كانت الممرضة كانديس كورديرو، التي تعمل في مستشفى بولاية أميركية لاتزال مصابة بالحمى والسعال حين تلقت بريدا إلكترونيا يطلب منها العودة إلى العمل، بعد سبعة أيام من إصابتها بفيروس كورونا.
استند المستشفى إلى تعليمات صحية حديثة تسمح بعودة المرضى إلى أعمالهم بعد أيام من الإصابة، لكن كورديرو التي قالت إنها يمكن أن تكون لا تزال ناقلة للعدوى، رفضت العودة.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن كورديرو قولها إن “الناس يجب أن يذهبوا إلى المستشفيات وهم آمنون من التعرض للعدوى فيه”.
وتقول الصحيفة إن المستشفيات تطلب بشكل متزايد من الموظفين المصابين بالفيروس التاجي العمل، مضيفة أن هذه إشارة واضحة إلى أن متحور أوميكرون قد أصاب قوى العمل بشكل كبير جعل المستشفيات تتجاهل نحو عامين من البروتوكولات الصحية الصارمة بسبب نقص العمال.
وسمحت المبادئ التوجيهية الصحية الأميركية بتقليل فترة العزل من عشرة إلى خمسة أيام، مع السماح للعمال بالعودة “طالما أن الأعراض خفيفة وتتحسن”، ويقول المسؤولون إنه حتى مع هذه التسهيلات فقد لا يمكن المحافظة على انسيابية العمل في المستشفيات.
وتظهر البيانات الفيدرالية أن أكثر من عشرين في المئة من المستشفيات الأميركية أبلغت عن “نقص حاد في عدد الموظفين” في الأسبوع الماضي فيما تتوقع 30 في المئة مشاكل مشابهة الأسبوع المقبل.
ومع المصاعب التي تضرب القطاع الصحي، فإن معدلات الإصابة بفيروس كورونا وصلت إلى معدلات قياسية مع إدخال نحو 160 ألف مصاب بالفيروس إلى المستشفيات الخميس الماضي.
وقد نفذت مرافق الرعاية الصحية في جميع أنحاء البلاد التوجيهات المخففة في الأسابيع الأخيرة، على الرغم من أن بعض المجموعات الطبية أعربت عن قلقها الشديد إزاء بروتوكول العودة إلى العمل لمدة خمسة أيام دون اختبار.
المدارس
وتمتد مشكلة نقص العمالة من المستشفيات إلى المدارس، حيث يجاهد النظام التعليمي للإبقاء على المدارس مفتوحة.
وفي حين أن العديد من المسؤولين وأولياء الأمور في جميع أنحاء البلاد يدفعون لإبقاء الأطفال في المدرسة وعدم إعادة نظام التعلم عن بعد، ترك أوميكرون العديد من المدارس بدون الكثير من الضروريات اللازمة للعمل، مثل المعلمين والمعلمين البدلاء وسائقي الحافلات وعمال الكافيتريا – وأحيانا الطلاب أنفسهم.
ويتغيب نحو 10 بالمئة من الكوادر التعليمية بشكل مستمر في بعض المدارس، وعدد أكبر في مدارس أخرى.
كما إن الكثير من الطلبة يتغيبون كذلك لفترات طويلة، مما جعل المدارس تلجأ إلى التعليم عن بعد بنفس الوقت الذي يجري فيه التدريس في المدرس.
وتقول صحيفة وول ستريت جورنال إن عمدة نيويورك، إريك آدامز، يصر على أن تبقى المدارس مفتوحة، ووصف التعليم عن بعد بأنه فظيع بالنسبة للمجتمعات الفقيرة.
فيما قال المعلمون وصانعو السياسات التربوية في جميع أنحاء البلاد إن الطلاب تخلفوا في دراستهم وتطورهم الاجتماعي من خلال التعلم عن بعد.
ولا تزال الغالبية العظمى من المدارس العامة في البلاد وعددها نحو 100 ألف مدرسة مفتوحة، وإن كانت بالكاد في بعض الحالات.
مع هذا تعاني الإدارات المحلية لتوفير كوادر، وأيضا لتوفير متطلبات السلامة والأمن ونظام مساعد للتعليم عن بعد للطلبة المتغيبين، حيث شهدت مدارس في ولايات عدة إضرابات وتظاهرات من الطلبة والمعلمين على حد سواء.
وتسبب متحور أوميكرون هذا الشهر بمعدلات دخول مستشفى كوفيد-19 بين الأطفال بحسب الصحيفة.
وللمساعدة في أزمة التوظيف في المدارس، خففت عدة ولايات مؤخرا من قواعد التوظيف، وفي كاليفورنيا، وقع الحاكم غافن نيوزوم أمرا يهدف إلى تسهيل توظيف المقاطعات لمعلمين مؤهلين بديلين على المدى القصير، فيما خفف مجلس التعليم في ولاية كانساس مؤقتا متطلبات الحصول على ترخيص بديل للطوارئ.
وقالت إدارة بايدن إنها سترسل للمدارس 10 ملايين حزمة اختبار، أي أكثر من ضعف حجم الاختبارات المدرسية في نوفمبر.
وقال البيت الأبيض إن ذلك سيساعد المدارس في “اختبار البقاء”، وهي استراتيجية تسمح للطلاب بالبقاء في الصف بعد التعرض ل Covid-19 إذا كانت نتيجة الاختبار سلبية مرتين على الأقل خلال الأسبوع التالي مع ارتداء الكمامات.
القوى العاملة
وفي البلدات الصغيرة، التي تمتلك أعدادا أقل من القوى العاملة، يتسبب أوميكرون في مشاكل كبيرة.
وفيما يمثل أوميكرون مشكلة لقطاع الأعمال حتى في مدن كبرى مثل نيويورك، لكن وقعه على المدن والقرى الصغيرة كان أكثر وطأة.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن المدن الصغيرة الريفين اضطرت أحيانا لـ”التدافع” للحصول على أشخاص لملء الشواغر، حينما يكون عملاء البلدية أو المدرسون أو مقدمو الخدمات الصحية مرضى.
واضطرت بعض المدن إلى تعيين شخص واحد في عدة أماكن، حيث قام بعض الأشخاص بالعمل في البلدية والبريد والإطفاء في نفس الوقت للتغطية على النقص في العمالة.
وفي بلدات أخرى، أصيب نحو نصف موظفي الخدمة العامة، الذين يبلغ عددهم نحو عشرين شخصا، بكوفيد في وقت واحد.
وبسبب أزمة الثلوج التي مرت بها المدينة اضطر العمدة لقيادة السيارة بنفسه وفتح الشوارع حينما كان الموظفون مرضى.
فيما اضطرت مدن أخرى لإلغاء اجتماعات مجالسها المحلية بسبب إصابة الكثير من الأعضاء بالمرض.
ونقلت الصحيفة عن، بروكس رينووتر، مدير مركز حلول المدن التابع للرابطة الوطنية للمدن قوله إنه “على المدى الطويل، شهدنا تحديات اقتصادية قوية حقا في المناطق الريفية في أميركا مع توسع الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية لكن الوباء ضاعف من هذه القضايا من خلال تفاقم النقص الحالي في العمالة، مما جعل من الصعب على الوكالات البلدية الصغيرة تعويض عدد الموظفين بسرعة إذا كان الناس مرضى”.
وتقول الصحيفة إن البلدات الصغيرة لا تعاني على مستوى الخدمات العامة فقط، إذ أن المتاجر المملوكة للقطاع الخاص تغلق أبوابها لفترات طويلة بسبب نفس المشكلة، النقص في العمالة.