كتبت صحيفة الديار تقول: أخذت القوى والجماعات السياسية على تنوعها تجنّد كل طاقاتها للمعركة الانتخابية بعد ان تأكد ان الانتخابات النيابية ستجري في موعدها، وان لا شيء يحول دون ذلك ما عدا حصول انفجار أمني كبير او انهيار يتجاوز كل الاستحقاقات.
ومن المنتظر ان تكر سبحة اعلان هذه القوى عن مرشحيها في الايام القليلة المقبلة، حيث سيقفل باب الترشيحات عند الثانية عشرة من منتصف ليل الثلاثاء. وسيلي ذلك مرحلة اعلان اللوائح التي تحتاج الى مزيد من الوقت بسبب عدم اكتمال التحالفات الانتخابية في عدد من المناطق والدوائر، خصوصا في ضوء ما أحدثه انسحاب الرئيس الحريري وتيار المستقبل من حلبة الانتخابات وتعليقه العمل السياسي حتى اشعار آخر.
لكن السؤال الذي اخذ يفرض نفسه بقوة: ماذا سيقول الطامحون للدخول الى جنّة البرلمان الجديد للبنانيين الذين باتوا على شفير الهاوية تحت وطأة الانهيار الشامل؟
ماذا سيقدم هؤلاء للمواطنين الذين باتوا عاجزين عن تأمين لقمة العيش وكل اسباب الحياة؟ وما زاد الطين بلّة التداعيات الناجمة عن حرب اوكرانيا في ظل الازمة الاقتصادية والمالية التي تضرب لبنان والصعوبات في تأمين وحماية الأمن الغذائي والاجتماعي والحد الأدنى من الخدمات الحيوية وفي مقدمها الكهرباء.
صعوبات الأمن الغذائي
وفي هذا السياق اعترف مصدر وزاري امس لـ «الديار» بأن هناك صعوبات تواجه الجهود التي تقوم بها الحكومة والجهات المعنية لتوفير وتسهيل تأمين المواد الغذائية الاساسية بسبب الاضطراب الكبير في السوق العالمية والتهافت على هذه المواد جراء تداعيات حرب اوكرانيا، لكنه استدرك قائلا ان هناك اتصالات ومساعي مستمرة للمساعدة في حل هذه المعضلة، خصوصا ان حاجة الاستهلاك اللبناني هي صغيرة بالنسبة لدول أخرى.
وطمأن المصدر الى ان هناك مخزونا من الطحين والزيوت والسكر وباقي المواد الغذائية يكفي شهرين، وان الجهات المعنية تركز على تأمين كميات جديدة في فترة وجيزة.
وفي السياق نفسه اشار نقيب اصحاب السوبرماركت نبيل فهد الى «ان هناك تهديدا للامن الغذائي بسبب تداعيات الحرب في اوكرانيا وبسبب قرار بعض الدول وقف تصدير المواد الغذائية»، وقال انه «بعد شهرين يمكن ان نشهد ازمة كبيرة اذا لم نتمكن من استيراد المواد الغذائية»، داعيا المواطنين الى عدم التهافت وتخزين هذه المواد.
والسؤال ايضا: كيف سيذهب الناخبون الى صناديق الاقتراع بينما باتوا بين مطرقة انقطاع الكهرباء الكامل وفواتير اصحاب المولدات الذين بشروا بمضاعفة هذه الفواتير بسبب ارتفاع سعر مادة المازوت. اما خطة الدولة والمشاريع الموعودة لرفع التغذية الى عشر ساعات فقد تبخرت وصارت مرهونة بالافراج عن الغاز المصري من قبل الادارة الاميركية التي يبدو انها تسعى الى مقايضة باذعان لبنان لشروط هوكشتاين في موضوع ترسيم الحدود البحرية وحصة لبنان من الثروة النفطية في البحر.
أزمة البطاقة المصرفية وصمت رسمي
والى جانب ازمات الكهرباء والمحروقات والأمن الغذائي برزت ازمة جديدة لا تقل خطورة تتمثل بمحاصرة اللبنانيين في التصرف بأموالهم وحتى المساعدة الاجتماعية الاضافية على الرواتب التي قررتها الحكومة للقطاع العام من عسكريين ومدنيين وللمتقاعدين.
فقد باشر امس اصحاب السوبرماركت بعد محطات الوقود باجراء اقل ما يقال عنه بأنه يتعارض مع كل القوانين التي يفترض ان تحمي المواطنين وحقوقهم، واعلنت نقابة اصحاب السوبرماركت ان جميع اعضائها قد بدؤوا بتطبيق طريقة الدفع على اساس 50% نقدا و50% بالبطاقة المصرفية، وعزوا الاسباب الى «الاجراءات المشددة التي يقوم بها مصرف لبنان».
وكانت المصارف اعلنت انها لن تدفع اكثر من 60 في المئة من المساعدة الاجتماعية الشهرية للقطاع العام نقدا، وان الباقي سيكون بالبطاقة الائتمانية المصرفية، وعزت السبب ايضا الى الاجراء الذي قام به مصرف لبنان تجاه هذا الموضوع.
وأحدثت هذه الاجراءات فوضى اضافية في السوق، بالاضافة الى موجة استياء شعبي. وهددت رابطة موظفي القطاع العام بخطوات تصعيدية ما لم تتراجع المصارف عن هذا الموقف، محذرة المراجع المسؤولة من خطورة مثل هذه التدابير التي تمس بحقوق الموظفين، ولافتة الى ان المساعدة الاجتماعية هي مبلغ رمزي لا يوازي النسبة الضئيلة من الاعباء الكبيرة التي لم يعد المواطنون يتحملونها.
ولم يصدر عن وزارتي الاقتصاد والمال ومصرف لبنان اي موقف في هذا الصدد، الامر الذي يطرح علامات استفهام حول التداعيات التي ستنجم عن هذه الاجراءات.
الترشيحات الانتخابية
وعلى الصعيد الانتخابي، من المقرر ان يعقد الرئيس نبيه بري، كما بات معلوما، مؤتمرا صحفيا بعد ظهر غد الاثنين يتناول فيه الملف الانتخابي ويعلن ترشيحات حركة «امل» التي بات مؤكداً ان تشهد تغييرا يشمل 4 وجوه نيابية من كتلة التنمية والتحرير هم: ياسين جابر، علي بزي، انور الخليل ومحمد نصرالله. وسيحل محلهم المرشحون: ناصر جابر، اشرف بيضون، مروان خير الدين، وقبلان قبلان.
وحرصت مصادر مقربة من الرئيس بري على عدم الافصاح عن هذا الموضوع، لافتة في الوقت نفسه الى التأكيد على اجراء الانتخابات في موعدها كما عبر الرئيس بري في غير مناسبة، والدعوة الى المشاركة الكثيفة في الانتخابات وهذا الاستحقاق الهام الذي يؤمل ان يشكل محطة للنهوض جميعا من اجل مواجهة التحديات والصعوبات والازمات التي يعيشها اللبنانيون.
ومن المقرر ايضا ان يعلن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل اليوم اسماء مرشحي التيار في مختلف المناطق والدوائر، ويتوقع ان تشمل الترشيحات تغييرات في بعبدا وكسروان والمتن والشوف وبعلبك ـ الهرمل.
كما يطلق رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع حملته الانتخابية في ذكرى 14 آذار ظهر غد الاثنين بعد اكتمال عقد الترشيحات التي كانت اعلنت على دفعات.
الحريري يحاصر السنيورة
وعشية بدء مرحلة انجاز التحالفات واللوائح للقوى السياسية والحزبية ومجموعات الناشطين والمجتمع المدني على تنوعها، تبرز مشكلة موقع ودور الشارع السني بالمشاركة في هذا الاستحقاق لا سيما في ظل استنكاف الرئيس الحريري وتيار المستقبل عن المشاركة في الانتخابات بالاضافة الى رؤساء الحكومات السابقين.
وقد انضم امس النائب عاصم عراجي الى عدد من نواب المستقبل الذين اعلنوا التزامهم بقرار الحريري وعدم الترشح للانتخابات. وعلم ان نوابا آخرين من كتلة المستقبل اتخذوا مثل هذا القرار، منهم النائب محمد القرعاوي في البقاع الغربي الذي كان ينوي تشكيل لائحة في هذه الدائرة.
ووفقا للمعلومات التي توافرت لـ «الديار» فان الرئيس الحريري استطاع في الايام القليلة الماضية تطويق ومحاصرة التحرك الذي قام ويقوم به الرئيس فؤاد السنيورة للاشراف على تشكيل لوائح رديفة تملأ فراغ انسحاب المستقبل من حلبة الانتخابات بالتعاون مع «القوات اللبنانية».
وتضيف المعلومات ان السنيورة استطاع احداث خرق لقرار الحريري في طرابلس – المنية من خلال رعاية لائحة تضم مصطفى علوش الذي قدم استقالته من تيار المستقبل والنائبين سامي فتفت وعثمان علم الدين وكريم كبارة نجل النائب محمد كبارة، ومرشح مسيحي محسوب على «القوات».
لكنه لم يتمكن حتى الآن من النجاح في تشكيل لوائح مماثلة في بيروت وعكار وصيدا واقليم الخروب، وفشل في اقناع النائب عاصم عراجي بالتعاون مع «القوات اللبنانية» في زحلة.
وحسب المعلومات، فان السنيورة الذي لم يفصح عن مصير ترشحه للنيابة، يتجه الى عدم الترشح، والاكتفاء بالسعي الى محاولة رعاية تشكيل لوائح تملأ فراغ «المستقبل».
ميقاتي لن يترشح
أما الرئيس ميقاتي، فانه بدروه يتجه الى عدم الترشح، وسيعلن ذلك في مطلع الأسبوع المقبل، تاركاً الخيار لأعضاء كتلته لاتخاذ الموقف المناسب من ترشحهم أم لا، مع العلم ان النائب نقولا نحاس لن يشارك بدوره في المعركة الانتخابية في طرابلس.
الصوت السني: الحد الأدنى
وفي ضوء هذه التطورات والمعطيات المتوافرة بالنسبة للشارع السني، فان التوقعات تؤشر الى ان نسبة الناخبين السنة ستكون متدنية، وستشهد عملية الاقتراع شبه مقاطعة من جمهور ومناصري الحريري وتيار المستقبل.
ووفقاً للمعطيات أيضاً، فان الازمة المعيشية وازمة النقل ستساهم ايضاً في تخفيض نسبة الاقتراع بصورة عامة، لكن معركة كسر العظم على الساحة المسيحية من شأنها ان تحافظ على نسبة اقبال مرتفعة نسبياً.
كما ان الثنائي الشيعي ينشط بقوة باتجاه مشاركة كثيفة في الدوائر المحسوبة عليه في الجنوب والبقاع.
الى جانب ذلك، بدأت جماعات قوى المجتمع المدني والناشطين في الهيئات بلورة زيادة وتيرة حملاتها التمهيدية، مع العلم ان هذه الجماعات تخوض المعركة بلوائح غير موحدة تتنافس في اكثر من منطقة ودائرة.
ووفقاً للتوقعات، فان اقفال باب الترشيحات منتصف ليل الثلاثاء المقبل سيكون منطلقاً لبدء مرحلة ثانية من التحضير للمعركة الانتخابية وللاستحقاق الانتخابي الذي اكد وزير الداخلية بسام مولوي أمس انه سيحصل في موعده.
وقال ان الانتخابات النيابية ستجري ولن تتأجل «وهيدا شي حاسموا نهائياً».
وأوضح انه لا يمكن تمديد مهلة الترشيحات لان باب الترشح يجب اقفاله قبل ستين يوماً من الموعد المحدد للانتخابات.
التمويل المالي للانتخابات مؤمن
وبعد سقوط فكرة اعتماد «الميغاسنتر» في الانتخابات المقررة، اكدت مصادر مطلعة لـ «الديار» أمس ان ليس هناك من عوائق لوجستية او قانونية او مالية تحول دون اجراء هذه الانتخابات في موعدها في أيار المقبل.
وأشارت الى ان تمويل هذه الانتخابات سيكون مؤمناً، موضحة ان مجلس النواب سيقر هذا الأمر في جلسة عامة ينتظر ان يعقدها في الاسابيع المقبلة.
المصارف للرد على القاضية عون
على صعيد آخر، علمت «الديار» من مصادر موثوق بها ان قرار النائب العام في جبل لبنان القاضية غادة عون بمنع سفر رؤساء مجالس ادارات خمسة مصارف يتفاعل على غير صعيد، خصوصاً في ظل معلومات ان تتوسع في وقت لاحق بقرارات مشابهة.
وأضافت المصادر ان جمعية المصارف تتجه للرد على هذا القرار بعد اجتماع لها في الثماني والاربعين ساعة المقبلة.
ووفقاً لما تسرب من معلومات، فان هناك اكثر من رأي قيد التداول قبل اجتماع الجمعية، ومن بين الخيارات التي تتجه اليها اعلان الاقفال العام للمصارف ليوم أو أكثر احتجاجاً على قرارات القاضية عون.
وتعتبر مصادر الجمعية ان ما اتخذته القاضية عون ليس قانونياً، لأنها قررت منع السفر قبل الادعاء.
وتسعى المصارف الى مثل هذه الخطوة، التصعيد او اصدار موقف متشدد للضغط في مواجهة المسار القضائي الذي تقوده عون ضدهم.