كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: على وقع تتبّع تطورات الحرب الروسية ـ الاوكرانية توزّعت الاحتمالات الداخلية امس بين ملاحقة اجتماعات وفدَي صندوق النقد الدولي ووزارة الخزانة الاميركية مع المسؤولين الكبار والادارات اللبنانية المختصة، وبين الاستعدادات الجارية لاستحقاق الانتخابات النيابية المقرر في ايار المقبل في وقت دُعيَ مجلس الوزراء الى جلسة تعقد بعد غد الجمعة في القصر الجمهوري ويتصدّر جدول اعمالها بندان: الاول يقضي بتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية المقررة مطلع الصيف المقبل لمدة سنة، والثاني موضوع امكانية اعتماد «الميغا سنتر» في الانتخابات النيابية والمنصوص عنه في قانون الانتخاب.
علمت «الجمهورية» انّ وفد صندوق النقد الدولي، الذي التقى أمس رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي وبعض المسؤولين، شدد على وجوب الالتزام بإصلاحات خطة الكهرباء وعدم خداع الصندوق عبر ابداء الموافقة المبدئية عليها ثم التملّص من مترتباتها لاحقاً. وأكد ضرورة تشكيل الهيئة الناظمة ورفع التعرفة بعد زيادة نسبة التغذية واعتماد قاعدة تأمين الطاقة بأقل كلفة ممكنة مع ما يعنيه ذلك من تحديد مدروس لعدد المعامل وَتفادي إخضاعها لمعادلة التوازنات الطائفية.
كذلك بحث وفد الصندوق في خطة التعافي التي ستستكمل مناقشتها مع استئناف المفاوضات بين الحكومة والصندوق في منتصف الشهر الحالي.
وأبلغت اوساط مطلعة الى «الجمهورية» انّ الصندوق يدفع في اتجاه عدم تحميل المودعين الجزء الأكبر من الخسائر، مشيرة الى انّ الصندوق المعروف بتشدده وقسوته بَدا حتى الآن اكثر رأفة بالمودعين من السلطة الحاكمة والطبقة المصرفية.
وفي معلومات لـ»الجمهورية» ايضاً ان وفد الصندوق لفت خلال جولته على المسؤولين الى اهمية استعجال الخطوات التي يطلبها الصندوق لتحديد المرحلة الثانية من المفاوضات بعد الانتهاء من المرحلة الاولى قبل عشرة ايام تقريباً.
وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» انّ خطة التعافي وبعض القوانين المطلوبة مثل قانون «الكابيتال كونترول» كانت ضرورية في مرحلة سابقة في مواجهة الازمة النقدية، وهو أسلوب ناجح اعتمد في عدد من الدول التي شهدت أزمات مفاجئة مماثلة كتلك التي تعانيه المالية اللبنانية بالإضافة الى اعادة النظر في النظام المصرفي. واضافت المصادر «ان هناك حاجة الى خطوات اخرى، مثل إعادة النظر في النظام الضريبي وبرامج الطاقة وكلفتها وتعديل فاتورتها قياساً على حجم الكلفة الحقيقية وبما يكفي لتحسين أوضاع القطاع وزيادة الانتاج بما يُعيده الى الحد الادنى المطلوب من ساعات التغذية لتجاوز هذه المرحلة الصعبة والانتقال الى ما هو افضل. كذلك شدد الوفد على ضرورة التجاوب مع ما هو مطلوب من وساطات في شأن عملية ترسيم الخط البحري بين لبنان واسرائيل. وأبلغ الوفد الى المسؤولين الذين التقاهم ان الجولة المقبلة من المفاوضات لن يحدد موعدها قبل معرفة ما أنجزته الحكومة على مستوى خطة التعافي والقوانين والاصلاحات الآنفة الذكر.
عون لعدم التأخير
وكان رئيس الجمهورية قد أبلغ الى وفد صندوق النقد أن «لا مصلحة للبنان في تأخير إنجاز خطة التعافي المالي والاقتصادي، الأمر الذي يفرض على الجهات الرسمية المعنية بإعداد هذه الخطة الإسراع في عملها لأنّ أي تأخير لن يكون لمصلحة لبنان، وخصوصاً القطاع المالي والمصرفي». وأكد أن «الإصلاحات التي طلبها المجتمع الدولي سواء في ما خَص إصلاح النظام الضريبي ليكون أكثر عدالة وكفاية، أو الحوكمة والنظام المصرفي والقوانين والانظمة التي ترعى عمل مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة والأسواق المالية، تحتاج إلى قرارات واضحة وعملية لأن خيار الانتظار مُكلف على المواطن والدولة على حد سواء».
من جهته أكد وفد الصندوق أنّ «الاتصالات التي أجرتها الحكومة لا تزال تحتاج إلى الإسراع في الوصول إلى نتائج عملية تفرضها دقة الوضع الاقتصادي في البلاد، ومصارحة اللبنانيين بأن أي تأخير لن يكون في مصلحتهم، علماً أن المطلوب في هذه المرحلة إقرار خطة اقتصادية شاملة وتعاون مجلسَي النواب والحكومة لإقرار القوانين الاصلاحية». ولفت الوفد إلى «ضرورة اطلاع المواطنين على حقيقة الخسائر في النظام المالي اللبناني، لا سيما الفجوة في حسابات مصرف لبنان».
وفد وزارة الخزانة
في غضون ذلك كشفت مصادر مطلعة انّ جولة وفد وزارة الخزانة الاميركية أوحت بكثير مما حمله وفد صندوق النقد الدولي، حيث التقى الوفدان على مجموعة من الملاحظات في شأن الموازنة العامة وخطة التعافي كما بالنسبة الى عملية ترسيم الحدود البحرية.
وقالت المصادر المطلعة لـ»الجمهورية» ان وفد وزارة الخزانة شدد على بعض النقاط المتعلقة بمهمته واختصاصه، وكان واضحاً لجهة تعزيز الإجراءات للحد من تمويل الإرهاب والسهر على التدابير المتخذة في القطاع المصرفي لمنع استغلال بعض الثغرات التي يمكن النفاذ منها الى مثل هذه العمليات غير المشروعة. ولفتت المصادر الى ان الوفد توقف عند ضرورة معاينة القطاع المصرفي انطلاقاً من الخطة التي تستهدفه وحجم الخسائر التي تسبّبت بها مصاريف الدولة في مصرف لبنان وقطاع المصارف والتخفيف قدر الإمكان من خسائر المودعين وحمايتها.
مجلس وزراء
على صعيد آخر يعقد مجلس الوزراء جلسة في عند الرابعة بعد ظهر بعد غد الجمعة في القصر الجمهوري، وبين بنود جدول الاعمال تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية لسنة واحدة بناء على اقتراح وزير الداخلية بسام المولوي وتقريره الاولي حول مراكز «الميغاسنتر» المطلوب اعتمادها في الانتخابات.
وقالت مصادر معنية لـ»الجمهورية» انّ ما يفرض تأجيل الانتخابات البلدية هو ان الدولة بإمكاناتها المادية واللوجستية الراهنة لن تكون قادرة على إجراء هذه الانتخابات عقب اجرائها الانتخابات النيابية في ايار المقبل.
الامم المتحدة والانتخابات
الى ذلك، زارت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا الرئيس ميقاتي وابلغت اليه ان مجلس الامن الدولي سيعقد جلسة في 17 من الجاري، وستقدم خلالها تقريراً عن لبنان. وقالت بعد اللقاء: «تطرّقنا في اللقاء الى المفاوضات التي يجريها لبنان مع صندوق النقد الدولي، والتحضير داخلياً للانتخابات في لبنان، وكان اللقاء مثمراً».
وعمّا سيتضمّنه التقرير الذي ستتقدم به لمجلس الأمن، قالت فرونتسكا: «أرفع لمجلس الأمن ثلاثة تقارير في السنة، وسيكون التقرير هذه المرة مباشرة قبل الانتخابات النيابية، وحكماً سيكون تركيز المجتمع الدولي على الانتخابات. هناك نقاط في التقرير الذي سيرفع للأمين العام سيتم بحثها، منها احترام القرار 1701 وما تم القيام به في هذا الشأن، وهل هناك تطورات إيجابية تم تسجيلها».
الحرب الروسية ـ الاوكرانية
من جهة ثانية، تواصل الاهتمام بإجلاء اللبنانيين من اوكرانيا نتيجة الحرب الروسية عليها، في وقت ظل الانقسام في الموقف السياسي من هذه الحرب قائماً في ضوء البيان الاخير لوزارة الخارجية.
وقد التقى عون أمس مستشاره للشؤون الروسية امل ابو زيد الذي عرض معه للعلاقات اللبنانية – الروسية والتطورات العسكرية بين روسيا واوكرانيا وملابساتها. واعلن انه سيتوجه الى موسكو «لمتابعة التطورات والبحث مع المسؤولين الروس في المعطيات المرتبطة بها».
خطير جداً
في هذا السياق إعتبر الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، في كلمة في مؤتمر «سيد شهدائنا فِكراً»، أن «ما يجري بين اوكرانيا وروسيا خطير جدا بمعزل عن الموقف تجاه المعركة القائمة. ما يجري اليوم فيه الكثير من العِبَر والدروس يجب ان يبنى عليها في منطقتنا. كيف تصرّف العالم عندما غَزت اميركا افغانستان وكيف يتصرف الآن مع دخول روسيا الى اوكرانيا وبدء معركة عملية عسكرية».
وحمّل نصرالله «اميركا المسؤولية عما يجري في اوكرانيا الآن فهي التي حرّضت ولم تساعد على ايجاد حل ديبلوماسي ولم تفعل شيئا لوقف الحرب بل دفعت في اتجاهها وفي النهاية من سيدفع الثمن هو الشعب الروسي والاوكراني بينما اميركا ستكون هي الرابح في وقت تُعرّض فيه العالم كله للخطر. لأنّ اميركا قوية ومتجبّرة يسكت العالم على ظلمها، وآخر أعمالها قيام بايدن بسرقة اموال الشعب الافغاني. ولأنّ البنك المركزي الافغاني لديه في اميركا 7 مليارات دولار، اتخذ بايدن قراراً بتقسيمها ووهب نصفها لضحايا 11 ايلول». ورأى أن «من يسلّم سلاحه للآخرين ويتكئ على ضمانات تُعطى من هنا وهناك، اذا وقعت المعركة يقول الحقوني بالسلاح. المأساة القائمة والأخطار التي يواجهها العالم تتحمّل مسؤوليتها أميركا الشيطان الأكبر».
مواقف
وفي جديد المواقف السياسية أمس قال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد خلال حفل تأبيني في الجنوب «انّ المطروح اليوم ان يكون المرشح المؤهل والمعد لرئاسة الجمهورية هو الذي واكَب الإجتياح الإسرائيلي الأول عام 1982، من أجل أن ننصب مَن هم في فريقه». وأضاف: «انهم يريدون أن يعيدونا إلى العصر الإسرائيلي الذي انتهينا منه، لقد وصلت المكابرة لديهم إلى هذا الحد». وتابع: «العالم يفكر كيف يتحدث مع المقاومة، لكن هنا في لبنان توجد جماعة تعودت التحدث مع الإسرائيلي مهما حصل من تطورات في المنطقة».
ورأى رعد «أن الإسرائيلي الآن في القفص»، وسأل: «هل انّ عدم قيام الإسرائيلي بالقصف والإعتداء على لبنان هو من كرم أخلاقه، أم لأنه خائف من رد فعل المقاومة؟. انه يدرك أن أي رد فعل للمقاومة الآن سيتوقف عليه مصير الكيان الإسرائيلي». وقال: «إن المسألة في الإنتخابات النيابية ليست بأن ينقص أو يزيد مقعد، المسألة هي بالأفق السياسي لهذه الإنتخابات، هل ستأتي برئيس يحقق سيادتنا الوطنية، أم ستأتي برئيس يَستسهِل التوقيع مع العدو على اتفاقيات تفتح باب التطبيع الكامل معه»، معتبرا أن «الأجواء مؤاتية خصوصا أن هناك تدخلاً أميركياً وقحاً ومباشراً».
واجهة هشّة
ورأى المكتب السياسي لحزب «الكتائب اللبنانية»، في بيان إثر اجتماعه برئاسة رئيس الحزب سامي الجميل، أنّه «بعدما قال «حزب الله» كلمته في موضوع ترسيم الحدود على لسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بات على من يَدّعون إدارة البلد والتفاوض مع المبعوثين الدوليين أن يقرّوا أنّهم ليسوا سوى واجهة هشّة لإرادة إقليمية تتلاعب بهم متى حان موعد الجدّ والحقيقة، والأجدى بهم أن يستقيلوا من مسؤولياتهم عوض الجلوس خاضعين على كراسٍ من كرتون». واعتبر أنّ «موقف «حزب الله» يختصر كلّ المواقف، وأنّ المعركة الحقيقية هي في تحرير سيادة لبنان من قبضته والدستور من سطوته والباقي تفاصيل». وأشار الى أنّ «مبدأ الاستئثار بالقرار انعكس على أداء الحكومة الذي بات يعتمد على التهريبات في الإدارة، بعيداً من الأصول الدستورية، تلافياً لانفجار الخلافات بين أركانها». وتوقف عند «التهديدات الأمنية الأخيرة التي كُشفت، ويُمكن أن تشكّل ذريعة للمنظومة لتأجيل الانتخابات النيابية التي لن تصبّ في مصلحتها»، محذّراً من أنّ «أي محاولة من هذا النوع ستُجابه بالتصدّي بكلّ الوسائل المتاحة»، داعياً الى أن «تُجرى الانتخابات تحت إشراف دولي تام».
الكتلة الوطنية
وقال حزب «الكتلة الوطنية اللبنانية»، في بيان، أن «تصريح النائب محمد رعد عن إبقاء الغاز مدفوناً في البحر، يدلّ على عدم اكتراث كامل وصريح لمصير اللبنانيات واللبنانيين». وسأل: «كيف يتجرأ على قول كهذا من يزعم أنه نائب عن الأمة، في وقت يجتاز لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في التاريخ الحديث، وفي ظرف تعيش فيه البلاد عتمة تامة ونقصا كبيرا في توليد الكهرباء ما يؤثر على حياة الناس اليومية وعلى الاقتصاد والمستشفيات والمدارس؟ والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما موقع شعب لبنان في حسابات حزب الله؟». وإذ أكد أنّ «حزب الله» قد يختلف مع حلفائه في المنظومة في شأن الحسابات الشخصية والإقليمية، ولكنهم دائما يتفقون على تغليبها على مصلحة الشعب اللبناني، وعلى التفريط بسيادة لبنان وحقوقه»، قال: «في ظل احتدام الصراع الدولي، أصبح واضحا أن «حزب الله» والمنظومة مجتمعة معه يجرون لبنان إلى عين العاصفة فيصبح مجددا ساحة حرب للآخرين. لقد أصبحت محاسبتهم ضرورة قصوى».
كورونا
في المجال الصحي أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 1986 إصابة جديدة (1923 محلية و63 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 1070696». وسجل التقرير ايضاً 13 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 10104».