كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: بعد سقوط “الميغاسنتر” في مجلس الوزراء وترحيله إلى انتخابات 2026، سقطت كل المراهنات على تأجيل الانتخابات النيابية ما لم تطرأ أي تطورات مفاجئة. ولقد بات متوقعاً أن تشهد الأيام الخمسة التي تفصل عن إقفال باب الترشيحات زحمةً في استقبال طلبات المرشحين وتقديمها قبل انقضاء مدة قبول طلباتهم منتصف ليل 15 آذار الجاري، على أن تنتهي مهلة سحب الترشيح منتصف ليل الواحد والثلاثين من الجاري.
يأتي ذلك بالتزامن مع أسوأ أزمة معيشية واقتصادية يمر بها لبنان في تاريخه، لتأتي ارتدادات الحرب الروسية – الأوكرانية وتزيد الطين بلّة. وترافق ذلك مع ارتفاع في أسعار الدولار والمحروقات التي ارتفعت بشكلٍ جنوني بالإضافة إلى ارتفاع سعر ربطة الخبز، وفقدان العديد من السلع الغذائية، مع ما رافق ذلك من إشاعات عن توقّف منصة صيرفة عن العمل وتفلّت أسعار الدولار، فزاد ذلك من الهلع لدى اللبنانيين وخوفهم على مستقبلهم، وهو ما دفع مصرف لبنان إلى محاولة نفي توقف منصة صيرفة عن العمل، مع العلم أنّ المنصة تعمل بالحد الأدنى على خلاف محاولات التبرير.
في هذا السياق، أشار الخبير المالي والاقتصادي، الدكتور نسيب غبريل، في حديثٍ مع “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ الارتفاع المفاجئ في أسعار المحروقات وبعض السلع الغذائية أثار موجةً من الهلع لدى المواطنين، وحركة غير طبيعية أدّت إلى زيادة الطلب على منصة صيرفة، لافتاً إلى أزمة ثقة واسعة من الناس التي أصيبت بالهلع مما يحصل، ومن ارتفاع الدولار والتفلّت الحاصل في أسعار الطاقة، وهذا طبعاً يؤدي إلى تدهور في سعر الليرة أمام الدولار، وهو ما جعل الناس تتذكر أن هناك سوقاً موازياً، مع العلم أنّ التعميم 161 كان قد تمّ بالاتفاق بين حاكم مصرف لبنان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير المال يوسف خليل، وهو الذي أدّى إلى لجم تدهور الليرة، وإلى سحب جزءٍ كبيرٍ من الكتلة النقدية، وإلغاء الهامش بين منصة صيرفة والسوق الموازي وتحديد الطلب.
وأوضح أنّ التعميم 161 تبقى إجراءاته مؤقتة وموضوعية، ومصرف لبنان وجمعية المصارف لا يمكنهما تغيير شيء، فالمعالجة يجب أن تتم من خلال ضخ سيولة ورؤوس أموال من الخارج، وتوقيع اتّفاق مع صندوق النقد الدولي.
وعن رأيه بموضوع توحيد أسعار الصرف، رأى أنّ توحيدها يتطلب تطبيق الآلية المفترض حصولها بعد توقيع الاتفاق مع صندوق النقد، داعياً الحكومة إلى تقديم خطة التعافي المرتقبة، كاشفاً عن عودة وفد الصندوق إلى بيروت في النصف الثاني من الجاري لاستكمال المحادثات، ولافتاً إلى ضرورة توقيع الاتفاق مع صندوق النقد قبل الانتخابات النيابية، لأنّ عدم التوقيع عليه يجعله يتأخر إلى ما بعد الاستحقاق الرئاسي، وربما إلى السنة المقبلة، وهذا يؤدي إلى تفاقم الأزمة، مطالباً الحكومة بالإفصاح عما وصلت إليه المفاوضات مع الصندوق، ومشدّداً على أنّ توحيد سعر الصرف يأتي بعد الإصلاحات وإعادة العجلة الاقتصادية، وتحرير الأموال المرسلة واستعادة الثقة.
تزامناً، تواصل درس موازنة 2022 في لجنة المال والموازنة، إلّا أنّ مصادر مالية استغربت حالة البطء في دراستها بعد انتهاء مجلس الوزراء من إقرارها، وإحالتها إلى مجلس النواب، وتحويلها إلى لجنة المال والموازنة، مشكّكةً بإمكانية الانتهاء من دراستها قبل الانتخابات على الرغم من أنّ المدة التي تفصلنا عن الانتخابات تزيد عن الشهرين، مستطردة: “هل القابلية السياسية جاهزةً للتصويت عليها قبل الانتخابات؟”
ويبقى السؤال، هل صندوق النقد راضٍ فعلاً عن الأداء الرسمي إن كان على مستوى السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية؟ وهل ما يقوم به لبنان كافٍ للخروج من أزمته مع الانهيار الذي يزداد يوماً بعد يوم؟ على أمل أن تتضح الصورة قريباً على خط المفاوضات، وأن لا يكون مصير البلد هو المزيد من الأزمات.