جاء في صحيفة النهار : مع أن الأنظار اتجهت إلى ما يمكن أن يصدر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي سينعقد اليوم في الكويت وتحديداً الموقف المنتظر من الردّ اللبناني على المذكرة الخليجية التي نقلها وزير الخارجية الكويتي إلى المسؤولين اللبنانيين مطلع الأسبوع لم تبرز أيّ معطيات تؤكّد أن موقفاً عربياً واحداً سيكون جاهزاً للإعلان في الساعات المقبلة أو ربما في فترة قصيرة بعد الاجتماع.
وسلّم وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، أمس إلى نظيره الكويتي أحمد ناصر الصباح، الأجوبة اللبنانية على الورقة الكويتية كما سلّمه رسالة من رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى أمير الكويت نواف الأحمد الصباح. ويفترض أن تطرح الأجوبة اللبنانية على النقاش في الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب اليوم. وفيما وصف بو حبيب أجواء اجتماعه مع وزير الخارجية الكويتي بأنّها “كانت ممتازة ” عمّمت معطيات إعلامية مساء تحدّثت عن أجواء إيجابية سادت لقاء بو حبيب مع نظيره الكويتي وأن الجانب الكويتي تفهم الأجوبة اللبنانية وأنّه أبدى موقفاً إيجابياً من الاقتراح الذي تضمّنته الأجوبة اللبنانية لجهة تأليف لجنة تواصل وتنسيق مشتركة بين لبنان والدول الخليجية تتولى معالجة أيّ مسألة تتصل بالعلاقات اللبنانية الخليجية.
وكان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي أعلن أن وزراء الخارجية العرب كانوا قرّروا في وقت سابق منذ نحو عام، عقد اجتماع تشاوري بشكل نصف سنوي تحت رئاسة الدولة التي ترأس الدورة الوزارية لمجلس جامعة الدول العربية، وتمّ عقد الاجتماع التشاوري الأول لوزراء الخارجية في شهر حزيران الماضي في الدوحة خلال رئاسة دولة قطر لدورة المجلس. وأضاف: “الاجتماع التشاوري الثاني لوزراء الخارحية العرب غداً الأحد (اليوم) سيكون باستضافة دولة الكويت ورئاستها باعتبارها الرئيس الحالي لدورة مجلس الجامعة العربية”، مشيراً إلى أن “هذا الاجتماع الوزاري هو اجتماع تشاوري غير رسمي ليصدر عنه قرارات، بل سيناقش الموضوعات التي ترغب أيّ دولة في مناقشتها دون التقيّد بجدول أعمال، في إطار تعزيز التشاور والتنسيق بين وزراء خارجية الدول العربية حول مختلف الموضوعات”.
ومع ذلك تواصلت الأصداء الداخلية حول الردّ اللبناني، وكان أبرزها لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي قال: “كل يوم هناك خرق جديد للدستور والقوانين. بدلاً من أن تطرح الورقة الكويتية على مجلس الوزراء لمناقشتها، اختزل الرؤساء الثلاثة المسألة بأشخاصهم وكلّفوا وزير الخارجية بإعطاء جواب لبنان الرسمي. وأضاف عبر “تويتر”: “لا شيء بالدستور اسمه الرؤساء الثلاثة، هناك رئاسة الجمهورية، مجلس النواب ومجلس الوزراء، والردّ على الرسالة الخليجية هو من صلاحيات مجلس الوزراء حصراً”.
وفي غضون ذلك ظلت تداعيات قرار الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي في واجهة المشهد الداخلي. فغداة اللقاء السني الروحي- السياسي خلال صلاة الجمعة في الجامع العمري الكبير وتأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن لا مقاطعة للانتخابات، برزت الزيارةُ اللافتة التي قام بها أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى دار الفتوى، علماً أن أوساطا سنية اعتبرتها زيارة متأخرّة تأتي للتغطية على المسؤولية الكبيرة التي يتحملها العهد وتياره وصهره في افتعال القيود والضغوط والعراقيل التي دأبوا على زجها في طريق الرئيس الحريري ومنعه من تاليف الحكومة.
وبعد لقائه أمس مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، شدّد عون على “أهمية الدور الذي تؤدّيه الطائفة السنية الكريمة في المحافظة على وحدة لبنان وتنوعه السياسي، وعلى المشاركة مع سائر مكونات لبنان في الحياة الوطنية والسياسية، والاستحقاقات التي ترسم مستقبل لبنان وأبنائه”، مشيراً إلى أن “دار الفتوى صمام أمان لجميع اللبنانيين”. وقال: “نحن لا نريد للطائفة السنية أن تخرج من العمل السياسي في لبنان، لأننا سمعنا أنه قد تحصل مقاطعة ونحن لا نريد أن تحصل المقاطعة، لأن لبنان عندما يخسر مكونا من مكوناته الكبار، هذا الأمر يهدّد المجتمع الذي تعودنا عليه وتربينا على هديه”. وشدّد على أن “لبنان اليوم في حاجة أكثر من أيّ وقت إلى تعاضد أبنائه والتفافهم حول دولتهم والمؤسّسات الدستورية كافة”، لافتاً إلى “أهمية التعاون بين جميع الأطراف والمكونات للخروج من الأزمة على نحو يحفظ للمواطن كرامته وحقه في العيش الكريم”.
وبالنسبة إلى علاقات لبنان بالدول العربية، أكّد عون على “ضرورة إقامة أفضل العلاقات وأمتنها، وأن الأولوية تبقى للمحافظة على السلم الأهلي والاستقرار في البلاد”، كاشفاً عن أن “هناك مسعى حالياً سنعمل على إعطائه الأهمية اللازمة حتى يتمّ الاتفاق وتعود العلاقات كما كانت في السابق وأفضل”. وأشار رئيس الجمهورية إلى أنه لا يرى سبباً لكي تتأجل الانتخابات.
إلى ذلك ترأس ميقاتي أمس جلسة لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية، لاستكمال درس مشروع قانون الموازنة للعام 2022. ودار نقاش حول موضوع سلفة الكهرباء حيث تساءل بعض الوزراء عن سبب طلب السلفة فيما “الطاقة” تفشل وتُخسّر الدولة بشكلٍ مستمرّ. وبعد أخذ وردّ، تمّ إرجاء بند سلفة الكهرباء لمزيد من الدرس والإيضاحات من قبل وزير الطاقة. وناقش المجلس أيضاً ملف الكهرباء والبنودَ الضريبيّة. وبعد انتهاء الجلسة أوضح وزير الإعلام بالوكالة عباس الحلبي أنه “تمّ تعليق المادة 13 المتعلقة بسلفة الكهرباء لمزيد من الدرس وطلب من وزير الطاقة تقديم مبرّرات للسلفة. واردف الحلبي: المادتان 13 و15 ستُبحثان الإثنين، بالإضافة إلى موضوع الدولار الجمركي والمساعدات الاجتماعية للقطاع العام .وأضاف: “نحن حريصون على عدم إرهاق المواطنين وكل التفاصيل لا تزال قيد النقاش وكلّ الضرائب هي على بساط النقاش ولا ضرائب جديدة”.
وفيما تنعكس الأوضاع الاقتصادية والمالية على واقع المؤسّسة العسكرية وهو ما تحدّث عنه بوضوح أمس قائد الجيش العماد جوزاف عون، قالت الإدارة الأميركية في إخطار بعثت به إلى الكونغرس إنها تعتزم “إعادة توجيه 67 مليون دولار من المساعدات العسكرية للقوات المسلحة اللبنانية لدعم أفراد جيش البلاد التي تصارع انهياراً مالياً”. وأخطرت وزارة الخارجية الأميركية الكونغرس باعتزامها تغيير محتوى التمويل العسكري الأجنبي المخصّص في السابق للبنان ليشمل “دعم سبل العيش” لأفراد الجيش اللبناني قائلة إنهم يعملون تحت ضغط الاضطراب الاقتصادي، وكذلك الاضطراب الاجتماعي. وجاء في الإخطار إلى الكونغرس الذي اطلعت عليه “رويترز” “ستدعم سبل العيش لأفراد القوات المسلحة سيقوي استعدادهم العملياتي ويخفّف من الغياب عن الخدمة وبالتالي يجعل أعضاء القوات المسلحة اللبنانية يتمكنون من مواصلة القيام بالوظائف الأمنية الملقاة على عاتقهم للتصدّي لمزيد من تراجع الاستقرار”.