جاء في صحيفة “الأخبار” : أخيراً، “بقّ” تيار “المستقبل” البحصة. هذا ما لم يفعله رئيسه قبل خمس سنوات، بعد احتجازه في المملكة العربية السعودية وإجباره على تقديم استقالته، بالتآمر مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي، وحده من بين كل القيادات في لبنان، دعا الى قبول استقالة الحريري. آنذاك، لمّح رئيس الحكومة السابق إلى تلقّيه طعنة غادرة من “الحلفاء”، ولوّح بـ”بقّ” البحصة التي علقت في حلقه منذذاك، فيما لم يتوقف الهمس يوماً في كواليس التيار الأزرق عن “المتآمر الأكبر” على الحريري والمحرّض الأول عليه لدى “ولاة الأمر” في الرياض.
بيان “استسلام” الحريري للضغوط السعودية، عصر الاثنين، أخرج جمهور “المستقبل” ومسؤوليه عن هدوئهم. كل الأطراف السياسية استشعرت حراجة الخطوة الحريرية وخطورة تداعياتها، فيما سمير جعجع، وحده أيضاً، واصل غرز سكينه في جرح “المستقبل” المفتوح، طامحاً بعد مشاركته في إطاحة الحريري، إلى تطويب نفسه “وريثاً” لتياره، وزعيماً لسنّة لبنان، علماً بأنه نقل عن أوساط قريبة من تيار “المستقبل”، في اليومين الماضيين، أن من بين شروط “بيان الاستسلام” تجيير الجمهور الأزرق، في الانتخابات المقبلة، للمدان باغتيال زعيم تاريخي للسنّة هو الرئيس الراحل رشيد كرامي، والخارج من سجنه بعفو نسجه الحريري الابن نفسه. وإذا كان زعيم “المستقبل” قد رفض تنفيذ هذا الشرط، ضمناً، عندما نفض يده من كل ما يتعلق بالانتخابات، يبدو أن زعيم القوات ماضٍ، من طرف واحد، في تنفيذ الأجندة السعودية في هذا السياق.
هكذا، وكأن ما أعلنه الحريري الاثنين كان بياناً انتخابياً لا بيان انسحاب، غرّد جعجع أمس بأنه “متعاطف مع الحريري”، لكنه “مصرّ على التنسيق مع الإخوة في تيار المستقبل وأبناء الطائفة السنية”. تغريدة كانت كافية لتفجير الاحتقان المستقبلي على مواقع التواصل الاجتماعي، فشنّ أنصار “المستقبل” هجوماً على “الغدّار الذي طعن سعد الحريري”. عضو كتلة المستقبل النائب وليد البعريني وصف موقف جعجع بأنه “خبيث يُحاول الظهور عبره بمظهر الحريص على تيار المستقبل ولعموم أهل السنّة في لبنان (…) وقد أثبتت كل الأحداث الماضية أنه متورّط حتى النّخاع في طعن تيار المستقبل ورئيسه في ظهورهم وفي رقابهم، وهذه حقائق ثابتة ولم تعد تخفى على أحد”. ورأى أن “ادّعاء الحرص والاهتمام للقفز الى المقدمة لوراثة تيار المستقبل لا يعدو كونه محاولات مكشوفة سترتدّ على صاحبها بالخيبة والخذلان، لأن السنّة كانوا وسيبقون أهل دولة وأهل وفاء، ولن يسمحوا لمن طعنهم بأن يتوثّب نحو حمل رايتهم وتقدم صفوفهم”. فيما سخر منسق الإعلام في التيار، عبد السلام موسى، من جعجع الذي “يُصرّ على التنسيق معنا ونحن لا نشارك في الانتخابات”، موجّهاً نصيحة إليه: “لعاب بملعبك وما تطلع ع كتافنا”.
وكان جعجع قد غرّد مطلع الشهر الجاري بأنّ “الأكثرية السنيّة هم حلفاؤنا بطبيعة الحال على المستوى الشعبي لا القيادي”، ما دفع الأمين العام لـ”المستقبل” أحمد الحريري إلى “نصيحته، بأن “يترك الأكثرية السنيّة بحالها ويتوقّف عن سياسة شقّ الصفوف بينها وبين قيادتها السياسية”.
إلى ذلك، كانت لافتة تغريدة رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، بأن “هناك من اختار أن يتعاقَب حتى يمنَع الحرب الأهلية، وآخر وافق على الانسحاب حتى لا يسمح بالحرب الأهلية، وهناك أحد مصمّم على الحرب، وغير مهتمّ إذا طعن حليفه بالظهر أو خان تفاهماً لمصالحة تاريخية، والمهمّ أن ينفّذ أجندة خارجية توقع الفتنة بلبنان”.