جاء في صحيفة ” النهار ” : وسط عاصفة قطبية جليدية بدأت تلفح #لبنان وستبلغ ذروتها في اليومين المقبلين مع ما تعنيه من متاعب ومصاعب شائكة في التدفئة والتزود بالمواد الحيوية ، وفيما شكلت دفعة عقوبات أميركية جديدة على “#حزب الله ” مؤشرا الى عدم تبدل المعطيات الخارجية المتصلة بالواقع اللبناني حتى الان على غرار ما ذهبت اليه أوساط محلية في الآونة الأخيرة ، سيكون المشهد الداخلي ابتداء من الأسبوع المقبل على موعد مع الاختبار الجديد لحكومة أراد لها “الثنائي” عودة مشروطة بملفي الموازنة وخطة التعافي الاقتصادي فيما يصعب هضم هذا الشرط وتجاوزه اقله من رئيسي الجمهورية والحكومة.
وإذا كانت معظم المعطيات تشير الى ان تداعيات الانهيار الداخلي لعبت فعلا الدور الأساسي والحاسم في تراجع الثنائي “امل” و”حزب الله” عن مقاطعة جلسات مجلس الوزراء ولو مع اشتراطات جديدة لحفظ ماء الوجه في مسألة التراجع عن المقاطعة فان مزيدا من المعطيات تشير أيضا الى ان هذا التطور لم يحصل في معزل عن تعاظم الضغوط الخارجية لاعادة احياء مجلس الوزراء ولا سيما منها من فرنسا تحديدا التي يبدو انها وقفت وراء حيز مهم من الجهود التي بذلت من اجل إزالة الانسداد امام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
وفي هذا السياق كشف مسؤول رفيع لمراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين ان اتصالات فرنسية كثيفة مقترنة بتحذير شديد اللهجة من الجانب الفرنسي أجريت طوال الايام السابقة مع الاطراف اللبنانيين الذين كانوا يعرقلون اجتماع الحكومة وان الضغط الفرنسي بقي قويا مع جميع الافرقاء الذين تم الاتصال بهم من الرئاسة الفرنسية لمعاودة اجتماع الحكومة. واكد المسؤول نفسه ان الاتصالات لا تنقطع مع الافرقاء اللبنانيين لان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يتابع عن كثب ما يجري في لبنان.
الى ذلك وبالنسبة الى المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الايراني كشف المسوؤل الفرنسي نفسه ل”النهار” ان هذه المفاوضات تتعرض للعرقلة بسبب الضمانات التي تطلبها ايران من الادارة الاميركية وبسبب الاجراءات الاميركية التي تضعها ادارة الرئيس جو بايدن على ايران من دون ان يحدد نوعية الإجراءات.
وليس بعيدا من هذه الأجواء زارت أمس السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو الرئيس ميقاتي على رأس وفد ضم الخبير في صندوق النقد الدولي كليمان ستيز ونائب رئيس الخزينة الفرنسية وليام روز. وأفادت المعلومات الرسمية عن اللقاء ان السفيرة غريو عبرت ”عن سرورها لعودة التئام مجلس الوزراء للبحث في مشروع الموازنة الذي هو حجر الأساس لمشروع التعافي الاقتصادي”. وأعربت “عن دعم فرنسا للحكومة اللبنانية في مشروع التعافي الذي هو أساس النقاشات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي”. وتناول اللقاء أيضا الخبرة التقنية والمساعدة الفنية التي ستقدمها فرنسا من خلال خبراء من وزارة المال ومديرية الخزينة فيها للفريق اللبناني في المحادثات مع صندوق النقد الدولي.
وبدأ امس الاعداد للجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء التي ستناقش مشروع الموازنة بعد انتهاء وزارة المال من وضعه. وفي هذا الإطار، اجتمع الرئيس ميقاتي بعد الظهر مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأعلن على الأثر ” توافقنا مع الرئيس عون على مختلف الأمور ونلتقي الأسبوع المقبل في جلسة لمجلس الوزراء تتضمّن الموازنة والمواضيع الحياتيّة المُلحّة”.
سلامة و#غادة عون
يشار في هذا السياق الى ان الصراع السياسي الدائر مباشرة او بالواسطة حول حاكم مصرف لبنان سجل فصلا جديدا من خلال اصدار النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون قرارا قضى بوضع إشارة منع تصرف على كل العقارات والسيارات العائدة لحاكم مصرف لبنان #رياض سلامة، وإبلاغ أمانة السجل العقاري في المتن ومصلحة تسجيل الآليات والمركبات لتنفيذ القرار فورا، وذلك بناء على شكوى تقدمت بها مجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام”.
وفي المواقف السياسية من عودة الحكومة اعتبر رئيس “تكتل لبنان القوي” النائب جبران باسيل، أن “عودة الحكومة خطوة إيجابية نأمل أن تكون فاتحة لخطوات أخرى، لكنها ليست كافية، فالمطلوب فعالية وإنتاجية”، وقال: “نحن متمسكون بصلاحيات رئيس الحكومة في الدستور ونرفض المساس بها”. وأكد بعد اجتماع التكتل، “التمسك بصلاحية رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالنسبة إلى الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، ومن ضمنها موضوع البرنامج، ودائما وفق الدستور”، وعن مصادفة اجتماع التكتل امس مع الذكرى السادسة لاعلان “تفاهم معراب” قال باسيل : “يصادف اجتماع التكتل اليوم مع تاريخ المصالحة مع حزب القوات اللبنانية، ونؤكد أن إقفال الجرح قرار استراتيجي وخيار لا يتغير مهما اختلفنا في السياسة . ندعو دائما إلى الاتفاق مع القوات حول المواضيع المتعلقة بالثوابت والأمور الاستراتيجية مثل اللامركزية الادارية والمالية الموسعة، لكن للأسف منذ فترة طويلة يأتي الرفض من قبلهم لأي حوار في مجالات عدة، فالاختلاف السياسي مشروع، أما الاطاحة بالامور الاستراتيجية لدواع انتخابية عابرة فليست امرا مشروعا، فمن يخسر الاستراتيجية يخسر كل شيء، وهذا ما يجب تعلمه من تجربة 1990”. وعن تعاميم مصرف لبنان قال: “تخيلوا حجم الاموال التي يجنيها البعض من “السعدنات” في التعاميم العشوائية، فمن يصدر التعميم او يعرف به يستفيد، فيما الموظفون والعسكريون يعانون. لقد قيل سابقا إن الدولارات غير موجودة وإن الاحتياطي الالزامي انتهى في مسألة الدعم، فكيف ظهرت الدولارات فجأة، وصار المصرف المركزي قادرا على التدخل لخفض سعر الدولار بهذا الشكل؟ الخفض مطلوب، ولكن لماذا لم يحصل قبل؟ ولماذا حصل في لحظة معينة وعند حاجة سياسية أو للدفاع عن الذات أو غير ذلك؟ فما يجري يؤكد أن سعر الدولار سياسي ومصطنع، ويجب أن يعود إلى مستوياته الحقيقية التي تؤكد كل التقديرات أن مستواه أقل مما هو عليه اليوم، وواجب المركزي وقف التلاعب وتوحيد الأسعار التي تتلاعب بأموال المودعين”.
عقوبات جديدة
في غضون ذلك فرضت وزارة الخزانة الأميركية دفعة عقوبات جديدة على “حزب الله ” اذ حدد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للوزارة (اوفاك) ثلاثة اشخاص “مسهلين ماليين” مرتبطين بحزب الله وشركة للسفر تتخذ من لبنان مقراً لها وهم عادل دياب، وعلي محمد ضعون، وجهاد سالم العلم، وشركتهم دار السلام للسفر والسياحة. وبحسب البيان الذي وزعته وزارة الخزانة الأميركية فان “هذا الإجراء يأتي في وقت يواجه فيه الاقتصاد اللبناني أزمة غير مسبوقة ويقوم حزب الله، كجزء من الحكومة اللبنانية، بعرقلة الإصلاحات الاقتصادية ومنع التغيير الذي يحتاجه الشعب اللبناني بشدة”. وبحسب البيان “ساعدت شبكة حزب الله الواسعة من الميسرين الماليين المجموعة على استغلال الموارد المالية للبنان والنجاة من الأزمة الاقتصادية الحالية. ومن خلال رجال أعمال مثل أولئك المدرجين اليوم، يحصل حزب الله على دعم مادي ومالي من خلال القطاع التجاري المشروع لتمويل أعماله الإرهابية ومحاولاته لزعزعة استقرار المؤسسات السياسية اللبنانية. توضح تسميات الأفراد والكيانات الموضحة أدناه جهود وزارة الخزانة المستمرة لاستهداف محاولات حزب الله المستمرة لاستغلال القطاع المالي العالمي والتهرب من العقوبات”. وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بريان نيلسن “يدعي حزب الله أنه يدعم الشعب اللبناني، ولكن تمامًا مثل الفاعلين الفاسدين الآخرين في لبنان الذين حددتهم وزارة الخزانة، يواصل حزب الله جني الأرباح من المشاريع التجارية المعزولة والصفقات السياسية الخلفية، وتكديس الثروة التي لا يراها الشعب اللبناني أبدًا”.
ووفق البيان فان “عادل دياب عضو في حزب الله ورجل أعمال لبناني استخدم عمله لجمع الأموال لحزب الله وتسهيل أنشطة الحزب. وهو يمتلك أصولاً مشتركة مع علي الشاعر، مساعد جمع التبرعات لحزب الله حسيب محمد هدوان، عضو الأمانة العامة لحزب الله، الذي يعمل مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. تم تصنيف كل من الشاعر وهدوان من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في عام 2021. وعلي محمد ضعون هو مسؤول في حزب الله ومسؤول عن الدائرة الثانية لحزب الله. وقد شمله التصنيف لقيامه بمساعدة حزب الله ماديًا أو رعايته أو تقديمه دعمًا ماليًا أو ماديًا أو تقنيًا أو سلعًا أو خدمات له ودعمه. وكذلك الامر بالنسبة الى عضو حزب الله جهاد سالم العلم لمساعدته المادية أو رعايته أو تقديمه الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات لحزب الله أو دعمه. ودياب وضعون والعلم هم مؤسسو وشركاء دار السلام للسفر والسياحة، وهي وكالة سفر مقرها لبنان يمتلكونها ويديرونها.
وعلق وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن على هذه العقوبات معتبرا ان تصنيف الولايات المتحدة لثلاثة ميسرين ماليين مرتبطين بحزب الله وشركة سفريات مقرها لبنان يأتي تضامنا مع الشعب اللبناني، وأشار الى انه بينما يعاني الشعب اللبناني من ازمة اقتصادية ذات ابعاد تاريخية يواصل حزب الله الانخراط في نشاط غير مشروع وجمع الثروات على حسابه ومن الواضح ان حزب الله وشركاءه مهتمون أكثر بتعزيز مصالحهم الخاصة ومصالح راعيتهم ايران اكثر من اهتمامهم بمصالح الشعب اللبناني.
جنبلاط في موسكو
وفي سياق التحركات السياسية الخارجية المتصلة بلبنان يقوم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بزيارة لموسكو وبدأ لقاءاته أمس مع نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف قبل ان يلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.