اتخذه بوقف ‏مقاطعته لجلسات مجلس الوزراء اللبناني فتح الطريق أمام معاودة اجتماعاته ‏وأصبحت سالكة على خط واحد يتعلق بمناقشة مشروع قانون الموازنة للعام ‏الحالي وإحالته على المجلس النيابي للنظر فيه وإقراره والنظر في خطة التعافي ‏المالي كممر إجباري للتفاوض مع صندوق النقد الدولي لإخراج لبنان من التأزُّم ‏الاقتصادي والاجتماعي الذي يحاصره، وذلك استباقاً لبدء المفاوضات الجدّية في ‏الأيام المقبلة التي تتزامن مع دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لعقد جلسة في ‏مطلع الأسبوع المقبل، كما قال لـ”الشرق الأوسط” تُخصّص لمناقشة الموازنة‎.

وكشف ميقاتي بأنه ينكبّ مع الوزراء بالتعاون مع وزير المالية يوسف الخليل ‏بدءاً من اليوم لإعداد مشروع قانون الموازنة، على أن يكون جاهزاً في نهاية ‏هذا الأسبوع لتوزيعه على الوزراء استعداداً لمناقشته في جلسات متواصلة تبدأ ‏في مطلع الأسبوع المقبل، نافياً ما أخذ يُشاع، فور إذاعة البيان المشترك الصادر ‏عن قيادتي حركة “أمل” و”حزب الله” بوقف مقاطعتهما لجلسات مجلس ‏الوزراء، عن وجود صفقة تقضي بالإفراج عن الجلسات في مقابل مقايضتها ‏بتعليق التحقيق القضائي في ملف انفجار مرفأ بيروت‎.

وأكد ميقاتي عدم وجود أي شكل من أشكال الترابط بين معاودة الجلسات وبين ‏التحقيق القضائي، وقال إنه لم يُطرح لا من قريب أو بعيد في الاتصالات التي ‏مهّدت للبيان الذي صدر عن قيادتي “أمل” و”حزب الله”، و”أنا لا زلت عند ‏رأيي بوجوب الفصل بين السلطات وعدم التدخّل في القضاء”، وإن كان ‏المطلوب منه إعادة تصحيح وتصويب التحقيق في انفجار المرفأ بعيداً عن ‏الاستنسابية والانتقائية والالتزام بالنصوص الدستورية، وهذا الأمر يُترك للقضاء ‏لإيجاد المخرج الذي يعيد التحقيق إلى نصابه‎.

واستغرب ميقاتي ما أخذ يتردّد بأن عودة الوزراء الشيعة لحضور جلسات ‏مجلس الوزراء استجابة للبيان الصادر عن “أمل” و”حزب الله” جاء بناء ‏لإيحاء خارجي يتصل بما يجري حالياً على الصعيدين الإقليمي والدولي، وقال ‏بأن قرارهما ينمّ عن إحساسهما بأوجاع اللبنانيين وتجاوباً مع الدعوات التي ‏تطالب بالالتفات إلى مطالبهم واحتياجاتهم لإخراجهم من الوضع المأزوم ‏اقتصادياً ومالياً لأن لا طائفة لعوزهم بعد أن أخذ الجوع يدق أبوابهم، وعلينا ‏جميعاً أن نتحمل مسؤولياتنا لإنقاذ بلدنا، وهذا ما حصل‎.

ورأى بأن الضغط الشعبي لا يستثني فريقاً دون الآخر، خصوصاً أن آلام ‏اللبنانيين ليست محصورة بطائفة معينة، وإنما أخذت تطال السواد الأعظم منهم، ‏وبالتالي فإن الأولوية يجب أن تُعطى لوقف الانهيار بتوفير ما أمكن من حلول ‏للتخفيف من أوجاعهم‎.

وفي هذا السياق، علمت “الشرق الأوسط” بأن التحضير للبيان الذي صدر عن ‏قيادتي “أمل” و”حزب الله”، بدأ يوم الجمعة الماضي بتواصل ميقاتي مع ‏المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب علي حسن خليل ‏ونظيره المعاون السياسي لأمين عام “حزب الله” حسن نصر الله، حسين خليل، ‏واستمر إلى يوم أول من أمس ليتوجّه لاحقاً باتصال ميقاتي برئيس الجمهورية ‏ميشال عون والرئيس بري‎.‎

وقالت مصادر نيابية مواكبة للاتصالات بأن جميع الأطراف أصبحت مأزومة ‏وأن المخرج الوحيد لتفادي التأزُّم يكمن في تحضير الأجواء أمام مجلس ‏الوزراء لمعاودة جلساته كشرط وحيد لتفعيل العمل الحكومي، ولا يمكن وقف ‏تعطيلها ما لم تأتِ المبادرة من الثنائي الشيعي ليرفع عنه المسؤولية في تعطيل ‏الجلسات‎.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن ما أورده الثنائي الشيعي في بيانه الذي مهّد ‏الطريق أمام الوزراء الشيعة للالتحاق بجلسات مجلس الوزراء يشكّل خريطة ‏الطريق لتفعيل الجلسات، وقالت إن من يعتقد بأنه فَرضَ جدول أعماله على ‏رئيس الحكومة سيكتشف لاحقاً بأن تهمته ليست في محلها، لأن ميقاتي كان أول ‏من حدّد الأولويات فور نيل حكومته ثقة البرلمان بالالتفات إلى إقرار الموازنة، ‏ليست لأنها استحقاق دستوري فحسب، وإنما لكونها وحدها تؤمّن للبنان جواز ‏السفر المطلوب للتفاوض مع الصندوق في ضوء الضمانات الدولية التي يراهن ‏عليها ميقاتي لإنقاذ لبنان ووقف تدحرجه نحو التدهور الشامل‎.

وأكدت أن الإفراج عن الجلسات يتيح للحكومة الانتقال بلبنان إلى مرحلة ‏الانفراج السياسي من جهة، وتفكيك الألغام التي تعترض إصرار ميقاتي على ‏التزامه بدفتر الشروط الذي وضعه المجتمع الدولي ويتعامل معه على أنه ‏الوصفة الاقتصادية والمالية التي من دونها لا يمكن العبور بالبلد إلى مرحلة ‏التعافي المالي، وقالت إن جدول أعمال الحكومة يبقى محصوراً بإقرار الموازنة ‏وخطة التعافي لتسهيل التفاوض مع صندوق النقد وربطهما بتحسين الأوضاع ‏المعيشية والحياتية للبنانيين، ومن أولوياتها إعادة تأهيل قطاع الكهرباء بزيادة ‏التغذية بالتيار الكهربائي، إضافة إلى تحضير الأجواء لإجراء الانتخابات النيابية ‏في موعدها لتأمين الانتقال السلمي للسلطة بإعادة تكوينها حسب الأصول ‏الدستورية‎.

ولاحظت المصادر نفسها بأن موافقة الثنائي الشيعي على مناقشة خطة التعافي ‏المالي وصولاً لإقرارها تنمّ عن استعداد “حزب الله” لإبداء مرونة في التفاوض ‏مع صندوق النقد بخلاف مواقفه السابقة، وقالت بأن مجلس الوزراء سينصرف ‏أيضاً إلى إعداد الخطة الإصلاحية لتأهيل قطاع الكهرباء باستجرار الغاز من ‏مصر والكهرباء من الأردن عبر سوريا، لأن من دونها لا يمكن الإفادة من ‏استعداد البنك الدولي لتمويلها، ونقلت عن ميقاتي قوله إن زيادة التغذية بالتيار ‏الكهربائي بـ10 ساعات سترى النور بعد 10 أسابيع في حال أن الأمور سارت ‏بحسب المخطط المرسوم لها‎.

لكن يبقى السؤال: أين يقف رئيس الجمهورية؟ وهل سيسهّل مهمة ميقاتي بحصر ‏جدول أعمال جلسات مجلس الوزراء بالموازنة وإعداد خطة التعافي المالي ‏وتأهيل قطاع الكهرباء من دون إقحامها بالتعيينات الإدارية والأمور السياسية ‏التي ما زالت موضع خلاف بين الأطراف الداعمة للحكومة؟ أم أنه سيتجاوب ‏مع وريثه السياسي النائب جبران باسيل الذي يصر على إدراج التعيينات كبند ‏أساسي؟ وماذا سيكون موقف حليفه “حزب الله”، الذي بادر منذ ليل أول من ‏أمس إلى التواصل مع عون؟ وعلمت “الشرق الأوسط” أن عون لا يملك ‏القدرة التي تتيح له تعديل جدول أعمال الجلسات الحكومية لاسترضاء باسيل، ‏خصوصاً أن فك أسر الجلسات يتجاوب مع طلبه ويشكل “تنفيسة” لإصراره ‏على معاودتها لإقرار الموازنة والإصلاحات المالية والتفاوض مع صندوق ‏النقد، وبالتالي سيواجه اعتراضاً من ميقاتي في حال أصر على إدراج التعيينات ‏من خارج خريطة الطريق التي رسمها ميقاتي لنفسه‎.

فرئيس الحكومة كان ولا يزال على موقفه برفض إدراج التعيينات على جدول ‏أعمال الجلسات، وهذا ما أعلنه في اليوم الأول بعد نيل حكومته ثقة البرلمان ‏لقطع الطريق على ربطها بالمحاصصة والمحسوبيات الانتخابية، خصوصاً أنه ‏هو من يدعو لعقد الجلسات ويضع جدول أعمالها وهذه من صلاحياته ونقطة ‏على السطر‎.

لذلك سيجد باسيل نفسه محشوراً في الزاوية إذا ما أصر على التعيينات، مع أنه ‏يدرك بأن إصراره لا يُصرف في مكان، ويشكل تعدّياً على صلاحيات رئيس ‏الحكومة الذي يرفض تقييده بوضع شروط عليه، إضافة إلى أنه لا مبرر لباسيل ‏للدخول في قتال على كافة الجبهات السياسية للاستقواء بالتعيينات وتوظيفها في ‏حملاته الانتخابية لعله يستعيد ما أصابه من تراجع في الشارع المسيحي‎.

وعليه، فإن الكرة الآن في مرمى عون – باسيل، فهل يتناغمان مع ميقاتي؟ أم ‏أنهما يدخلان في مواجهة سياسية غير محسوبة تأخذ البلد إلى مغامرة جديدة؟

Leave A Reply