جاء في صحيفة “النهار” : لعل مشهدية “الحشد الصامت” امام وحول وفي كل الساحات المحيطة بضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري امس شكلت المشهدية المعبرة بقوة عن مدى تأثر جمهور الحريرية بحضور زعيمها الرئيس سعد الحريري في مناسبة الذكرى ال 17 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 بعد فترة قصيرة من إعلانه قرار تعليق النشاط السياسي لتيار المستقبل والامتناع عن المشاركة في الانتخابات النيابية . ذلك ان دلالات الالتفاف حول سعد الحريري من حشود مفاجئة من أنصاره حضر من مختلف المناطق من دون تنظيم ولا دعوات مسبقة بل بطريقة عفوية بدا فعلا بمثابة رسالة تلقائية برسم الاقربين والابعدين والحلفاء والخصوم ، والاهم الأهم رسالة برسم “الانتهازيين” المستعجلين ما يظنون انهم قادرون على اقتناصه جراء قرار الحريري تعليق العمل السياسي المباشر .
لذلك اكتسب حضور الحريري الى ضريح والده وسط حشود الأنصار بعدا يتصل بالتفاعلات العميقة التي تشهدها الساحة الداخلية عموما والساحة التي ملأتها الحريرية خصوصا سواء على مستوى الطائفة السنية ام على مستوى الطوائف الأخرى من خلال واقع ان الحريرية هي عابرة للطوائف . واذا كان حضور الرئيس سعد الحريري الى بيروت ليومين مخصصين لاحياء الذكرى ال17 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري امرا متوقعا وعاديا وطبيعيا في الظروف السابقة فان غياب أي احتفال في المناسبة هذه السنة اضفى بعدا مشدودا على الذكرى وبدا واضحا ان الرئيس سعد الحريري أراد بعدم توجيهه أي كلمة حصر المناسبة بذاتها وعدم اقحامها باي موقف سياسي ما دام قراره بتعليق النشاط السياسي ثابتا ولا تراجع عنه في الظروف الحالية وحتى امد قد لا يكون قصيرا . ولكن رسالة الحشود اثبتت ان حضور الحريري لا يزال الأقوى في ساحته وان لا شراكة متاحة لزعامته حتى اشعار طويل اخر . وبدا لافتا في هذا السياق ان تيار المستقبل اصدر تعميما خلال وجود الرئيس الحريري امس في بيروت وقبل ان يغادرها ليلا الى ابوظبي طلب فيه من سائر المنتمين اليه الراغبين في الترشح للانتخابات النيابية ان يستقيلوا من التيار في حال قرروا الترشح وعدم استعمال اسم التيار في ترشيحهم وحملاتهم الانتخابية .
وبالعودة الى احياء ذكرى 14 شباط فان الرئيس سعد الحريري حضر الى مكان ضريح والده ورفاقه في وسط بيروت في الساعة الأولى الا خمس دقائق وهي اللحظة التي دوى فيها التفجير الهائل بموكب الرئيس رفيق الحريري . ورافقت الرئيس سعد الحريري النائبة بهية الحريري والسيد شفيق الحريري وشقيقته جمانة ورئيسة مجموعة “النهار” الزميلة نايلة تويني . وبعد قراءة الفاتحة عن روح الرئيس رفيق الحريري ورفاقه الشهداء راح الحريري يحيي الجماهير والوفود السياسية والشعبية من مناصري تيار المستقبل التي احتشدت أمام الضريح وسط هتافات التأييد والدعم له ثم عاد الى بيت الوسط الذي فتح ابوابه لاستقبال الوفود التي انتقل كثير منها من الضريح لملاقاة ومصافحة الرئيس الحريري .
وفي دردشة مع الاعلاميين، أشار رئيس الحريري إلى أن “المشهد على ضريح الشهيد رفيق الحريري قال كلّ الكلام”، مؤكدا ان “جمهور “المستقبل” حرّ في المشاركة ” وتهكم على القول ان علاقته جيدة بحزب الله وقال “المقاومة بتفهم كل شي” واعتبر ان “ميشال عون مش موجود والحزب هو كل شي” واكد انه بعد قراره الأخير صار متحررا ويمكنه الوقوف مع الناس ونفى وجود خلاف شخصي بينه وبين سمير جعجع بل هناك اختلاف سياسي .
وشهد ضريح الرئيس رفيق الحريري منذ ساعات الصباح، تقاطرا للوفود الشعبية والشخصيات السياسية والرسمية في الذكرى 17 على اغتياله. وزار الضريح رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة وقرأا الفاتحة عن روح الرئيس الحريري ورفاقه. كما زاره رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ترافقه عقيلته السيدة نورا جنبلاط وابنه أصلان وابنته داليا حيث قرأوا الفاتحة.وبعد قراءة الفاتحة، قال جنبلاط: “كُتب علينا أن نقرأ الفاتحة في المختارة، وفي بيروت في ساحة الشهداء كل عام، وكُتب علينا أن نصمد وسنصمد”.
وكان رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط قد زار الضريح في وقت سابق ورافقه وفد من الكتلة، ضم النواب أكرم شهيب، فيصل الصايغ، بلال عبدالله، وائل أبو فاعور، بالإضافة إلى النائبين السابقين هنري حلو ومروان حمادة. واستمر تقاطر الشخصيات والوفود طوال اليوم .
وفي تطور خارجي لافت في يوم ذكرى اغتيال الحريري أعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بأي معلومات عن سليم عياش المدان غيابيًا باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ونشر حساب Rewards for Justice التابع لوزارة الخارجية الأميركية عبر “تويتر” تغريدة قال فيها إن سليم عياش هو “عضو في فرقة الاغتيالات التابعة لحزب الله والتي تتلقى أوامرها مباشرة من (الأمين العام لحزب الله) حسن نصر الله. أدين عياش بالتورط في اغتيال رفيق الحريري. إذا كان بإمكانك تقديم معلومات عنه، فقد تكون مؤهلا للحصول على مكافأة”.
في غضون ذلك مضى “حزب الله” في كسر قرارات الحكومة فعقد مؤتمر المعارضة البحرينية في صالة “الرسالات” التابعة للحزب في منطقة الرحاب في الضاحية الجنوبية متحديا بذلك بالقرارات التي اتخذها وزير الداخلية رضوان مولوي بمنع إقامة هذه الاحتفال الذي يعتبر بمثابة استفزاز إضافي سافر للدول الخليجية . وبدا واضحا ان انعقاد المؤتمر الذي أدى الى تعرية جديدة لعجز السلطة امام تسلط “حزب الله” مر من دون أي اشكال لان أي حضور امني رسمي لم يظهر في محيط الاحتفال الامر الذي اكد عدم طلب وزير الداخلية أي اجراء فعلي لمنع الاحتفال .