غاصب المختار – اللواء
طغى حدثان نهاية الاسبوع على الوضع السياسي والرسمي، تمثل الاول بزيارة رئيس الجمهورية ميشال عون لدار الفتوى واللقاء مع المفتي الشيخ عبداللطف دريان يوم السبت، وهي الزيارة الاولى منذ انتخابه رئيساً للجمهورية… والثاني تسليم وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الرد اللبناني على مذكرة «إستعادة الثقة» التي حملها وزير الخارجية الكويتية الشيخ احمد ناصر محمد الصباح بأسم المجتمع العربي لا سيما الخليجي، وتتضمن مطالب محددة من لبنان لإعادة العلاقات الى طبيعتها معه. وناقشها امس وزراء الخارجية العرب في الكويت في اجتماعهم التشاوري غير الرسمي وخلصوا الى «نتيجة إيجابية» كما اعلن الوزير الكويتي.
حسب المعلومات، حمل الرئيس عون رسالة واضحة الى دار الفتوى بأنه يرفض عزل اي طائفة ومكوّن اساسي من مكونات الكيان اللبناني، ويرفض مقاطعة طائفة كبيرة واساسية للإنتخابات، واكد على ضرورة خوضها مهما تكن الاسباب والظروف لدى بعض أركانها، مشيراً الى ان التجارب السابقة لمقاطعة اي مُكوّن كانت نتائجها سلبية على التوازنات، وفي هذا الموقف نوع من طمأنة رأس الدولة لأكبرطائفة في لبنان الى عدم وجود رغبة بتحجيمها اوكسر تمثيلها الوطني.
الحدثان معطوفان على ماقبلهما من اعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يوم الجمعة ومن دار الفتوى والجامع العمري الكبير، ان لا مقاطعة سنية للإنتخابات النيابية، بالتوازي مع اعلان رجل الاعمال بهاء رفيق الحريري قرب عودته الى بيروت واستمرار مسيرة عائلة الحريري والرئيس الشهيد رفيق الحريري والبقاء الى جانب اللبنانيين في هذه الظروف، وذلك بعد تعيينه ممثلاً سياسياً له في لبنان هو صافي كالو. ما يعني ان بهاء اعلن نفسه وريثاً سياسياً لبيت رفيق الحريري، وقد يكون الوريث النيابي من خلال خوض الانتخابات.
هذه الاحداث المتتالية تضع لبنان امام منعطف جديد يقود الى اجواء إيجابية بعد السلبيات التي طبعت الفترة الماضية، لا سيما بعد أعلان الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي وعدم خوض الانتخابات النيابية، لكن جرى استيعاب هذه الصدمة في ايام قليلة من خلال ما جرى في نهاية الاسبوع، وتم تجاوز عزوف سعد الحريري عن الترشح للإنتخابات، وهو تأكيد بأن الساحة ليست متروكة وبخاصة الساحة السنية. ولكن الايام المقبلة ستكون ايام رصد لما بعد القرار السني الرسمي والروحي بعدم مقاطعة الانتخابات ورصد من سيملأ فراغ سعد الحريري؟ ورصد الموقف الخليجي ونتائجه على الارض من الرد اللبناني.
لا شك ان الذين يودون مَلء مكان سعد الحريري كثر، بدءاً من شقيقه بهاء وصولاً الى شخصيات اخرى لها حضور سياسي وزان، لكن هذا يدل على انه إذا كان ممكناً ملء مقعد سعد الحريري النيابي، فإن ما يعلنه اركان «تيار المستقبل» وبعض نوابه اوحى بأن الرجل لن يغيب طويلاً عن الساحة السياسية ولن يُخلي مكانه نهائياً، ومناسبة استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط ستكون المفصل الاول في تحديد خياراته التفصيلية المقبلة. وهو لن يترك ان تمرهذه المناسبة من دون موقف مهما كان شكل إحياء الذكرى حتى لو ببيان من بعيد.
مناسبة 14 شباط، لا شك ستكون مختلفة هذه المرة، لا سيما اذا تحدث الحريري خلالها بالتفصيل عن اسباب اعتكافه، وقد تكون كلمته هي المفتاح لتوجهاته المقبلة وكيفية عودته الى ممارسة الحياة السياسية العامة ولومن خارج البرلمان ورئاسة الحكومة.
وفي هذا الصدد، قال مصدر نيابي بارز في كتلة الحريري: ان ظروف البلد وجائحة كورونا تمنع اقامة احتفال مركزي كبير لمناسبة 14 شباط، لكن لا شك ستكون للحريري إطلالة للمناسبة لا نعرف بعد كيف سيكون شكلها.
وعن مصير تيار المستقبل ومحازبيه ومناصريه، قال المصدر: لا بد من الانتظار فترة من الوقت لتتضح ظروف البلاد وخيارات الناس، ربطاً أيضاً بما يجري في المنطقة، لا سيما المفاوضات حول الملف النووي الايراني، وهل ستنجج ام ستفشل لأنها في الحالتين ستنعكس على لبنان. كما انها فرصة لتيار المستقبل ليلتقط انفاسه ويعيد تنظيم اموره بعدما استوعب صدمة القرار، أذ ان قرار الحريري لا يعني خروجه و التيار من الحياة العامة، فهو حصر موقفه بعدم الترشح للأنتخابات. علماً أن عدداً من نواب الكتلة سبق واعلن منذ اشهر عدم رغبته بالترشح للإنتخابات وابلغ القرار الى الحريري.
لكن يبقى السؤال: هل يسمح تيار المستقبل بأن يرثه بهاء من سعد؟ وكيف سيتلقف «المستقبليون» موقف بهاء؟ الجواب اتى على لسان بعض اركان التيار بأن «الدخول الى الحياة السياسية حق مشروع لبهاء الحريري ولكن ما هو مشروعه؟ وفي النهاية صندوق الانتخابات يحكم… ».
لكن اخطر ما يمكن ان يقوم به بعض الطامحين لوراثة الحريري، جرّ البلد الى صدام سني – شيعي، وصعود شخصيات متطرفة لا يهمها استقرار البلد بل تنفيذ مطالب خارجية لتحقيق اهداف سياسية اقليمية.