كتبت ليا القزي – الاخبار: عدم الالتزام بدفع كلّ «الفريش دولار» للمودعين، إجبار الزبائن على تجميد شيكاتهم لمدّة زمنية قبل الاستفادة منها، عدم تكوين المؤونات المطلوبة… غيض من فيض مخالفات المصارف لتعاميم صادرة عن «الوصيّ» عليها، مصرف لبنان. علناً، تُجاهر المصارف برفضها الالتزام، من دون أن تجد من «يهزّ لها العصا». ففي كلّ مرّة، يُقدّم «المركزي» لها الحبل للنزول عن الشجرة، حتى ولو كان في سلوكها إساءة إلى حقوق المودعين، علماً بأنّ القانون يُتيح له إجراءات عديدة، تصل إلى الاستحواذ على المصرف
في الفترة المُمتدة بين 1 تموز 2019 حتى تاريخه، أصدر مصرف لبنان 8 تعاميم أساسية (واحدٌ منها يتعلّق بإنشاء المنصّة الإلكترونية لعمليات الصرافة)، و55 تعميماً وسيطاً (التعميم الوسيط هو تعديل لتعميم أساسي صادر سابقاً). الجهة التي يرسل إليها هذه التعاميم هي المصارف التجارية والمؤسسات المالية العاملة، الخاضعة لقانون النقد والتسليف. وهذا القانون يُلزمها بالامتثال إلى تعاميم «المركزي»، لا أن تختار منها ما تُطبّقه وما تتجاهله. لكنّ وجود القانون لا يعني أنّ المصارف تلتزم بقرارات السلطة النقدية (مصرف لبنان). على العكس من ذلك، هي نَمَت إلى درجة أنّها باتت تعتبر نفسها أسمى من أي محاسبة، لا تُطبّق سوى ما يُناسب مصلحتها. وإجمالاً، المصارف من «الفئة ألفا»، أي التي تستحوذ على الحصّة الأكبر في السوق، هي العُنصر «غير المُنضبط»، وبعضها لا يبذل أي جُهد لإخفاء مخالفته القوانين، إذ يجاهر أصحابها بأنّهم لن يمتثلوا لتعاميم مصرف لبنان.
في مقابلة له مع جريدة «نداء الوطن» في 28 أيلول الماضي، علّق المدير العام ورئيس مجلس إدارة «فرنسبنك»، نديم القصّار، على تعميم مصرف لبنان الذي فرض زيادة أو إعادة تكوين رأسمال المصارف: «الزيادة المطلوبة ستُستخدم لرسملة مصارفنا أو مصرف لبنان؟ المصارف مستعدة لرسملة مصارفها شرط أن تُرسمل الدولة اللبنانية بدورها مصرفها». ماذا تعني العبارة الأخيرة؟ الإشارة إليها لم تكن عن عبث، بل في سياق الضغط المُمارس من المصارف حتى تُسدّد الدولة سندات الدين إلى «المركزي»، ثمّ يقوم الأخير بتسديد ما يَدين به للمصارف، فتعتبر هي حينها أنّ مُشكلتها قد حُلّت. والتسديد سيكون على شكل استحواذ على الأملاك العامة. في المقابلة عينها، أشار القصّار إلى أنّ المصارف «مُتردّدة بشأن مسألة زيادة رأس المال»، فاعتبر أنّ الصورة «لا تتضح إلّا مع تشكيل حكومة جديدة وتقديم برنامجها الإصلاحي وحيازته الثقة». كلام القصّار ليس سوى «تمرّد» علنيّ على تعميم صادر عن مصرف لبنان، وابتزاز بأنّ المصارف لا تجد نفسها معنيّة بأي تعميم قبل تلبية شروط تفرضها على السلطتين السياسية والنقدية.
هذه «الثقة بالنفس» في تكرار المخالفات، تحصل على الرغم من وضوح المادة 208 من قانون النقد والتسليف، التي تنصّ على أنّه «سواء خالف مصرف أحكام نظامه الأساسي أو أحكام هذا القانون أو التدابير التي يفرضها المصرف المركزي، بمُقتضى الصلاحيات المُستمدة من هذا القانون، أو قدّم بيانات أو معلومات ناقصة أو غير مُطابقة للحقيقة، يحقّ للمصرف المركزي أن يُنزل بالمصرف المُخالف العقوبات الإدارية التالية: التنبيه، خفض تسهيلات التسليف المعطاة له أو تعليقها، تعيين مراقب أو مدير مؤقت، شطبه من لائحة المصارف. ولا يحول ذلك دون تطبيق الغرامات والعقوبات الجزائية التي يتعرّض لها المصرف المُخالف». الحاكم رياض سلامة الذي يُعدّ «أخبر» الناس بقانون النقد والتسليف، ويتلطّى به ليُبرّر كلّ إجراءاته، ويملك صلاحيات عقابية لثَنِي المُخالفين، يجلس مُكتّف اليدين أمام رفقائه في القطاع المصرفي. وعِوَض أن يُنفذ صلاحياته، يتحدّث كما لو أنّه مواطن عادي، لا حول له سوى «الشكوى» أمام جمعية المودعين اللبنانيين. في اجتماعه مع الجمعية قبل أيام، «شدّد» سلامة على وجوب أن «تُطبّق المصارف بدقة تعاميم المصرف المركزي، حان الوقت لتتحمّل المصارف والمساهمون مسؤولياتهم بإعادة تكوين التزاماتهم، وزيادة رساميلهم بنسبة 20% وإعادة الأموال المحولة بنسبة 15 إلى 30%، وإعادة تكوين نسبة 3% في حساباتهم لدى البنوك المراسلة، وتلك التي ستفشل سيستحوذ عليها مصرف لبنان، فالمصرف المركزي وضع القوانين والتعاميم لتطبق بدقة وليس لوضعها في الأدراج».
مسؤولون في لجنة الرقابة على المصارف يوضحون أنّه «صحيح أنّ، في معظم الأحيان، المصارف تُقرّر أن لا تلتزم بالتعاميم إن كانت غير مُلائمة لها، ولكن في حالات أخرى، تشوب بعض التعاميم ثغرات تُصعّب من عملية تطبيقها». كلام لا ينطبق مع الواقع. فبحسب ما يُخبر نائب حاكم مصرف لبنان، سليم شاهين، «دور المصرف المركزي يتمثّل في وضع السياسة النقدية وإصدار التعاميم، أمّا من ناحية مراقبة الالتزام فهذه من صلاحية لجنة الرقابة على المصارف، التي تُصدر التعاميم والمذكّرات التطبيقية وتُتابع تنفيذها مع المصارف». إذاً يُفترض بالتعاميم والمُذكرات التطبيقية أن تُزيل أي التباس.
من بين التعاميم التي صدرت في الفترة الماضية، ثلاثة برزت فيها مخالفات المصارف لها؛ الأول، هو التعميم الرقم 150 الصادر في 9 نيسان الماضي، حول «الأموال الجديدة» المُرسلة من الخارج. وقد أُعفيت المصارف بموجبه من إيداع الاحتياط الإلزامي (نسبة من كل وديعة، يجب على المصرف أن يودعها في مصرف لبنان) لدى مصرف لبنان، شرط أن تلتزم بالسماح للمودع بحرية التصرّف بالأموال الجديدة بالدولار. في تلك الفترة، كان الحاكم رياض سلامة هو «القائم بأعمال» لجنة الرقابة على المصارف (انتهت ولاية اللجنة السابقة في 25 آذار)، وكان يُفترض به أن يُصدر التعميم التطبيقي للتعميم الرقم 150 حتى لا يُشكّل غيابه أي حُجّة للمصارف لعدم الالتزام. ولكنّ التعميم التطبيقي تأخّر حتى 18 آب الماضي (بعد قرابة شهرين على تسلم اللجنة الجديدة برئاسة ميّة دبّاغ). وفي الأشهر الفاصلة بين التعميمين، كان بعض المصارف يعطي المودع 80% من قيمة المبلغ «الفريش» ويحتفظ بـ20%، أو يأخذ 2% عمولة على العملية، أو يسأل الزبون تقديم طلبٍ وتحتاج المعاملة إلى أكثر من أسبوع حتّى تنتهي، أو يضع قيوداً على إعادة تحويل المبلغ إلى الخارج والدفع عبر البطاقة، أو اشتراط تحويل جزء من المبلغ بالدولار إلى الليرة اللبنانية، أو تجميد المبلغ لفترة مُعيّنة… حتّى بعد صدور التعميم التطبيقي، استمرّت مصارف في السطو على دولارات الناس، «ولكن نحن لن نعرف ذلك إن لم يشتكِ الزبون، وفي بعض الأحيان يكون هو راضياً عما يطلبه المصرف»، تقول مصادر لجنة الرقابة على المصارف.
التعميمٌ الثاني الذي تُخالفه مصارف، وله علاقة مُباشرة بالمودعين، يتعلّق بالشيكات. في 2 تشرين الأول، أصدرت لجنة الرقابة على المصارف مُذكّرة تطلب فيها من المصارف «عدم رفض الشيكات التي يودعها العملاء في حساباتهم الجارية لدى المصرف إلا لأسباب مشروعة (…) وعدم فرض تجميد قيمة الشيكات المودعة من العملاء و/أو قيمة التحاويل الواردة إلى حساباتهم». تقول مصادر «لجنة الرقابة» إنّ شكاوى تصل إليها حول مخالفات لهذا التعميم، وتحديداً في ما خصّ فرض تجميد الشيكات لفترة مُعينة قبل الاستفادة منها. ما هي الإجراءات المُتخذة إذاً؟ «دورنا أن نُراقب ونُدقّق ونُقدّم التوصيات للمصارف، ونرفع تقريراً لحاكم مصرف لبنان، الذي تعود له مُنفرداً إحالة الملفات على الهيئة المصرفية العليا أو عدم الإحالة. إجمالاً، لا تُحال إلا المُخالفات الكُبرى». وتوصيف «الكُبرى» قد لا يشمل بالضرورة المخالفات التي تؤثّر في يوميات المواطنين وقدرتهم الاستهلاكية وحرية تصرفهم بأموالهم، وقد لا تعتبرها «الجهات المصرفية الضامنة» أساسية. من جهته، يُصرّ نائب الحاكم، سليم شاهين على أنّ «المصارف مُدركة حساسية الوضع وأهمية تطبيق التعاميم، ما يجعل اللجوء إلى المادة 208 من قانون النقد والتسليف، التي أعطت المركزي الحق في إنزال العقوبات الإدارية على المصارف التي لا تلتزم بتعاميمه، بدءاً بالتنبيه وصولاً الى الشطب، غير ضروري في هذه المرحلة».
أما التعميم الثالث، فهو التعميم الوسيط الرقم 532، الذي أصدره «المركزي» في 4 تشرين الثاني 2019، يطلب فيه من المصارف زيادة رساميلها بنسبة 10% في مُهلة حدّها الأقصى 31 كانون الأول 2019، وبنسبة 10% إضافية في مُهلة حدّها الأقصى 30 حزيران 2020. بعد ثلاثة أشهر من انتهاء المهلة الأولى، لم يكن قد نفّذ التعميم إلّا 4 مصارف فقط من أصل 21 مصرفاً تقدّمت بطلبات لزيادة الرأسمال، في مقابل 16 مصرفاً تقدّمت بطلبات من «المركزي» للموافقة (أو لأخذ العلم) على الإعفاء من الزيادة أو تمديد المهلة. وتبيّن أنّ 14 مصرفاً لم تتقدم بأي طلب. اللافت أن يكون من بين الفئة الأخيرة «المُتجاهلة» لتعميم مصرف لبنان، «بنك بيروت» لصاحبه رئيس جمعية المصارف، سليم صفير!
في مرحلة لاحقة، قام بعض المصارف الأخرى بزيادة الـ10%. ولكن، بسبب عدم الالتزام بالتعميم، اضطر مصرف لبنان إلى إصدار التعميم الرقم 154 في 27 آب الماضي، والهادف إلى إعادة تكوين السيولة الخارجية للمصارف بما لا يقلّ عن 3% من مجمل الودائع، وبـ«الحث على» إعادة الأموال المُحوّلة إلى الخارج (ما يفوق مجموعه 500 ألف دولار أميركي) بما نسبته 15% للزبائن و30% لرؤساء وأعضاء مجالس إدارة وكبار مساهمي المصارف والإدارات العليا التنفيذية وعملاء المصارف من الأشخاص المعرضين سياسياً، وزيادة رؤوس أموال المصارف بنسبة 20% من الرأسمال كما كانت في 31 كانون الأول 2018، بمُهلة تنتهي في 31 كانون الأول 2020، من دون أن يترافق مع تعميم تطبيقي من «لجنة الرقابة» لكيفية احتساب الزيادة في الأموال الخاصة. في المرّة الثانية، «تسامح» مصرف لبنان مع المصارف، بالسماح لها بزيادة الأموال عبر إعادة تقييم الأصول العقارية الموجودة أساساً في حوزتها، أو تقديم المساهمين لعقارات بدل السيولة، أو تحويل بعض الودائع إلى أسهم! على الرغم من ذلك، «حالات الالتزام بالتعميم بقيت أقلّ من 10 مصارف، بينها بنوك مُتوسطة الحجم»، تقول مصادر لجنة الرقابة على المصارف. ويسأل مُدير أحد المصارف «الفئة أ» في حديث مع «الأخبار»، كيف «يُطلب منّا زيادة 20%، إذا كنا لا نعرف سعر السهم، ولم نتفاوض بعد على تحديد حجم الخسائر، ولا كيف سيتم اختيار المُساهمين لتأمين الزيادة؟ لن نزيد، ولن نطلب من أي من المودعين إعادة أموال من الخارج».
عدم القدرة على زيادة رأسمال المصرف وعدم وجود آلية تطبيقية لـ«حث» الذين حولوا أموالهم إلى الخارج على إعادة جزء منها، يعني أنّه لن يتمكّن من تكوين حساب خارجي بما لا يقلّ عن 3% من الودائع أيضاً، فهل ستجري مُعاقبة غير المُلتزمين؟ يقول سليم شاهين إنّ «الرسملة والسيولة أساسيتان لتمويل الاقتصاد، واستمرارية القطاع ترتبط بقُدرته على تجديد نفسه… نحن نأمل أن تتمكن جميع المصارف من استيفاء المعيار، لكن من لا يقدر على زيادة رأس المال، سيتعين عليه الخروج من السوق. وفي هذه الحالة سيضع المركزي السياسات الأفضل لصيانة الودائع وحماية حقوق المودعين، لأنّ المصرف الذي سيخرج من السوق لن يكون في وضع إفلاس». أما المصرف الذي لا يُكوّن حساباً خارجياً بما لا يقلّ عن 3%، فسيُعرَّض «للتحويل إلى الهيئة المصرفية العُليا. نحن نعتقد أنّ المصارف لديها الإمكانات اللازمة للقيام بذلك. فتكوين حساب خارجي ضروري لإعادة الثقة الدولية وتفعيل الاقتصاد»، يقول شاهين.
في مجمل الأحوال، يبقى القطاع المصرفي «سوقاً متمردة». في العادة، يتذرّع المصرفيون بـ«الدولة» وسوء أدائها ليخالفوا القوانين، ويختبئون خلف مقولة إن «السياسيين» فاسدون ومُهدِرون للمال العام. لكن المفاجئ أنهم يصرّون أيضاً على مخالفة تعاميم مصرف لبنان، الذي يُفترض أن يكون السلطة الناظمة لقطاعهم، رغم كونهم أحاطوه في العقود الثلاثة الماضية بهالة من القداسة، وأغدقوا عليه الجوائز والمديح.
تعميم مفصّل على قياس مصرف!
في 5 تشرين الثاني 2020، صَدَر عن مصرف لبنان التعميم الوسيط الرقم 575، المُتعلّق بتعديل القرار الأساسي الرقم 6939، أي «الإطار التنظيمي لكفاية رساميل المصارف العاملة في لبنان». ويتعلّق التعميم الوسيط بتعديل المادة الثامنة من التعميم الأساسي، بأنّه: «يُقبل، استثنائياً، ضمن الأموال الخاصة المُساندة ثلث ربح التحسين الناتج عن إعادة تخمين الأصول الثابتة المُتَمَلكة استيفاءً لديون وفقاً للمادة 154 من قانون النقد والتسليف وذلك ضمن الشروط التالية: أن يتحقّق المجلس المركزي لمصرف لبنان على نفقة المصرف المعني من صحّة عملية إعادة التخمين ويُوافق عليها. أن تُزاد، في هذه الحالة، الأموال الخاصة في مُهلة أقصاها تاريخ 31/12/2021 بصورة متكاملة ومُتزامنة كالتالي:
– إضافة ثلث ربح التحسين، كحدّ أقصى، إلى الأموال الخاصة المُساندة.
– زيادة الأموال الخاصّة من فئة حقوق حملة الأسهم العاديّة نقداً بمبلغ يوازي على الأقل مثلي الجزء من قيمة ربح التحسين.
– أن تتم عملية إعادة التخمين وزيادة الأموال الخاصة في مُهلة أقصاها تاريخ 31/12/2021».
في حين أنّ المادة بنسختها السابقة (المُعدّلة أيضاً في 26 آب الماضي)، ورد فيها أنّه يُمكن القبول ضمن الأموال الخاصة الأساسية كامل ربح التحسين الناتج عن إعادة تخمين موجودات المصرف العقارية، «ما عدا الأصول الثابتة المُتملكة استيفاءً لديون وفقاً للمادة 154 من قانون النقد والتسليف».
تتألّف الأموال الخاصة المُساندة (بحسب الملحق 3 من التعميم الأساسي الرقم 44) من: القيمة الأسهمية للأسهم التفضيلية وعلاوة إصدارها، قروض الدعم، حصّة حقوق الأقلية، إضافة 50% من فروقات التقييم الإيجابية المتراكمة من تحويل أصول مالية بالعملات الأجنبية، نسبة 50% من مجمل الأرباح غير المحققة على الأدوات المالية، مؤونات عامة… وهي تختلف عن الأموال الخاصة الأساسية التي هي: رأس المال المدفوع أو مخصّصاته، علاوات إصدار الأسهم، الاحتياطيات القانونية والنظامية والحرة بما فيها احتياطي المخاطر المصرفية غير المحددة، المقدمات النقدية المخصصة للرأسمال.
الخلل الرئيسي في تعميم 5 تشرين الثاني الجاري أنّه يُخالف المادة 13 من التعميم الأساسي الرقم 65، المُتعلق بنظام التوظيفات والمساهمات العقارية للمصارف، وتنصّ على أنّه «يُحظّر على المصارف تضمين مُحاسبتها الخاصة نتائج أي ربح تحسين يُمكن أن يتأتّى عن عملية إعادة تخمين العقارات المملوكة من الشركات العقارية موضوع هذا القرار». هذه المادة لم تُعدّل وما زالت سارية، وإلا لكان مصرف لبنان قد لفت إليها. تعميم «المركزي» لا يُخالفها فحسب، بل يُخالف قانون النقد والتسليف أيضاً. تشرح مصادر مصرفية أنّه «لا يُمكن إدراج قيمة العقارات المستوفاة لقاء ديون مشكوك في تحصيلها ضمن الأموال الخاصة للمصارف، لأنّها أملاك مؤقتة ويجب تصفيتها خلال مدّة أقصاها سنتان، كما تنصّ المادة 154 من قانون النقد والتسليف».
قطبة التعميم المخفية تكمن في كلمة «استثنائياً». فبحسب معلومات «الأخبار»، عُقد اجتماعٌ بين وفد من لجنة الرقابة على المصارف، ومُمثلين عن أحد المصارف من الفئة الأولى، الذي حصلت تغييرات في مجلس إدارته أخيراً، ويملك محفظةً كبيرةً من العقارات المُتملكة استيفاءً لديون. وطلب السماح له أن يُدرج ضمن الأموال الخاصة المُساندة ربح التحسين الناتج عن إعادة تخمين هذه الأصول. جواب لجنة الرقابة كان سلبياً، وهي لم ترفع رأيها إلى مصرف لبنان بهذا الخصوص كما يُفترض بها أن تفعل، ليقوم الأخير بتعديل المادة الثامنة خدمةً لهذا المصرف. التعميم ستستفيد منه كلّ المصارف التي تملك محفظة عقارية كبيرة. القصة لا تتعلق فقط بتعاميم تتمرّد عليها المصارف، بل أيضاً بتلك التي تتعدّل على مقاس الحوت الأكبر بينها.