كتبت باتريسيا جلاد – نداء الوطن : مئة يوم مرّت على انفجار مرفأ بيروت. المؤسسات المتضررة كثيرة وقيمة الأضرار كبيرة. التعويضات المطلوب دفعها من شركات التأمين للمؤمنين، اذا خلصت نتائج التحقيق الى أن المسبب ليس إرهابياً أو تفجيراً مفتعلاً، تصل الى نحو ملياري دولار. متى وكيف سيتمّ التعويض؟
يُحكى عن مواقف جماعية تُحاك بين شركات التأمين تتخللها استثناءات للشركات الكبرى. من تلك المواقف عدم تسديد قيمة الأضرار قبل صدور نتائج التحقيق، في حين ان شركات أخرى تعمد الى إجراء مصالحات مع اصحاب المؤسسات المتضررة كما علمت “نداء الوطن”، فتعرض التعويض عبر شيكات بالدولار كتسوية. فيما مؤسسات أخرى غارقة في غموض التعتيم المخيّم على هذا الموضوع وعدم وضوح الرؤية من قبل وزارة الإقتصاد الوصيّ المباشر على قطاع التأمين.
على أرض الواقع أصحاب المؤسسات السياحية والتجارية في حالة ضياع، وترقّب لما ستؤول اليه التعويضات المنتظرة. فكلّ الشركات تنتظر من الدولة اللبنانية أن تتحمّل مسؤوليتها وشركات الضمان أن تسدّد التعويضات لترمّم محالها وتطلق العنان مجدداً لعملها.
بالنسبة الى المؤسسات السياحية المتضرّرة يبلغ عددها كما أوضح رئيس إتحاد المؤسسات السياحية ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر لـ”نداء الوطن”، نحو 2060 مطعماً ومقهى وملهى، و163 فندقاً و40 شقة مفروشة و 220 سيارة مستأجرة “. أما القيمة المقدّرة للأضرار فتتراوح استناداً الى البنك الدولي بين 800 مليون دولار ومليار دولار، لناحية الأضرار المباشرة من دون التوقف عند الخسائر الناجمة عن الإقفال…
الأشقر وهو من بين أصحاب المؤسسات المتضررة من كارثة المرفأ، أوضح أن “مهندساً يدخل وخبيراً يخرج ولم نلمس اي نية حتى الساعة للتعويض. فلا نعلم بأية عملة سنتقاضى في التعويض، ولا كيف، اذ أن الأمور قيد الدرس على ذمّة الخبراء في التأمين”. فالمؤسسات السياحية تعوّل على صدور نتائج التحقيق، كي يتم وضع حدّ للحجج التي تتذرّع بها شركات التأمين لعدم الدفع.
وهنا شدّد على “دور وزارة الإقتصاد الوصيّة المباشرة على قطاع التأمين، لمساعدة المتضررين للحصول على حقوقهم. فهي غائبة ولا رؤية واضحة حول ما ستؤول اليه الأمور”، علماً أن وزير الإقتصاد راوول نعمة كان أعلن الأسبوع الماضي أن “نسبة المتضررين المضمونين ضد الإعمال الأرهابية يبلغ9%. وتنتظر شركات التأمين نتائج التحقيق للتعويض على سائر المؤسسات.
ولحين حلول الفرج ضيفاً مرحباً به على المتضررين، لا بد لجمعية شركات الضمان التي لم يجب رئيسها على سؤالنا في محاولة منا لاستصراحه حول الموضوع، ان توضح للمتضررين آلية التعويض، علماً أنه في بيانات سابقة أكّدت انهم ينتظرون نتائج التحقيق وأن الشركات ستعوّض للمتضررّين. وكذلك الأمر بالنسبة الى لجنة هيئات الضمان في لبنان في وزارة الإقتصاد فمركز الرئاسة فيها شاغر، والموظفون غير مخوّلين كما قالوا لنا بإعطاء أية معلومات.
التعويض استثناء
وليست كل شركات التأمين في حالة تريّث، فقلّة منها بدأ يعوّض على أصحاب البوالص التي تشمل الأعمال الأمنية والإرهابية، وتعتبر استثناء كما أوضح لـ “نداء الوطن” عضو الهيئات الإقتصادية جاك صرّاف، اذ أشار الى أن “مواقف جماعية يتمّ التوافق عليها من شركات التأمين حول التعويض عن الأضرار إلا أن خروقات تحصل من الشركات الكبرى”.
وأضاف: “بالنسبة الى الشركات الصغيرة، فليس لديها الإمكانيات للتعويض”. معتبراً أن “انتظار صدور نتيجة التحقيق عن أسباب الإنفجار، ليس سوى حجّة في نفس يعقوب”، علماً أن التقرير الدولي للـCIA لم يذكر أنه ناجم عن سبب أمني أو تخريبي.
من هنا يحمّل صراف الدولة وشركات التأمين والضامنين مسؤولية تعويض انفجار المرفأ التي طاولت أضراره البضائع المتواجدة في المرفأ لحظة وقوع الكارثة وحتى خارجه والتي لا يمكن لأحد التهرّب منها.
فئات الشركات
شركات التأمين اليوم بعد حادثة مرفأ بيروت والتعويضات تنقسم وفق مصدر مطلع لـ”نداء الوطن” الى فئات:
أولاً، الكبيرة منها والتي سدّدت كل التزاماتها الى معيدي التأمين، ستلتزم بالتعويضات وخصوصاً لحاملي بوالص التأمين التي تشمل في بنود التغطية الحرب والأعمال الأمنية والإرهابية والتي تعتبر نسبتها ضئيلة جداً أمام عدد البوالص التي لا تتضمن ذلك البند.
ثانياً، شركات لم تعمد الى إعادة تأمين كل المخاطر لديها وتتراوح قيمتها بين 500 أو 700 مليون دولار. فتلك المؤسسات هي المشكلة الكبرى اذ أنها كيف ستعوّض على المتضرّرين في تلك الحالة؟
ثالثاً، هناك شركات أعادت تأمين مخاطرها بنسب متفاوتة قد تكون 25 أو 30 أو 80 أو 90% حسب تقديرها الشخصي لقيمة المخاطر. فمن يتحمّل الفارق أيضاً؟.
رابعاً، تبقى الشركات التي لم تحوّل الأموال المترتبة عليها الى معيد التأمين في الخارج منذ أكثر من عام بسبب وقف التحويلات من قبل المصارف، وتبلغ قيمة تلك الأموال نحو 50 مليون دولار. هؤلاء قد يحسم معيد التأمين ذلك المبلغ من إجمالي القيمة المستحقّة لها وتسدّد المتبقية التي تترتّب عليها. طبعاً الأموال المحوّلة من الخارج ستكون نقداً Fresh money، وفي هذا السياق يتساءل المتضررون حول كيفية تسديدها، هل نقداً وكاملة للمتضرّر أم عن طريق الشيكات أو حتى بالليرة اللبنانية ووفق أية تسعيرة لسعر صرف الدولار؟ علماً أن الإقتراحات من قبل شركات التأمين تسديد قسم من الأموال نقداً وقسم شيكات.
كل تلك الهواجس يحملها المتضرّرون، والذين لا يجدون لها سبيلاً لإصلاح محالهم ومنازلهم في وقت جميع التجار ورجال الأعمال والمستثمرين غارقون في مستنقع الركود والإفلاسات والإقفالات وجائحة “كورونا”.