كتبت صحيفة “النهار” تقول: وسط شكوك متعاظمة في الخطط الحكومية وواضعيها خصوصا حين يتصل الامر بقطاع الطاقة والكهرباء، يعود مجلس الوزراء الى البحث في خطة الكهرباء التي وضعتها وزارة الطاقة ولم يفسح المجال لبدء مناقشتها في الجلسة الأخيرة بعدما عرضت باللغة الإنكليزية من دون ترجمة الى العربية. ويبدو ان تعديلات كثيرة أدخلت على هذه الخطة في ظل الاجتماعات المتلاحقة التي عقدها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا مع الوزراء والموظفين الكبار المعنيين بالخطة. وكان اخر هذه الاجتماعات بعد ظهر امس استعدادا للنقاش الذي سيطاول الخطة في مجلس الوزراء علما ان الجلسة التي سيعقدها المجلس اليوم في السرايا ستخصص لخطة النفايات وبنود أخرى فيما ان الجلسة المخصصة للكهرباء تعقد الخميس. وبدا واضحا ان ميقاتي يدفع نحو إقرار الخطة بعد إدخال الكثير من التعديلات عليها في ظل تنامي الضغوط والمطالب الدولية لاطلاق الإصلاحات الواسعة والعميقة في لبنان بدءا بقطاع الكهرباء الحيوي، اذ ستكون هذه الخطة احد المفاتيح التي يتعين على لبنان النجاح في إبرازه لدى التفاوض مع صندوق النقد الدولي من باب الإصلاحات البنيوية الأساسية. ومع ذلك فان الخطة، وان اقرت، لا تبدو في حجم التحديات الكوارثية التي مني بها القطاع وفاقم ازمة الكهرباء الى حدود قياسية يصعب معها تجميل الواقع باي تقديرات متفائلة بقرب تخفيف وطأة الكارثة التي يعاني منها اللبنانيون والمقيمون في لبنان قبل التثبت من جدية الخطة التي تشكل تجربة مستعادة من تجارب سلبية أدت في تراكمها الى أضخم مديونية على خزانة الدولة فيما بات واقع الكهرباء عنوانا اول من عناوين الانهيار الاقتصادي والإنمائي والخدماتي والإنتاجي في لبنان.
مع كل هذه الصورة الشديدة القتامة، تستبعد أوساط سياسية مطلعة ان تشكل مناقشة مجلس الوزراء لخطة الكهرباء مراجعة نقدية جدية وحقيقية لاسباب الكارثة التي بلغها القطاع لان أطراف الحكومة لا يبدون جاهزين لخوض معركة سياسية من شأنها تظهير مسؤولية “التيار الوطني الحر” عن الكارثة الكهربائية باعتباره يمسك بوزارة الطاقة منذ اكثر من عشرة أعوام لان معركة كهذه ستفجر معارك ذات ارتباط في قطاعات أخرى يمسك بها افرقاء آخرون. ومعلوم ان العهد وتياره السياسي يركزان معركتهما الراهنة على ملف مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة. وأمس تحدث رئيس الجمهورية #ميشال عون الى محطة “او تي في” مبررا تراجعه في ملف المفاوضات فقال ان “مسألة ترسيم الحدود سيادية بامتياز ومن المستحيل أن أفرط بها، والخط 29 كان خطا تفاوضيا، والفريق المفاوض قال بأن الخط 29 للتفاوض، في حال وصل الى خواتيم سعيدة هناك الكثير من العقد ستحل في لبنان”.
وسأل: “لماذا تخلف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن الحضور للاستماع إليه كشاهد؟ لا مشكلة شخصية لي معه، لكن هناك ملفات يجب أن يدلي سلامة بإفادته بشأنها. ومن وضع الهندسات المالية طيلة السنوات الماضية يجب أن يقول أين أموال الدولة وكيف تم ذلك، وأنا مستمر بالعمل على هذا الملف حتى لو بقيت وحيدا، وسأبقى أعمل لنعرف الحقيقة”. وشدد على أن “الإنتخابات المقبلة ستكون بموعدها، وأدعو اللبنانيين واللبنانيين للتصويت للأوادم والمناضلين في دولة قوية وعادلة، وعلى الناس أن يميزوا بين المرشحين وأن يعرفوا من أوصلنا الى هنا وكيف، ويصوتوا على هذا الأساس”.
وتوجه الى الشباب وخاطبهم قائلا: “ان مستقبل لبنان بأيديكم، قطعت عهدا الا أستسلم، وباق على هذا الوعد، وأطلب منكم أن تعاهدوا أنفسكم بمحبة وطنكم وأن تعملوا لبناء لبنان الجديد، فهذا البلد منهوب وليس مكسورا. كلمتي الى اللبنانيين: عيشوا أحرارا لدقائق وراء العازل تعيشون أحرارا كل الحياة”.
“حزب الله”
وسط هذه الأجواء بدا لافتا مضي “حزب الله” في تصعيد خطابه السياسي – الانتخابي على نحو مبكّر جدا سبق فيه معظم الافرقاء السياسيين والحزبيين بما يعكس قرارا واضحا باستعجال فتح المعركة الدعائية والإعلامية لاسباب خارجية وداخلية باتت تتصل بمجموعة استحقاقات يرى معها الحزب ان يقدم صورته كمنخرط اول وأساسي في المناخ الانتخابي. وبعد مواقف متشددة اطلقها مسؤولون في الحزب في الأيام الأخيرة على وقع اطلاق الحزب طائرة مسيّرة في الأجواء الإسرائيلية، ذهب رئيس المجلس السياسي في الحزب ابرهيم أمين السيد امس الى اعتبار “الانتخابات النيابية المقبلة بمثابة حرب تموز سياسية، لأنهم يريدون سلاحنا ومقاومتنا ومجتمعنا لكي تكون الكلمة في بلدنا لإسرائيل وأميركا”. وقال خلال لقاء سياسي نظمه الحزب في بلدة العين في البقاع “الأميركي والاسرائيلي والاوروبي يريدون السلاح والمقاومة والمجتمع، ليأتوا بمجلس نيابي يستطيع انتخاب رئيس للجمهورية يشكل حكومة تستطيع أن تفعل ما يريدون”. وقال إن “المال الانتخابي بدأ وبحسب سعر كل شخص، بين الخمسين والمئة دولار”، مشدداً على أن “منسوب الشرف والعزة والكرامة في مجتمعنا أعلى بكثير من أن يتمكن أحد من أن يسيء اليه بهذه الطريقة”.
وسارع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى الرد على الأمين قائلا عبر تويتر: “لفتني اليوم قول أحدهم ان “الانتخابات المقبلة هي بمثابة حرب تموز سياسية”. كان الأصح أن يقول انها حرب تحرير سياسية. وتابع “لأنهم يريدون سلاحنا ومقاومتنا، لكي تكون الكلمة في بلدنا لإسرائيل وأميركا”. والأصح القول: لأنهم يريدون سلاحا شرعيا ودولة لكي تكون الكلمة في بلدنا للبنانيين”.
“الهجمة الخبيثة”
وفي سياق غير بعيد عن المعارك السياسية الآخذة في الاحتدام، لوحظ ان وفدا ضم الوزير السابق جمال الجراح والنائب محمد قرعاوي، ومستشار الرئيس سعد الحريري علي الحاج، قام امس بزيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان للبحث في ما وصفه الجراح بـ”الهجمة الخبيثة على قوى الأمن الداخلي، واستعمال ما يسمى بالـ “قضاء” لتدمير المؤسسة الوطنية الكبيرة قوى الأمن الداخلي”. وجاء ذلك على خلفية ادعاء القاضية غادة عون على المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان الأسبوع الماضي . واعلن الجراح بعد اللقاء مع المفتي ان “هذا الأمر لن يمر ولن نسكت عليه، ومؤسسة قوى الأمن الداخلي هي مؤسسة وطنية لجميع اللبنانيين دون استثناء، وهذا ما مارسته قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات، وآخرها اليوم القبض على عصابات تهريب المخدرات إلى البلدان العربية”. اضاف “إن الهجمة وإثارة الغبار ما هي إلا تغطية على ممارسات غير وطنية، أهمها التنازل عن حقوق لبنان البحرية لصالح العدو الإسرائيلي، وتعويما انتخابيا للصهر العزيز الذي كلف لبنان مليارات الدولارات، كلفنا خمسين مليارا في الكهرباء، وعشرات المليارات في التنازل عن حقوق لبنان البحرية، كل هذا لعيون الصهر. ما نريد قوله إن الاستمرار في منهج تدمير المؤسسات سيؤدي بوصولنا جميعا إلى جهنم وما بعد جهنم، وطبعا كله لعيون الصهر”.
وفي تطور جديد يتصل بالعلاقات اللبنانية مع الدول الخليجية تلقى وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي رسالة وزير خارجية اليمن أحمد عوض بن مبارك عبر وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، حول “قيام الحوثيين بأعمال عدائية وتحريضية من داخل الأراضي اللبنانية من خلال بث قناتي “المسيرة” و”الساحات” من دون تراخيص قانونية”. وأعلنت الداخلية رسميا انه “نظرا لما قد يشكل ذلك من عرقلة للجهود الرسمية من أجل تعزيز العلاقات مع الدول العربية وتعرض لسيادة تلك الدول ويخالف القوانين الدولية وميثاق جامعة الدول العربية، أرسل الوزير مولوي كتابين الى كل من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام لإجراء الإستقصاءات اللازمة وجمع المعلومات حول مشغلي القناتين ومتولي ادارتيهما وأماكن ووسائط بثهما بغية اتخاذ الاجراءات الادارية والفنية والقانونية اللازمة”.