السبت, نوفمبر 23
Banner

كارثة إجتماعيّة مُقبلة بعد “دولرة” الإيجارات

محمد علوش – الديار

عميقة أزمة الإيجارات في لبنان، خاصة تلك التي تسمى “قديمة”، لكن مع اشتداد الأزمة الاقتصادية ارتفعت بدلات الإيجار، حتى أن بعض المناطق “تدولر” الإيجار فيها، وكأن ساكنيها جميعهم من العاملين بالدولار.

الجديد والمؤسف اليوم بحسب المعلومات ان المستأجرين القدامى يتعرّضون لمضايقات جمّة من قبل أصحاب الملك، إذ يمنع بعض المالكين الجشعين، المستأجرين من الحصول على الخدمات، كإيصال اشتراك “الموتور” للمستأجرين بظل الانقطاع شبه الكامل لكهرباء الدولة رغم البرد القارس، كما يعمدون على قطع المياه عن مآجيرهم لترهيبهم بغية اخراجهم.

والأنكى من ذلك ان المستأجر، وهذا حصل في بيروت، لدى مراجعته للمخفر كي يأخذه حقّه البديهي بايصال الكهرباء والمياه على مأجوره، يجابه بالرفض، فالجواب يكون دائماً ان النزاع مدني ، وعليهم مراجعة القضاء المدني،والكلّ يعلم كم تستغرق الدعوى المدنية من وقت وكلفة، هذا عدا الاضرابات والتوقف عن العمل لالف سبب وسبب.

لا أحد يسأل عن حياة المستأجرين، لا سيما كبار السن منهم، فتتعامل المخافر والنيابات العامة مع ابسط حقوق الانسان البديهية بخفّة غير مقبولة،واللبنانيون اصبحوا مام كائنات حيّة منزوعة الضمير والاخلاق.

هذا بالنسبة الى الإيجارات القديمة، لكن الجديدة أيضاً تعاني، إذ ارتفعت الإيجارات لتصبح بين 4 و8 ملايين ليرة للشقق التي تبلغ مساحتها 120 الى 150 متراً، في بيروت والضواحي، وفي هذا السياق، تُشير المستشارة القانونية للجنة الأهلية لحماية المستأجرين، المحامية مايا جعارة الى أن ازمة السكن بدأت بالاستفحال مع إنتهاء معظم عقود الايجارات الحرّة المعقودة قبل انهيار العملة الوطنية.

في العقود المعقودة سابقاً كان المستأجر يلجأ الى دفع بدل الايجار المعقود بالدولار، إما بموجب شيك او بالعملة الوطنية بسعر الصرف المحددّ من قبل مصرف لبنان اي 1515 ليرة لبنانية،امّا الآن ومع سلسلة الانهيارات والتضخم الكبير الحاصل وبعد رفع الدعم عن اغلبية المواد،فان عدداً كبيراً من المالكين بدأ يطالب مقابل التأجير بدلات بالدولار النقدي او ما يعادلها بالعملة الوطنية على سعر صرف السوق الموازية.

ترى جعارة ان المعضلة تكمن في ان معاشات وايرادات المواطنين لم ترتفع وباتت متواضعة نسبة لما يطالب به المالك من بدلات كون الاغلبية الساحقة منهم ما زالت تقبض بالليرة اللبنانية المنهارة ناهيك عن ان نسبة البطالة ارتفعت بشكل خيالي.

تشير جعارة الى انه في القانون اللبناني الحالي، لا مانع من ان يكون بدل الايجار معقود بعملة غير العملة الوطنية الا ان السكن ليس سلعة، بل هو من صميم الموجبات الانسانية للدول والحكومات وحمايته تشكّل عصب الحياة الاجتماعية، لذلك اكدّت المواثيق الدولية التي صادق عليها لبنان كما الدستور وقرار المجلس الدستوري اللبناني ( قرار 2014\6) على حق السكن وعلى وجوب ان يكون هناك قدرة على تحمل التكاليف المالية الشخصية او الاسرية المرتبطة بالسكن وان تكون ذات مستوى يكفل عدم تهديد احراز وتلبية الاحتياجات الاساسية الاخرى او الانتقاص منها واكدّت ان تكون النسبة المئوية للتكاليف المتصّلة بالسكن متناسبة ومستويات الدخل.

يضمن الدستور حق السكن، لكن مع الأسف في القوانين اللبنانية الحالية، لا يوجد حماية للمستأجر الخاضع لحريّة التعاقد والتي تنتهي مدّة ايجارته، اذ لا دور للمنظمات الاجتماعية التي تشرف على الاخلاء وتبلغّ لايجاد البديل السكني وايواء المطرود في حين ان هذا الامر هو معتمد ورائج في العديد من دول العالم.

المطلوب اليوم بحسب جعارة تدخّل المشترع لتنظيم سوق الايجارات وتحديد بدلات عادلة وفق معايير واضحة وموضوعية مع شبكة حماية لذوي الدخل المحدود والتي وصل عددهم للاسف الى 82 بالمئة من الشعب بعد ان كان العام الماضي 45 بالمئة، ودون هذه الحماية نحن مقبلون على كارثة اجتماعية تطال مئات آلاف الأسر اللبنانية.

Leave A Reply