ايفا ابي حيدر- الجمهورية
حتى الآن كل الابواب موصدة في وجه تحسّن التغذية بالكهرباء. فهذا الملف الذي يُثقل كاهل المواطنين لم يجد بعد طريقاً الى الحل فالنقاش به مؤجّل محليا، أما الحلول الخارجية التي طرحت، مثل استجرار الكهرباء من الاردن او الغاز من مصر، فمؤجلة ايضا بانتظار التمويل من البنك الدولي. ومتى انفرجت محلياً وخارجياً ستصطدم بارتفاع سعر النفط عالميا الذي سيزيد الكلفة والتعرفة. في هذا الوقت يبدو ان توجّه اللبنانيين نحو الطاقة الشمسية الى ازدياد.
تتأجّل الوعود بتحسّن ساعات التغذية من شهر الى آخر حتى انّ ملف الكهرباء الذي أخرج من مشروع الموازنة لمناقشته انفرادياً، لم يحدّد بعد موعد لدرسه مع العلم انّ ما كان مطروحا للنقاش في هذا الملف هو إعطاء سلفة جديدة لمؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول، علماً ان المؤسسة لا تحتاج الى الاموال لأنها تملكها ولكن مشكلتها في ان اموالها بالليرة اللبنانية ولشراء الفيول تحتاج لتحويل المبلغ الى عملة صعبة.
في هذا الوقت تسجّل ساعات التغذية تراجعا ملحوظا في المناطق كافة ومتى تأمّنت فلا تزيد عن 3 ساعات، فهل سنصل الى اطفاء المعامل بالكامل مع صفر تغذية، واين اصبح موضوع استجرار الكهرباء من الاردن والغاز من مصر؟ وما يعرقل السير بهذه الملفات؟ وهل من بديل؟
مصادر مؤسسة كهرباء لبنان أكدت لـ«الجمهورية» ان المؤسسة ما عادت تملك الاموال من سلفات سابقة والتغذية التي تصل الى المواطنين هي من النفط المستورد من العراق وهذا المصدر يؤمّن للمؤسسة ما بين 400 و500 ميغاوات فقط، مع التشديد على انه تقنيا وفنيا لا يمكن للشبكة ان تثبت لأنها تحتاج على الاقل الى 900 ميغاوات. وقالت: لا يمكن اعتبار انّ لدينا تغذية اليوم بحيث انه في خلال 10 ايام خرجت المؤسسة عن الخدمة (black out) 20 مرة، وسجل يوم الاثنين الماضي خروج عن الشبكة 4 مرات في اقل من 24 ساعة، وهذا ما يعرّض المؤسسة الى اعطال دائمة واضرار واخطار في المجموعات العاملة، ما قد يؤدّي الى اطفاء المعامل نهائيا.
وتساءلت المصادر كيف ستسير المرافق العامة من دون الكهرباء؟ كيف سيعمل المطار، مرفأ طرابلس، مضخات المياه في ضبيه وجعيتا وطرابلس والجنوب، مضخات الصرف الصحي، الجامعة اللبنانية، المستشفيات الحكومية… فمؤسسة كهرباء لبنان تؤمّن التغذية لكل هذه المرافق، وتجيّر ما تبقى لتغذية المنازل. وأسفت انه بدلاً من الانكباب على ايجاد حل لمعضلة الكهرباء نرى ان التجاذبات والذبذبات السياسية في هذا الملف لا تنتهي.
وأوضحت ان كل هذه التغذية مؤمنة فقط من النفط العراقي مع العلم ان الكميات التي تستلمها المؤسسة قليلة جدا، فالشهر الماضي استلمت 45 الف طن مازوت فقط في حين كانت تستعمل سابقا 280 الف طن فيول ومازوت شهريا.
وعن التأخّر في استجرار الكهرباء من الاردن والغاز من مصر رغم التطمينات ان كل الترتيبات لهذا المشروع اكتملت، أكدت المصادر ان كل ما طلب من المؤسسة نفذ على اكمل وجه لكن المشكلة في التمويل، فالبنك الدولي لم يعرض حتى اليوم اي برنامج لتمويل هذا المشروع والا من اين للبنان ان يحصل على الدولارات للتمويل؟ كذلك نحن بانتظار الجانب المصري الذي لم يُعِد حتى الان العقد لهذا المشروع وهو في انتظار الضوء الاخضر من الجانب الاميركي، الامر الذي لم يحصل بعد. وعليه لا بوادر فرج في هذين الملفين قريباً.
اما عن السلفة المالية بقيمة 5250 مليار ليرة التي طلبتها وزارة الطاقة لمؤسسة كهرباء لبنان خلال مناقشة مشروع الموازنة في مجلس الوزراء، فتؤكد المصادر ان المؤسسة لا تحتاج الى سلفة فهي تملك نحو 400 مليار ليرة في حساب المؤسسة في مصرف لبنان وفق سعر صرف الرسمي اي 1500 ليرة ويرفض مصرف لبنان تحويل هذه الاموال لشراء الفيول، اما تحويلهم وفق سعر صيرفة فغير جائز قانونا، لافتا الى ان الجباية تتم اليوم وفق سعر صرف 1500 ليرة لذا يجب تحويلها وفق سعر الصرف نفسه، والا علينا تغيير التعرفة حتى تتماشى مع سعر صيرفة.
الى جانب هذه التحديات لا بد من التوقف عند ارتفاع اسعار النفط عالميا وتأثيره المرتقب على الفاتورة النفطية، وفي السياق تقول المصادر ان 70 الى 80% من تكلفة الكهرباء ترتبط باسعار النفط ومع ارتفاع سعر برميل النفط الى أكثر من 90 دولارا ستزيد التكلفة ما بين 80 الى 90%، ومن شأن هذه الزيادة ان ترفع من الفاتورة النفطية وكلفة انتاج الكهرباء ومالية الدولة.
الطاقة المتجدّدة
من جهة اخرى، وبعد تدهور وضع قطاع الكهرباء لا سيما في العام الماضي، بدأ الافراد يتجهون نحو الطاقة المتجددة للحصول على استدامة في الكهرباء من جهة وللتخلص من تحكم اصحاب المولدات بساعات التغذية والفواتير الضخمة. وفي السياق، كشف مدير المركز اللبناني لحفظ الطاقة بيار الخوري لـ»الجمهورية» انه في خلال العام 2021 تم تركيب حوالى 100 ميغاوات من اجهزة الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء بكل لبنان نتيجة الأزمة، مقارنة مع 100 ميغاوات تم تركيبها بين الاعوام 2010 و 2019، اي بما مجموعه 200 ميغاوات. وأكد ان هذا الرقم مرشح الى الارتفاع في الفترة المقبلة. ولفت الى ان عدد الشركات التي تعمل في تركيب الطاقة الشمسية ارتفع من 130 في العام 2019 الى اكثر من 600 حاليا.
وردا على سؤال، أكد الخوري ان الطاقة الشمسية ليست بديلا عن مؤسسة كهرباء لبنان، ولا بد من معالجة اوضاع المؤسسة ومحطاتها في اي مشروع حل للكهرباء، لأن المؤسسة هي الأساس والتي بعد تمكينها يمكن التوجّه نحو الطاقة الشمسية وطاقة الرياح… مع التأكيد انه من دون هذه المؤسسة لا يمكن بناء اي حلول لأنّ كل الطاقة المستخرجة تحوّل الى المؤسسة التي بدورها توزعها على كل لبنان. اضاف: يمكن للافراد ان يؤمّنوا ان اكتفاء ذاتيا للكهرباء من الطاقة الشمسية، انما على صعيد المؤسسات والمرافق والمعامل والمضخات والانارة العامة لا يمكن الاستغناء على دور مؤسسة كهرباء لبنان.
وعن سبب عدم اعتماد الطاقة النظيفة في الحلول المطروحة لتأمين الكهرباء خصوصا انه تتوفر الشمس والهواء في لبنان، قال الخوري: أطلقت وزارة الطاقة مناقصة طاقة شمسية في البقاع وسيعقد اجتماع اليوم حول هذا الموضوع في وزارة الطاقة على ان تعلن الاسبوع المقبل نتيجة المناقصة التي من المتوقع ان تؤمّن 180 ميغاوات.
واشار الى انّ المشكلة الحقيقية هي انه بعد انتهاء المناقصة والتوصّل الى نتيجة سيكون القطاع الخاص هو الجهة التي ستنفذ المشروع وتبني المحطات، لكن المشكلة ان هذا القطاع غير قادر على تمويل هكذا مشروع من دون الحصول على قرض من المصارف الدولية، وهذه المصارف لن تقرضه دولارا واحدا قبل ان يوقّع لبنان اتفاقية مع صندوق النقد الدولي.